السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله ،
وبعد فقد عزمت - متوكلا على الله - على قراءة كتاب " صيد الخاطر " للإمام أبي فرج عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي [المتوفى سنة 597 هـ] ذلك الكتاب النافع في بابه من ذلك الإمام العالم بأدواء القلوب ودوائها ، كتاب وعظيات وإرشادات صدرت عن تجارب شخص جرب الحياة وخاض معاركها وسبر محنها ، كتاب يشرح الصدر ويبصر بعيوب الطريق وينيره للسائر إلى الله والدار الآخرة ... هذه كلمات يسيرات و المقام لا يتسع لأكثر و اللبيب بالاشارة يفهم ، والمجرب وحده الذي يفهم .
كما أننا سنتجنب بعض الفصول من الكتاب التي خصت بالرد على الفرق الكلامية و بعض الفلاسفة مما هو في غير موضعنا وذكره الإمام لسبب من الأسباب ، كما أن المؤلف كغيره من البشر الذين يقع منهم الخطأ - الصادر عن اجتهاد كما نحسبهم و الله حسيبهم - خاصة في مسألة أسماء الله تعالى وصفاته فقد اضرب في هذا الباب اضطرابا شديدا فأول بعضها و نفى بعضها و أثبت البعض الآخر ، كما كانت له بعض المصطلحات التي يخالف فيها السنة ، سأسعى في تبين تلك الأخطاء معتمدا على بعض التحقيقات التي عندي والله المستعان .
- تنبيه : سأضع كل فصل في موضوع مستقل فمن لم يفهم شيئا أو أراد التعقيب أو زيادة الفائدة فله ذلك و بهذا تزيد الفائدة وتتسع أكثر .
ولو وضع أحدكم خلاصة أو ما يستفاد من كلام ابن الجوزي لكان أحسن
لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها، ثم تعرض عنها فتذهب، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: قيدوا العلم بالكتابة (1).
وكم قد خطر لي شيء، فأتشاغل عن إثباته فيذهب، فأتأسف عليه.
ورأيت من نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكر، سنح له من عجائب الغيب، ما لم يكن في حساب، فأنثال عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز التفريط فيه، فجعلت هذا الكتاب قيداً - لصيد الخاطر - والله ولي النفع، إنه قريب مجيب.
------------
(1) صحيح : صححه الألباني في الصحيحة (2026).
ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها، لسببين.
أحدهما: أن المواعظ كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها.
والثاني: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَةِ، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها، وكيف يصح أن يكون كما كان ؟!.
وهذه حالة تعم الخلق، إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر.
فمنهم من يعزم بلا تردد، ويمضي من غير التفات، فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظلة !(2).
ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً، فهم كالسنبلة تميلها الرياح !.
وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كماء دحرجته على صفوان.... !!(3).
----------------------
(2) صحيح رواه مسلم(2750).
(3) الصفوان: الحجر الأملس.
بسم الله ،
وبعد فقد عزمت - متوكلا على الله - على قراءة كتاب " صيد الخاطر " للإمام أبي فرج عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي [المتوفى سنة 597 هـ] ذلك الكتاب النافع في بابه من ذلك الإمام العالم بأدواء القلوب ودوائها ، كتاب وعظيات وإرشادات صدرت عن تجارب شخص جرب الحياة وخاض معاركها وسبر محنها ، كتاب يشرح الصدر ويبصر بعيوب الطريق وينيره للسائر إلى الله والدار الآخرة ... هذه كلمات يسيرات و المقام لا يتسع لأكثر و اللبيب بالاشارة يفهم ، والمجرب وحده الذي يفهم .
كما أننا سنتجنب بعض الفصول من الكتاب التي خصت بالرد على الفرق الكلامية و بعض الفلاسفة مما هو في غير موضعنا وذكره الإمام لسبب من الأسباب ، كما أن المؤلف كغيره من البشر الذين يقع منهم الخطأ - الصادر عن اجتهاد كما نحسبهم و الله حسيبهم - خاصة في مسألة أسماء الله تعالى وصفاته فقد اضرب في هذا الباب اضطرابا شديدا فأول بعضها و نفى بعضها و أثبت البعض الآخر ، كما كانت له بعض المصطلحات التي يخالف فيها السنة ، سأسعى في تبين تلك الأخطاء معتمدا على بعض التحقيقات التي عندي والله المستعان .
- تنبيه : سأضع كل فصل في موضوع مستقل فمن لم يفهم شيئا أو أراد التعقيب أو زيادة الفائدة فله ذلك و بهذا تزيد الفائدة وتتسع أكثر .
ولو وضع أحدكم خلاصة أو ما يستفاد من كلام ابن الجوزي لكان أحسن
قال المؤلف في مقدمة كتابه :
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه المستعان وعليه التكلان
قال الشيخ الإمام العالم أبو الفرج؛ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي رحمة الله عليه: الحمد لله حمداً يبلغ رضاه، وصلى الله على أشرف من اجتباه، وعلى من صاحبه ووالاه، وسلم تسليماً لا يدرك منتهاه.بسم الله الرحمن الرحيم
وبه المستعان وعليه التكلان
لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها، ثم تعرض عنها فتذهب، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: قيدوا العلم بالكتابة (1).
وكم قد خطر لي شيء، فأتشاغل عن إثباته فيذهب، فأتأسف عليه.
ورأيت من نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكر، سنح له من عجائب الغيب، ما لم يكن في حساب، فأنثال عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز التفريط فيه، فجعلت هذا الكتاب قيداً - لصيد الخاطر - والله ولي النفع، إنه قريب مجيب.
------------
(1) صحيح : صححه الألباني في الصحيحة (2026).
فصل بين اليقظة والغفلة
قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة ! فتدبرت السبب في ذلك، فعرفته.ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها، لسببين.
أحدهما: أن المواعظ كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها.
والثاني: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَةِ، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها، وكيف يصح أن يكون كما كان ؟!.
وهذه حالة تعم الخلق، إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر.
فمنهم من يعزم بلا تردد، ويمضي من غير التفات، فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظلة !(2).
ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً، فهم كالسنبلة تميلها الرياح !.
وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كماء دحرجته على صفوان.... !!(3).
----------------------
(2) صحيح رواه مسلم(2750).
(3) الصفوان: الحجر الأملس.
تعليق