فوائد من القلب إلى القلب شرح كتاب الإيمان للشيخ صالح السحيمي
عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال(تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف), وعن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير قال( من سلم المسلمون من لسانه ويده)في هذين الحديثين بيان لبعض خصال الخير يجب فعلها وتحذير من آفات اللسان. وفي الحديث الأول لما قال أي الإسلام خير فيه بيان على تفاضل الأعمال وعلى تفاضل الخصال وعلى أن الإيمان يزيد بحسب ما يفعل من هذه الخصال الخيرية , أجاب في الحديث الأول عن أن أفضل خصال الخير في الإسلام وأطلق عليها الإسلام لأن في الخصلة الأولى بيان لأهمية الشهامة والكرم والندى والجود مما أعطاك الله تعالى ,وهذا دليل على طيب معدن من يفعل ذلك ممن ابتلى بالبخل والشح والعياذ بالله وأن ذلك يزيد قوة إيمانك وإسلامك. وهذا هو الشاهد وبخاصة من يطعم الطعام وهو ليس بالغني غناً يكون عنده شيء من الفائض لكنه يجود وينفق ما أعطاه الله سبحانه وتعالى ولو كان قليلا,وقد وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا), حتى لو كانوا محتاجا إليهيفضله على نفسه أو يقاسمه ما عنده طلبا لفضل الله وطلبا لزيادة الإيمان والإسلام , والخصلة الثانية أن تفشي السلام ,أن تسلم على من عرفت ومن لا تعرف وفي هذا كبح لما يسمونه الآن بالأنانية وكبح لجماع الناس عن التعاظم والتكبر والتعالي والمحسوبيات لأنك إذا ألقيت السلام على من عرفت ومن لم تعرف نتج عن ذلك فوائد عظيمة منها أولا الأجر العظيم الذي ينتظرك عند الله تبارك وتعالى وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير المسلمين هو الذي يبدأ بالسلام وثانيا أنك تشعر أخاك المسلم بأنك مسالموثالثاتشعره بأنك أخوه في الله فبذلك تتحرك وشائج الإيمان والمحبة في الله سبحانه وتعالى ,عد رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) وهناك فائدة رابعة وهي أنك شعره بالأمن فيعرف أنك مسلم يأمن جانبك وبخاصة يتأكد هذا أكثر في حق من يعيشون في بلاد كافرة إذا رأى أخاه المسلم ,والجميع مطالبون بهذا ولكن لما يكون في بلاد كافرة فيعرف أخاه المسلم ويسلم عليه ويشعره بأخوته وبتعاطفه وبتعاونه معه وبحبه له وتقديره إياه فإن هذا من أعظم خصال الخير. وفي الحديث الثاني عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أي المسلمين في خير وفي الأول قال أي الإسلام لبيان الخصال التي يقوى بها إسلامك وفي الثاني أي المسلمين خير قال(من سلم المسلمون من لسانه ويده)هذه الخيرية ينشدها كل مسلم وفيه أن المسلمين يتفاضلون فالحديث الأول بيان أن الإسلام يتفاضل وقد ذكر وحده _دخل فيه الإيمان_فالإيمان والإسلام يتفاضلان . وفي الثاني أي المسلمين خير مما يدل على تفاضل الناس بحسب أعمالهم خلافا لما تدعيه بعض الطوائف المنحرفة وفيه أيضا تأكيد على زيادة الإيمان ونقصانه بحسب العمل وبحسب الطاعة و المعصية ثم أجاب بهذا الحديث المختصر المفيد قال عليه الصلاة والسلام (من سلم المسلمون من لسانه ويده) لماذا خص اللسان واليد دون سائر الأعضاء والجوارح لأن هاذين العضوين هما أخطر ما يكون ويمكن استخدامهما في الخير والشر,ولذلك قال من سلم ومن من ألفاظ العموم فاللسان أمره خطير ولذلك عندماأوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا في الحديث الطويل الذي بدأه بقوله دلني على عمل يقربني من الجنة ويبعدني من النار ختمه بقوله (ألا أدلك على ملاك ذلك كله أمسك عليك هذا أو كف عليك )هذا وأشار إلى لساننفسه صلى الله عليه وسلم).قال له معاذ أو نحن مؤاخذون بما نتكلم به قال عليه الصلاة والسلام (ثكلتك أمك )وهذا دعاء غير مقصود(وهل يكب الناس على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) وثبت في الحديث الآخر(أن الرجل ليتكلم بالكلمة لايرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا ) فاللسان إذا أطلق في السب والشتم والبذاءة والنيل من الناس والكذب والغيبة والنميمة يكون في غاية الخطورة ولخطورة اللسان قال المثل العربي *مقتل الرجل بين لحييه* يعنى بين لسانه ويشمل خطورة اللسان المباشرة وغير المباشرة حتى نص العلماء على أنه ثمة خطر حتى في مد اللسان من أجل الإستهزاء والسخرية باللسان وليس بالكلام فقط .ولذلك فإن صيانة هذا اللسان بذكر الله متعين على المسلم وهو كالطفل يتعود ما تعوده عليه .إن عودته على الذكر وتلاوة القرآن والكلمة الطيبة والكلام الحسن تعود وإن عو دته على البذاءة والفضاضة والسب والشتم فقد يورد صاحبه النار وربما قال كلمة الكفر فأوبق دنياه وآخرته كسب الله ورسوله وسب العلماء والنيل منهم أوالتهكم بهم وبما يقومون من خير من أجل التزامهم بالسنة وهذا مشاهد الآن لدى كثير من الناس ربما تنكر وتفكه بالنيل من علماء الأمة ولحوم العلماء مسمومة كما هو معلوم فآفات اللسان كثيرة يجب على المسلم أن يتخلص منها وأن يطهر لسانه بذكر الله .من أعظم وصايا النبي صلى الله عليه وسلم(لايزاللسانك رطب بذكر الله) فلسانك على ما عودته وقد يقول قائل هل كل كلام في الأشخاص يعد غيبة ؟لا. فهناك استثناءات وارجعوا إلى ما بينه ابن الصلاح والنووي في رياض الصالحين من استثناءات لمن يجوز الكلام فيهم والذين منه المبتدعة لإظهار بدعهم من أجل التحذير منها وكذلك الفسقة المجاهرين الذين يشكلون خطرا على الأمة ,أما من استتر بستر الله فإنه يكتفي بنصحه وتوجيهه ومن ذلك لو سألك أحد عن شخص يريد أن يخطب من ولاه الله عليها فمن الأمانة أن تبين ما فيه وكذلك رفع المظالم أو دفع مظلمة ونحو ذلك مما استثني ولا يدخل هذا في الغيبة والنميمة فبيان حل المبتدعة المجانبين لمنهج أهل السنة و الجماعة فضحهم والرد عليهم وتفنيد أقوالهم ورد شبههم لايعد يعد الغيبة والرسول جاءته امرأة تقول له إن معاوية وأبا جهم خطباني فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من النصيحة( أما معاوية فصعلوك لا مال له) وليس هذا حط من قدره رضي الله عنه وإنما بيان الحال يقتضي هذا( وأماأبو جهم فإنه لايضع العصا عن عاتقه) وسواء فسر ذلك بكثرة الأسفار أو بأنه يضرب النساء فالنصيحة تقتضي بيان حالهما (انكحي أسامة),ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال( بئس أخو العشيرة هو)فلما استأذن ودخل تطلق في وجهه قالت عائشة رضي الله عنها يارسول الله عندما استأذن الرجل قلت ماقلت وعندما دخل تطلقت في وجهه فقال (يا عائشة متى عهدتيني فاحشا إن شر الناس من يتركه الناس اتقاء شره أو كما قال عليه الصلاة والسلام), وأما الخصلة الثانية قوله (ويده) فإن اليد أيضا هي التي يبطش بها ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما المفلس , إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) وسواء مايتعلق باليد من الضرب وتناول الحرام والتعدي على الحرام أو مايتعلق بالتطاول على الناس والتكبر عليهم فإن ذلك أيضا من آفات اليد فعلينا أن نعي هذا وأن نعلم أن بقدر ما يحصل من آفات اليد واللسان بقدر ما ينقص من الإيمان وبقدر ما يسلم المؤمنون من لسانك ويدك فإن ذالك ينتج عنه زيادة في إيمانك وإسلامك . شرح كتاب الإيمان للشيخ صالح السحيمى (مختصرا) تفريغ أم أحمد