السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم .
يسرني إخوتي في الله و زوار هذا المنتدى الطيب أن أضع بين أيديكم هذا الكنز العظيم وهو : مكتبة ابن تيمية -ابن القيم -وابن الجوزي ، رحمهم الله جميعا ، وهي مكتبة قيمة ومتميزة جدا فأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها.
مؤلفات ابن القيم.
اعلام الموقعين :
خطبة الكتاب :
الحمد لله الذي خلق خلقه أطْوَاراً، وصَرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عِزَّةً واقتداراً، وأرسل الرسل إلى المُكَلَّفين إعذاراً منه وإنذاراً، فأتَمَّ بهم على من اتبع سبيلَهم نعمته السابغة، وأقام بهم على مَنْ خالف مَنَاهجهم حجته البالغة، فنصَبَ الدليلَ، وأنار السبيل، وأزاح العِلَل، وقطع المَعَاذير، وأقام الحُجَّة، وأوضح المَحَجَّة، وقال: هٰذَا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبُلَ، وهؤلاء رسلي مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكونَ للناس على الله حجةٌ بعد الرسل، فعمهم بالدعوة على ألْسِنَةِ رسله حجةً منه وعَدْلاً، وخَصَّ بالهداية مَنْ شاء منهم نعمة وفضلاً، فقِيلَ نعمةَ الهداية مَنْ سبقت له سابقة السعادة وَتَلَقَّاها باليمين، وقال:[ ربِّ أوْزِعْنِي أن أشكر نعمتَكَ التي انعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين]، ورَدَّهَا مَنْ غَلَبَتْ عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأساً بين العالمين، فهذا فضلُه وعَطَاؤه وما كان عطاء ربك مَحْظُوراً ولا فَضْلُه بممنون، وهذا عَدْله وقضاؤه فلا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون.
فسبحان مَنْ أفاض على عباده النعمة، وكَتَبَ على نفسه الرحمة، وأودع الكتابَ الذي كتَبه، أنَّ رحمته تغلب غضبه، وتبارك مَنْ له في كل شيء على ربوبيته ووحدانيته وعلمه وحكمته أعْدَلُ شاهد، ولو لم يكن إلاَّ أنْ فاضَلَ بين عباده في مراتِب الكَمَال حتى عَدَلَ الآلافَ المؤلَّفَةَ منهم بالرجل الواحد، ذلك ليعلم عباده أنه أنزل التوفيقَ مَنَازِلَه، ووضع الفضلَ مواضعه، وأنه يختصُّ برحمته مَنْ يشاء وهو العليم الحكيم، وأن الفضل بِيَدِ الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فصل:
( علماء الأمة على ضربين)
ولما كانت الدعوةُ إلى الله والتبليغ عن رسوله شِعاَر حزبه المُفْلِحين، وأتباعه من العالمين، كما قال- تعالى-: {قُلْ هَذِه سَبِيلِي أدْعُو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني، وسبحان الله، وما أنا من المُشْرِكِينَ} وكان التبليغ عنه من عين تبليغ ألفاظه وما جاء به وتبليغ معانيه كان العلماءُ من أمته منحصرين في قسمين: أحدهما حفاظ الحديث، كلمة واحدة، والقادة الذين هم أئمة الأنام وزوامل الإسلام، الذين حفظوا على الأئمة مَعَاقد الدين وَمَعَاقله، وحَمَوْا من التغيير والتكدير مواردَه وَمناهله، حتى وَرَد مَنْ سَبَقَتْ له من الله الحسنى تلك المناهِلَ صافية من الأدناس لم تَشُبْها الآراء تغييراً، ووردوا فيها عيناً يَشْرَبُ بها عباد الله يفجرونها تفجيراً، وهم الذين قال فيهم الإمام أحمد بن حنبل في خطبته المشهورة في كتابه في الرد على الزنادقة والجهمية: الحمدُ لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم يَدْعُونَ من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذىٰ، يُحْيُونَ بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهلَ العَمَى، فكم من قتيل لإبليس قد أحْيَوْهُ، وكم من ضال تائه قد هَدَوْه، فما أحْسَنَ أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم! يَنْفُون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويَخْدَعُون جُهَّال الناس بما يُشَبهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتنة المُضِلِّينَ.
فصـل:
فقهاء الإسلام ومنزلتهم :
القسم الثاني: فُقَهاء الإسلام، ومَنْ دارت الفُتْيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خُصُّوا باستنباط الأحكام، وعُنُوا بضَبْط قواعد الحلال والحرام؛ فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجةُ الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفْرَضُ عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطِيعُوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فرُدُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً} قال عبد الله بن عباس في إحدى الروايتين عنه و جابرُ بن عبد الله والحسنُ البصري وأبو العالية وعطاء بن أبي رَبَاح والضحاك ومجاهد في إحدى الروايتين عنه: أولو الأمر هم العلماء، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقال أبو هريرة وابن عباس في الرواية الأخرى وزيد بن أسلم والسدي ومُقَاتل: هم الأمراء، وهو الرواية الثانية عن أحمد.
يتبع بإذن الله.
بسم الله الرحمن الرحيم .
يسرني إخوتي في الله و زوار هذا المنتدى الطيب أن أضع بين أيديكم هذا الكنز العظيم وهو : مكتبة ابن تيمية -ابن القيم -وابن الجوزي ، رحمهم الله جميعا ، وهي مكتبة قيمة ومتميزة جدا فأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها.
مؤلفات ابن القيم.
اعلام الموقعين :
خطبة الكتاب :
الحمد لله الذي خلق خلقه أطْوَاراً، وصَرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عِزَّةً واقتداراً، وأرسل الرسل إلى المُكَلَّفين إعذاراً منه وإنذاراً، فأتَمَّ بهم على من اتبع سبيلَهم نعمته السابغة، وأقام بهم على مَنْ خالف مَنَاهجهم حجته البالغة، فنصَبَ الدليلَ، وأنار السبيل، وأزاح العِلَل، وقطع المَعَاذير، وأقام الحُجَّة، وأوضح المَحَجَّة، وقال: هٰذَا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبُلَ، وهؤلاء رسلي مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكونَ للناس على الله حجةٌ بعد الرسل، فعمهم بالدعوة على ألْسِنَةِ رسله حجةً منه وعَدْلاً، وخَصَّ بالهداية مَنْ شاء منهم نعمة وفضلاً، فقِيلَ نعمةَ الهداية مَنْ سبقت له سابقة السعادة وَتَلَقَّاها باليمين، وقال:[ ربِّ أوْزِعْنِي أن أشكر نعمتَكَ التي انعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين]، ورَدَّهَا مَنْ غَلَبَتْ عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأساً بين العالمين، فهذا فضلُه وعَطَاؤه وما كان عطاء ربك مَحْظُوراً ولا فَضْلُه بممنون، وهذا عَدْله وقضاؤه فلا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون.
فسبحان مَنْ أفاض على عباده النعمة، وكَتَبَ على نفسه الرحمة، وأودع الكتابَ الذي كتَبه، أنَّ رحمته تغلب غضبه، وتبارك مَنْ له في كل شيء على ربوبيته ووحدانيته وعلمه وحكمته أعْدَلُ شاهد، ولو لم يكن إلاَّ أنْ فاضَلَ بين عباده في مراتِب الكَمَال حتى عَدَلَ الآلافَ المؤلَّفَةَ منهم بالرجل الواحد، ذلك ليعلم عباده أنه أنزل التوفيقَ مَنَازِلَه، ووضع الفضلَ مواضعه، وأنه يختصُّ برحمته مَنْ يشاء وهو العليم الحكيم، وأن الفضل بِيَدِ الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فصل:
( علماء الأمة على ضربين)
ولما كانت الدعوةُ إلى الله والتبليغ عن رسوله شِعاَر حزبه المُفْلِحين، وأتباعه من العالمين، كما قال- تعالى-: {قُلْ هَذِه سَبِيلِي أدْعُو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني، وسبحان الله، وما أنا من المُشْرِكِينَ} وكان التبليغ عنه من عين تبليغ ألفاظه وما جاء به وتبليغ معانيه كان العلماءُ من أمته منحصرين في قسمين: أحدهما حفاظ الحديث، كلمة واحدة، والقادة الذين هم أئمة الأنام وزوامل الإسلام، الذين حفظوا على الأئمة مَعَاقد الدين وَمَعَاقله، وحَمَوْا من التغيير والتكدير مواردَه وَمناهله، حتى وَرَد مَنْ سَبَقَتْ له من الله الحسنى تلك المناهِلَ صافية من الأدناس لم تَشُبْها الآراء تغييراً، ووردوا فيها عيناً يَشْرَبُ بها عباد الله يفجرونها تفجيراً، وهم الذين قال فيهم الإمام أحمد بن حنبل في خطبته المشهورة في كتابه في الرد على الزنادقة والجهمية: الحمدُ لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم يَدْعُونَ من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذىٰ، يُحْيُونَ بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهلَ العَمَى، فكم من قتيل لإبليس قد أحْيَوْهُ، وكم من ضال تائه قد هَدَوْه، فما أحْسَنَ أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم! يَنْفُون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويَخْدَعُون جُهَّال الناس بما يُشَبهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتنة المُضِلِّينَ.
فصـل:
فقهاء الإسلام ومنزلتهم :
القسم الثاني: فُقَهاء الإسلام، ومَنْ دارت الفُتْيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خُصُّوا باستنباط الأحكام، وعُنُوا بضَبْط قواعد الحلال والحرام؛ فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجةُ الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفْرَضُ عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطِيعُوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فرُدُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً} قال عبد الله بن عباس في إحدى الروايتين عنه و جابرُ بن عبد الله والحسنُ البصري وأبو العالية وعطاء بن أبي رَبَاح والضحاك ومجاهد في إحدى الروايتين عنه: أولو الأمر هم العلماء، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقال أبو هريرة وابن عباس في الرواية الأخرى وزيد بن أسلم والسدي ومُقَاتل: هم الأمراء، وهو الرواية الثانية عن أحمد.
يتبع بإذن الله.
تعليق