تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3<>
فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :
فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .
من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .
ألقى أحد تلاميذ فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - قصيدة أبياتها :
( يا أمتي ! إن هذا الليل يعقبه فجر . وأنواره في الأرض تنتشر ... والخير مرتقبٌ ، والفتح منتظر . والحق رغم جهود الشر منتصر ... وبصحبة بارك الباري مسيرتها . نقية ما بها شوبٌ ولا كدر ... ما دام فينا ابن صالح شيخ صحوتنا . بمثله يرتجى التأييد والظفر ) .
فرد الشيخ الزاهد معقبًا : أنا لا أوافق على هذا المدح ؛ لأني لا أريد أن يربط الحق بالأشخاص ، كل شخص يأتي ويذهب ، فإذا ربطنا الحق بالأشخاص معناه أن الإنسان إذا مات قد ييئس الناس من بعده ، فأقول : إذا كان يمكنك الآن تبديل البيت الأخير بقول : ( ما دام منهاجنا نهج الأولى سلفوا . بمثلها يرتجى التأييد والظفر ) .
فهذا طيب ، أنا أنصحكم ألا تجعلوا الحق مربوطًا بالرجال :
أولاً : لأنهم قد يضلون ، فهذا ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول : ( من كان مستنًا فليستن بمن مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ) .
الرجال إذا جعلتم الحق مربوطًا بهم يمكن الإنسان أن يغتر بنفسه - والعياذ بالله من ذلك - ، ويسلك طرقًا غير صحيحة .
فالرجل أولاً : لا يأمن من الزلل والفتنة ، نسأل الله أن يثبتنا وإياكم .
ثانيًا : أنه سيموت ، ليس فينا أحد يبقى أبدًا . وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ . سورة الأنبياء ، ( الآية : 34 ) .
ثالثًا : أنه ربما يغتر إذا رأى الناس يبجلونه ويكرمونه ويلتفون حوله ، وربما ظن أنه معصوم ، ويدعي لنفسه العصمة ، وأن كل شيء يفعله فهو حق ، وكل طريق يسلكه فهو مشروع ، ولا شك أنه يحصل بذلك هلاكه ، ولهذا امتدح رجل رجلاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : ( ويحك قطعت عنق صاحبك ) .
وأنا أشكر الأخ على ما يبديه من الشعور نحوي ، وأسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنه أو أكثر ، ولكن لا أحب المديح .
عرف عن الشيخ الفقيه المفسر أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ (ت: 1421هـ) التواضع، وقهر النفس، وزجر الطلاب عن التعالم، والغلو في الأشخاص.
ومن الأمثلة الواقعة للشيخ ـ رحمه الله ـ، والتي فيها فيها درس لنا، وتأديب، أن طالبا من محبي الشيخ ـ رحمه الله ـ ألقى قصيدة بحضرة الشيخ ـ رحمه الله ـ، قال فيها:
يَا أُمَّتِي! إِنَّ هَذَا اللَّيلَ يَعقُبُهُ
فَجرٌ، وَأَنوَارُهُ فِي الأَرضِ تَنتَشِرُ
وَالخَيرُ مُرتَقَبٌ، وَالفَتحُ مُنتَظَرُ
وَالحَقُّ رَغمَ جُهُودِ الشَّرِّ مُنتَصِرُ
وَبِصَحوَةٍ بَارَكَ البَارِي مَسِيرَتَهَا
نَقِيَّةٍ مَا بِهَا شَوبٌ وَلاَ كَدَرُ
مَا دَامَ فِينَا ابنُ صَالِحٍ شَيخُ صَحوَتِنَا
بِمِثلِهِ يُرتَجَى التَّأيِيدُ وَالظَّفَرُ
فما كان من الفقيه ـ رحمه الله ـ إلا أن قاطعه، وقال: "أنا لا أوافق على هذا البيت، لا لا أوافق؛ لأني لا أريد أن يُربَط الحقُّ بالأشخاص. كلُّ شخصٍ سيفنى، فإذا ربطنا الحقَّ بالأشخاص؛ معناه أنَّ الإنسان إذا مات قد ييأس النَّاسُ من هذا.
فأقول: إذا كان يمكنك الآن تبدِّل البَيت "مَا دَامَ فِينَا كِتَابُ اللهِ سُنَّةُ رَسُولِهِ"، هذا طيِّب".
ثم حاول الطالب إصلاح البيت الذي نسفه تواضع الشيخ ـ رحمه الله ـ، ولما عجز قريضه عن ذلك، أوقفه الشيخ ـ رحمه الله ـ، ثم قال:
"أنا أنصحُكم من الآن ـ وبعد الآن ـ: ألاَّ تجعَلُوا الحقَّ مربوطًا بالرِّجال؛ الرِّجال:
أوَّلاً يَضِلُّون؛ حتىَّ ابن مسعود يقول: "مَن كَانَ مُستَنًّا؛ فَلْيَستَنَّ بِمَن مَاتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَن علَيه الفِتنَة"، الرِّجال إذا جعَلتُم الحقَّ مربوطًا بهم يُمكِن الإنسان يغترُّ بنفسه ـ نعوذ بالله من ذلك ـ، ويسلُك طرُقًا غيرَ صحيحة.
ولذلك؛ أنا أنصحكم الآن ألاَّ تجعلوا الحقَّ مقيَّدًا بالرِّجال؛ الرجل:
أوَّلاً: ما يَأمَنُ الإنسانُ ـ نسأل الله أن يثبِّتَنا وإيَّاكم ـ، ما يَأمَنُ الزَّلَل والفِتنة.
وثانِيًا: أنَّه سيَمُوت؛ ما في أحد سيبقى "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ".
وثالثاً: أنَّ بني آدم بشَرٌ؛ ربما يغترُّ إذا رأى النَّاس ـ يعني ـ يبجِّلونه، ويُكرِمونَه، ويلتَفُّون حولَه، ربَّما يغتَرُّ ويظُنُّ أنَّه معصومٌ، ويدَّعي لنفسه العِصمة، وأنَّ كلَّ شيءٍ يفعله فهو حقٌّ، وكلُّ طريقٍ يسلُكه فهو مشروعٌ، فيحصُل بذلك الهلاك.
ولهذا امتدَح رجلٌ رجلاً عند النَّبِيِّ ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ فقال: "وَيحَكَ، قَطَعتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ"، أو قال: "ظَهرَ صَاحِبِكَ".
وأنا أشكر الأخ مقدَّمًا ـ وإن لم أسمع ما يقولُه فيَّ ـ على ما يُبدِيه من السُّرور نحوي، وأسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنِّه أو أكثر، ولكن ما أحِبُّ هذا، وأنا أجازيك مجازاةً ـ إن شاء الله تعالى ـ: أسأل الله أن يجزيك عني خيرًا، وأن يُثِيبك".
أدب رفيع من الشيخ ـ رحمه الله ـ، وفي القصة هذه:
ـ أن الشيخ ـ رحمه الله ـ كان محبَّبًا عند طلابه، بل عند الناس أجمعين، وهذا من القبول الذي جعله الله ـ عز وجل ـ له، أسأل الله أن يكون من قول نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبدًا" إلى أن قال: "ثُمَّ يُجعَلُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرضِ".
ـ أن الشيخ ـ رحمه الله ـ متواضع مع طلابه، ويحبهم، وذلك بين في استشارتهم بقراءة القصيدة، وإذنه للطالب بذلك.
ـ أن الشيخ ـ رحمه الله ـ ليس من عادته قراءة القصائد في مدحه أمام الناس، وهذا معلوم في دروسه، خلافا لما عليه بعض الناس؛ من قراءة القصائد في مجالسهم، بل السكوت عما فيها من مخالفات شرعية.
ـ أن الشيخ ـ رحمه الله ـ متواضع يقهر نفسه ـ نحسبه كذلك ـ، ولا يحب أن يمدح أمام الناس، وقد حدثنا الشيخ حسن ـ حفظه الله تعالى ـ أن الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ كان يضع البردة على رأسه وهو يمشي، ويقول: "كسرًا لنفسِي".
ـ أن الشيخ ـ رحمه الله ـ لا يعلق طلابه والناس أجمعين بالأشخاص، بل يعلقهم بالكتاب والسنة، وهذا هو مسلك العلماء قبله.
رحم الله الشيخ ابن عثيمين رحمة واسعة، وأسكننا وإياه فردوسه الأعلى.
كتبه أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ.
تعليق