شهر رمضان المبارك
شهر المحاسبة والاحتساب
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102] .
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1] .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
فأسباب جمع الموضوع هي:
1-شهر رمضان موسم للتوبة النصوح والمحاسبة سبيل التوبة وبيان ذلك.
(دعوة للتوبة):عن أبي هريرة –رضي الله عنه-قال رسول الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين (وفي لفظ :سلسلت الشياطين)ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب (وفي لفظ :فتحت أبواب الرحمة )(وفي آخر :تفتح فيه أبواب السماء)وينادي مناد :يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة "رواه الترمذي واللفظ له وألفاظه في الصحيح.
(فقه الحديث):في هذا الحديث الجليل دعوة للتوبة وتيسيرا لأسبابها وقطع لموانعها، يدل عليه:
-تصفيد الشياطين، فإن الشيطان أصل كل شر وفساد وداعية إلى كل غواية، ففي تصفيد الشياطين إضعاف لكيدهم وإغوائهم.
-تفتيح أبواب الجنة (أبواب الرحمة)(أبواب السماء)وهذا الفعل الإلهي أثره :قبول الله –عزوجل-لأعمال العباد وإثابتهم عليها كما قال تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}الآية وقد كان –صلى الله عليه وسلم-يتحرى الأعمال الصالحة في أوقات تفتح أبواب السماء(كحديث صيام شعبان وأربع ركعات قبل الظهر )فكيف بالمسلم الناصح إذا كان شهر رمضان كله أبواب السماء مفتوحة فيه فمن أعظم أسباب الخير وأجل الأعمال الصالحات التوبة.
-تغليق أبواب النار: وهذا الفعل الإلهي من آثار قول الله –عزوجل-°ورحمتي سبقت غضبي° حديث قدسي، أما دلالة هذا الفعل الإلهي فهي كمال عفو الله عن عباده وسعة مغفرته وكبير حلمه –عزوجل- ،فلا يعاجل عباده بالعقوبة ،بل يمهلهم فهل من توبة؟!
-دعوة الملك من السماء بإذن الرحيم الودود :"ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر "الحديث
-قبيح بالعبد المسلم الراجي رحمة ربه وعفوه أن يتخلف عن دعوة الكريم الوهاب فيفسد صيامه ويهجر المساجد والقرآن ويترك الصلوات ثم يجيب دعوة أهل الشرور إلى اللهو والفجور في الأرض والفضاء قال الله تعالى :{يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} الأحقاف.
-العتق من النيران كل ليلة وهذا من غاية العباد ورجاؤهم.1
-فهذه أسباب تدعو العبد المسلم إلى توبة صادقة فما السبيل إلى هذه التوبة؟!
(المحاسبة باب التوبة )قال ابن القيم –رحمه الله- في المدارج(129/1):ومن نزل منزلة المحاسبة يصح له نزول منزلة التوبة لأنه إذا حاسب نفسه عرف ماعليه من الحق،...فلذلك لاتصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب والإعتراف به وطلب التخلص من سوء عواقبه أولا وآخرا .اهـ
والمقصود :حقيقة التوبة :الإطلاع على عيوب النفس والإعتراف بها والندم عليها والعزم على عدم العودة لمقارفتها فتبين من هذا:
1-المحاسبة باب التوبة لأنها باب عيوب النفس .
2-المحاسبة ضمان للعبد بعد توبته لأنها تمنع العبد من الغفلة وتدفعه إلى لزوم السلامة والتوبة 2
قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/129):"والتحقيق أن التوبة بين محاسبتين محاسبة قبلها تقتضي وجوبها ومحاسبة بعدها تقتضي حفظها "اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1-وقد جعل الله العتق كل ليلة ،حتى يعظم رجاء العباد فيزداد المحسن إحسانا ويمسك المسيء عن الإساءة.
2-قال ابن القيم في المدارج(1/136):"ومنزلة التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها فلا يفارقه العبد السالك ولايزال فيه إلى الممات ،...فالتوبة بداية العبد ونهايته..."اهـوجج....فالثمرة
-فالثمرة :أن المحاسبة تسبق شهر رمضان فتدفع صاحبها إلى التوبة بإصلاح النيات والأعمال ثم تلزم العبد الناصح بعد رمضان لتحفظ عليه ما اكتسبه من غفران الذنوب والعتق من النار ورفعة الدرجات .
-الصوم وقاية من الشهوات والنيران كما أن المحاسبة وقاية من المعاصي والآثام فكلاهما من معاني التقوى ،وحقيقة الصيام مشروطة بالمحاسبة :وبيان ذلك :
1-عن جابر عن النبي –صلى الله عليه وسلم-"الصيام جُنة يستجن بها العبد من النار" صحيح الترغيب (966)رواه أحمد وحسنه المنذري.
2-أخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال (ليس تقوى الله بصيام النهار ولابقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ماحرم الله وأداء ماافترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير)الدر المنثور للسيوطي.
شهر المحاسبة والاحتساب
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102] .
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1] .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
فأسباب جمع الموضوع هي:
1-شهر رمضان موسم للتوبة النصوح والمحاسبة سبيل التوبة وبيان ذلك.
(دعوة للتوبة):عن أبي هريرة –رضي الله عنه-قال رسول الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين (وفي لفظ :سلسلت الشياطين)ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب (وفي لفظ :فتحت أبواب الرحمة )(وفي آخر :تفتح فيه أبواب السماء)وينادي مناد :يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة "رواه الترمذي واللفظ له وألفاظه في الصحيح.
(فقه الحديث):في هذا الحديث الجليل دعوة للتوبة وتيسيرا لأسبابها وقطع لموانعها، يدل عليه:
-تصفيد الشياطين، فإن الشيطان أصل كل شر وفساد وداعية إلى كل غواية، ففي تصفيد الشياطين إضعاف لكيدهم وإغوائهم.
-تفتيح أبواب الجنة (أبواب الرحمة)(أبواب السماء)وهذا الفعل الإلهي أثره :قبول الله –عزوجل-لأعمال العباد وإثابتهم عليها كما قال تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}الآية وقد كان –صلى الله عليه وسلم-يتحرى الأعمال الصالحة في أوقات تفتح أبواب السماء(كحديث صيام شعبان وأربع ركعات قبل الظهر )فكيف بالمسلم الناصح إذا كان شهر رمضان كله أبواب السماء مفتوحة فيه فمن أعظم أسباب الخير وأجل الأعمال الصالحات التوبة.
-تغليق أبواب النار: وهذا الفعل الإلهي من آثار قول الله –عزوجل-°ورحمتي سبقت غضبي° حديث قدسي، أما دلالة هذا الفعل الإلهي فهي كمال عفو الله عن عباده وسعة مغفرته وكبير حلمه –عزوجل- ،فلا يعاجل عباده بالعقوبة ،بل يمهلهم فهل من توبة؟!
-دعوة الملك من السماء بإذن الرحيم الودود :"ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر "الحديث
-قبيح بالعبد المسلم الراجي رحمة ربه وعفوه أن يتخلف عن دعوة الكريم الوهاب فيفسد صيامه ويهجر المساجد والقرآن ويترك الصلوات ثم يجيب دعوة أهل الشرور إلى اللهو والفجور في الأرض والفضاء قال الله تعالى :{يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} الأحقاف.
-العتق من النيران كل ليلة وهذا من غاية العباد ورجاؤهم.1
-فهذه أسباب تدعو العبد المسلم إلى توبة صادقة فما السبيل إلى هذه التوبة؟!
(المحاسبة باب التوبة )قال ابن القيم –رحمه الله- في المدارج(129/1):ومن نزل منزلة المحاسبة يصح له نزول منزلة التوبة لأنه إذا حاسب نفسه عرف ماعليه من الحق،...فلذلك لاتصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب والإعتراف به وطلب التخلص من سوء عواقبه أولا وآخرا .اهـ
والمقصود :حقيقة التوبة :الإطلاع على عيوب النفس والإعتراف بها والندم عليها والعزم على عدم العودة لمقارفتها فتبين من هذا:
1-المحاسبة باب التوبة لأنها باب عيوب النفس .
2-المحاسبة ضمان للعبد بعد توبته لأنها تمنع العبد من الغفلة وتدفعه إلى لزوم السلامة والتوبة 2
قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/129):"والتحقيق أن التوبة بين محاسبتين محاسبة قبلها تقتضي وجوبها ومحاسبة بعدها تقتضي حفظها "اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1-وقد جعل الله العتق كل ليلة ،حتى يعظم رجاء العباد فيزداد المحسن إحسانا ويمسك المسيء عن الإساءة.
2-قال ابن القيم في المدارج(1/136):"ومنزلة التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها فلا يفارقه العبد السالك ولايزال فيه إلى الممات ،...فالتوبة بداية العبد ونهايته..."اهـوجج....فالثمرة
-فالثمرة :أن المحاسبة تسبق شهر رمضان فتدفع صاحبها إلى التوبة بإصلاح النيات والأعمال ثم تلزم العبد الناصح بعد رمضان لتحفظ عليه ما اكتسبه من غفران الذنوب والعتق من النار ورفعة الدرجات .
-الصوم وقاية من الشهوات والنيران كما أن المحاسبة وقاية من المعاصي والآثام فكلاهما من معاني التقوى ،وحقيقة الصيام مشروطة بالمحاسبة :وبيان ذلك :
1-عن جابر عن النبي –صلى الله عليه وسلم-"الصيام جُنة يستجن بها العبد من النار" صحيح الترغيب (966)رواه أحمد وحسنه المنذري.
2-أخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال (ليس تقوى الله بصيام النهار ولابقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ماحرم الله وأداء ماافترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير)الدر المنثور للسيوطي.
تعليق