قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:
وقد بين القرآن أن السيئات من النفس وإن كانت بقدر الله . فأعظم السيئات : جحود الخالق . والشرك به وطلب النفس أن تكون شريكة وندا له أو أن تكون إلها من دونه . وكلا هذين وقع
فإن فرعون طلب أن يكون إلها معبودا دون الله تعالى . وقال { ما علمت لكم من إله غيري } وقال { أنا ربكم الأعلى } وقال لموسى { لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين } و { فاستخف قومه فأطاعوه }
. وإبليس يطلب : أن يعبد ويطاع من دون الله . فيريد : أن يعبد ويطاع هو ولا يعبد الله ولا يطاع . وهذا الذي في فرعون وإبليس هو غاية الظلم والجهل . وفي نفوس سائر الإنس والجن : شعبة من هذا وهذا . إن لم يعنالله العبد ويهديه وإلا وقع في بعض ما وقع فيه إبليس وفرعون بحسب الإمكان .
قال بعض العارفين : ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون غير أن فرعون قدر فأظهر . وغيره عجز فأضمر . وذلك : أن الإنسان إذا اعتبر وتعرف نفسه والناس وسمع أخبارهم : رأى الواحد منهم يريد لنفسه أن تطاع وتعلو بحسب قدرته . فالنفس مشحونة بحب العلو والرياسة بحسب إمكانها فتجد أحدهم يوالي من يوافقه على هواه ويعادي من يخالفه في هواه . وإنما معبوده : ما يهواه ويريده . قال تعالى { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً } والناس عنده في هذا الباب : كما هم عند ملوك الكفار من المشركين من الترك وغيرهم . يقولون " يا رباعي " أي صديق وعدو . فمن وافق هواهم : كان وليا وإن كان كافرا مشركا . ومن لم يوافق هواهم : كان عدوا وإن كان من أولياء الله المتقين .
وهذه هي حال فرعون . والواحد من هؤلاء : يريد أن يطاع أمره بحسب إمكانه لكنه لا يتمكن مما تمكن منه فرعون : من دعوى الإلهية وجحود الصانع . وهؤلاء - وإن كانوا يقرون بالصانع - لكنهم إذا جاءهم من يدعوهم إلى عبادته وطاعته المتضمنة ترك طاعتهم : فقد يعادونه كما عادى فرعون موسى . وكثير من الناس ممن عنده بعض عقل وإيمان لا يطلب هذا الحد بل يطلب لنفسه ما هو عنده . فإن كان مطاعا مسلما : طلب أن يطاع في أغراضه وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله .
ويكون من أطاعه في هواه : أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه . وهذه شعبة من حال فرعون . وسائر المكذبين للرسل . وإن كان عالما - أو شيخا - أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره حتى لو كانا يقرآن كتاباً واحداً كالقرآن أو يعبدان عبادة واحدة متماثلان فيها كالصلوات الخمس . فإنه يحب من يعظمه بقبول قوله والاقتداء به أكثر من غيره ....
وقد بين القرآن أن السيئات من النفس وإن كانت بقدر الله . فأعظم السيئات : جحود الخالق . والشرك به وطلب النفس أن تكون شريكة وندا له أو أن تكون إلها من دونه . وكلا هذين وقع
فإن فرعون طلب أن يكون إلها معبودا دون الله تعالى . وقال { ما علمت لكم من إله غيري } وقال { أنا ربكم الأعلى } وقال لموسى { لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين } و { فاستخف قومه فأطاعوه }
. وإبليس يطلب : أن يعبد ويطاع من دون الله . فيريد : أن يعبد ويطاع هو ولا يعبد الله ولا يطاع . وهذا الذي في فرعون وإبليس هو غاية الظلم والجهل . وفي نفوس سائر الإنس والجن : شعبة من هذا وهذا . إن لم يعنالله العبد ويهديه وإلا وقع في بعض ما وقع فيه إبليس وفرعون بحسب الإمكان .
قال بعض العارفين : ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون غير أن فرعون قدر فأظهر . وغيره عجز فأضمر . وذلك : أن الإنسان إذا اعتبر وتعرف نفسه والناس وسمع أخبارهم : رأى الواحد منهم يريد لنفسه أن تطاع وتعلو بحسب قدرته . فالنفس مشحونة بحب العلو والرياسة بحسب إمكانها فتجد أحدهم يوالي من يوافقه على هواه ويعادي من يخالفه في هواه . وإنما معبوده : ما يهواه ويريده . قال تعالى { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً } والناس عنده في هذا الباب : كما هم عند ملوك الكفار من المشركين من الترك وغيرهم . يقولون " يا رباعي " أي صديق وعدو . فمن وافق هواهم : كان وليا وإن كان كافرا مشركا . ومن لم يوافق هواهم : كان عدوا وإن كان من أولياء الله المتقين .
وهذه هي حال فرعون . والواحد من هؤلاء : يريد أن يطاع أمره بحسب إمكانه لكنه لا يتمكن مما تمكن منه فرعون : من دعوى الإلهية وجحود الصانع . وهؤلاء - وإن كانوا يقرون بالصانع - لكنهم إذا جاءهم من يدعوهم إلى عبادته وطاعته المتضمنة ترك طاعتهم : فقد يعادونه كما عادى فرعون موسى . وكثير من الناس ممن عنده بعض عقل وإيمان لا يطلب هذا الحد بل يطلب لنفسه ما هو عنده . فإن كان مطاعا مسلما : طلب أن يطاع في أغراضه وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله .
ويكون من أطاعه في هواه : أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه . وهذه شعبة من حال فرعون . وسائر المكذبين للرسل . وإن كان عالما - أو شيخا - أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره حتى لو كانا يقرآن كتاباً واحداً كالقرآن أو يعبدان عبادة واحدة متماثلان فيها كالصلوات الخمس . فإنه يحب من يعظمه بقبول قوله والاقتداء به أكثر من غيره ....
ولهذا قال تعالى{ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً } .
أهـ الفتاوى - (8 / 217-21