إِلى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبْلُغَ مَرَاتِبَ الغُرَبَاءِ
مقتطف ماتعٌ من كتاب "صفة الغرباء من المؤمنين".
للإمام الحافظ أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّي
مقتطف ماتعٌ من كتاب "صفة الغرباء من المؤمنين".
للإمام الحافظ أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّي
قــــال الــحـافـظ أبــــو بــكــر الآجُــــرِّي – رحــمــه الله - : " مــــن أحــــب أن يـبلغ مـراتب الـغرباء؛ فـليصبر على جفاء أبويه وزوجته وإخوانه وقرابته.
فإن قيل: فلم يجفوني وأنا لهم حبيب، وغمهم لفقدي إياهم إياي شديد؟!
قــيــل: لأنــــك خـالـفـتـهم عــلـى مـــا هـــم عـلـيـه مـــن حـبـهـم الـدنـيـا وشــــدة حــرصـهـم عـلـيـهـا، ولـتـمـكـن الــشـهـوات مـــن قـلـوبـهم مـــا يــبـالـون مــــا نــقــص مــــن ديــنــك وديــنـهـم إذا سَــلِـمَـتْ لــهــم بــــك دنــيـاهـم، فــــإن تـابـعـتـهم عــلــى ذلــــك كــنــت الـحـبـيـب الــقـريـب، وإن خـالـفـتـهم وســلـكـت طــريــق أهــــل الآخـــرة بـاسـتـعمالك الــحـق جـــفــا عــلـيـهـم أمـــــرك، فـــالأبــوان مـتـبـرمـان بـفـعـالـك، والزوجــة بــــك مـتـضـجـرة فــهــي تــحــب فــراقــك، والأخــــوان والــقـرابـة فــقـد زهــــدوا فــــي لــقـائـك، فــأنــت بـيـنـهـم مــكــروب مــحـزون، فـحـيـنئذ نــظــرت إلــــى نــفـسـك بــعـيـن الــغـربـة فـأَنِـسْـتَ مـــا شـاكـلـك مـــن الــغــربــاء، واســتــوحـشـت مـــــن الإخـــــوان والأقـــــارب، فــسـلـكـت الــطـريـق إلــــى الله الــكـريـم وحـــدك، فـــإن صــبـرت عــلـى خـشـونـة الــطــريــق أيـــامـــاً يــســيــرة، واحــتــمـلـت الـــــذل والـــمــداراة مـــــدةً قــصـيـرةً، وزهــــدت فــــي هــــذه الــــدار الـحـقـيـرة؛ أعــقـبـك الــصـبـر أن وَرِدَ بـــــك إلـــــى دار الــعـافـيـة، أرضـــهــا طــيــبـة وريــاضــهـا خــضــرة، وأشـــجـــارهـــا مـــثـــمـــرة، وأنـــهـــارهـــا عـــــذبــــة . . ."(1).
-----------------------------------------
(1)صـفـة الغـربــاء مـن الــمـؤمنـيـن: ص 39.
قام باقتطافها أبو أنس الفايد -وفقه الله-.
تعليق