وصف الله سبحانه الشيطان بأعظم صفاته وهي الوسوسة قال تعالى ( من شر الوسواس ) وأشدها شرا
وأقواها تأثيرا وأعمها فسادا وهي مبدىء الإرادة فإن القلب يكون فارغا من الشر والمعصية فيوسوس
إليه ويخطر الذنب بباله فيصوره لنفسه ويمنيه ويشهيه فيصير شهوة ويزينها له ويحسنها ويخيلها له في
خيال تميل نفسه إليه فيصير إرادة ثم لا يزال يمثل ويخيل ويمني ويشهي وينسي علمه بضررها ويطوي
عنه سوء عاقبتها فيحول بينه وبين مطالعته فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط وينسى ما وراء
ذلك فتصير الإرادة عزيمة جازمة فيشتد الحرص عليها من القلب فيبعث الجنود في الطلب فيبعث الشيطان
معهم مددا لهم وعونا فإن فتروا حركهم وإن ونوا أزعجهم إلى المعاصي إزعاجا كلما فتروا أو ونوا
أزعجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم فلا تزال بالعبد تقوده إلى الذنب وتنظم شمل الاجتماع بألطف
حيلة وأتم مكيدة
ابن القيم - بدائع الفوائد ج 2 795-796 ط عالم الفوائد بتصرف يسير