برّ الوالدين ...أين أنت منه يا عبد الله ؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد :
قال تعالى : (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى )) النساء 36
وقال جل وعلا : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) الإسراء
قلت : قرن رب العزة بين التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وبين حقوق الوالدين , وما ذلك إلا لعظم شأن بر الوالدين في الإسلام , يدرك ذلك من عرف أهمية التوحيد وحقيقته , فتأمل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه ! " . قيل : من يا رسول الله ؟! قال : " من أدرك والديه عند الكبر ؛ أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة " . وراه مسلم
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: "الصلاة على وقتها". قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين". قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله"
متفق عليه
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة عاق و لا مدمن خمر و لا مكذب بقدر "
وهو حديث حسن انظر الصحيحة 675
قال الحسن البصري رحمه الله: البر أن تطيعهما في كل ما أمراك به ما لم تكن معصية، والعقوق هجرانهما، وأن تحرمهما خيرك.
وعن معاوية بن جاهمة السلمي قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال: ويحك ! أحية أمك ؟؟ قلت نعم , قال: ارجع فبرّها !, ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال ويحك أحية أمك قلت نعم يا رسول الله قال فارجع إليها فبرها ثم أتيته من أمامه فقلت يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال ويحك أحية أمك قلت نعم يا رسول الله قال : " ويحك الزم رجلها فثم الجنة "
2781 صحيح ابن ماجة للألباني رحمه الله
وصدق القائل :
أَطِعِ الإلَهَ كَمَا أَمَرْ **** وَامْلأْ فُؤادَكَ بِالحَذَرْ
وَأَطِعْ أَبَاكَ فَإِنَّهُ ***** رَبَّاكَ فِي عَهْدِ الصِّغَرْ
وَاخْضَعْ لأُمِّكَ وَارْضِهَا *****فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الكُبَرْ
قال تعالى : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} لقمان: 14
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه و المرأة
المترجلة و الديوث ، و ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه و المدمن الخمر و المنان بما أعطى " .
أخرجه النسائي وأحمد ؛ وحسنه الألباني
عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال " أحيّ والداك ؟ " قال نعم قال : "ففيهما فجاهد"
رواه البخاري والنسائي
وعن سعيد بن أبي بردة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلا في الطواف يحمل أمه وهو يقول : إني لها مطية لا تذعر إذا الركاب نفرت لا تنفر ما حملتني وأرضعتني أكثر الله ربي ذو الجلال الأكبر , تظنني جازيتها يا ابن عمر ؟؟ , قال: "لا , ولا زفرة واحدة !! "
قلت : أي ولا زفرة واحدة من زفراتها أثناء الولادة ! , وقد صحح هذا الأثر الحافظ العسقلاني في الكافي الشافي 167
من تأمل هذه الأحاديث الواضحات , والآيات البينات , علم أن حق الوالدين حق عظيم , وقد قرنه رب العزة والجلال بالتوحيد في غيرما موضع , فاحرص يا من عرفت التوحيد ولزمت المنهج السديد على رضا والديك , ولا تتهاون فإن الأمر خطير والحساب عسير.
والله إن القلب ليحزن عندما نجد رجلا سلفيا - بزعمه ! - ثم نراه ينهر أمه !! أو يتأفف من طلباتها ! , أو يغتابها مع زوجته ليلا نهارا !! , فاتق الله يا عبد الله واعلم أنك موقوف بين يدي الله العزيز الجبار
نسأل الله أن يحيي قلوبنا وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه , فاللهم ارحمنا واعف عنا واجبر كسرنا , وتجاوز عنا بمنك وكرمك
الموضوع الأصلي : برّ الوالدين ...أين أنت منه يا عبد الله ؟