التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنج السلفي .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، و من يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما.
{ يا أيها الذيــن آمنــوا اتقــوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون } سورة آل عمران آية 102.
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلــق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا سورة النساء آية 1.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا*يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيماالأحزاب آيـة50/51.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه و سلم- و شــر الأمــور محدثاتها و كل محدثة بدعة -وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النــار.
الصفحة [2]
المقدمة:
لقد كنت – أول من أنكر على العيد شريفي طعنه وتنقيصه في العلماء؛ وعلى رأسهم الشيخ محمد بن صالح بن عتيمين، والشيخ ابن باز رحمهما الله ، يوم أن جالسته في بيته وسمعته يقول: إن الشيخ العتيمين وتلامذته منهجهم منهج إخواني ،وأن الشيخ ابن باز لا يلتف حوله إلا الإخوان ومنهم توحيد المصري، وأنهما لا يعرفان واقع الجماعات، ولا يفهمان المنهج، وكان متكئا على بساط واضعا رجله على الأخرى يلعب بقلنسوته –كعادته في جلوسه دون أدب – فجثا على ركبتيه ورفع سبابته إلى السماء وأقسم بالله على ذلك مؤكدا مقولته. فلما أنكرت عليه ،ونقلتها لبعض طلبة العلم ، تلقفها بعض العوام وحرفوا تلك الجملة كما نقلتها عنه، وجعلوا بدلها: أني نقلت عنه أنه يقول : أن الشيخ العتيمين من الإخوان ، فأنكر أن يكون قال ذلك، ولما بلغني ذلك قلت: صحيح أنه ما قال أن الشيخ العتيمين من الإخوان، وما زلت أبرؤه من ذلك حتى كتابة هذه السطور ولكنه قال : أن الشيخ العتيمين وتلامذته منهجهم منهج إخواني، وأنه لا يعرف واقع الجماعات ، ولا يعرج على المنهج لا من بعيد ولا من قريب ،وإذا قال ذلك فالنتيجة أنه من الإخوان إذا كان منهجه منهج الإخوان ، فاتُهِمتُ بذلك أنني أكذب عليه، وبسبب ذلك ،وما حصل بيني وبينه في مسألة ""اشترط أهل المريض الشفاء على الراقي ليأخذ الجعل على الرقية "" أطلق للسانه العنان وتكلم في دون ورع ولا بيان، حيث رماني بأشياء كغيري من الدعاة وطلبة العلم الذين طالهم بلسانه ظلما وزورا ، والله يعلم أني وكثير من إخواني برءاء منها ، فقمت بكتابة رسالة سميتها [[ التنبيه السلفي لما حصل بيني وبين العيد شريفي]] وطالبته فيها بالمباهلة ولكنه رفض...وقد زرت عددا من الدعاة وطلبة العلم في الجزائر العاصمة بعدما انتهيت من تأليفها، منهم الأخ عبد المجيد جمعة ، والأخ لزهر سنيقرة ، والأخ عز الدين رمضاني ، والأخ الشيخ محمد علي فركوس ، وسلمت لهم نسخا منها، وأخبرتهم بما يقول الرجل في الشيخين ، وطلبت من بعضهم أن نجتمع به ، وأن يناقشوه في المٍسألة ، فلم أجد استجابة من أحدهم ، ورجعت وفي نفسي صدمة عنيفة بسبب خيبة الأمل التي وجدتها من ردود فعلهم .
الصفحة [3]
وقد كنت كتبت هذه الرسالة في سنة 1423هـ الموافق 2002 م ، بعد الرسالة الأولى المشار إليها آنفا ، ثم قمت بطبعها وتوزيعها ،فانهالت علي قذائف الشتم والسب من كل مكان من أتباعه ،وكانت فتنته قائمة على أوجها ، مما زادني غما وحزنا جعلني انطوي على نفسي ...
ولقد عانيت من أتباعه المتعصبين له الكثير، كما عانه غيري، فهم لا يقبلون الكلام فيه ، فلما تكلم فيه من تكلم من العلماء دافعوا عنه بالباطل حتى وصل الحد ببعضهم إلى تهديد كل من تسول له نفسه أن ينقل فيه شيئا من كلام العلماء بالضرب ، ولما تكلم هو في بعض الناس من العلماء وطلبة العلم بالباطل ، والبهتان ،والظلم ، وحتى بالكذب والكلام البذيء ؛قبلوا كلامه مسلما ، وأسقطوا المتكلم فيه، فهذا شريط للشيخ ربيع - حامل لواء الجرح والتعديل- يصفه فيه بأنه ليس أهلا للكلام في الناس ، ومع ذلك ما قبلوا ذلك منه ، وجاءوا يعتذرون .. ألا قاتل الله التعصب الأعمى ، وأعمى الله بصائر المتعصبين ..
وبعد مدة هاهو الحق يظهر جليا ويسجل بصوته ما كنت نقلته عنه بل أكثر من ذلك فتعرض إلى الصحابة بالتنقيص من قدر بعضهم ، كما تعرض لعِرضِ الشيخ بن باز، وإلى الشيخ العثيمين وانتقص من قدرهما، وأصبح يتعرض إلى كل من يخالفه ،أو يتكلم فيه ، انتصارا وانتقاما للنفس ، وما ذكرت في هذه الرسالة فهو فيض من غيض ، وهو مأخوذ بصوته ، من بعض الأشرطة التي أعطانيها الأخ طارق صحاب مجالس الهدى ، ومن غيرها من الأشرطة التي كان يسجلها أتباعه في جلساته ،وما تركت أكثر ولو تتبع أحد طلبة العلم أشرطته لأخرج منها العجب العجاب من القذف ، والسب ، والوقوع في العلماء ، والدعاة ، وطلبة العلام ،والكلام البذيء الذي يتنزه عنه عامة الناس فضلا عن طالب علم ، فضلا عن داعية يدعي أنه عالم وأنه فريد زمانه في بلاده ..وأنه حامي السلفية وربها ..
الصفحة [4]
هذه بعض أخطاء العيد شريفي في العقيدة والمنهج مستقاة من الأشرطة الأخيرة التي رد فيها أهل العلم عليه، ولكنهم لم يفصلوا الجواب فيها، ونحن نسوق التفصيل لبعضها للمتعصبين له على حد قول القائل-1 - :"معزة ولو طارت" بمعنى يتعصبون له إلى حد التقديس، فلما يخطئ العيد أخطاء كبيرة في أصل الدين في العقيدة والمنهج يبحثون له عن الأعذار التي قد تكون أقبح من ذنب، والتأويلات الفاسدة بنوع من الحيل والمراوغات، أما حين يخطئ غيره خطأ مستساغا بمعنى في مسألة اجتهادية أو خطأ في السلوك، لا يقبلون منه حتى لو اعتذر بأدلة كالشمس في رائعة النهار، ولا يقبلون منه التوبة والرجوع حتى لو تاب ألف مرة، ما لم يكن معهم على منهجهم الفاسد، فلا حول ولا قوة إلا بالله من هذا التقديس الذي فاق تقديس الصوفية الذين يقولون: من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان، وتقديس الحزبيين الذين يستميتون الدفاع عن شيوخهم بالباطل ،وأسوقها كذلك إلى العقلاء الفضلاء أتباع الحق ليزدادوا بصيرة في هذا الرجل الذي عاث في المنهج السلفي فسادا، فالرجل وإن كنّا لا نجحد جهوده السابقة في الدعوة إلى الإسلام، فإنه اغتر وأخذه العجب بالنفس، وتجبر وتكبر بالطغيان العلمي؛ فكان طغيانه العلمي وبالا على الدعوة السلفية الصحيحة ، وصدق من قال : كم من ملِكٍ وضعت له علامات، فلما على وتجبر سقط فمات.وهكذا نهاية كل طاغ ، باغ ، وإن دعوة المظلوم لا تذهب هباء.
وحتى لا أطيل عليك أخي القارئ أتترك مع أخطائه التي أخذتها مسجلة بصوته، ولعلك سمعتها ولم يسعك فهمها أو استيعابها فإليكها بشيء من التفصيل العلمي.مع العلم أن هذه الرسالة هي الجزء الـثاني لرسالتي الأولى بعنوان << التنبيه الـسلفي لما حصل بيـني وبين العيد شريفي >> وقد غيرت عنوان هذا الجزء إلى << التعليق الكافي الشافي على أخطاء العيد شريفي>> وقمت بترتيبها الأهم فالمهم بادئا بالعقيدة ، لأنه من انحرفت عقيدته عن عقيدة السلف فهو الضال الهالك ، إن لم يتداركه الله برحمته فيتوب ويرجع إلى معتقد الفرقة الناجية ، والطائفة المنصورية المرضية .
هذا؛ والله أسأل أن يوفقنا وإخواننا الذين بغوا علينا إلى الرجوع إلى الحق، وقبوله ممن جاءنا به مهما كان في كل زمان ومكان، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.والاقتصاد في السنة
خير من الاجتهاد في البدعة.
اللهم اشهد إني ما قصدت الانتقام لنفسي ، وإنما بيانا للحق ، الذي جانبه عبدك العيد ، ودفاعا عن خيار الأمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعراض علمائها الأفاضل ، الذين تعرض لهم بالسوء ، وغمزهم بسقيم الفهم ، وهذا جور وظلم ، اللّهم اقتص منه لهم ، وتب عليه مما به رماهم ،وأرجعه إلى جادة الصواب ، إلى حظيرة السنة والكتاب ،على مراد الله ورسوله وفهم الأصحاب .
وصلى اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وعنا معهم إلى يوم الدين .
وكتب : محب العلم والإنصاف على طريقة صالح الأسلاف
أبو بكر يوسف لعويسي
29/07 /1423هـ الموافق :05/10/ 2002
الصفحة [5]
أخطاؤه في العقيدة:
1-دعوته إلى تجديد توحيد الربـوبية :
نقول هذا خطأ في الدعوة، وخطأ في الشيء المدعو إليه" العقيدة" .
أما خطأه في العقيدة فهو دعوته إلى تجديد توحيد الربوبية؛ وهذه عقيدة أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية فإن غاية التوحيد عندهم هو توحيد الربوبية.
قال الطحاوي رحمه الله [1 ] :وهو يتكلم على أنواع التوحيد الثلاثة:وأما الثاني : وهو توحيد الربوبية :كالإقرار بأنه خالق كل شيء وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال وهذا التوحيد حق لا ريب فيه، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية.
قلت : ويقصد بأهل النظر والكلام الأشاعرة ، والماتريدية، والجهمية، والمعتزلة ،والفلاسفة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [2] وهو يتكلم عن معاني ودلائل توحيد الربوبية : وهذه المعاني تدل على توحيد الربوبية، وعلى توحيد الألوهية وهو التوحيد الواجب الكامل، الذي جاء به القرآن لوجوه قد ذكرنا منها في غير هذا الموضوع … إلى أن قال : فإثبات الإلهية يوجب إثبات الربوبية ، ونفي الربوبية يوجب نفي الإلهية، إذا الإلهية هي الغاية؛ وهي مستلزمة للبداية كاستلزام العلة الغائية للفاعلية … إلى أن قال : ولكن المتكلمون إنما انتصبوا لإقامة المقاييس العقلية على توحيد الربوبية ، وهذا مما لم ينازع في أصله أحد من بني آدم …
إذن فالرجل يدندن حول عقيدة فاسدة، عقيدة أهل النظر وعلم الكلام والتصوف من الفرق الضالة. ثم نقول له: هب أن الدعوة إلى تجديد توحيد الربوبية هو المطلوب في هذا العصر فما فائدة الدعوة إليه ؟ والدعوة إليه تعتبر تحصيل حاصل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى:ما فائدة تحصيله ؟ وتحصيله والإقرار به لا ينفع صاحبه ولا يكون موحدا.
--------------------
1- العقيدة الطحاوية [1/25] د.عبد المحسن التركي.
2 – مجموع الفتاوى [2/37]
الصفحة [6]
والجواب على هذين السؤالين : أن يقال أن الرجل إما أنه لم يهضم التوحيد الصحيح،مع دراسته في بلاد التوحيد ، وإما أنه يرى أن الناس المدعوين قد أشركوا في توحيد الربوبية المستقر في فطرهم، يريد أن يدعوهم إليه حتى يحققوه؛ ليحققوا به توحيد العبادة، أو أنهم نفوا توحيد الربوبية المستلزم لنفي توحيد الألوهية، فهو يدعوهم إلى إثبات توحيد الربوبية الذي نفوه ،ولا يعلم أن في بلادنا من نفاه، هذالم يقل به أحد من السلف، بل هو مخالف لسبيلهم.
ويقال له أيضا : إن الله تعالى لما ذكر وكرر توحيد الربوبية في القرآن، فإنما ذكره على سبيل الإلزام للمشركين الذين أقروا بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات حتى يُلزمهم بأن يؤمنوا بتوحيد الألوهية كما آمنوا بتوحيد الربوبية، ولم يذكره من أجل الدعوة إليه لأنهم يقرون به، فلو كان كذلك لكان تحصيل حاصل ولا يقول به عاقل.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله [1]: وهذا النوع الذي أقر به المشركون هو توحيد الربوبية، وهو توحيد الله بأفعاله من خلق ورزق وإحياء وإماتة وغير ذلك من أفعاله كما سبق، وهو حجة عليهم في إنكارهم توحيد الله بالعبادة لأنه يستلزمه، ويدل عليه ويوجبه فلهذا أقام الله عليهم الحجة بهذا الإقرار فقال :" فقل أفلا تتقون" " أفلا تعقلون" " أفلا تذكرون" فتوحدونه في العبادة كما وحدتموه في الربوبية.
فإذا كان أهل الشرك أقروا بهذا النوع من التوحيد؛ ولم ينفعهم بل أباح دمائهم وأعراضهم فهل ينفع من حققه اليوم بدعوتك إلى تحقيقه أيها الشيخ؟ فإنه لم يعرف عن أحد أنه أنكر هذا التوحيد حتى فرعون الذي ادعى الربوبية؛ وقال أنا ربكم الأعلى، كان يقر في نفسه بأنه لا خالق ولا رازق ولا محي ولا مميت إلا الله قال الله تعالى: مخبرا عن موسى أنه قال لفرعون { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر} وقال فيه وفي قومه:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا }.
--------------------
1 مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة (ص36-37) طبع ونشر الرئاسة العامة الإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الطبعة الأولى 1408هـ /1987).
الصفحة [7]
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (1) وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات كما قالت الرسل عليهم السلام فيما حكى الله عنهم: {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع فرعون، وقد كان مستيقنا في الباطن، كما قال له موسى عليه السلام:{لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر}وقال تعالى عنه وعن قومه:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}. ولهذا قال:" وما رب العالمين "؟ على وجه الإنكار له،و تجاهل العارف. قال له موسى: {رب السماوات والأرض إن كنتم موقنين" .قال لمن حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين " قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [2]وليس المراد بالتوحيد مجرد الربوبية وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد اثبتوا غاية التوحيد، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحدا حتى يشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، والإله هو المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، وليس هو الإله بمعنى القادر على الاختراع، فإذا فسر المفسر "الإله" بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي يقولونه عن- أبي لحسن وأتباعه- لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم .فإن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا النوع من التوحيد.
--------------------
1العقيدة الطحاوية [1/25/26]
2 – فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [12].
الصفحة [8]
خطأه في دعوته هذه :
أما خطأه في دعوته هذه، فقد خالف بها دعوة الرسل الذين جاءوا كلهم بالدعوة إلى توحيد الله في العبادة قال سبحانه :{ وما أرسلنا قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} قال ابن عباس : كل آية جاء فيها فاعبدون معناه فوحدون.
قال الشيخ العتيمين رحمه الله [1]:وأنواع التوحيد ثلاثة :
الأول : توحيد الربوبية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق والملك والتدبير قال الله عز وجل : { الله خالق كل شيء } وقال تعالى:{ هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا الله هو} .
قال تعالى:{تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير} وقال تعالى:{ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}.
الثاني: توحيـد الألوهية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحدا يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه.
الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بإثبات ما أثبته ونفي ما نفاه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ومراد المؤلف هنا توحيد الألوهية وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبي نساءهم وذريتهم، وأكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد قال تعالى:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله}فالعبادة لا تصح إلا لله عز وجل. ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات.
--------------------
1 – شرح الأصول الثلاثة ، للشيخ العثيمين رحمه الله [ص34].
الصفحة [9]
وقال سيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :[1]التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الألوهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا الله : لا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالى إلا له، ولا يعادى إلا فيه، ولا يعمل إلا لأجله وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات.
قال تعالى :{{ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}} وقال تعالى: {{وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون}} وأخبر عن كل نبي من الأنبياء أنهم دعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له (2 ) وقال سبحانه : {{قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم، إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده }}.
وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية . وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم ؛ كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف ، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد ، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحق الرب تعالى من الصفات ، ونزهه عن كل ما ينزه عنه ، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء ، لم يكن موحدا حتى يشهد أن إله إلا الله وحده ، فيقر بأن الله وحده الإله المستحق للعبادة .
ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في شرحه لكتاب التوحيد[3]: توحيد الألوهية المبني على الإخلاص التأله لله تعالى من المحبة والخوف، والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والدعاء لله وحده، وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا الله فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة والخشية والإجلال والتعظيم وجميع أنواع العبادة ولأجل هذا التوحيد خلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة، وأشقياء أهل النار.
--------------------
1 – منقول من كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ، تحقيق حامد الفقي [ص12].
2- أنظر كيف جعل دعوة الرسل هي الدعوة إلى توحيد الألوهية وهي عبادة الله وحده لا شريك له .
3 - تيسير العزيز الحميد [20].
الصفحة [10]
قال تعالى:{{ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}} فهذا أول أمر في القرآن وقال تعالى:{{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}}فهذا دعوة أول رسول بعد حدوث الشرك وقال هود لقومه:{{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}} وقال صالح لقومه: {{اعبدوا الله ما لكم إله غيره}}.
وقال إبراهيم عليه السلام لقومه:{{ إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين }} وقال تعالى:{{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}}.
وقال تعالى:{{ وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون}} وقال هرقل لأبي سفيان لما سأله عن النبي j ما يقول لكم ؟ قال :>> يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم << رواه البخاري. وقال النبي j لمعاذ:<< إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله..>> وفي رواية :<< أن يوحدوا الله >> }رواه الشيخان .وهذا التوحيد هو أول واجب على المكلف، لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك في الله كما هي أقوال من لم يدر ما بعث الله به رسوله من معاني الكتاب والحكمة، فهو أول واجب وآخر واجب وأول ما يدخل به الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا.
وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الإفصاح وأبدأ فيه وأعاد وضرب لذلك الأمثال بحيث أن كل سورة من القرآن ففيها الدلالة على هذا التوحيد ويسمى هذا النوع[ توحيد الألوهية] لأنه مبني على إخلاص التآله؛ وهو أشد المحبة لله وحده .ثم ذكر بعض الآيات التي تدل على ذلك ثم عقبها بقوله : فكل هذه السور في الدعاء إلى هذا النوع من التوحيد والأمر به، والجواب عن الشبهات والمعارضات وذكر ما أعد الله لأهله من النعيم المقيم وما أعد لمن خالفه من العذاب الأليم وكل سورة في القرآن بل كل آية في القرآن فهي داعية إلى هذا التوحيد شاهدة به. متضمنة له.
قلت: هذه دعوة أول الرسل وآخرهم، وهي الدعوة إلى توحيد الألوهية ، وهذه الآيات التي ذكرها أهل العلم ومما لم يذكروها كلها تدل على الدعوة إلى توحيد العبودية وهو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهذا أول واجب على المكلف وآخر واجب ، مع ذلك نجد العيد شريفي يخالف دعوة الرسل ودعوة القرآن ويزعم أنه يجب أن نركز في الدعوة اليوم إلى تجديد توحيد الربوبية، فهو مخالف لمنهج القرآن مخالف لمنهج الأنبياء مخالف لمنهج رسولنا وصاحبته الكرام أهل العلم والإيمان ،مخالف لمنهج السلف الصالح بالحجة والبرهان.
يتبع إن شاء الله ... الجزء الثاني ، والثالث ...
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، و من يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما.
{ يا أيها الذيــن آمنــوا اتقــوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون } سورة آل عمران آية 102.
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلــق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا سورة النساء آية 1.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا*يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيماالأحزاب آيـة50/51.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه و سلم- و شــر الأمــور محدثاتها و كل محدثة بدعة -وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النــار.
الصفحة [2]
المقدمة:
لقد كنت – أول من أنكر على العيد شريفي طعنه وتنقيصه في العلماء؛ وعلى رأسهم الشيخ محمد بن صالح بن عتيمين، والشيخ ابن باز رحمهما الله ، يوم أن جالسته في بيته وسمعته يقول: إن الشيخ العتيمين وتلامذته منهجهم منهج إخواني ،وأن الشيخ ابن باز لا يلتف حوله إلا الإخوان ومنهم توحيد المصري، وأنهما لا يعرفان واقع الجماعات، ولا يفهمان المنهج، وكان متكئا على بساط واضعا رجله على الأخرى يلعب بقلنسوته –كعادته في جلوسه دون أدب – فجثا على ركبتيه ورفع سبابته إلى السماء وأقسم بالله على ذلك مؤكدا مقولته. فلما أنكرت عليه ،ونقلتها لبعض طلبة العلم ، تلقفها بعض العوام وحرفوا تلك الجملة كما نقلتها عنه، وجعلوا بدلها: أني نقلت عنه أنه يقول : أن الشيخ العتيمين من الإخوان ، فأنكر أن يكون قال ذلك، ولما بلغني ذلك قلت: صحيح أنه ما قال أن الشيخ العتيمين من الإخوان، وما زلت أبرؤه من ذلك حتى كتابة هذه السطور ولكنه قال : أن الشيخ العتيمين وتلامذته منهجهم منهج إخواني، وأنه لا يعرف واقع الجماعات ، ولا يعرج على المنهج لا من بعيد ولا من قريب ،وإذا قال ذلك فالنتيجة أنه من الإخوان إذا كان منهجه منهج الإخوان ، فاتُهِمتُ بذلك أنني أكذب عليه، وبسبب ذلك ،وما حصل بيني وبينه في مسألة ""اشترط أهل المريض الشفاء على الراقي ليأخذ الجعل على الرقية "" أطلق للسانه العنان وتكلم في دون ورع ولا بيان، حيث رماني بأشياء كغيري من الدعاة وطلبة العلم الذين طالهم بلسانه ظلما وزورا ، والله يعلم أني وكثير من إخواني برءاء منها ، فقمت بكتابة رسالة سميتها [[ التنبيه السلفي لما حصل بيني وبين العيد شريفي]] وطالبته فيها بالمباهلة ولكنه رفض...وقد زرت عددا من الدعاة وطلبة العلم في الجزائر العاصمة بعدما انتهيت من تأليفها، منهم الأخ عبد المجيد جمعة ، والأخ لزهر سنيقرة ، والأخ عز الدين رمضاني ، والأخ الشيخ محمد علي فركوس ، وسلمت لهم نسخا منها، وأخبرتهم بما يقول الرجل في الشيخين ، وطلبت من بعضهم أن نجتمع به ، وأن يناقشوه في المٍسألة ، فلم أجد استجابة من أحدهم ، ورجعت وفي نفسي صدمة عنيفة بسبب خيبة الأمل التي وجدتها من ردود فعلهم .
الصفحة [3]
وقد كنت كتبت هذه الرسالة في سنة 1423هـ الموافق 2002 م ، بعد الرسالة الأولى المشار إليها آنفا ، ثم قمت بطبعها وتوزيعها ،فانهالت علي قذائف الشتم والسب من كل مكان من أتباعه ،وكانت فتنته قائمة على أوجها ، مما زادني غما وحزنا جعلني انطوي على نفسي ...
ولقد عانيت من أتباعه المتعصبين له الكثير، كما عانه غيري، فهم لا يقبلون الكلام فيه ، فلما تكلم فيه من تكلم من العلماء دافعوا عنه بالباطل حتى وصل الحد ببعضهم إلى تهديد كل من تسول له نفسه أن ينقل فيه شيئا من كلام العلماء بالضرب ، ولما تكلم هو في بعض الناس من العلماء وطلبة العلم بالباطل ، والبهتان ،والظلم ، وحتى بالكذب والكلام البذيء ؛قبلوا كلامه مسلما ، وأسقطوا المتكلم فيه، فهذا شريط للشيخ ربيع - حامل لواء الجرح والتعديل- يصفه فيه بأنه ليس أهلا للكلام في الناس ، ومع ذلك ما قبلوا ذلك منه ، وجاءوا يعتذرون .. ألا قاتل الله التعصب الأعمى ، وأعمى الله بصائر المتعصبين ..
وبعد مدة هاهو الحق يظهر جليا ويسجل بصوته ما كنت نقلته عنه بل أكثر من ذلك فتعرض إلى الصحابة بالتنقيص من قدر بعضهم ، كما تعرض لعِرضِ الشيخ بن باز، وإلى الشيخ العثيمين وانتقص من قدرهما، وأصبح يتعرض إلى كل من يخالفه ،أو يتكلم فيه ، انتصارا وانتقاما للنفس ، وما ذكرت في هذه الرسالة فهو فيض من غيض ، وهو مأخوذ بصوته ، من بعض الأشرطة التي أعطانيها الأخ طارق صحاب مجالس الهدى ، ومن غيرها من الأشرطة التي كان يسجلها أتباعه في جلساته ،وما تركت أكثر ولو تتبع أحد طلبة العلم أشرطته لأخرج منها العجب العجاب من القذف ، والسب ، والوقوع في العلماء ، والدعاة ، وطلبة العلام ،والكلام البذيء الذي يتنزه عنه عامة الناس فضلا عن طالب علم ، فضلا عن داعية يدعي أنه عالم وأنه فريد زمانه في بلاده ..وأنه حامي السلفية وربها ..
الصفحة [4]
هذه بعض أخطاء العيد شريفي في العقيدة والمنهج مستقاة من الأشرطة الأخيرة التي رد فيها أهل العلم عليه، ولكنهم لم يفصلوا الجواب فيها، ونحن نسوق التفصيل لبعضها للمتعصبين له على حد قول القائل-1 - :"معزة ولو طارت" بمعنى يتعصبون له إلى حد التقديس، فلما يخطئ العيد أخطاء كبيرة في أصل الدين في العقيدة والمنهج يبحثون له عن الأعذار التي قد تكون أقبح من ذنب، والتأويلات الفاسدة بنوع من الحيل والمراوغات، أما حين يخطئ غيره خطأ مستساغا بمعنى في مسألة اجتهادية أو خطأ في السلوك، لا يقبلون منه حتى لو اعتذر بأدلة كالشمس في رائعة النهار، ولا يقبلون منه التوبة والرجوع حتى لو تاب ألف مرة، ما لم يكن معهم على منهجهم الفاسد، فلا حول ولا قوة إلا بالله من هذا التقديس الذي فاق تقديس الصوفية الذين يقولون: من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان، وتقديس الحزبيين الذين يستميتون الدفاع عن شيوخهم بالباطل ،وأسوقها كذلك إلى العقلاء الفضلاء أتباع الحق ليزدادوا بصيرة في هذا الرجل الذي عاث في المنهج السلفي فسادا، فالرجل وإن كنّا لا نجحد جهوده السابقة في الدعوة إلى الإسلام، فإنه اغتر وأخذه العجب بالنفس، وتجبر وتكبر بالطغيان العلمي؛ فكان طغيانه العلمي وبالا على الدعوة السلفية الصحيحة ، وصدق من قال : كم من ملِكٍ وضعت له علامات، فلما على وتجبر سقط فمات.وهكذا نهاية كل طاغ ، باغ ، وإن دعوة المظلوم لا تذهب هباء.
وحتى لا أطيل عليك أخي القارئ أتترك مع أخطائه التي أخذتها مسجلة بصوته، ولعلك سمعتها ولم يسعك فهمها أو استيعابها فإليكها بشيء من التفصيل العلمي.مع العلم أن هذه الرسالة هي الجزء الـثاني لرسالتي الأولى بعنوان << التنبيه الـسلفي لما حصل بيـني وبين العيد شريفي >> وقد غيرت عنوان هذا الجزء إلى << التعليق الكافي الشافي على أخطاء العيد شريفي>> وقمت بترتيبها الأهم فالمهم بادئا بالعقيدة ، لأنه من انحرفت عقيدته عن عقيدة السلف فهو الضال الهالك ، إن لم يتداركه الله برحمته فيتوب ويرجع إلى معتقد الفرقة الناجية ، والطائفة المنصورية المرضية .
هذا؛ والله أسأل أن يوفقنا وإخواننا الذين بغوا علينا إلى الرجوع إلى الحق، وقبوله ممن جاءنا به مهما كان في كل زمان ومكان، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.والاقتصاد في السنة
خير من الاجتهاد في البدعة.
اللهم اشهد إني ما قصدت الانتقام لنفسي ، وإنما بيانا للحق ، الذي جانبه عبدك العيد ، ودفاعا عن خيار الأمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعراض علمائها الأفاضل ، الذين تعرض لهم بالسوء ، وغمزهم بسقيم الفهم ، وهذا جور وظلم ، اللّهم اقتص منه لهم ، وتب عليه مما به رماهم ،وأرجعه إلى جادة الصواب ، إلى حظيرة السنة والكتاب ،على مراد الله ورسوله وفهم الأصحاب .
وصلى اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وعنا معهم إلى يوم الدين .
وكتب : محب العلم والإنصاف على طريقة صالح الأسلاف
أبو بكر يوسف لعويسي
29/07 /1423هـ الموافق :05/10/ 2002
الصفحة [5]
أخطاؤه في العقيدة:
1-دعوته إلى تجديد توحيد الربـوبية :
نقول هذا خطأ في الدعوة، وخطأ في الشيء المدعو إليه" العقيدة" .
أما خطأه في العقيدة فهو دعوته إلى تجديد توحيد الربوبية؛ وهذه عقيدة أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية فإن غاية التوحيد عندهم هو توحيد الربوبية.
قال الطحاوي رحمه الله [1 ] :وهو يتكلم على أنواع التوحيد الثلاثة:وأما الثاني : وهو توحيد الربوبية :كالإقرار بأنه خالق كل شيء وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال وهذا التوحيد حق لا ريب فيه، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية.
قلت : ويقصد بأهل النظر والكلام الأشاعرة ، والماتريدية، والجهمية، والمعتزلة ،والفلاسفة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [2] وهو يتكلم عن معاني ودلائل توحيد الربوبية : وهذه المعاني تدل على توحيد الربوبية، وعلى توحيد الألوهية وهو التوحيد الواجب الكامل، الذي جاء به القرآن لوجوه قد ذكرنا منها في غير هذا الموضوع … إلى أن قال : فإثبات الإلهية يوجب إثبات الربوبية ، ونفي الربوبية يوجب نفي الإلهية، إذا الإلهية هي الغاية؛ وهي مستلزمة للبداية كاستلزام العلة الغائية للفاعلية … إلى أن قال : ولكن المتكلمون إنما انتصبوا لإقامة المقاييس العقلية على توحيد الربوبية ، وهذا مما لم ينازع في أصله أحد من بني آدم …
إذن فالرجل يدندن حول عقيدة فاسدة، عقيدة أهل النظر وعلم الكلام والتصوف من الفرق الضالة. ثم نقول له: هب أن الدعوة إلى تجديد توحيد الربوبية هو المطلوب في هذا العصر فما فائدة الدعوة إليه ؟ والدعوة إليه تعتبر تحصيل حاصل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى:ما فائدة تحصيله ؟ وتحصيله والإقرار به لا ينفع صاحبه ولا يكون موحدا.
--------------------
1- العقيدة الطحاوية [1/25] د.عبد المحسن التركي.
2 – مجموع الفتاوى [2/37]
الصفحة [6]
والجواب على هذين السؤالين : أن يقال أن الرجل إما أنه لم يهضم التوحيد الصحيح،مع دراسته في بلاد التوحيد ، وإما أنه يرى أن الناس المدعوين قد أشركوا في توحيد الربوبية المستقر في فطرهم، يريد أن يدعوهم إليه حتى يحققوه؛ ليحققوا به توحيد العبادة، أو أنهم نفوا توحيد الربوبية المستلزم لنفي توحيد الألوهية، فهو يدعوهم إلى إثبات توحيد الربوبية الذي نفوه ،ولا يعلم أن في بلادنا من نفاه، هذالم يقل به أحد من السلف، بل هو مخالف لسبيلهم.
ويقال له أيضا : إن الله تعالى لما ذكر وكرر توحيد الربوبية في القرآن، فإنما ذكره على سبيل الإلزام للمشركين الذين أقروا بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات حتى يُلزمهم بأن يؤمنوا بتوحيد الألوهية كما آمنوا بتوحيد الربوبية، ولم يذكره من أجل الدعوة إليه لأنهم يقرون به، فلو كان كذلك لكان تحصيل حاصل ولا يقول به عاقل.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله [1]: وهذا النوع الذي أقر به المشركون هو توحيد الربوبية، وهو توحيد الله بأفعاله من خلق ورزق وإحياء وإماتة وغير ذلك من أفعاله كما سبق، وهو حجة عليهم في إنكارهم توحيد الله بالعبادة لأنه يستلزمه، ويدل عليه ويوجبه فلهذا أقام الله عليهم الحجة بهذا الإقرار فقال :" فقل أفلا تتقون" " أفلا تعقلون" " أفلا تذكرون" فتوحدونه في العبادة كما وحدتموه في الربوبية.
فإذا كان أهل الشرك أقروا بهذا النوع من التوحيد؛ ولم ينفعهم بل أباح دمائهم وأعراضهم فهل ينفع من حققه اليوم بدعوتك إلى تحقيقه أيها الشيخ؟ فإنه لم يعرف عن أحد أنه أنكر هذا التوحيد حتى فرعون الذي ادعى الربوبية؛ وقال أنا ربكم الأعلى، كان يقر في نفسه بأنه لا خالق ولا رازق ولا محي ولا مميت إلا الله قال الله تعالى: مخبرا عن موسى أنه قال لفرعون { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر} وقال فيه وفي قومه:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا }.
--------------------
1 مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة (ص36-37) طبع ونشر الرئاسة العامة الإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الطبعة الأولى 1408هـ /1987).
الصفحة [7]
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (1) وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات كما قالت الرسل عليهم السلام فيما حكى الله عنهم: {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع فرعون، وقد كان مستيقنا في الباطن، كما قال له موسى عليه السلام:{لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر}وقال تعالى عنه وعن قومه:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}. ولهذا قال:" وما رب العالمين "؟ على وجه الإنكار له،و تجاهل العارف. قال له موسى: {رب السماوات والأرض إن كنتم موقنين" .قال لمن حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين " قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [2]وليس المراد بالتوحيد مجرد الربوبية وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد اثبتوا غاية التوحيد، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحدا حتى يشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، والإله هو المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، وليس هو الإله بمعنى القادر على الاختراع، فإذا فسر المفسر "الإله" بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي يقولونه عن- أبي لحسن وأتباعه- لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم .فإن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا النوع من التوحيد.
--------------------
1العقيدة الطحاوية [1/25/26]
2 – فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [12].
الصفحة [8]
خطأه في دعوته هذه :
أما خطأه في دعوته هذه، فقد خالف بها دعوة الرسل الذين جاءوا كلهم بالدعوة إلى توحيد الله في العبادة قال سبحانه :{ وما أرسلنا قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} قال ابن عباس : كل آية جاء فيها فاعبدون معناه فوحدون.
قال الشيخ العتيمين رحمه الله [1]:وأنواع التوحيد ثلاثة :
الأول : توحيد الربوبية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق والملك والتدبير قال الله عز وجل : { الله خالق كل شيء } وقال تعالى:{ هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا الله هو} .
قال تعالى:{تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير} وقال تعالى:{ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}.
الثاني: توحيـد الألوهية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحدا يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه.
الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بإثبات ما أثبته ونفي ما نفاه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ومراد المؤلف هنا توحيد الألوهية وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبي نساءهم وذريتهم، وأكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد قال تعالى:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله}فالعبادة لا تصح إلا لله عز وجل. ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات.
--------------------
1 – شرح الأصول الثلاثة ، للشيخ العثيمين رحمه الله [ص34].
الصفحة [9]
وقال سيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :[1]التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الألوهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا الله : لا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالى إلا له، ولا يعادى إلا فيه، ولا يعمل إلا لأجله وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات.
قال تعالى :{{ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}} وقال تعالى: {{وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون}} وأخبر عن كل نبي من الأنبياء أنهم دعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له (2 ) وقال سبحانه : {{قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم، إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده }}.
وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية . وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم ؛ كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف ، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد ، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحق الرب تعالى من الصفات ، ونزهه عن كل ما ينزه عنه ، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء ، لم يكن موحدا حتى يشهد أن إله إلا الله وحده ، فيقر بأن الله وحده الإله المستحق للعبادة .
ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في شرحه لكتاب التوحيد[3]: توحيد الألوهية المبني على الإخلاص التأله لله تعالى من المحبة والخوف، والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والدعاء لله وحده، وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا الله فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة والخشية والإجلال والتعظيم وجميع أنواع العبادة ولأجل هذا التوحيد خلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة، وأشقياء أهل النار.
--------------------
1 – منقول من كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ، تحقيق حامد الفقي [ص12].
2- أنظر كيف جعل دعوة الرسل هي الدعوة إلى توحيد الألوهية وهي عبادة الله وحده لا شريك له .
3 - تيسير العزيز الحميد [20].
الصفحة [10]
قال تعالى:{{ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}} فهذا أول أمر في القرآن وقال تعالى:{{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}}فهذا دعوة أول رسول بعد حدوث الشرك وقال هود لقومه:{{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}} وقال صالح لقومه: {{اعبدوا الله ما لكم إله غيره}}.
وقال إبراهيم عليه السلام لقومه:{{ إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين }} وقال تعالى:{{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}}.
وقال تعالى:{{ وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون}} وقال هرقل لأبي سفيان لما سأله عن النبي j ما يقول لكم ؟ قال :>> يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم << رواه البخاري. وقال النبي j لمعاذ:<< إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله..>> وفي رواية :<< أن يوحدوا الله >> }رواه الشيخان .وهذا التوحيد هو أول واجب على المكلف، لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك في الله كما هي أقوال من لم يدر ما بعث الله به رسوله من معاني الكتاب والحكمة، فهو أول واجب وآخر واجب وأول ما يدخل به الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا.
وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الإفصاح وأبدأ فيه وأعاد وضرب لذلك الأمثال بحيث أن كل سورة من القرآن ففيها الدلالة على هذا التوحيد ويسمى هذا النوع[ توحيد الألوهية] لأنه مبني على إخلاص التآله؛ وهو أشد المحبة لله وحده .ثم ذكر بعض الآيات التي تدل على ذلك ثم عقبها بقوله : فكل هذه السور في الدعاء إلى هذا النوع من التوحيد والأمر به، والجواب عن الشبهات والمعارضات وذكر ما أعد الله لأهله من النعيم المقيم وما أعد لمن خالفه من العذاب الأليم وكل سورة في القرآن بل كل آية في القرآن فهي داعية إلى هذا التوحيد شاهدة به. متضمنة له.
قلت: هذه دعوة أول الرسل وآخرهم، وهي الدعوة إلى توحيد الألوهية ، وهذه الآيات التي ذكرها أهل العلم ومما لم يذكروها كلها تدل على الدعوة إلى توحيد العبودية وهو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهذا أول واجب على المكلف وآخر واجب ، مع ذلك نجد العيد شريفي يخالف دعوة الرسل ودعوة القرآن ويزعم أنه يجب أن نركز في الدعوة اليوم إلى تجديد توحيد الربوبية، فهو مخالف لمنهج القرآن مخالف لمنهج الأنبياء مخالف لمنهج رسولنا وصاحبته الكرام أهل العلم والإيمان ،مخالف لمنهج السلف الصالح بالحجة والبرهان.
يتبع إن شاء الله ... الجزء الثاني ، والثالث ...
تعليق