ذكر إصلاح السرائر للزوم تقوى الله
أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا عمر بن شبة حدثنا مؤمل ابن إسماعيل حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كره الله منك شيئا فلا تفعله إذا خلوت
قال أبو حاتم الواجب على العاقل الحازم أن يعلم أن للعقل شعبا من المأمورات والمزجورات لا بد له من معرفتها واستعمالها في أوقاتها لمباينة العام وأوباش الناس بها.
وإني ذاكر في هذا الكتاب إن الله قضى ذلك وشاءه خمسين شعبة من شعب العقل من المأمورات والمزجورات ليكون الكتاب مشتملا على خمسين بابا بناء كل باب منها على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نتكلم في عقيب كل سنة منها بحسب ما يمن الله به من التوفيق لذلك إن شاء الله .
فأول شعب العقل هو لزوم تقوى الله وإصلاح السريرة لأن من صلح جوانيه أصلح الله برانيه ومن فسد جوانيه أفسد الله برانيه.
ولقد أحسن الذي يقول ... إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل على رقيب ... ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب
ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب ... وأن غدا للناظرين قريب ...
أخبرنا عبد الله بن محمود بن سليمان السعدى حدثنا شعبة بن هبيرة حدثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة.
قال أبو حاتم قطب الطاعات للمرء في الدنيا هو إصلاح السرائر وترك إفساد الضمائر
والواجب على العاقل الإهتمام بإصلاح سريرته والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وإدباره وحركته وسكونه لأن تكدر الأوقات وتنغص اللذات لا يكون إلا عند فساده
ولو لم يكن لإصلاح السرائر سبب يؤدى العاقل إلى استعماله إلا إظهار الله عليه كيفية سريرته خيرا كان أو شرا لكان الواجب عليه قلة الإغضاء عن تعاهدها
أنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش ... يلبس الله في العلانية العبد ... الذي كان يختفى في السريره ... حسنا كان أو قبيحا سيبدى ... كل ما كان ثم من كل سيرة ... فاستح الله أن ترائى للناس ... فإن الرياء بئس الذخيرة ...
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شريح بن يونس حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن عطاء بن أبى رباح عن أبيه قال قال كعب والذي فلق البحر لبنى إسرائيل إنى لأجد في التوراة مكتوبا يا بن آدم اتق ربك وصل رحمك وبر والديك يمد لك في عمرك وييسرلك يسرك ويصرف عنك عسرك.
حدثنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا محمد بن على الشقيقي حدثنا أبى حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب كما يخرب البيت إذا لم يكن فيه ساكن وإن قلوب الأبرار تغلى بأعمال البر وإن قلوب الفجار تغلى بأعمال الفجور والله يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله.
أنشدني محمد بن مبد الله بن زنجى البغدادي ... وإذا أعلنت أمرا حسنا ... فليكن أحسن منه ما تسر ... فمسر الخير موسوم به ... ومسر الشر موسوم بشر ...
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شريح بن يونس حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال إن الرجل ليتكلم بالكلام ينوى فيه الخير فيلقى الله في قلوب العباد حتى يقولوا ما أراد بكلامه هذا إلا الخير وإن الرجل ليتكلم بالكلام الشر لا ينوى فيه الخير فيلقى الله في قلوب الناس حتى يقولوا ما أراد بكلامه هذا إلا الشر.
حدثنا محمد بن عمر الهمداني حدثنا القطواني حدثنا سيار حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال سمعت الحسن يقول إنكم وقوف ها هنا تنتظرون آجالكم وعند الموت تلقون الخبر فخذوا مما عندكم لما بعدكم
قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن يأخذ مما عنده لما بعده من التقوى والعمل الصالح بإصلاح السريرة ونفى الفساد عن خلل الطاعات عند إجابة القلب وإبائه فإذا كان صحة السبيل في إقباله موجودا أنفذه بأعضائه وإن كان عدم وجوده موجودا كبحه عنها لأن بصفاء القلب تصفو الأعضاء.
وأنشدني المنتصر بن بلال بن المنتصر الأنصاري ... وإن امرأ لم يصف لله قلبه ... لفى وحشة من كل نظرة ناظر ... وإن امرأ لم يرتحل ببضاعة ... إلى داره الأخرى فليس بتاجر ... وإن امرأ ابتاع دنيا بدينه ... لمنقلب منها بصفقة خاسر ...
أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفى ببغداد حدثنا أبو نصر التمار
حدثنا أبو الأشهب عن خالد الربعى قال كان لقمان عبدا حبشيا نجارا فأمره سيده أن يذبح شاة فذبح شاة فقال أئتنى بأطيب مضغتين في الشاة فأتاه باللسان والقلب ثم مكث أياما فقال اذبح شاة فذبح شاة فقال ائتنى بأخبث مضغتين في الشاة فألقى إليه اللسان والقلب فقال له سيده قلت لك حين ذبحت ائتنى بأطيب مضغتين فأتيتنى باللسان والقلب ثم قلت لك الآن حين ذبحت الشاة أئتنى بأخبث مضغتين في الشاة فألقيت اللسان والقلب فقال إنه لا أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا
وأنشدني منصور بن محمد الكريزى ... وما المرء إلا قلبه ولسانه ... إذا حصلت أخباره ومداخله ... إذا ما رداء المرء لم يك طاهرا ... فهيهات أن ينقيه بالماء غاسله ... وما كل من تخشى ينالك شره ... وما كل ما أملته أنت نائله ...
أخبرنا أحمد بن عيسى بن السكبن بواسط حدثنا عبد الحميد بن محمد بن مستام حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا صالح بن حسان المؤذن قال دخلت على عمر ابن عبد العزيز فسمعته يقول لا يتقى الله عبد حتى يجد طعم الذل
قال أبو حاتم العاقل يفتش قلبه في ورود الأوقات ويكبح نفسه عن جميع المزجورات ويأخذها بالقيام في أنواع المأمورات ولزوم الأنتباه عند ورود الفترة في الحالات ولا يكون المرء يشاهد ما قلنا قائما حتى يوجد منه صحة التثبت في الأفعال.
أنشدني على بن محمد البسامي ... وإذا بحثت عن التقى وجدته ... رجلا يصدق قوله بفعال ... وإذا اتقى الله امرؤ وأطاعه ... فيداه بين مكارم ومعال ... وعلى التقى اذا تراسخ في التقى ... تاجان تاج سكينة وجمال ... وإذا تناسبت الرجال فما أرى ... نسبا يكون كصالح الأعمال
أخبرنا القطان بالرقة حدثنا عبد الله بن رومى البزاز عن أبيه قال قلما دخلت على إسحاق بن أبى ربعى الرافقى إلا وهو يتمثل بهذا البيت ... خير من المال والأيام مقبلة ... جيب نقى من الآثام والدنس ...
أخبرنا محمد بن عبدالله بن الجنيد حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أخبرنا الربيع عن الحسن قال أفضل العمل الورع والتفكر0
قال أبو حاتم العاقل يدبر أحواله بصخة الورع ويمضى لسانه بلزوم التقوى لأن ذلك أول شعب العقل وليس إليه سبيل إلا بصلاح القلب
ومثل قلب العاقل إذا لزم رعاية العقل على ما نذكرها في كتابنا هذا إن الله قضى ذلك وشاءه كأن قلبه شرح بسكاكين التقية ثم ملح بملح الخشيه ثم جفف برياح العظمة ثم أحيى بماء القربه فلا يوجد فيه إلا ما يرضى المولى جل وعلا ولا يبالى المرء إذا كان بهذا النعت أن يتضع عند الناس ومحال أن يكون ذلك أبدا.
سمعت أحمد بن موسى بواسط يقول وجد ( ت ) على خف عطاء السلمي مكتوبا وكان حائكا ... إلا إنما التقوى هو العز والكرم ... وفخرك بالدنيا هو الذل والعدم ... وليس على عبد تقى نقيصه ... إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم ...
أخبرنا محمد بن زنجويه القشيرى حدثنا عمرو بن على حدثنا طريف بن سعيد حدثنا القاسم بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن علي بن حسين قال إذا بلغ الرجل أربعين سنة ناداه مناد من السماء دنا الرحيل فأعد زادا .
وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبراش ... إذا انتسب الناس كان التقى ... بتقواه أفضل من ينتسب ... ومن يتقى الله يكسب به ... من الحظ أفضل ما يكتسب ... ومن يتخذ سببا للنجاة ... فإن تقى الله خير السبب
وأنشدني أحمد بن محمد بن عبد الله الصنعانى لابن عكراش ... ومهما يسر المرء يبد لربه ... وما ينسه الإنسان لا ينسى كاتبه ... ومن كان غلابا بجهد ونجدة ... فذو الحظ في أمر المعيشة غالبه ...
وأنشدني أبو بدر أحمد بن خالد بن عبيد الله بن عبد الملك بحران ... يا نفس ما هو إلا صبر أيام ... كأن لذاتها أضغاث أحلام ... يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة ... وخل عنها فإن العيش قدامى ...
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصارى أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله أخبرنا سفيان عن معن قال قال عبد الله إن لهذه القلوب شهوه وإقبالا وإن لها فترة وإدبارا فخذوها عند شهوتها وإقبالها ودعوها عند فترتها وإدبارها.
قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن لا ينسى تعاهد قلبه بترك ورود السبب الذي يورث القساوة له عليه لأن بصلاح الملك تصلح الجنود وبفساده تفسد الجنود فإذا اهتم بإحدى الخصلتين تجنب أقربهما من هواه وتوخى أبعدهما من الردى0
ولقد أحسن الذي يقول ... وإذا تشاجر في فؤادك مرة ... أمران فاعمد للأعف ألأجمل ... وإذا هممت بأمر سوء فتئد ... وإذا هممت بأمر خير فافعل ...
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي بالبصرة حدثنا إبراهيم بن عزرة الشامى عن مسعر بن كدام عن عون بن عبد الله قال قال عمر بن الخطاب جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة .
أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن عمرو بن جبله حدثنا محمد بن مروان حدثنا عطاء الأزرق قال قال رجل للحسن يا أبا سعيد كيف أنت وكيف حالك
قال كيف حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت ولا يدري ما يصنع به
وأنشدني منصور بن محمد الكريزى ... تتخير قرينا من فعالك إنما ... يزين الفتى في القبر ما كان يفعل ... فإن كنت مشغولا بشيء فلا تكن ... بغير الذي يرضى به الله تشغل ... فلا بد بعد القبر من أن تعده ... ليوم ينادى المرء فيه فيسأل ... فلن يصحب الإنسان من قبل موته ... ولا بعده إلا الذي كان يعمل ... ألا نما الأنسان ضيف لأهله ... يقيم قليلا بينهم ثم يرحل ...
أخبرنا على بن سعيد العسكرى حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا محمد بن الحسين حدثنا إسماعيل بن زياد قال قدم علينا عبد العزيز بن سليمان عبادان في بعض قدماته فأتيناه نسلم عليه فقال لنا صفوا للمنعم قلوبكم يكفكم المؤن عند همكم ثم قال لو خدمت مخلوقا فأطلت خدمته ألم يكن يرعى لخدمتك حرمة فكيف بمن ينعم عليك وأنت مسيء الى نفسك تتقلب في نعمه وتتعرض لغضبه هيهات هيهات همة البطالين ليس لهذا خلقتم ولا بذا أمرتم الك الكيس رحمك الله وكان يفطر على ماء البحر
قال أبو حاتم لن تضفو القلوب من وجود الدرن فيها حتى تكون الهمم في الله هما واحدا فإذا كان كذلك كفي الهم في الهموم إلا الهم الذي يؤول متعقبه الى رضا الباري جل وعز بلزوم تقوى الله في الخلوة والملاء إذ هو أفضل راد العقلاء في داريهم وأجل مطية الحكماء في حاليهم وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الوسطى ... عليك بتقوى الله في كل أمره ... تجد غبه يوم الحساب المطول
ألا إن تقوى الله خير مغبة ... وأفضل زاد الطاعن المترحل ...
قال أبو حاتم قد ذكرت هذا الباب بكماله بالعلل والحكايات في كتاب محجة المبتدئين بما أرجو الغنية للناظر إذا ماتأملها فأغنى ذلك عن تكراره في هذا الكتاب. انتهى
مقتطف من قال أبو حاتم الواجب على العاقل الحازم أن يعلم أن للعقل شعبا من المأمورات والمزجورات لا بد له من معرفتها واستعمالها في أوقاتها لمباينة العام وأوباش الناس بها.
وإني ذاكر في هذا الكتاب إن الله قضى ذلك وشاءه خمسين شعبة من شعب العقل من المأمورات والمزجورات ليكون الكتاب مشتملا على خمسين بابا بناء كل باب منها على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نتكلم في عقيب كل سنة منها بحسب ما يمن الله به من التوفيق لذلك إن شاء الله .
فأول شعب العقل هو لزوم تقوى الله وإصلاح السريرة لأن من صلح جوانيه أصلح الله برانيه ومن فسد جوانيه أفسد الله برانيه.
ولقد أحسن الذي يقول ... إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل على رقيب ... ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب
ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب ... وأن غدا للناظرين قريب ...
أخبرنا عبد الله بن محمود بن سليمان السعدى حدثنا شعبة بن هبيرة حدثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة.
قال أبو حاتم قطب الطاعات للمرء في الدنيا هو إصلاح السرائر وترك إفساد الضمائر
والواجب على العاقل الإهتمام بإصلاح سريرته والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وإدباره وحركته وسكونه لأن تكدر الأوقات وتنغص اللذات لا يكون إلا عند فساده
ولو لم يكن لإصلاح السرائر سبب يؤدى العاقل إلى استعماله إلا إظهار الله عليه كيفية سريرته خيرا كان أو شرا لكان الواجب عليه قلة الإغضاء عن تعاهدها
أنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش ... يلبس الله في العلانية العبد ... الذي كان يختفى في السريره ... حسنا كان أو قبيحا سيبدى ... كل ما كان ثم من كل سيرة ... فاستح الله أن ترائى للناس ... فإن الرياء بئس الذخيرة ...
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شريح بن يونس حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن عطاء بن أبى رباح عن أبيه قال قال كعب والذي فلق البحر لبنى إسرائيل إنى لأجد في التوراة مكتوبا يا بن آدم اتق ربك وصل رحمك وبر والديك يمد لك في عمرك وييسرلك يسرك ويصرف عنك عسرك.
حدثنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا محمد بن على الشقيقي حدثنا أبى حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب كما يخرب البيت إذا لم يكن فيه ساكن وإن قلوب الأبرار تغلى بأعمال البر وإن قلوب الفجار تغلى بأعمال الفجور والله يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله.
أنشدني محمد بن مبد الله بن زنجى البغدادي ... وإذا أعلنت أمرا حسنا ... فليكن أحسن منه ما تسر ... فمسر الخير موسوم به ... ومسر الشر موسوم بشر ...
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شريح بن يونس حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال إن الرجل ليتكلم بالكلام ينوى فيه الخير فيلقى الله في قلوب العباد حتى يقولوا ما أراد بكلامه هذا إلا الخير وإن الرجل ليتكلم بالكلام الشر لا ينوى فيه الخير فيلقى الله في قلوب الناس حتى يقولوا ما أراد بكلامه هذا إلا الشر.
حدثنا محمد بن عمر الهمداني حدثنا القطواني حدثنا سيار حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال سمعت الحسن يقول إنكم وقوف ها هنا تنتظرون آجالكم وعند الموت تلقون الخبر فخذوا مما عندكم لما بعدكم
قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن يأخذ مما عنده لما بعده من التقوى والعمل الصالح بإصلاح السريرة ونفى الفساد عن خلل الطاعات عند إجابة القلب وإبائه فإذا كان صحة السبيل في إقباله موجودا أنفذه بأعضائه وإن كان عدم وجوده موجودا كبحه عنها لأن بصفاء القلب تصفو الأعضاء.
وأنشدني المنتصر بن بلال بن المنتصر الأنصاري ... وإن امرأ لم يصف لله قلبه ... لفى وحشة من كل نظرة ناظر ... وإن امرأ لم يرتحل ببضاعة ... إلى داره الأخرى فليس بتاجر ... وإن امرأ ابتاع دنيا بدينه ... لمنقلب منها بصفقة خاسر ...
أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفى ببغداد حدثنا أبو نصر التمار
حدثنا أبو الأشهب عن خالد الربعى قال كان لقمان عبدا حبشيا نجارا فأمره سيده أن يذبح شاة فذبح شاة فقال أئتنى بأطيب مضغتين في الشاة فأتاه باللسان والقلب ثم مكث أياما فقال اذبح شاة فذبح شاة فقال ائتنى بأخبث مضغتين في الشاة فألقى إليه اللسان والقلب فقال له سيده قلت لك حين ذبحت ائتنى بأطيب مضغتين فأتيتنى باللسان والقلب ثم قلت لك الآن حين ذبحت الشاة أئتنى بأخبث مضغتين في الشاة فألقيت اللسان والقلب فقال إنه لا أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا
وأنشدني منصور بن محمد الكريزى ... وما المرء إلا قلبه ولسانه ... إذا حصلت أخباره ومداخله ... إذا ما رداء المرء لم يك طاهرا ... فهيهات أن ينقيه بالماء غاسله ... وما كل من تخشى ينالك شره ... وما كل ما أملته أنت نائله ...
أخبرنا أحمد بن عيسى بن السكبن بواسط حدثنا عبد الحميد بن محمد بن مستام حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا صالح بن حسان المؤذن قال دخلت على عمر ابن عبد العزيز فسمعته يقول لا يتقى الله عبد حتى يجد طعم الذل
قال أبو حاتم العاقل يفتش قلبه في ورود الأوقات ويكبح نفسه عن جميع المزجورات ويأخذها بالقيام في أنواع المأمورات ولزوم الأنتباه عند ورود الفترة في الحالات ولا يكون المرء يشاهد ما قلنا قائما حتى يوجد منه صحة التثبت في الأفعال.
أنشدني على بن محمد البسامي ... وإذا بحثت عن التقى وجدته ... رجلا يصدق قوله بفعال ... وإذا اتقى الله امرؤ وأطاعه ... فيداه بين مكارم ومعال ... وعلى التقى اذا تراسخ في التقى ... تاجان تاج سكينة وجمال ... وإذا تناسبت الرجال فما أرى ... نسبا يكون كصالح الأعمال
أخبرنا القطان بالرقة حدثنا عبد الله بن رومى البزاز عن أبيه قال قلما دخلت على إسحاق بن أبى ربعى الرافقى إلا وهو يتمثل بهذا البيت ... خير من المال والأيام مقبلة ... جيب نقى من الآثام والدنس ...
أخبرنا محمد بن عبدالله بن الجنيد حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أخبرنا الربيع عن الحسن قال أفضل العمل الورع والتفكر0
قال أبو حاتم العاقل يدبر أحواله بصخة الورع ويمضى لسانه بلزوم التقوى لأن ذلك أول شعب العقل وليس إليه سبيل إلا بصلاح القلب
ومثل قلب العاقل إذا لزم رعاية العقل على ما نذكرها في كتابنا هذا إن الله قضى ذلك وشاءه كأن قلبه شرح بسكاكين التقية ثم ملح بملح الخشيه ثم جفف برياح العظمة ثم أحيى بماء القربه فلا يوجد فيه إلا ما يرضى المولى جل وعلا ولا يبالى المرء إذا كان بهذا النعت أن يتضع عند الناس ومحال أن يكون ذلك أبدا.
سمعت أحمد بن موسى بواسط يقول وجد ( ت ) على خف عطاء السلمي مكتوبا وكان حائكا ... إلا إنما التقوى هو العز والكرم ... وفخرك بالدنيا هو الذل والعدم ... وليس على عبد تقى نقيصه ... إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم ...
أخبرنا محمد بن زنجويه القشيرى حدثنا عمرو بن على حدثنا طريف بن سعيد حدثنا القاسم بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن علي بن حسين قال إذا بلغ الرجل أربعين سنة ناداه مناد من السماء دنا الرحيل فأعد زادا .
وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبراش ... إذا انتسب الناس كان التقى ... بتقواه أفضل من ينتسب ... ومن يتقى الله يكسب به ... من الحظ أفضل ما يكتسب ... ومن يتخذ سببا للنجاة ... فإن تقى الله خير السبب
وأنشدني أحمد بن محمد بن عبد الله الصنعانى لابن عكراش ... ومهما يسر المرء يبد لربه ... وما ينسه الإنسان لا ينسى كاتبه ... ومن كان غلابا بجهد ونجدة ... فذو الحظ في أمر المعيشة غالبه ...
وأنشدني أبو بدر أحمد بن خالد بن عبيد الله بن عبد الملك بحران ... يا نفس ما هو إلا صبر أيام ... كأن لذاتها أضغاث أحلام ... يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة ... وخل عنها فإن العيش قدامى ...
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصارى أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله أخبرنا سفيان عن معن قال قال عبد الله إن لهذه القلوب شهوه وإقبالا وإن لها فترة وإدبارا فخذوها عند شهوتها وإقبالها ودعوها عند فترتها وإدبارها.
قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن لا ينسى تعاهد قلبه بترك ورود السبب الذي يورث القساوة له عليه لأن بصلاح الملك تصلح الجنود وبفساده تفسد الجنود فإذا اهتم بإحدى الخصلتين تجنب أقربهما من هواه وتوخى أبعدهما من الردى0
ولقد أحسن الذي يقول ... وإذا تشاجر في فؤادك مرة ... أمران فاعمد للأعف ألأجمل ... وإذا هممت بأمر سوء فتئد ... وإذا هممت بأمر خير فافعل ...
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي بالبصرة حدثنا إبراهيم بن عزرة الشامى عن مسعر بن كدام عن عون بن عبد الله قال قال عمر بن الخطاب جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة .
أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن عمرو بن جبله حدثنا محمد بن مروان حدثنا عطاء الأزرق قال قال رجل للحسن يا أبا سعيد كيف أنت وكيف حالك
قال كيف حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت ولا يدري ما يصنع به
وأنشدني منصور بن محمد الكريزى ... تتخير قرينا من فعالك إنما ... يزين الفتى في القبر ما كان يفعل ... فإن كنت مشغولا بشيء فلا تكن ... بغير الذي يرضى به الله تشغل ... فلا بد بعد القبر من أن تعده ... ليوم ينادى المرء فيه فيسأل ... فلن يصحب الإنسان من قبل موته ... ولا بعده إلا الذي كان يعمل ... ألا نما الأنسان ضيف لأهله ... يقيم قليلا بينهم ثم يرحل ...
أخبرنا على بن سعيد العسكرى حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا محمد بن الحسين حدثنا إسماعيل بن زياد قال قدم علينا عبد العزيز بن سليمان عبادان في بعض قدماته فأتيناه نسلم عليه فقال لنا صفوا للمنعم قلوبكم يكفكم المؤن عند همكم ثم قال لو خدمت مخلوقا فأطلت خدمته ألم يكن يرعى لخدمتك حرمة فكيف بمن ينعم عليك وأنت مسيء الى نفسك تتقلب في نعمه وتتعرض لغضبه هيهات هيهات همة البطالين ليس لهذا خلقتم ولا بذا أمرتم الك الكيس رحمك الله وكان يفطر على ماء البحر
قال أبو حاتم لن تضفو القلوب من وجود الدرن فيها حتى تكون الهمم في الله هما واحدا فإذا كان كذلك كفي الهم في الهموم إلا الهم الذي يؤول متعقبه الى رضا الباري جل وعز بلزوم تقوى الله في الخلوة والملاء إذ هو أفضل راد العقلاء في داريهم وأجل مطية الحكماء في حاليهم وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الوسطى ... عليك بتقوى الله في كل أمره ... تجد غبه يوم الحساب المطول
ألا إن تقوى الله خير مغبة ... وأفضل زاد الطاعن المترحل ...
قال أبو حاتم قد ذكرت هذا الباب بكماله بالعلل والحكايات في كتاب محجة المبتدئين بما أرجو الغنية للناظر إذا ماتأملها فأغنى ذلك عن تكراره في هذا الكتاب. انتهى
كتاب
رَوْضة العُقلاء وَنزهَة الفضلاء
للإمام
الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان