إخلاص الأعمال لله أصل الدين، وبذلك أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [الزمر: 2]، وأُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيِّن أنَّ عبادته قائمة على الإخلاص، فقال: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [الزمر: 11]، وبذلك أُمرت جميع الأمم، قال جلَّ وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].
وأحق الناس بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة من كان أخلصهم لله، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: (من قال لا إله إلَّا الله خالصًا من قلبه)[1].
والإخلاص هو تعلُّق القلب بالله مانع بإذن الله من تسلُّط الشيطان على العبد، قال سبحانه عن إبليس: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 83،82].
والمخلص في أعماله لله الذي لا يريد بأعماله لا رياء، ولا سمعة، ولا ثناء الناس ولا مدحهم، محفوظ بحفظ الله من العصيان والمكاره، قال سبحانه عن يوسف -عليه السلام-: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].
في الإخلاص وعدم طلب مكافأة الناس طمأنينة القلب وشعور بالسعادة وراحة من ذلِّ الخلق، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "من عرف الناس استراح"، أي: أنَّهم لا ينفعونه ولا يضرونه.
وكلُّ عمل لم يُقصد به وجه الله طاقة مهدرة، وسراب مضمحل، وصاحبه لا للدنيا جَمَع ولا للآخرة ارتفع.
وإخلاص العمل لله وخلوص النية له وصوابه أصل في قبول الطاعات، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا ينفع قول وعمل إلَّا بنية، ولا ينفع قول وعمل ونية إلَّا بما وافق السُّنة".
والإخلاص أن تكون نيتك لله، لا تريد غير الله ، لا سمعة، ولا رياء، ولا رفعة عند أحد ولا تزلُّفًا، ولا تترقَّب من الناس مدحًا ولا ثناء، ولا تخشى منهم قدحًا، والله -سبحانه- غني حميد لا يرضى أن يشرك العبد معه غيره، فإن أبى العبد إلَّا ذلك؛ ردَّ الله عليه عمله، ولم يقبله جلَّ وعلا، قال -عليه الصلاة السلام- في الحديث القدسي، قال الله -عزَّ وجل-: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه)[2].
والعمل وإن كان يسيرًا يتضاعف بحسن النية والصدق والإخلاص مع الله، ويكون سببًا في دخول الجنات قال -عليه الصلاة السلام-: (مرَّ رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله، لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدْخِل الجنة)[3]، قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: "رُبَّ عمل صغير تعظِّمه النية، ورُبَّ عمل كبير تصغِّره النية"، قال ابن كثير -رحمه الله- في قوله تعالى: {وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} [البقرة: 261]، قال أي: "بحسب إخلاصه في عمله".
والواجب على العبد كثرة الصالحات مع إخلاص النيات، فكن سباقًا لكلِّ عمل صالح، ولا تحقرنَّ أيَّ عمل تخلص نيتك فيه، فلا تعلم أيَّ عمل يكون سببًا لدخولك الجنات، ولا تستخفِنَّ بأيِّ معصية، فقد تكون سببًا في دخولك النار، قال -عليه الصلاة السلام-: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خَشَاش الأرض).
ومن سرَّه أن يكمل له عمله؛ فليحسن النية، فإنَّ الله يأجُر العبد إذا حسنُت نيته حتى بإطعام زوجته، وإذا قَوِيَ الإخلاص، وعَظُمت النية، وأخفي العمل الصالح مما يُشْرَع فيه الإخفاء؛ قرُب العبد من ربه، قال بشر بن الحارث -رحمه الله- : "لا تعمل لِتُذْكَر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة".
وإذا أخلصت في العمل، ثم أثنى عليك الخلق، وأنت غير متطلِّع إلى مدحهم؛ فليس هذا من الرياء، إنَّما الرياء أن تزيِّن عملك من أجلهم، سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه، فقال -عليه الصلاة السلام-: (تلك عاجل بشرى المؤمن)[4].
ومن كان يعمل صالحًا، ثم اطلع الخلق على عمله، فأحجم عن الاستمرار في تلك الطاعة؛ ظنًا منه أنَّ فعله بحضرتهم رياء؛ فذلك من حبائل الشيطان، فامضِ على فعلك، ولا تتوقف عن العمل الصالح من أجل الناس، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
وبعض الناس يظن أنَّ الإخلاص مقتصرٌ على الصلاة والصدقة والصيام والحج دون غيرها من الأوامر، ومن رحمة الله ورأفته بعباده أنَّ الإخلاص يُسْتَصْحَب في جميع العبادات والمعاملات وغيرها؛ ليثاب العبد على جميع حركاته وسكناته، فزيارة الجار، وصلة الرحم وبر الوالدين هي مع الإخلاص عبادة، وفي جانب المعاملات من الصدق في البيع والشراء، وحسن عشرة الزوجة، والاحتساب في أحسان تربية الأولاد، كلُّ ذلك مع الإخلاص يُجازَى عليه بالإحسان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلَّا أجرت عليها، حتى اللقمة تضعها في فِيِّ امرأتك)[5]، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "من عبد الله، وأحسن إلى الناس؛ فهذا قائم بحقوق الله وحق عباد الله في إخلاص الدين له، ومن طلب من العباد العوض ثناء، أو دعاء، أو غير ذلك؛ لم يكن محسنًا إليهم لله".
والإخلاص عزيز، والناس يتفاضلون فيه تفاضلًا كبيرًا، ولدفع عوارضه من آفة الرياء والعجب بالعمل، الجأ إلى الله دوما بالدعاء أن تكون من عباده المخلصين، واحتقر كلَّ عمل صالح تقدمه، وكن خائفًا من عدم قبوله أو حبوطه، فليس الشأن الإتيان بالطاعة فحسب، إنَّما الشأن في حفظها مما يبطلها، ومن حفظ العمل عدم العُجب وعدم الفخر به، فازهد في المدح والثناء، فليس أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إلَّا الله.
والموفَّق من لا يتأثر بثناء الناس، وإذا سمع ثناء؛ لم يزده ذلك إلَّا تواضعا وخشية من الله ، وأيقِنْ أنَّ مدح الناس لك فتنة، فادع ربك أن ينجيك من تلك الفتنة، واستشعر عظمة الله وضعف المخلوقين، وعجزهم وفقرهم، واستصحب دومًا أنَّ الناس لا يملكون جنة ولا نارًا ، وأنزل الناس منزلة أصحاب القبور، في عدم جلب النفع لك ودفع الضر عنك، والنفوس تصلح بتذكُّر مصيرها، ومن أيقَن أنَّه يوسَّد في قبره فريدًا وحيدًا؛ أدرك أنّهَ لن ينفعه سوى إخلاصه لربه، وإياك أن تطلب بعملك محمدة الناس، أو الطمع بما في أيديهم.
والإخلاص يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل وأثناءه وبعده، وآفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه بعين الرضا؛ فقد أهلكها.
وأمارة الإخلاص استواء المدح والذم عند العبد، والله يحب من عبده أن يجعل لسانه ناطقًا بالصدق، وقلبه مملوءًا بالإخلاص، وجوارحه مشغولة بالطاعة.
وأحق الناس بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة من كان أخلصهم لله، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: (من قال لا إله إلَّا الله خالصًا من قلبه)[1].
والإخلاص هو تعلُّق القلب بالله مانع بإذن الله من تسلُّط الشيطان على العبد، قال سبحانه عن إبليس: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 83،82].
والمخلص في أعماله لله الذي لا يريد بأعماله لا رياء، ولا سمعة، ولا ثناء الناس ولا مدحهم، محفوظ بحفظ الله من العصيان والمكاره، قال سبحانه عن يوسف -عليه السلام-: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].
في الإخلاص وعدم طلب مكافأة الناس طمأنينة القلب وشعور بالسعادة وراحة من ذلِّ الخلق، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "من عرف الناس استراح"، أي: أنَّهم لا ينفعونه ولا يضرونه.
وكلُّ عمل لم يُقصد به وجه الله طاقة مهدرة، وسراب مضمحل، وصاحبه لا للدنيا جَمَع ولا للآخرة ارتفع.
وإخلاص العمل لله وخلوص النية له وصوابه أصل في قبول الطاعات، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا ينفع قول وعمل إلَّا بنية، ولا ينفع قول وعمل ونية إلَّا بما وافق السُّنة".
والإخلاص أن تكون نيتك لله، لا تريد غير الله ، لا سمعة، ولا رياء، ولا رفعة عند أحد ولا تزلُّفًا، ولا تترقَّب من الناس مدحًا ولا ثناء، ولا تخشى منهم قدحًا، والله -سبحانه- غني حميد لا يرضى أن يشرك العبد معه غيره، فإن أبى العبد إلَّا ذلك؛ ردَّ الله عليه عمله، ولم يقبله جلَّ وعلا، قال -عليه الصلاة السلام- في الحديث القدسي، قال الله -عزَّ وجل-: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه)[2].
والعمل وإن كان يسيرًا يتضاعف بحسن النية والصدق والإخلاص مع الله، ويكون سببًا في دخول الجنات قال -عليه الصلاة السلام-: (مرَّ رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله، لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدْخِل الجنة)[3]، قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: "رُبَّ عمل صغير تعظِّمه النية، ورُبَّ عمل كبير تصغِّره النية"، قال ابن كثير -رحمه الله- في قوله تعالى: {وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} [البقرة: 261]، قال أي: "بحسب إخلاصه في عمله".
والواجب على العبد كثرة الصالحات مع إخلاص النيات، فكن سباقًا لكلِّ عمل صالح، ولا تحقرنَّ أيَّ عمل تخلص نيتك فيه، فلا تعلم أيَّ عمل يكون سببًا لدخولك الجنات، ولا تستخفِنَّ بأيِّ معصية، فقد تكون سببًا في دخولك النار، قال -عليه الصلاة السلام-: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خَشَاش الأرض).
ومن سرَّه أن يكمل له عمله؛ فليحسن النية، فإنَّ الله يأجُر العبد إذا حسنُت نيته حتى بإطعام زوجته، وإذا قَوِيَ الإخلاص، وعَظُمت النية، وأخفي العمل الصالح مما يُشْرَع فيه الإخفاء؛ قرُب العبد من ربه، قال بشر بن الحارث -رحمه الله- : "لا تعمل لِتُذْكَر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة".
وإذا أخلصت في العمل، ثم أثنى عليك الخلق، وأنت غير متطلِّع إلى مدحهم؛ فليس هذا من الرياء، إنَّما الرياء أن تزيِّن عملك من أجلهم، سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه، فقال -عليه الصلاة السلام-: (تلك عاجل بشرى المؤمن)[4].
ومن كان يعمل صالحًا، ثم اطلع الخلق على عمله، فأحجم عن الاستمرار في تلك الطاعة؛ ظنًا منه أنَّ فعله بحضرتهم رياء؛ فذلك من حبائل الشيطان، فامضِ على فعلك، ولا تتوقف عن العمل الصالح من أجل الناس، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
وبعض الناس يظن أنَّ الإخلاص مقتصرٌ على الصلاة والصدقة والصيام والحج دون غيرها من الأوامر، ومن رحمة الله ورأفته بعباده أنَّ الإخلاص يُسْتَصْحَب في جميع العبادات والمعاملات وغيرها؛ ليثاب العبد على جميع حركاته وسكناته، فزيارة الجار، وصلة الرحم وبر الوالدين هي مع الإخلاص عبادة، وفي جانب المعاملات من الصدق في البيع والشراء، وحسن عشرة الزوجة، والاحتساب في أحسان تربية الأولاد، كلُّ ذلك مع الإخلاص يُجازَى عليه بالإحسان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلَّا أجرت عليها، حتى اللقمة تضعها في فِيِّ امرأتك)[5]، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "من عبد الله، وأحسن إلى الناس؛ فهذا قائم بحقوق الله وحق عباد الله في إخلاص الدين له، ومن طلب من العباد العوض ثناء، أو دعاء، أو غير ذلك؛ لم يكن محسنًا إليهم لله".
والإخلاص عزيز، والناس يتفاضلون فيه تفاضلًا كبيرًا، ولدفع عوارضه من آفة الرياء والعجب بالعمل، الجأ إلى الله دوما بالدعاء أن تكون من عباده المخلصين، واحتقر كلَّ عمل صالح تقدمه، وكن خائفًا من عدم قبوله أو حبوطه، فليس الشأن الإتيان بالطاعة فحسب، إنَّما الشأن في حفظها مما يبطلها، ومن حفظ العمل عدم العُجب وعدم الفخر به، فازهد في المدح والثناء، فليس أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إلَّا الله.
والموفَّق من لا يتأثر بثناء الناس، وإذا سمع ثناء؛ لم يزده ذلك إلَّا تواضعا وخشية من الله ، وأيقِنْ أنَّ مدح الناس لك فتنة، فادع ربك أن ينجيك من تلك الفتنة، واستشعر عظمة الله وضعف المخلوقين، وعجزهم وفقرهم، واستصحب دومًا أنَّ الناس لا يملكون جنة ولا نارًا ، وأنزل الناس منزلة أصحاب القبور، في عدم جلب النفع لك ودفع الضر عنك، والنفوس تصلح بتذكُّر مصيرها، ومن أيقَن أنَّه يوسَّد في قبره فريدًا وحيدًا؛ أدرك أنّهَ لن ينفعه سوى إخلاصه لربه، وإياك أن تطلب بعملك محمدة الناس، أو الطمع بما في أيديهم.
والإخلاص يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل وأثناءه وبعده، وآفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه بعين الرضا؛ فقد أهلكها.
وأمارة الإخلاص استواء المدح والذم عند العبد، والله يحب من عبده أن يجعل لسانه ناطقًا بالصدق، وقلبه مملوءًا بالإخلاص، وجوارحه مشغولة بالطاعة.
مادة صوتية مفرغة للشيخ: عبد المحسن القاسم - حفظه الله -
تعليق