بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن القيم في كتابه القيم : الوابل الصيب من الكلم الطيب
( الصدقة وآثارها )
( فصل ) وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك مثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده منه هذا أيضا من الكلام الذي برهانه وجوده ودليله ووقوعه فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه .
وقد روى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء ] وكما أنها تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى فهي تطفئ الذنوب والخطايا كما تطفئ الماء النار وفي الترمذي عن معاذ بن جبل قال : [ كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقال ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } ] وفي بعض الآثار : باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة وفي تمثيل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بمن قدم ليضرب عنقه فافتدى نفسه منهم بماله كفاية فإن الصدقة تفدي العبد من عذاب الله تعالى فإن ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه فتجئ الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد [ يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ] وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ] وفي حديث أبي ذر أنه قال : [ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال الإيمان بالله قلت : يا نبي الله مع الإيمان عمل ؟ قال أن ترضخ مما خولك الله أو : ترضخ مما رزق الله قلت : يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قلت : إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ قال فليعن الأخرق قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع ؟ قال فليعن مظلوما قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ؟ ليمسك أذاه عن الناس قلت : يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة ؟ قال ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى أدخلته الجنة ]
ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان قال عمر بن الخطاب : ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة : أنا أفضلكم وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : [ ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد أو جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة أنبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها ]
قال أبو هريرة : فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بإصبعه هكذا في جبته فرأيته يوسعها ولا تسع ولما كان البخيل محبوسا عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير وكان جزاؤه من جنس عمله فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقة من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو
والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } كان عبد الرحمن بن عوف ـ أو سعد بن أبي وقاص ـ يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة : رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي فقيل له : أما تدعو بغير هذه الدعوة فقال : إذا وقيت شح نفسي فقد أفلحت .
( الصدقة وآثارها )
( فصل ) وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك مثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده منه هذا أيضا من الكلام الذي برهانه وجوده ودليله ووقوعه فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه .
وقد روى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء ] وكما أنها تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى فهي تطفئ الذنوب والخطايا كما تطفئ الماء النار وفي الترمذي عن معاذ بن جبل قال : [ كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقال ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } ] وفي بعض الآثار : باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة وفي تمثيل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بمن قدم ليضرب عنقه فافتدى نفسه منهم بماله كفاية فإن الصدقة تفدي العبد من عذاب الله تعالى فإن ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه فتجئ الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد [ يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ] وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ] وفي حديث أبي ذر أنه قال : [ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال الإيمان بالله قلت : يا نبي الله مع الإيمان عمل ؟ قال أن ترضخ مما خولك الله أو : ترضخ مما رزق الله قلت : يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قلت : إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ قال فليعن الأخرق قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع ؟ قال فليعن مظلوما قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ؟ ليمسك أذاه عن الناس قلت : يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة ؟ قال ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى أدخلته الجنة ]
ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان قال عمر بن الخطاب : ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة : أنا أفضلكم وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : [ ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد أو جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة أنبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها ]
قال أبو هريرة : فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بإصبعه هكذا في جبته فرأيته يوسعها ولا تسع ولما كان البخيل محبوسا عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير وكان جزاؤه من جنس عمله فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقة من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو
والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } كان عبد الرحمن بن عوف ـ أو سعد بن أبي وقاص ـ يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة : رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي فقيل له : أما تدعو بغير هذه الدعوة فقال : إذا وقيت شح نفسي فقد أفلحت .