بسم الله الرحمن الرحيم
تعجيز العلماء عمل اليهود قتلة الأنبياء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.تعجيز العلماء عمل اليهود قتلة الأنبياء
أما بعد:
فمن عقوق الطلاب لمشايخهم وكذلك من سوء الأدب مع علمائهم، ما يفعله بعض السفهاء بسؤال العلماء – ليس لغرض الاستفادة والإفادة – وإنما يسأل لأغراض دنيئة ومآرب حقيرة، يترفع عنها النجباء وينغمس في ردائها الجهلاء، ومن هذه الأغراض السيئة:
- الترفع على العالم.
- تعجيز العالم.
- تصغير العالم وتقزيمه.
- لرفعة غيره من المشايخ.
- الترفع على زملائه.
- التظاهر بمظهر القوة العلمية.
وقد جاء في كتاب الله تعالى بيان إرادة اليهود تعجيز نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
قال الله عز وجل: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85].
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح؟
وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يجيء فيه بشيء تكرهونه.
فقال بعضهم: لنسألنه.
فقام رجل منهم، فقال يا أبا القاسم ما الروح؟
فسكت، فقلت: إنه يوحى إليه، فقمت، فلما انجلى عنه.
قال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتوا من العلم إلا قليلا}.
متفق عليه.
قال العلامة ابن أبي العباس الطوفي الصرصري رحمه الله في ((الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية)) : ((وإنما قيل: الروح من أمر ربي هكذا مجملا؛ لأن اليهود سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الروح سؤال تعجيز وتغليظ؛ إذا كان الروح يقال بالاشتراك على روح الإنسان وجبريل وملك آخر يقال له: الروح [1]، وصنف من الملائكة [1]، والقرآن، وعيسى ابن مريم كل واحد من هذه الستة يسمى روحا، فقصد اليهود أن يسألوه فبأي مسمى أجابهم، قالوا: ليس هو الذي قلت: فجاءهم الجواب مجملا كما سألوا مجملا {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85] وأمر ربي يصدق على كل واحد من مسميات الروح، فكان هذا الإجمال كيدا قوبل به كيدهم)) اهـ.
وقال العلامة السعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) : ((وهذا متضمن لردع من يسأل المسائل، التي لا يقصد بها إلا التعنت والتعجيز، ويدع السؤال عن المهم، فيسألون عن الروح التي هي من الأمور الخفية، التي لا يتقن وصفها وكيفيتها كل أحد، وهم قاصرون في العلم الذي يحتاج إليه العباد.
ولهذا أمر الله رسوله أن يجيب سؤالهم بقوله: {قل الروح من أمر ربي} أي: من جملة مخلوقاته، التي أمرها أن تكون فكانت، فليس في السؤال عنها كبير فائدة، مع عدم علمكم بغيرها.
وفي هذه الآية دليل على أن المسؤول إذا سئل عن أمر، الأولى بالسائل غيره أن يعرض عن جوابه، ويدله على ما يحتاج إليه، ويرشده إلى ما ينفعه)) اهـ.
ومن صور تعجيز اليهود للأنبياء.
قال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} [النساء: 153].
وما يفعله بعض الأغبياء من التحضير لمسألة وقتلها بحثا لمقارعة عالم من العلماء، بمثل هذا العبث تعجيز اليهود للأنبياء.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 10 ذي القعدة سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 20 يونيو سنة 2021 ف
[1] لم أقف له على دليل.
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 10 ذي القعدة سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 20 يونيو سنة 2021 ف