يقول العلامة عبد الرحمن السعدي في كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد :
يعجبني ما وقع لبعض أهل العلم وهو: أنه كتب له آخر من أهل العلم والدين ينتقده انتقادا شديدا في بعض المسائل ، ويزعم أنه مخطئ فيها ، حتى إنه قدح في قصده ونيته ، وقال مع ذلك : إنه يدين الله ببغضه بناء على ما توهم من خطئه .. فأجاب المكتوب له :
" اعلم يا أخي أنك إذا تركت ما يجب عليك من المودة الدينية والأخوة الإسلامية ، وسلكت ما يحرم عليك من اتهام أخيك بالقصد السيئ على فرض أنه أخطأ وتجنبت الدعوة بالحكمة في مثل هذه الأمور ..
فإني أخبرك قبل الشروع في جوابي لك عمّا انتقدته علي:
أني لا أترك ما يجب عليّ من الإقامة على مودتك والاستمرار على محبتك المبنية على ما أعرفه من دينك انتصارا لنفسي .. بل أزيد على ذلك بإقامة العذر لك بقدحك في أخيك أني أعرف أن الدافع لك على ذلك حسن قصد ، لكن لم يصحبه علم يصححه ، ولا معرفة تبين مرتبته ، ولا ورع ، ورأي صحيح يوقف العبد عند حده الذي أوجبه الشرع عليه ؛ فلحسن قصدك المتمحض أو الممتزج بشيء آخر قد عفوت لك عمّا كان منك إلي من الاتهام بالقصد السيئ .. فهب أن الصواب معك يقينا فهل خطا الإنسان دليل على سوء قصده ؟!
فلو كان الأمر كذلك لتوجه رمي جميع علماء الأمة بالقصود السيئة ، فهل سلم أحد من الخطأ ، وهل هذا القول الذي تجرأت عليه إلا مخالف لما أجمع عليه المسلمون من أنه لا يحل رمي المسلم بالقصد السيئ إذا جاء في مسألة علمية دينية ، والله تعالى قد عفا عن خطأ المؤمنين (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال الله : قد فعلت .
ثم نقول : هب أنه جاز للإنسان القدح في إرادة ما دلت القرائن والعلامات على قصده السيئ ، فيحل القدح فيمن عندك من الأدلة والقرائن الكثيرة على بعده عن القصود السيئة ما لا يبرر لك أن تتوهم فيه شيئا مما رميته به ، وأن الله أمر المؤمنين أن يظنوا بإخوانهم خيرا إذا قيل فيهم خلاف ما يقتضيه الإيمان فقال تعالى (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراَ)
واعلم يا أخي أن هذه المقدمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت فإني قد ذكرت لك أني قد عفوت لك عن حقي إذا كان لي حق ..
ولكن الغرض النصيحة ، وأن أعرِّفك موقع هذا الاتهام ومرتبته من الدين والعقل والمروءة الإنسانية " اهـ.
لله درًه
يعجبني ما وقع لبعض أهل العلم وهو: أنه كتب له آخر من أهل العلم والدين ينتقده انتقادا شديدا في بعض المسائل ، ويزعم أنه مخطئ فيها ، حتى إنه قدح في قصده ونيته ، وقال مع ذلك : إنه يدين الله ببغضه بناء على ما توهم من خطئه .. فأجاب المكتوب له :
" اعلم يا أخي أنك إذا تركت ما يجب عليك من المودة الدينية والأخوة الإسلامية ، وسلكت ما يحرم عليك من اتهام أخيك بالقصد السيئ على فرض أنه أخطأ وتجنبت الدعوة بالحكمة في مثل هذه الأمور ..
فإني أخبرك قبل الشروع في جوابي لك عمّا انتقدته علي:
أني لا أترك ما يجب عليّ من الإقامة على مودتك والاستمرار على محبتك المبنية على ما أعرفه من دينك انتصارا لنفسي .. بل أزيد على ذلك بإقامة العذر لك بقدحك في أخيك أني أعرف أن الدافع لك على ذلك حسن قصد ، لكن لم يصحبه علم يصححه ، ولا معرفة تبين مرتبته ، ولا ورع ، ورأي صحيح يوقف العبد عند حده الذي أوجبه الشرع عليه ؛ فلحسن قصدك المتمحض أو الممتزج بشيء آخر قد عفوت لك عمّا كان منك إلي من الاتهام بالقصد السيئ .. فهب أن الصواب معك يقينا فهل خطا الإنسان دليل على سوء قصده ؟!
فلو كان الأمر كذلك لتوجه رمي جميع علماء الأمة بالقصود السيئة ، فهل سلم أحد من الخطأ ، وهل هذا القول الذي تجرأت عليه إلا مخالف لما أجمع عليه المسلمون من أنه لا يحل رمي المسلم بالقصد السيئ إذا جاء في مسألة علمية دينية ، والله تعالى قد عفا عن خطأ المؤمنين (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال الله : قد فعلت .
ثم نقول : هب أنه جاز للإنسان القدح في إرادة ما دلت القرائن والعلامات على قصده السيئ ، فيحل القدح فيمن عندك من الأدلة والقرائن الكثيرة على بعده عن القصود السيئة ما لا يبرر لك أن تتوهم فيه شيئا مما رميته به ، وأن الله أمر المؤمنين أن يظنوا بإخوانهم خيرا إذا قيل فيهم خلاف ما يقتضيه الإيمان فقال تعالى (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراَ)
واعلم يا أخي أن هذه المقدمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت فإني قد ذكرت لك أني قد عفوت لك عن حقي إذا كان لي حق ..
ولكن الغرض النصيحة ، وأن أعرِّفك موقع هذا الاتهام ومرتبته من الدين والعقل والمروءة الإنسانية " اهـ.
لله درًه