لامية ابن الوردي في الأخلاق والحكم
سر على مهلك يا من قد عقل** واجتهد في الخير قولا وعمل
وإذا ما شئت تسموا وتُجَلّ** اعتزل ذكرى الغواني والغزل
وقل الفصل وجانب من هزل
إن تذكرت أويقات الصِّبا **أو تقس ريح الدبور بالصَّبا
فاترك القول لوقت ذهبا **ودع الذكرى لأيام الصبا
فللأيام الصبا نجم أفل
هذه نفسك قد أهملتها **وعلى فعل الدُّنا ربيتها
كم لذيذا سالفا غذيتها** إن أهنى عيشة قضيتها
ذهبت لذاتها والإثم حل
فضل الأخرى ولا ترغب بذي** حبها رأس الخطايا فانبذِ
واجتنب قول صقيع و بذيء **وافتكر في منتهى حسن الذي
أنت تهواه تجد أمرا جلل
إن شرب الخمر للمرء فتن** ودليل للمعاصي والفتن
فانبذ الرجس الخبيث الممتهن **واهجر الخمرة إن كنت فتىً
كيف يسعى في جنون من عقل
فلها الله تعالى حرّما **والذي يقربها قد ظلما
فهي أم الخبث لحما ودما **و اتق الله فتقوى الله ما
باشرت قلب امرئ إلا وصل
فهنيئا للذي قد عملا** صالحا ثم اتقى المولى علا
في جنان آمنا قد نزلا **ليس من يقطع طرقا بطلا
إنما من يتقِ الله البطل
فعلى مولاك كن متكلا **فو يكفيك ويعطي الأملا
وإذا كنت رزينا عاقلا **صدق الشرع ولا تركن إلى
رجل يرصد في الليل زحل
إن أمر الله حتم سلماً** فتقبل مغلقا باب الفتن
وارض بالله حكيما ذا منن **حارت الأفكار في قدرة من
قد هدانا سبلنا عز وجل
ربنا المبدئ حي لم ينم **أوجد العالم حقا من عدم
حكمه ينفذ فينا إذ حكم** كتب الموت على الخلق فكم
فل من جيش وأفنى من دول
غرت الدنيا غريرا فافتتن** كنز المال وأخفى وخزن
ثم ولى لم ينل غير الكفن** أين نمرود وكنعان ومن
ملك الأرض وولى وعزل
أين إسكندر سلطان الزمن** قهر الدنيا وأفنى وسجن
أين قارون و أقيان اليمن** أين عاد أين فرعون ومن
رفع الأهرام من يسمع يخل
أين من عاثوا فسادا وعتوا** وأذلوا واستبدوا وطغوا
أين من نالوا السبايا واقتنوا **أين من سادوا وشالوا و بنوا
هلك الكل فلم تغني القلل
هذه الآثار لو توقنها **قد عفت لما خلت أزمنها
عبرت جلت لمن يفطنها **أين أرباب الحجى أهل النهى
أين أهل العلم والقوم الأول
إن تكن تحظى بعلم عنهم** فهموا نحو البلى قد يمموا
بليت أجسامهم والأعظم** سيعيد الله كلا منهم
وسيجزي فاعلا ما قد فعل
كل نفس كسبت ما صنعت **حفظت أعمالها أو ضيعت
قم وبلغ ناصحا أذنا وعت** أي بني أسمع وصايا جمعت
حكماً خصت بها خير الملل
وتأملها تجدها مغنما** وإلى أوج المعالي سلما
فهي تحكي عقد در نظما** أطلب العلم ولا تكسل فما
أبعد الخير على أهل الكسل
من يكن يحظى بفقه حصلا **فبه يرقى المقامات العلا
فابتغ الجد وخلى الكسلا **واحتفل للفقه في الدين ولا
تشتغل عنه بمال وخول
إن علم الفقه من أولى المنن **وهو كنز ماله قط ثمن
فاسع في تحصيله ياذا الفطن** واهجر النوم وحصله فمن
يعرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تقل قد شتت أصحابه **لا تقل قد بددت أحزابه
لا تقل قد فرقت طلابه **لا تقل قد ذهبت أربابه
كل من سار على الدرب وصل
اتخذ شيخا يجنبك الردى** ويبين لك أعلام الهدى
إن تشاء ترغم عدوا حاسدا** بازدياد العلم إرغام العدا
وجمال العلم إصلاح العمل
أوما يكفيك أو يرضيك أن **تكمد الحاسد لما تنطقا
فترى فيهم علامات الحزن **جمل المنطق بالنحو فمن
حرم الإعراب بالنطق إختبل
فهو مفتاح كلام العربي** وكم الحنف طعام طيب
وإذا رمت كمال الأدب** إنظم الشعر ولازم مذهبي
فاطراح الرفد لا تبغي النحل
إنما الشعر شعار الحكماء **وهو نور العقل يجلوا الظلماء
حكمة تهدى إلى من فهما **فهو عنوان على الفضل وما
أحسن الشعر إذا لم يبتذل
كنت في أنس بيجيران اللوى ن**تقن الدرس ونحصي ما حوى
رحلوا عني فقاسيت الجوى **مات أهل الجود لم يبق سوى
مقرف أو من على الأصل اتكل
كم سعى الناس لنحس أنكد** ورجو كل خبيث مفسد
أنا عنهم في مقام مفرد** أنا لا أختار تقبيل يدي
قطعها أجمل من تلك القبل
تلك كف للئيم مسرف **حازت الشح وبالبخل تفي
فاعتبر فيها مقالا منصف** إن جزتني عن مديحي صرت في
رقها أولى فيكفيني الخجل
حلوة الأخرى بدنيا مرة **مرة أخرى بدنيا حلوة
كل شئ لك فيه عبرة **ملك كسرى عنه تغني كسرة
وعن البحر إكتفاء بالوشل
أبعد المطمع عن النفس وجد** وإلى الأطماع يوما لا تلذ
وبرب العرش من بخل فعذ **أعذب الألفاظ قولي لك خذ
وأمر اللفظ نطقي بلعل
فعلام الشح يؤذي دينهم **وترى الحقد ينمى حزنهم
أين من يفقه عني أينهم **إعتبر نحن قسمنا بينهم
تلقه حقا وبالحق نزل
لا تنازع حاكما في حكمه **أو عليما ماهرا في علمه
أو رئيسا قد علا في قومه** ليس ما يحوي الفتى من عزمه
لا ولا مافت يوما بالكسل
إنما الدنيا على حالاتها **تجلب التنغيص في لذاتها
شأنها الإيذاء في ساعاتها **إطرح الدنيا فمن عاداتها
تخفض العالي وتعلى من سفل
قد مظى الجاهل في تبجيلها** وسعى سعيا إلى تذليلها
وغدى يرغب في تسهيلها **عيشة الراغب في تحصيلها
عيشة الزاهد فيها أو أقل
كم غبي في هواها يسهر **وعليم عن مناها يضمر
كسرت قوما وقوما تنصر **كم جهول وهو مثر مكثر
وعليم مات منها بالعلل
قلل السعي وكن متزنا** ما قضاه الله لابد لنا
لا يزيد المرء بالسعي غنى** كم شجاع لم ينل فيها المنى
وجبان نال غايات الأمل
فوض الأمر لرب واستعذ** ثم سر نحو المعالي واجتهد
نابذا دنياك عنها مبتعد** فاترك الحيلة فيها واتئد
إنما الحيلة في ترك الحيل
خالق الأنفس أحصاها عدد** ثم غذاهم فلم ينس أحد
ابذل الخير وكن خير سند** أي كف لم تنل مم تفد
فرماها الله منه بالشلل
ليس بالأباء تدعى مفردا **أو بخال ثم عم تسعدا
بل بنفس كنت منها مجهدا** لا تقل أصلى وفصلي أبدا
إنما أصل الفتى ما قد حصل
إنما المرء بخلق طيب **كيف ماكان بصدر رحب
في اكتساب المجد أو في أدب **قد يسود المرء من غير أب
وبحسن السبك قد ينفى الزغل
إن يكن شخص على القوم سما **فأبوه آدم ترب وماء
وكذا المسك دم علما **وكذا الورد من الشوك وما
يطلع النرجس إلا من بصل
قد بذلت النصح فاعمل واعملا** واقرء القرآن تكسى الحللا
وخبرت الدهر فاخترت العلا** مع أني أحمد الله على
نسبي إذ بأبي بكر اتصل
رتبة المرء بما يتقنه **عاملا منه الذي يمكنه
حبذا لو يبتغي أحسنه **قيمة الإنسان ما يحسنه
أكثر الإنسان منه أو أقل
فإذا كنت لبيبا فطنا** حازما في أمره لم يهنا
لا تكن بالسر يوما معلنا **اكتم الأمرين فقرا وغنى
واكسب الفلس وحاسب من مطل
زر لأهل العلم دوما واقترب** وكذا وقر لمن منهم نسب
وتورع عن حرام واكتسب **وادرع جدا وكدا واجتنب
صحبة الحمقى وأرباب الدول
صاحب الشح دهته حسرة** يده في عنقه مغلولة
وعلى المسرف حلت لومة** بين تبذير وبخل رتبة
وكلا هذين إن زاد قتل
لا تعادي معشرا عنا نؤوا **وبحسن القول وصوا وقضوا
واتخذهم قدوة فيما رؤا **لا تخض في حق سادات مضوا
إنهم ليسوا بأهل للزلل
فزمن أحسن فيهم ظنه **ربك المعطي يوفي وزنه
والزم الصمت وأحكم حصنه **وتغافل عن أمور إنه
لم يفز بالحمد إلا من غفل
ساعد الخل وسامح لا تئن** وإذا يكبوا بسير فأعن
ثم إن أوذيت بالصبر إستعن** ليس يخلوا المرء من ضد وإن
حاول العزلة في رأس جبل
لا تبن قولك أو تفتح فما** تشمت الأعداء مما دهما
إن ترم في عصرنا أن تسلما** مل عن النمام وازجره فما
بلغ المكروه إلا من نقل
إدفع الشر بخير واستعن** بإله من يكن معه يعن
فإذا الباغي حميم قد أمن** داري جار السؤ بالصبر وإن
لم تجد صبرا فما أحلى النقل
انصر الحق وأسس عرشه **واهجر الباطل واترك نبشه
وابذل النصح وحاذر غشه **جانب السلطان واحذر بطشه
لا تعاند من إذا قال فعل
منصب الحكم مقام شاغل** وهو للمرء كنار تشعل
فتباعد عنه يامن يعقل** لا تل الحكم وإن هم سألوا
رغبة فيك وخالف من عذل
إن والي الحكم دوما ممتحن** وله دامت بلايا ومحن
وهو بين الخلق قدما ممتهن** إن نصف الناس أعداء لمن
ولي الأحكام هذا إن عدل
لم يحز يوما على حالاته** راحتا في نفسه أو ذاته
وهو لاه عن قضى حاجاته** فهو كالمحبوس عن لذاته
وكلا كفيه بالحشر تغل
ولتكن في مثل هذا الموقف **حيث لم ينفى له من مسعف
قائلا فيه بقول المنصف** إن للنقص وللإستثقال في
لفضة القاضي لوعضا ومثل
إتعض يامن قضا أو حكما **سوف يلقى الشخص ما قد قدما
وهوإن يعرض عزل ندما **لا توازى لذة الحكم بما
ذاقه الشخص إذا الشخص انعزل
قيل في الحكم سرور ومحن** وكذاك السقم يجري للبدن
فاتخذ في لوعة العز فنن** فالولايات وإن طالت لمن
ذاقها فالسم في ذاك العسل
إن لوم الناس أوهى كبدي **وعنا المنصب أفنى جسدي
نحي عني حكمهم ياسندي** نصب المنصب أوهى جلدي
وعنائي من مداراة السفل
دارهم في دارهم حتى تجز **وارضهم في أرضهم كيف تفز
والفتى في كل شئ لا يحز** قصر الآمال في الدنيا تفز
فدليل العقل تقصير الأمل
خاب من كان يطيل الأملا** يرتجي الخلد وينسى ألأجلا
غافلا في غيه مسترسلا **إن من يطلبه الموت علا
غرت منه جدير بالوجل
صل صديقا لم تغيره المحن** وإذا زرت فقلل في الزمن
قد روينا فيه عن جد الحسن **طب وزر غبا تزد حبا فمن
أكثر الترداد أقصاه الملل
من رأى المجد بثوب عنده** أو بمال ليس يحصى عده
فهو مغرور تعدى حده** خذ بحد السيف واترك غمده
واعتبر فضل الفتى دون الحلل
من يكن بالفقر يوما موسما** وله فضل جليل علما
فله الإكرام حتما لزما** لا يضر الفضل إقلال كما
لا يضر الشمس إطباق الطفل
إنما الأسفار خير ظاهر** وهو للأسرار يوما شاهر
أمر الهادي بهذا سافر **حبك الأوطان عجز ظاهر
فاغترب تلق عن الأهل بدل
فالذي سافر يحضى بالمنى **وتسلى بأعجب مافي الدنى
فاترك الأهل وخل الوطنا** فبمكث الماء يبقى آسنا
وسرى البدر بالبدر أكتمل
فعلام اللوم يامن عبثا** لم لا تترك قول الخبثا
وآسرك البدر لما يلبثا** أيها العائب قولى عبثا
إن طيب الورد مؤذ بالجعل
إن ذا التخميس حق ما نظر** مثله فليعتبر من يعتبر
فاستفد من وعظه لا تحتقر** عد عن أسهم قولى واستتر
لا يصيبنك سهم من ثعل
إحترس من ذي هدوء معكَ **لا تحاول أن تسئ المخبتا
ربما قد كان سيفا مصلتا** لا يضرنك لين من فتى
إن للحيات لينا يعتزل
فتواضع فهو خير بالغ** واحترس فالختم وارغ
ذاك قول فيه حق دامغ** أنا مثل الماء سهل سائغ
ومتى سخن آذى وقتل
أنا ممن قد تعالى قدره** لست ممن قد تناهى شره
وبدا بين الأنام وزره **أنا كالخيزر صعب كسره
وهو لدن كيف ما شئت انفتل
قول ذي الفقر ثقيل في الأذن** كيف وماكان في القدر ثمن
فاتبع الحكمة تسعد لا تهن** غير أني في زمان من يكن
فيه ذا مال هو المولى الأجل
أو يكن عيرا يرائي عظامه** وكرام الأصل هم خدامه
وعلى الرأس علت أقدامه** واجب عند الورى إكرامه
وقليل المال فيه المستقل
إن تحقق لن تجد من فطنا **مرتضى في دينه قد حسنا
إنما العصمة للرسل جنا **كل أهل العصر غمر وأنا
منهم فاترك تفاصيل الجمل
بكمال النظم أرجو المددا** من إله قد تعالى أحدا
وله الحمد وشكر سرمدا** وصلاة ولاما أبدا
للنبي المصطفى خير الدول
ما دعى الداعي إليها وهدا** أو سعى سعي رشاد وهدى
أو خبا نجم بأفق وبدا **وعلى الآل الكرام السعدا
وعلى الأصحاب والأهل الأول
- تم بفضل الله التعديل -
سر على مهلك يا من قد عقل** واجتهد في الخير قولا وعمل
وإذا ما شئت تسموا وتُجَلّ** اعتزل ذكرى الغواني والغزل
وقل الفصل وجانب من هزل
إن تذكرت أويقات الصِّبا **أو تقس ريح الدبور بالصَّبا
فاترك القول لوقت ذهبا **ودع الذكرى لأيام الصبا
فللأيام الصبا نجم أفل
هذه نفسك قد أهملتها **وعلى فعل الدُّنا ربيتها
كم لذيذا سالفا غذيتها** إن أهنى عيشة قضيتها
ذهبت لذاتها والإثم حل
فضل الأخرى ولا ترغب بذي** حبها رأس الخطايا فانبذِ
واجتنب قول صقيع و بذيء **وافتكر في منتهى حسن الذي
أنت تهواه تجد أمرا جلل
إن شرب الخمر للمرء فتن** ودليل للمعاصي والفتن
فانبذ الرجس الخبيث الممتهن **واهجر الخمرة إن كنت فتىً
كيف يسعى في جنون من عقل
فلها الله تعالى حرّما **والذي يقربها قد ظلما
فهي أم الخبث لحما ودما **و اتق الله فتقوى الله ما
باشرت قلب امرئ إلا وصل
فهنيئا للذي قد عملا** صالحا ثم اتقى المولى علا
في جنان آمنا قد نزلا **ليس من يقطع طرقا بطلا
إنما من يتقِ الله البطل
فعلى مولاك كن متكلا **فو يكفيك ويعطي الأملا
وإذا كنت رزينا عاقلا **صدق الشرع ولا تركن إلى
رجل يرصد في الليل زحل
إن أمر الله حتم سلماً** فتقبل مغلقا باب الفتن
وارض بالله حكيما ذا منن **حارت الأفكار في قدرة من
قد هدانا سبلنا عز وجل
ربنا المبدئ حي لم ينم **أوجد العالم حقا من عدم
حكمه ينفذ فينا إذ حكم** كتب الموت على الخلق فكم
فل من جيش وأفنى من دول
غرت الدنيا غريرا فافتتن** كنز المال وأخفى وخزن
ثم ولى لم ينل غير الكفن** أين نمرود وكنعان ومن
ملك الأرض وولى وعزل
أين إسكندر سلطان الزمن** قهر الدنيا وأفنى وسجن
أين قارون و أقيان اليمن** أين عاد أين فرعون ومن
رفع الأهرام من يسمع يخل
أين من عاثوا فسادا وعتوا** وأذلوا واستبدوا وطغوا
أين من نالوا السبايا واقتنوا **أين من سادوا وشالوا و بنوا
هلك الكل فلم تغني القلل
هذه الآثار لو توقنها **قد عفت لما خلت أزمنها
عبرت جلت لمن يفطنها **أين أرباب الحجى أهل النهى
أين أهل العلم والقوم الأول
إن تكن تحظى بعلم عنهم** فهموا نحو البلى قد يمموا
بليت أجسامهم والأعظم** سيعيد الله كلا منهم
وسيجزي فاعلا ما قد فعل
كل نفس كسبت ما صنعت **حفظت أعمالها أو ضيعت
قم وبلغ ناصحا أذنا وعت** أي بني أسمع وصايا جمعت
حكماً خصت بها خير الملل
وتأملها تجدها مغنما** وإلى أوج المعالي سلما
فهي تحكي عقد در نظما** أطلب العلم ولا تكسل فما
أبعد الخير على أهل الكسل
من يكن يحظى بفقه حصلا **فبه يرقى المقامات العلا
فابتغ الجد وخلى الكسلا **واحتفل للفقه في الدين ولا
تشتغل عنه بمال وخول
إن علم الفقه من أولى المنن **وهو كنز ماله قط ثمن
فاسع في تحصيله ياذا الفطن** واهجر النوم وحصله فمن
يعرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تقل قد شتت أصحابه **لا تقل قد بددت أحزابه
لا تقل قد فرقت طلابه **لا تقل قد ذهبت أربابه
كل من سار على الدرب وصل
اتخذ شيخا يجنبك الردى** ويبين لك أعلام الهدى
إن تشاء ترغم عدوا حاسدا** بازدياد العلم إرغام العدا
وجمال العلم إصلاح العمل
أوما يكفيك أو يرضيك أن **تكمد الحاسد لما تنطقا
فترى فيهم علامات الحزن **جمل المنطق بالنحو فمن
حرم الإعراب بالنطق إختبل
فهو مفتاح كلام العربي** وكم الحنف طعام طيب
وإذا رمت كمال الأدب** إنظم الشعر ولازم مذهبي
فاطراح الرفد لا تبغي النحل
إنما الشعر شعار الحكماء **وهو نور العقل يجلوا الظلماء
حكمة تهدى إلى من فهما **فهو عنوان على الفضل وما
أحسن الشعر إذا لم يبتذل
كنت في أنس بيجيران اللوى ن**تقن الدرس ونحصي ما حوى
رحلوا عني فقاسيت الجوى **مات أهل الجود لم يبق سوى
مقرف أو من على الأصل اتكل
كم سعى الناس لنحس أنكد** ورجو كل خبيث مفسد
أنا عنهم في مقام مفرد** أنا لا أختار تقبيل يدي
قطعها أجمل من تلك القبل
تلك كف للئيم مسرف **حازت الشح وبالبخل تفي
فاعتبر فيها مقالا منصف** إن جزتني عن مديحي صرت في
رقها أولى فيكفيني الخجل
حلوة الأخرى بدنيا مرة **مرة أخرى بدنيا حلوة
كل شئ لك فيه عبرة **ملك كسرى عنه تغني كسرة
وعن البحر إكتفاء بالوشل
أبعد المطمع عن النفس وجد** وإلى الأطماع يوما لا تلذ
وبرب العرش من بخل فعذ **أعذب الألفاظ قولي لك خذ
وأمر اللفظ نطقي بلعل
فعلام الشح يؤذي دينهم **وترى الحقد ينمى حزنهم
أين من يفقه عني أينهم **إعتبر نحن قسمنا بينهم
تلقه حقا وبالحق نزل
لا تنازع حاكما في حكمه **أو عليما ماهرا في علمه
أو رئيسا قد علا في قومه** ليس ما يحوي الفتى من عزمه
لا ولا مافت يوما بالكسل
إنما الدنيا على حالاتها **تجلب التنغيص في لذاتها
شأنها الإيذاء في ساعاتها **إطرح الدنيا فمن عاداتها
تخفض العالي وتعلى من سفل
قد مظى الجاهل في تبجيلها** وسعى سعيا إلى تذليلها
وغدى يرغب في تسهيلها **عيشة الراغب في تحصيلها
عيشة الزاهد فيها أو أقل
كم غبي في هواها يسهر **وعليم عن مناها يضمر
كسرت قوما وقوما تنصر **كم جهول وهو مثر مكثر
وعليم مات منها بالعلل
قلل السعي وكن متزنا** ما قضاه الله لابد لنا
لا يزيد المرء بالسعي غنى** كم شجاع لم ينل فيها المنى
وجبان نال غايات الأمل
فوض الأمر لرب واستعذ** ثم سر نحو المعالي واجتهد
نابذا دنياك عنها مبتعد** فاترك الحيلة فيها واتئد
إنما الحيلة في ترك الحيل
خالق الأنفس أحصاها عدد** ثم غذاهم فلم ينس أحد
ابذل الخير وكن خير سند** أي كف لم تنل مم تفد
فرماها الله منه بالشلل
ليس بالأباء تدعى مفردا **أو بخال ثم عم تسعدا
بل بنفس كنت منها مجهدا** لا تقل أصلى وفصلي أبدا
إنما أصل الفتى ما قد حصل
إنما المرء بخلق طيب **كيف ماكان بصدر رحب
في اكتساب المجد أو في أدب **قد يسود المرء من غير أب
وبحسن السبك قد ينفى الزغل
إن يكن شخص على القوم سما **فأبوه آدم ترب وماء
وكذا المسك دم علما **وكذا الورد من الشوك وما
يطلع النرجس إلا من بصل
قد بذلت النصح فاعمل واعملا** واقرء القرآن تكسى الحللا
وخبرت الدهر فاخترت العلا** مع أني أحمد الله على
نسبي إذ بأبي بكر اتصل
رتبة المرء بما يتقنه **عاملا منه الذي يمكنه
حبذا لو يبتغي أحسنه **قيمة الإنسان ما يحسنه
أكثر الإنسان منه أو أقل
فإذا كنت لبيبا فطنا** حازما في أمره لم يهنا
لا تكن بالسر يوما معلنا **اكتم الأمرين فقرا وغنى
واكسب الفلس وحاسب من مطل
زر لأهل العلم دوما واقترب** وكذا وقر لمن منهم نسب
وتورع عن حرام واكتسب **وادرع جدا وكدا واجتنب
صحبة الحمقى وأرباب الدول
صاحب الشح دهته حسرة** يده في عنقه مغلولة
وعلى المسرف حلت لومة** بين تبذير وبخل رتبة
وكلا هذين إن زاد قتل
لا تعادي معشرا عنا نؤوا **وبحسن القول وصوا وقضوا
واتخذهم قدوة فيما رؤا **لا تخض في حق سادات مضوا
إنهم ليسوا بأهل للزلل
فزمن أحسن فيهم ظنه **ربك المعطي يوفي وزنه
والزم الصمت وأحكم حصنه **وتغافل عن أمور إنه
لم يفز بالحمد إلا من غفل
ساعد الخل وسامح لا تئن** وإذا يكبوا بسير فأعن
ثم إن أوذيت بالصبر إستعن** ليس يخلوا المرء من ضد وإن
حاول العزلة في رأس جبل
لا تبن قولك أو تفتح فما** تشمت الأعداء مما دهما
إن ترم في عصرنا أن تسلما** مل عن النمام وازجره فما
بلغ المكروه إلا من نقل
إدفع الشر بخير واستعن** بإله من يكن معه يعن
فإذا الباغي حميم قد أمن** داري جار السؤ بالصبر وإن
لم تجد صبرا فما أحلى النقل
انصر الحق وأسس عرشه **واهجر الباطل واترك نبشه
وابذل النصح وحاذر غشه **جانب السلطان واحذر بطشه
لا تعاند من إذا قال فعل
منصب الحكم مقام شاغل** وهو للمرء كنار تشعل
فتباعد عنه يامن يعقل** لا تل الحكم وإن هم سألوا
رغبة فيك وخالف من عذل
إن والي الحكم دوما ممتحن** وله دامت بلايا ومحن
وهو بين الخلق قدما ممتهن** إن نصف الناس أعداء لمن
ولي الأحكام هذا إن عدل
لم يحز يوما على حالاته** راحتا في نفسه أو ذاته
وهو لاه عن قضى حاجاته** فهو كالمحبوس عن لذاته
وكلا كفيه بالحشر تغل
ولتكن في مثل هذا الموقف **حيث لم ينفى له من مسعف
قائلا فيه بقول المنصف** إن للنقص وللإستثقال في
لفضة القاضي لوعضا ومثل
إتعض يامن قضا أو حكما **سوف يلقى الشخص ما قد قدما
وهوإن يعرض عزل ندما **لا توازى لذة الحكم بما
ذاقه الشخص إذا الشخص انعزل
قيل في الحكم سرور ومحن** وكذاك السقم يجري للبدن
فاتخذ في لوعة العز فنن** فالولايات وإن طالت لمن
ذاقها فالسم في ذاك العسل
إن لوم الناس أوهى كبدي **وعنا المنصب أفنى جسدي
نحي عني حكمهم ياسندي** نصب المنصب أوهى جلدي
وعنائي من مداراة السفل
دارهم في دارهم حتى تجز **وارضهم في أرضهم كيف تفز
والفتى في كل شئ لا يحز** قصر الآمال في الدنيا تفز
فدليل العقل تقصير الأمل
خاب من كان يطيل الأملا** يرتجي الخلد وينسى ألأجلا
غافلا في غيه مسترسلا **إن من يطلبه الموت علا
غرت منه جدير بالوجل
صل صديقا لم تغيره المحن** وإذا زرت فقلل في الزمن
قد روينا فيه عن جد الحسن **طب وزر غبا تزد حبا فمن
أكثر الترداد أقصاه الملل
من رأى المجد بثوب عنده** أو بمال ليس يحصى عده
فهو مغرور تعدى حده** خذ بحد السيف واترك غمده
واعتبر فضل الفتى دون الحلل
من يكن بالفقر يوما موسما** وله فضل جليل علما
فله الإكرام حتما لزما** لا يضر الفضل إقلال كما
لا يضر الشمس إطباق الطفل
إنما الأسفار خير ظاهر** وهو للأسرار يوما شاهر
أمر الهادي بهذا سافر **حبك الأوطان عجز ظاهر
فاغترب تلق عن الأهل بدل
فالذي سافر يحضى بالمنى **وتسلى بأعجب مافي الدنى
فاترك الأهل وخل الوطنا** فبمكث الماء يبقى آسنا
وسرى البدر بالبدر أكتمل
فعلام اللوم يامن عبثا** لم لا تترك قول الخبثا
وآسرك البدر لما يلبثا** أيها العائب قولى عبثا
إن طيب الورد مؤذ بالجعل
إن ذا التخميس حق ما نظر** مثله فليعتبر من يعتبر
فاستفد من وعظه لا تحتقر** عد عن أسهم قولى واستتر
لا يصيبنك سهم من ثعل
إحترس من ذي هدوء معكَ **لا تحاول أن تسئ المخبتا
ربما قد كان سيفا مصلتا** لا يضرنك لين من فتى
إن للحيات لينا يعتزل
فتواضع فهو خير بالغ** واحترس فالختم وارغ
ذاك قول فيه حق دامغ** أنا مثل الماء سهل سائغ
ومتى سخن آذى وقتل
أنا ممن قد تعالى قدره** لست ممن قد تناهى شره
وبدا بين الأنام وزره **أنا كالخيزر صعب كسره
وهو لدن كيف ما شئت انفتل
قول ذي الفقر ثقيل في الأذن** كيف وماكان في القدر ثمن
فاتبع الحكمة تسعد لا تهن** غير أني في زمان من يكن
فيه ذا مال هو المولى الأجل
أو يكن عيرا يرائي عظامه** وكرام الأصل هم خدامه
وعلى الرأس علت أقدامه** واجب عند الورى إكرامه
وقليل المال فيه المستقل
إن تحقق لن تجد من فطنا **مرتضى في دينه قد حسنا
إنما العصمة للرسل جنا **كل أهل العصر غمر وأنا
منهم فاترك تفاصيل الجمل
بكمال النظم أرجو المددا** من إله قد تعالى أحدا
وله الحمد وشكر سرمدا** وصلاة ولاما أبدا
للنبي المصطفى خير الدول
ما دعى الداعي إليها وهدا** أو سعى سعي رشاد وهدى
أو خبا نجم بأفق وبدا **وعلى الآل الكرام السعدا
وعلى الأصحاب والأهل الأول
- تم بفضل الله التعديل -
تعليق