إعـــــــلان

تقليص
1 من 4 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 4 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 4 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
4 من 4 < >

تم مراقبة منبر المسائل المنهجية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

تعلم إدارة شبكة الإمام الآجري جميع الأعضاء الكرام أنه قد تمت مراقبة منبر المسائل المنهجية - أي أن المواضيع الخاصة بهذا المنبر لن تظهر إلا بعد موافقة الإدارة عليها - بخلاف بقية المنابر ، وهذا حتى إشعار آخر .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

عن إدارة شبكة الإمام الآجري
15 رمضان 1432 هـ
شاهد أكثر
شاهد أقل

التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنج السلفي .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنج السلفي .

    التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنج السلفي .



    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، و من يضلل فلا هادي له.
    و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما.
    { يا أيها الذيــن آمنــوا اتقــوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون } سورة آل عمران آية 102.
    { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلــق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا سورة النساء آية 1.
    {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا*يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيماالأحزاب آيـة50/51.
    أما بعد:
    فإن أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه و سلم- و شــر الأمــور محدثاتها و كل محدثة بدعة -وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النــار.

    الصفحة [2]

    المقدمة:
    لقد كنت – أول من أنكر على العيد شريفي طعنه وتنقيصه في العلماء؛ وعلى رأسهم الشيخ محمد بن صالح بن عتيمين، والشيخ ابن باز رحمهما الله ، يوم أن جالسته في بيته وسمعته يقول: إن الشيخ العتيمين وتلامذته منهجهم منهج إخواني ،وأن الشيخ ابن باز لا يلتف حوله إلا الإخوان ومنهم توحيد المصري، وأنهما لا يعرفان واقع الجماعات، ولا يفهمان المنهج، وكان متكئا على بساط واضعا رجله على الأخرى يلعب بقلنسوته –كعادته في جلوسه دون أدب – فجثا على ركبتيه ورفع سبابته إلى السماء وأقسم بالله على ذلك مؤكدا مقولته. فلما أنكرت عليه ،ونقلتها لبعض طلبة العلم ، تلقفها بعض العوام وحرفوا تلك الجملة كما نقلتها عنه، وجعلوا بدلها: أني نقلت عنه أنه يقول : أن الشيخ العتيمين من الإخوان ، فأنكر أن يكون قال ذلك، ولما بلغني ذلك قلت: صحيح أنه ما قال أن الشيخ العتيمين من الإخوان، وما زلت أبرؤه من ذلك حتى كتابة هذه السطور ولكنه قال : أن الشيخ العتيمين وتلامذته منهجهم منهج إخواني، وأنه لا يعرف واقع الجماعات ، ولا يعرج على المنهج لا من بعيد ولا من قريب ،وإذا قال ذلك فالنتيجة أنه من الإخوان إذا كان منهجه منهج الإخوان ، فاتُهِمتُ بذلك أنني أكذب عليه، وبسبب ذلك ،وما حصل بيني وبينه في مسألة ""اشترط أهل المريض الشفاء على الراقي ليأخذ الجعل على الرقية "" أطلق للسانه العنان وتكلم في دون ورع ولا بيان، حيث رماني بأشياء كغيري من الدعاة وطلبة العلم الذين طالهم بلسانه ظلما وزورا ، والله يعلم أني وكثير من إخواني برءاء منها ، فقمت بكتابة رسالة سميتها [[ التنبيه السلفي لما حصل بيني وبين العيد شريفي]] وطالبته فيها بالمباهلة ولكنه رفض...وقد زرت عددا من الدعاة وطلبة العلم في الجزائر العاصمة بعدما انتهيت من تأليفها، منهم الأخ عبد المجيد جمعة ، والأخ لزهر سنيقرة ، والأخ عز الدين رمضاني ، والأخ الشيخ محمد علي فركوس ، وسلمت لهم نسخا منها، وأخبرتهم بما يقول الرجل في الشيخين ، وطلبت من بعضهم أن نجتمع به ، وأن يناقشوه في المٍسألة ، فلم أجد استجابة من أحدهم ، ورجعت وفي نفسي صدمة عنيفة بسبب خيبة الأمل التي وجدتها من ردود فعلهم .

    الصفحة [3]
    وقد كنت كتبت هذه الرسالة في سنة 1423هـ الموافق 2002 م ، بعد الرسالة الأولى المشار إليها آنفا ، ثم قمت بطبعها وتوزيعها ،فانهالت علي قذائف الشتم والسب من كل مكان من أتباعه ،وكانت فتنته قائمة على أوجها ، مما زادني غما وحزنا جعلني انطوي على نفسي ...
    ولقد عانيت من أتباعه المتعصبين له الكثير، كما عانه غيري، فهم لا يقبلون الكلام فيه ، فلما تكلم فيه من تكلم من العلماء دافعوا عنه بالباطل حتى وصل الحد ببعضهم إلى تهديد كل من تسول له نفسه أن ينقل فيه شيئا من كلام العلماء بالضرب ، ولما تكلم هو في بعض الناس من العلماء وطلبة العلم بالباطل ، والبهتان ،والظلم ، وحتى بالكذب والكلام البذيء ؛قبلوا كلامه مسلما ، وأسقطوا المتكلم فيه، فهذا شريط للشيخ ربيع - حامل لواء الجرح والتعديل- يصفه فيه بأنه ليس أهلا للكلام في الناس ، ومع ذلك ما قبلوا ذلك منه ، وجاءوا يعتذرون .. ألا قاتل الله التعصب الأعمى ، وأعمى الله بصائر المتعصبين ..
    وبعد مدة هاهو الحق يظهر جليا ويسجل بصوته ما كنت نقلته عنه بل أكثر من ذلك فتعرض إلى الصحابة بالتنقيص من قدر بعضهم ، كما تعرض لعِرضِ الشيخ بن باز، وإلى الشيخ العثيمين وانتقص من قدرهما، وأصبح يتعرض إلى كل من يخالفه ،أو يتكلم فيه ، انتصارا وانتقاما للنفس ، وما ذكرت في هذه الرسالة فهو فيض من غيض ، وهو مأخوذ بصوته ، من بعض الأشرطة التي أعطانيها الأخ طارق صحاب مجالس الهدى ، ومن غيرها من الأشرطة التي كان يسجلها أتباعه في جلساته ،وما تركت أكثر ولو تتبع أحد طلبة العلم أشرطته لأخرج منها العجب العجاب من القذف ، والسب ، والوقوع في العلماء ، والدعاة ، وطلبة العلام ،والكلام البذيء الذي يتنزه عنه عامة الناس فضلا عن طالب علم ، فضلا عن داعية يدعي أنه عالم وأنه فريد زمانه في بلاده ..وأنه حامي السلفية وربها ..

    الصفحة [4]
    هذه بعض أخطاء العيد شريفي في العقيدة والمنهج مستقاة من الأشرطة الأخيرة التي رد فيها أهل العلم عليه، ولكنهم لم يفصلوا الجواب فيها، ونحن نسوق التفصيل لبعضها للمتعصبين له على حد قول القائل-1 - :"معزة ولو طارت" بمعنى يتعصبون له إلى حد التقديس، فلما يخطئ العيد أخطاء كبيرة في أصل الدين في العقيدة والمنهج يبحثون له عن الأعذار التي قد تكون أقبح من ذنب، والتأويلات الفاسدة بنوع من الحيل والمراوغات، أما حين يخطئ غيره خطأ مستساغا بمعنى في مسألة اجتهادية أو خطأ في السلوك، لا يقبلون منه حتى لو اعتذر بأدلة كالشمس في رائعة النهار، ولا يقبلون منه التوبة والرجوع حتى لو تاب ألف مرة، ما لم يكن معهم على منهجهم الفاسد، فلا حول ولا قوة إلا بالله من هذا التقديس الذي فاق تقديس الصوفية الذين يقولون: من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان، وتقديس الحزبيين الذين يستميتون الدفاع عن شيوخهم بالباطل ،وأسوقها كذلك إلى العقلاء الفضلاء أتباع الحق ليزدادوا بصيرة في هذا الرجل الذي عاث في المنهج السلفي فسادا، فالرجل وإن كنّا لا نجحد جهوده السابقة في الدعوة إلى الإسلام، فإنه اغتر وأخذه العجب بالنفس، وتجبر وتكبر بالطغيان العلمي؛ فكان طغيانه العلمي وبالا على الدعوة السلفية الصحيحة ، وصدق من قال : كم من ملِكٍ وضعت له علامات، فلما على وتجبر سقط فمات.وهكذا نهاية كل طاغ ، باغ ، وإن دعوة المظلوم لا تذهب هباء.
    وحتى لا أطيل عليك أخي القارئ أتترك مع أخطائه التي أخذتها مسجلة بصوته، ولعلك سمعتها ولم يسعك فهمها أو استيعابها فإليكها بشيء من التفصيل العلمي.مع العلم أن هذه الرسالة هي الجزء الـثاني لرسالتي الأولى بعنوان << التنبيه الـسلفي لما حصل بيـني وبين العيد شريفي >> وقد غيرت عنوان هذا الجزء إلى << التعليق الكافي الشافي على أخطاء العيد شريفي>> وقمت بترتيبها الأهم فالمهم بادئا بالعقيدة ، لأنه من انحرفت عقيدته عن عقيدة السلف فهو الضال الهالك ، إن لم يتداركه الله برحمته فيتوب ويرجع إلى معتقد الفرقة الناجية ، والطائفة المنصورية المرضية .
    هذا؛ والله أسأل أن يوفقنا وإخواننا الذين بغوا علينا إلى الرجوع إلى الحق، وقبوله ممن جاءنا به مهما كان في كل زمان ومكان، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.والاقتصاد في السنة
    خير من الاجتهاد في البدعة.

    اللهم اشهد إني ما قصدت الانتقام لنفسي ، وإنما بيانا للحق ، الذي جانبه عبدك العيد ، ودفاعا عن خيار الأمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعراض علمائها الأفاضل ، الذين تعرض لهم بالسوء ، وغمزهم بسقيم الفهم ، وهذا جور وظلم ، اللّهم اقتص منه لهم ، وتب عليه مما به رماهم ،وأرجعه إلى جادة الصواب ، إلى حظيرة السنة والكتاب ،على مراد الله ورسوله وفهم الأصحاب .
    وصلى اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وعنا معهم إلى يوم الدين .
    وكتب : محب العلم والإنصاف على طريقة صالح الأسلاف
    أبو بكر يوسف لعويسي
    29/07 /1423هـ الموافق :05/10/ 2002

    الصفحة [5]

    أخطاؤه في العقيدة:
    1-دعوته إلى تجديد توحيد الربـوبية :
    نقول هذا خطأ في الدعوة، وخطأ في الشيء المدعو إليه" العقيدة" .
    أما خطأه في العقيدة فهو دعوته إلى تجديد توحيد الربوبية؛ وهذه عقيدة أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية فإن غاية التوحيد عندهم هو توحيد الربوبية.
    قال الطحاوي رحمه الله [1 ] :وهو يتكلم على أنواع التوحيد الثلاثة:وأما الثاني : وهو توحيد الربوبية :كالإقرار بأنه خالق كل شيء وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال وهذا التوحيد حق لا ريب فيه، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية.
    قلت : ويقصد بأهل النظر والكلام الأشاعرة ، والماتريدية، والجهمية، والمعتزلة ،والفلاسفة .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [2] وهو يتكلم عن معاني ودلائل توحيد الربوبية : وهذه المعاني تدل على توحيد الربوبية، وعلى توحيد الألوهية وهو التوحيد الواجب الكامل، الذي جاء به القرآن لوجوه قد ذكرنا منها في غير هذا الموضوع … إلى أن قال : فإثبات الإلهية يوجب إثبات الربوبية ، ونفي الربوبية يوجب نفي الإلهية، إذا الإلهية هي الغاية؛ وهي مستلزمة للبداية كاستلزام العلة الغائية للفاعلية … إلى أن قال : ولكن المتكلمون إنما انتصبوا لإقامة المقاييس العقلية على توحيد الربوبية ، وهذا مما لم ينازع في أصله أحد من بني آدم …
    إذن فالرجل يدندن حول عقيدة فاسدة، عقيدة أهل النظر وعلم الكلام والتصوف من الفرق الضالة. ثم نقول له: هب أن الدعوة إلى تجديد توحيد الربوبية هو المطلوب في هذا العصر فما فائدة الدعوة إليه ؟ والدعوة إليه تعتبر تحصيل حاصل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى:ما فائدة تحصيله ؟ وتحصيله والإقرار به لا ينفع صاحبه ولا يكون موحدا.
    --------------------
    1- العقيدة الطحاوية [1/25] د.عبد المحسن التركي.
    2 – مجموع الفتاوى [2/37]

    الصفحة [6]
    والجواب على هذين السؤالين : أن يقال أن الرجل إما أنه لم يهضم التوحيد الصحيح،مع دراسته في بلاد التوحيد ، وإما أنه يرى أن الناس المدعوين قد أشركوا في توحيد الربوبية المستقر في فطرهم، يريد أن يدعوهم إليه حتى يحققوه؛ ليحققوا به توحيد العبادة، أو أنهم نفوا توحيد الربوبية المستلزم لنفي توحيد الألوهية، فهو يدعوهم إلى إثبات توحيد الربوبية الذي نفوه ،ولا يعلم أن في بلادنا من نفاه، هذالم يقل به أحد من السلف، بل هو مخالف لسبيلهم.
    ويقال له أيضا : إن الله تعالى لما ذكر وكرر توحيد الربوبية في القرآن، فإنما ذكره على سبيل الإلزام للمشركين الذين أقروا بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات حتى يُلزمهم بأن يؤمنوا بتوحيد الألوهية كما آمنوا بتوحيد الربوبية، ولم يذكره من أجل الدعوة إليه لأنهم يقرون به، فلو كان كذلك لكان تحصيل حاصل ولا يقول به عاقل.
    قال الشيخ ابن باز رحمه الله [1]: وهذا النوع الذي أقر به المشركون هو توحيد الربوبية، وهو توحيد الله بأفعاله من خلق ورزق وإحياء وإماتة وغير ذلك من أفعاله كما سبق، وهو حجة عليهم في إنكارهم توحيد الله بالعبادة لأنه يستلزمه، ويدل عليه ويوجبه فلهذا أقام الله عليهم الحجة بهذا الإقرار فقال :" فقل أفلا تتقون" " أفلا تعقلون" " أفلا تذكرون" فتوحدونه في العبادة كما وحدتموه في الربوبية.
    فإذا كان أهل الشرك أقروا بهذا النوع من التوحيد؛ ولم ينفعهم بل أباح دمائهم وأعراضهم فهل ينفع من حققه اليوم بدعوتك إلى تحقيقه أيها الشيخ؟ فإنه لم يعرف عن أحد أنه أنكر هذا التوحيد حتى فرعون الذي ادعى الربوبية؛ وقال أنا ربكم الأعلى، كان يقر في نفسه بأنه لا خالق ولا رازق ولا محي ولا مميت إلا الله قال الله تعالى: مخبرا عن موسى أنه قال لفرعون { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر} وقال فيه وفي قومه:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا }.
    --------------------
    1 مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة (ص36-37) طبع ونشر الرئاسة العامة الإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الطبعة الأولى 1408هـ /1987).

    الصفحة [7]
    قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (1) وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات كما قالت الرسل عليهم السلام فيما حكى الله عنهم: {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع فرعون، وقد كان مستيقنا في الباطن، كما قال له موسى عليه السلام:{لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر}وقال تعالى عنه وعن قومه:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}. ولهذا قال:" وما رب العالمين "؟ على وجه الإنكار له،و تجاهل العارف. قال له موسى: {رب السماوات والأرض إن كنتم موقنين" .قال لمن حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين " قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} .
    ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [2]وليس المراد بالتوحيد مجرد الربوبية وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد اثبتوا غاية التوحيد، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحدا حتى يشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، والإله هو المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، وليس هو الإله بمعنى القادر على الاختراع، فإذا فسر المفسر "الإله" بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي يقولونه عن- أبي لحسن وأتباعه- لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم .فإن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا النوع من التوحيد.
    --------------------
    1العقيدة الطحاوية [1/25/26]
    2 – فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [12].

    الصفحة [8]
    خطأه في دعوته هذه :
    أما خطأه في دعوته هذه، فقد خالف بها دعوة الرسل الذين جاءوا كلهم بالدعوة إلى توحيد الله في العبادة قال سبحانه :{ وما أرسلنا قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} قال ابن عباس : كل آية جاء فيها فاعبدون معناه فوحدون.
    قال الشيخ العتيمين رحمه الله [1]:وأنواع التوحيد ثلاثة :
    الأول : توحيد الربوبية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق والملك والتدبير قال الله عز وجل : { الله خالق كل شيء } وقال تعالى:{ هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا الله هو} .
    قال تعالى:{تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير} وقال تعالى:{ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}.
    الثاني: توحيـد الألوهية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحدا يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه.
    الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بإثبات ما أثبته ونفي ما نفاه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
    ومراد المؤلف هنا توحيد الألوهية وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبي نساءهم وذريتهم، وأكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد قال تعالى:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله}فالعبادة لا تصح إلا لله عز وجل. ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات.
    --------------------
    1 – شرح الأصول الثلاثة ، للشيخ العثيمين رحمه الله [ص34].

    الصفحة [9]
    وقال سيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :[1]التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الألوهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا الله : لا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالى إلا له، ولا يعادى إلا فيه، ولا يعمل إلا لأجله وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات.
    قال تعالى :{{ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}} وقال تعالى: {{وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون}} وأخبر عن كل نبي من الأنبياء أنهم دعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له (2 ) وقال سبحانه : {{قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم، إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده }}.
    وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية . وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم ؛ كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف ، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد ، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحق الرب تعالى من الصفات ، ونزهه عن كل ما ينزه عنه ، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء ، لم يكن موحدا حتى يشهد أن إله إلا الله وحده ، فيقر بأن الله وحده الإله المستحق للعبادة .
    ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في شرحه لكتاب التوحيد[3]: توحيد الألوهية المبني على الإخلاص التأله لله تعالى من المحبة والخوف، والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والدعاء لله وحده، وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا الله فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة والخشية والإجلال والتعظيم وجميع أنواع العبادة ولأجل هذا التوحيد خلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة، وأشقياء أهل النار.
    --------------------
    1 – منقول من كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ، تحقيق حامد الفقي [ص12].
    2- أنظر كيف جعل دعوة الرسل هي الدعوة إلى توحيد الألوهية وهي عبادة الله وحده لا شريك له .
    3 - تيسير العزيز الحميد [20].

    الصفحة [10]
    قال تعالى:{{ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}} فهذا أول أمر في القرآن وقال تعالى:{{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}}فهذا دعوة أول رسول بعد حدوث الشرك وقال هود لقومه:{{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}} وقال صالح لقومه: {{اعبدوا الله ما لكم إله غيره}}.
    وقال إبراهيم عليه السلام لقومه:{{ إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين }} وقال تعالى:{{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}}.
    وقال تعالى:{{ وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون}} وقال هرقل لأبي سفيان لما سأله عن النبي j ما يقول لكم ؟ قال :>> يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم << رواه البخاري. وقال النبي j لمعاذ:<< إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله..>> وفي رواية :<< أن يوحدوا الله >> }رواه الشيخان .وهذا التوحيد هو أول واجب على المكلف، لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك في الله كما هي أقوال من لم يدر ما بعث الله به رسوله من معاني الكتاب والحكمة، فهو أول واجب وآخر واجب وأول ما يدخل به الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا.
    وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الإفصاح وأبدأ فيه وأعاد وضرب لذلك الأمثال بحيث أن كل سورة من القرآن ففيها الدلالة على هذا التوحيد ويسمى هذا النوع[ توحيد الألوهية] لأنه مبني على إخلاص التآله؛ وهو أشد المحبة لله وحده .ثم ذكر بعض الآيات التي تدل على ذلك ثم عقبها بقوله : فكل هذه السور في الدعاء إلى هذا النوع من التوحيد والأمر به، والجواب عن الشبهات والمعارضات وذكر ما أعد الله لأهله من النعيم المقيم وما أعد لمن خالفه من العذاب الأليم وكل سورة في القرآن بل كل آية في القرآن فهي داعية إلى هذا التوحيد شاهدة به. متضمنة له.
    قلت: هذه دعوة أول الرسل وآخرهم، وهي الدعوة إلى توحيد الألوهية ، وهذه الآيات التي ذكرها أهل العلم ومما لم يذكروها كلها تدل على الدعوة إلى توحيد العبودية وهو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهذا أول واجب على المكلف وآخر واجب ، مع ذلك نجد العيد شريفي يخالف دعوة الرسل ودعوة القرآن ويزعم أنه يجب أن نركز في الدعوة اليوم إلى تجديد توحيد الربوبية، فهو مخالف لمنهج القرآن مخالف لمنهج الأنبياء مخالف لمنهج رسولنا وصاحبته الكرام أهل العلم والإيمان ،مخالف لمنهج السلف الصالح بالحجة والبرهان.

    يتبع إن شاء الله ... الجزء الثاني ، والثالث ...

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم :
    الجزء الثاني : من التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنهج السلفي .
    تفنيذ الشبهة التي يستند إليها شريفي :
    يقول العيد في ادعائه هذا: أنه يريد أن ينتهج طريق شيخ الإسلام ابن تيمية إذ كان يركز على توحيد الأسماء والصفات..فأقول له جوابا على هذه الشبهة:
    1- أيهما أفضل أن ندعو الناس إلى ما دعت إليه الرسل وخاصمت أقوامها فيه ،وهو توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، أو ندعو الناس إلى توحيد الربوبية وهو غير متضمن لتوحيد الألوهية أول واجب وآخره والذي يكون به النجاة دون توحيد الربوبية ؟ بحجة أن أحدا من الناس ركز على جانب من جوانب التوحيد. فلا شك أن كل عاقل سيقول : أن الدعوة إلى ما دعت إليه الرسل ؛ والسبيل الذي انتهجه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته أفضل وأسلم وأعلم وأحكم لأن الله أمر بذلك بقوله :{{ أولئك بهداهم فاقتدي }} فأمر نبيه أن يقتدي بدعوة الرسل قبله إلى توحيد الألوهية ، وخطاب الله تعالى لنبيه ، هو خطاب لأمته كما تعلم ، وقد قال الله تعالى : {{ ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر.. }} وقال سبحانه{{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله...}}قال سفيان الثوري: بقول أو فعل. وقال: الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم، ولابن القيم كلام جميل في تفسير هذه الآية كنت قرأته قديما وهذا بعضه: لا تقولوا حتى يقول، ولا تفعلوا حتى يفعل، ولا تأمروا حتى يأمر ولا تنهوا حتى ينهي ، ولا تحكموا حتى يحكم ، وذلك في حياته ، في حضوره وغيابه ، وكذلك بعد موته ، فذلك إلى سنته ..وأنظر أيضا غير مأمور كلام نفيس للشيخ السعدي عند تفسيره لهذه الآية [ج5/67] وكل ذلك من طاعته وتجريد المتابعة له ، وطاعته من طاعة الله تعالى ، وبذلك أمر الله تعالى، والآيات في ذلك كثيرة، ومخالفته في دعوته تعتبر مشاقة له ، وجزاء المشاقة في قوله تعال :{{... نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }}.
    الصفحة [2]
    ولأن دعوة الرسل فيها الخير والعلم والبركة، ولأن دعوة الرسل إلى توحيد الألوهية إذا استجاب العبد لهم وحققه فإنه يكون محققا لتوحيد الربوبية، وبهذا فقط يكون الفوز والنجاة يوم
    القيامة أما الدعوة إلى توحيد الربوبية حتى لو حققه العبد وحقق توحيد الأسماء والصفات ولم يوحد الله في العبادة فإنه لم يحقق توحيد الألوهية ولا ينفعه ذلك عند الله تعالى يوم القيامة.
    2- ثم أقول له: إن قولك أن شيخ الإسلام كان يركز على توحيد الأسماء والصفات خطأ فقد كان رحمه يدعو إلى تحقيق التوحيد بجميع أنواعه، ولو كان يعلم أن الناس الذين كان يناقشهم لم يحققوا توحيد الألوهية لكان صرف جهوده في الدعوة إلى ذلك.
    3- وأقول أيضا- على فرض التسليم لك في هذه الدعوة- على أن كتب شيخ الإسلام تكذّب دعوتك- أن شيخ الإسلام كان يركز على توحيد الأسماء الصفات فإن ذلك كان في أناس يؤمنون بأنواع التوحيد الثلاثة ولكن فهموا التوحيد الذي دعت إليه الرسل غلط- ففسروا التوحيد الذي دعت إليه الرسل بتوحيد الربوبية، ثم لما جاءوا إلى توحيد الأسماء والصفات الذي أقروا به ضمن توحيد الربوبية وجدوا أنفسهم أمام آيات اشتبهت عليهم معانيها.إن اثبتوها وقعوا في التشبيه، وإن أنكروها وقعوا في التعطيل، فلجئوا إلى التأويل حتى يسلم لهم التوحيد من التشبيه والتعطيل، ومع ذلك منهم من وقع في التعطيل مع التنزيه ، فروا من الإثبات الذي يستلزم عندهم التشبيه بالمخلوق فوقعوا في تشبيه أسوأ إذ شبهوه بالمعدوم، ومنهم من أثبتها فوقع في الإثبات مع التشبيه ، ومنهم من أثبت البعض وأول البعض الآخر مفرقا بين الصفات الذاتية والفعلية ،ومنهم من وقع في التفويض المطلق ، ونسبه للسلف الصالح ، فجاء شيخ الإسلام فحاججهم ويبين لهم السبيل الصحيح ؛والفهم السليم اللائق بهذه الآيات وكشف لهم عن تلك الشبهات التي عدها الكثير منهم من الواضحات.راجع العقيدة الواسطية، والتدمرية، والحموية ففيها ما يغني ويوضح المقصود.
    الصفحة [3]
    رابعا: يقال لك إن شيخ الإسلام لم يكرس جهده في هذا الباب فحسب، بل كان يجاهد على جميع الجبهات فكان مجددا بحق رحمه الله، فقد كان يجاهد بقلمه، ويده ولسانه، فهل تعتبرون أنفسكم مجددين لهذه الدعوة المباركة في هذا العصر ؟؟ مع وجود مجددين لدعوة التوحيد في هذا القرن أمثال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب في القران الماضي، والشيخ ابن باز رحمه الله في هذا القرن والشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله . أم أردت غير سبيلهم...؟
    تفنيذ المثال الذي ضربه العيد لدعوته المزعومة:
    هذا المثال الذي ضربه العيد يبين بوضوح أنه لم يفهم حقيقة التوحيد الذي دعت إليه الرسل. وإليك المثال والرد عليه.
    قال: في شاب كان مسافرا عن طريق الطائرة، وفي المطار استوقفته السلطات، ومنعوه من الخروج - وهذا الشاب يبدو أنه تاجر يسافر من أجل التجارة، فلما ضيّق عليه بسبب أنه ملتح حلق لحيته حتى يخرج من المطار من أجل الكسب، فقال العيد فيه لما سئل عنه: لو أن ذلك الشاب حقق توحيد الربوبية وعلم بأن الله هو الرزاق لما حلق لحيته؟.
    الصفحة [4]
    فأقول جوابا عليه: لماذا لا نقول: أن الشاب حقق توحيد الألوهية ولكن عنده ضعف إيمان ولذلك حلق لحيته؟ فلو حقق إخلاص وصدق التوكل على الله وحده، وصدق الرهبة والخشية من الله، وصدق اليقين والثقة في الله بأن الله هو الرازق ، وأن رزق العبد يطلبه كما يطلبه أجله وأشد وصدق الرجاء والخوف والمحبة والدعاء وغير ذلك من العبادات الظاهرة والباطنة لتَحَقَقَ عنده توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية، ولقوي إيمانه ؛ومنعه أن يقدم على حلق لحيته حتى لا يطلب ما عند الله بالحرام، فحلق اللحية حرام لا شك فيه ، وتوفيرها عبادة ،والموت على العبادة من حسن الخاتمة ، وهنا أذكر معنى قصة وقعت لأحد كبار علماء المالكية السنيين ، يحكيها أبو بكر ابن العربي فيقول : كنت جالسا في أحد مساجد قرطبة ، وكان بداخله ، رئيس الشرطة وبعض أعوانه فدخل أبو بكر الطرطوشي العالم الكبير ، فكبر وقبض على يده اليسرى باليمنى ، فنظر إليه رئيس الشرطة وقال لأعوانه : أنظروا إلى هذا الخبيث يصلي بالقبض ، قوموا إليه فاقتلوه . يقول ابن العربي فطار قلبي فزعا ، وقمت إليهم : فقلت لهم : على ما تقتلوه ، هذا عالم كبير ، والقبض مذهب مالك ، وبقيت كذلك أشغلهم حتى انصرف من الصلاة ، فأسرعت إليه وقلت له : انصرف من المسجد فالقوم يأتمرون بك ليقتلوك .فقال لي : وعلى ما يقتلونني ؟ قلت لأنك تصلي بالقبض . فقال لي : ومن أين لي أن أموت على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟قلت : هكذا يكون تعظيم السنة وإلا فلا !!
    والقول بعدم تحقيق الربوبية كفر وإلحاد ،فمن أنكر الرب كفر ، وهذا فيه تضمين بالتكفير لذلك الشاب المسلم ، ضعيف الإيمان .
    الصفحة [5]
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : في رسالة الواسطة بين الحق والخلق [ص 115]تحت عنوان التوحيد: رجاء الله والتوكل عليه : قال تعالى:{{وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}} وقال تعالى:{{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}} أي فليستجيبوا لي إذا دعوتهم بالأمر والنهي وليؤمنوا بي أي أجيب دعاءهم لي بالمسألة والتضرع.
    وقال تعالى:{{ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ..}} [1] وقد بين الله هذا التوحيد في كتابه وحسم مواد الإشراك به حتى لا يخاف أحد غير الله، ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عليه قال تعالى:{{ فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا }} وقال سبحانه :{{ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه}}أي يخوفكم أولياءه {{ فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}}.
    قلت: فهكذا ينبغي أن نفهم التوحيد : وقد قال الله تعالى :{{ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}}قال أبو ذر : لو أن الناس أخذوا بهذه الآية لكفتهم، وقال صلى الله عليه وسلم << لو أنكم توكلتم على الله تعالى حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغذوا خماصا وتروح بطانا >> رواه أحمد والترمذي ، وغيرهما وهو في صحيحه [ح5130]وقال صلى الله عليه وسلم :<< إن الرزق ليطلب العيد كما يطلبه أجله >> وفي روايةأ<<أكثر مما يطلبه أجله [ >> صحيح الجامع[1626].
    الصفحة [6]
    قلت : في قوله تعالى : {{ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا }}فيه دليل على أن المشركين إذا اضطروا اثبتوا توحيد الألوهية ، فالدعاء عبادة ، هو من توحيد الألوهية ويؤكد هذا قوله تعالى أيضا :{{ وإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون }} أي في توحيد الألوهية .


    2- المسألة الثانية في العقيدة : تكهنه وتخّرصه :
    وذلك في قوله: إن هذه الأمة ستعيش [10 سنين ]عجاف مر منها 03 سنوات وبقيت سبع سنوات...
    أليس هذا هو التكهن بعينه، والإطلاع على الغيب؟ والله سبحانه وتعالى يقول: {{قل لا يعلم الغيب من في السموات والأرض إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون}}.
    فأقول له كما قال الله تعالى:{{ اطلع الغيب أم ا تخذ عند الله عهدا ...}}وقال تعالى : {{قتل الخراصون }} أم أوحى إليك عن طريق منهج أهل التصوف الذين يقولون:" حدثني قلبي عن ربي" أن هذه الأمة بفقدانها الشيخ ناصر تعيش [10 سنين] عجاف .فقد قلتُ في ردي عليه في رسالتي [[ توضيح الرؤية في حكم اشتراط الشفاء لأخذ الجعل على الرقية]] يسر الله إخراجها؛ أن اشتراط الشفاء إنما يفعله الكهنة ، والمشعوذون قلت ذلك ردا عليه لأنه يقول به، وهاهو اليوم يؤكد لنا ذلك ويتكهن المرة بعد الأخرى ، وهو الذي يدعو إلى تجديد توحيد الربوبية .ولم يبق له بهذا إلا أن يلبس قلنسوة عليها عمامة وبرنوسا على طريقة المشعوذين عندنا في قطرنا[الجزائر] ويقول للناس من هذا الذي سيأتي بعد هذه السنوات العجاف ؟ أهو الذي يمهد لذلك أم المهدي المنتظر؟.
    الصفحة [7]
    3- المسألة الثالثة: أنه يعتقد أن سب الله والرسول والدين ورمي المصحف في القاذورات ليس كفرا حتى يقصد ويستحل ومعنى ذلك يقصد الكفر ويستحل هذا الفعل.
    وهذا خطأ بيّن مخالف لمنهج الحق، يشم منه رائحة الإرجاء ،فإن علماء السلف قديما وحديثا يتفقون على أن من سب الله ورسوله واستهزأ بالدين أو استخف به أو رمي بالمصحف في القاذورات؛ فإنه يكون كافرا كفرا مخرجا من الملّة سواء كان مجدا أو غير مجد قصد أم لم يقصد، فإن هذا القول أو الفعل ناقض للإيمان إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع ؛وسأذكرها باختصار، بخلاف غيرها من المعاصي التي لا ينتقض بها الإيمان وإنما ينتقص ...
    الشروط والموانع:
    1-أن يكون بالغا سن التكليف، على خلاف بين أهل العلم في الطفل المميز هل تصح منه الردة أو لا تصح؟ والمختار أنها لا تصح...
    2- أن يكون عاقلا غير مجنون فإن المجنون لا يدري ما يقول والقلم مرفوع عنه وعن الصبي كما قال صلى الله عليه وسلم :<< رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ >> صحيح سنن أبي داود[1458].
    3- أن يكون مختارا غير مكره لقوله تعالى:{{ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا..}}.
    4- أن يكون عالما بأن ما قاله أو فعله كفرا مخرجا من الملة لقوله تعالى :{{ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون}} فقوله وهم يعلمون يفيد هذا التقييد بالعلم لأن الشهادة بالجهل غير مقبولة .
    5- أن يكون قد أغلق على عقله أثناء قيامه بهذا العمل أو القول بحيث لو قيل له إنك قلت كذا وكذا أو فعلت كذا.. أنكر وقال لم أقل ولم أفعل ولم أدر ما صدر مني، وتدل القرائن على صدق إنكاره وتبرؤه ،كأن يحوقل ويستغفر ويعض على أنامله حسرة وندامة ، أو يقسم بالله أنه ما خرج منه ذلك، أو يصرخ رافعا صوته بالبكاء على ما اتهم به أو غير ذلك ..فعلى هذه الحالة يعذر ولا يكفر.
    الصفحة [8]
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن سب الله أو سب رسوله كفرا ظاهرا وباطنا، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلا أو كان ذاهلا عن اعتقاده.
    وقال إسحاق بن راهوية رحمه الله : قد أجمع المسلمون على أن من سب الله وسب رسوله عليه الصلاة والسلام أنه كافر بذلك؛ وإن كان مقرا بما أنزل الله، قال تعالى:{{إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإنما مبينا}}.
    فرق الله عز وجل في الآية بين أذى الله ورسوله، وبين أذى المؤمنين والمؤمنات فجعل على هذا أنه احتمل بهتانا وإثما مبينا، وجعل على ذلك اللعنة في الدنيا والآخرة وأعد له العذاب المهين، ومعلوم أن أذى المؤمنين قد يكون من كبائر الإثم وفيه الجلد، وليس فوق ذلك إلا الكفر والقتل.
    وقال القاضي عياض رحمه الله : لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم.
    وقال ابن قدامة رحمه الله : من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا أو جادا.
    الصفحة [9]


    وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله [1] : ما حكم سب الدين أو الرب؟-استغفر الله رب العالمين هل من سب الدين يعتبر كافرا أو مرتدا ،وما العقوبة المقررة عليه في الدين الإسلامي الحنيف؟ حتى نكون على بينة من أمر شرائع الدين، وهذه الظاهرة منتشرة بين بعض الناس في بلادنا أفيدونا أفادكم الله؟ .
    فأجاب رحمه الله: سب الدين من أعظم الكبائر ومن أعظم المنكرات.


    وهكذا سب الرب عز وجل، وهذان الأمران من أعظم نوا قض الإسلام ومن أسباب الردة عن الإسلام. فإن كان من سب الرب سبحانه أو سب الدين ينتسب للإسلام فإنه يكون مرتدا بذلك عن الإسلام ويكون كافرا يستتاب فإن تاب وإلاّ قتل من جهة ولي أمر البلد بواسطة المحكمة الشرعية، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يستتاب بل يقتل لأن جريمته عظيمة- ولكن الأرجح أنه يستتاب لعل الله يمن عليه بالهداية ويتلزم الحق. وهكذا لو سب القرآن أو سب الرسول أو غيره من الأنبياء فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل فإن سب الدين أو سب الرسول أو سب الرب عز وجل من نواقض الإسلام، وهكذا الاستهزاء بالله أو برسوله أو بالجنة أو بالنار أو بأوامر الله كالصلاة والزكاة فالاستهزاء بشيء من هذه الأمور من نواقض الإسلام قال الله سبحانه:{{ قل أبالله وآيته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}} نسأل الله العافية.
    قلت: الآية تقرر أنهم جاءوا يعتذرون على أنهم ما قصدوا ذلك، ومع ذلك كفرهم الله سبحانه بعدما نسبهم للإيمان، وهذا واضح جدا، لا يحتاج إلى زيادة بيان بعد بيان الله له .
    --- ----------
    1- لعل القارئ يرى أنني أكثرت من النقول عن الشيخين الفاضلين – أبن باز والعتثيمن – وذلك ليعلم أنني إنما فعلت ذلك عمدا حتى يعلم العيد الذي ينتقص من قدرهما ، ويتهمهما أنهما لا يفقهان المنهج ، ولا يعرجان عليه لا من بعيد ولا من قريب ، أنهما أعلم أهل عصرهما واعلم منه بالمنهج الصحيح الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وأنهما لا يقلان منزلة عن الشيخ ناصر الدين الألباني رحمهم الله جميعا كما يعتقد العيد .

    الصفحة [10]
    وسئل فضيلة الشيخ العتيمين رحمه الله هذا السؤال: ما حكم الشرع في رجل سب الدين في حالة غضب هل عليه كفارة وما شرط التوبة من هذا العمل حيث أني سمعت من أهل العلم يقولون : أنك خرجت عن الإسلام في قولك هذا ويقولون بأن زوجتك حرمت عليك؟
    فأجاب رحمه الله: الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر، فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه، وقد أخبر الله عن قوم استهزءوا بدين الإسلام أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولون:{{... إنما كنا نخوض ونلعب...}} فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله وأنهم كفروا به فقال تعالى:{{ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونعلب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}}. فالاستهزاء بدين الله أو سب الله ورسوله أو الاستهزاء بهما كفر مخرج من الملة. أهـ
    هذه النقولات في هذه المسألة من قولي قال شيخ الإسلام إلى أخر كلام الشيخ ابن عثيمين من رسالة [[حكم سب الله وسب الدين وسب الرسولصلى الله عليه وسلموسب الصحابة الكرام رضي الله عنهم]]جمعها عبد الملك القاسم، طبعة دار القاسم المملكة العربية السعودية الرياض، وهي رسالة صغيرة .
    تكفيره منتهك حرمة رمضان بحجة الواقع :
    يرى العيد شريفي أن من انتهك حرمة رمضان علانية في بلادنا أنه كفر، لأن الواقع أن الشعب يرى أنه لا يأكل ولا يشرب ولا ينتهك حرمة رمضان إلا كافر، لأنك لا ترى في هذا البلد المطاعم مفتوحة، والمقاهي، وغيرها من الأسباب التي تدل على انتهاك حرمة الصيام ،لهذا الواقع فالشعب من شدة حرصه على تعظيم وتقديس الصيام وعدم انتهاك حرمته، يرى أن من خالف هذه الظواهر فهو كافر ، على خلاف هو عليه في كثير من البلاد الإسلامية الأخرى ، ومنها على سبيل المثال ، موريطانية ، وتونس وغيرهما ..مما يشاهد في واقعها انتهاك حرمة رمضان علانية ... فجاء العيد واستدل بهذا الواقع على تكفير تارك الصيام ، ثم اصطدم مع معتقد أهل السنة والجماعة ، أنهم لا يكفرون بالمعصية ،وأنه على معتقدهم ، فناقض قوله بالتكفير ، ثم عاد إليه هادما ما استدركه مما نبهه إليه بعض الحضور ، كالتي تنقض غزلها ، ولم يأتي بدليل واحد من الكتاب والسنة ،على هذه الفتوى التي ظهر بها ولم يسبقه إليها أحد .
    يتبع إن شاء الله .. الجزء الثالث ، والرابع ..

    تعليق


    • #3
      التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنهج السلفي [ الجزء الثالث ]
      تنقيصه من قدر بعض الصحابة رضي الله عنهم:
      فضائل الصحابة كثيرة ، وقد ورد في فضلهم رضي الله عنهم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما لا يحصى ، فكل منقبة ثبتت للأمة ، فهي لهم من باب أولى ، وكل وصف جاء في فضل هذه الأمة فهو لهم من باب أولى ، فهم الذين اصطفاهم الله تعالى ،قال عز من قائل :{{وقل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى }} [النمل :59]قال ابن عباس في رواية أبي مالك : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .[1] وقال تعالى: {{ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا }} [فاطر : 32] فقد اصطفاهم الله تعالى واجتباهم ، ليناسبوا مقام النبوة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم بعث في خير الناس وقد بين ذلك بقوله :<< خير الناس قرني ثم الذين يلونهم .. >> وفي رواية << خير أمتي أصحابي >> [2].ويتفق العلماء غير الروافض والنواصب على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم ، والخيرية تثبت لهم من كل وجه إلا رؤيته صلى الله عليه وسلم لمن آمن به ولم يراه... أما غيرها من الفضائل فلو انفق أحدنا مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، قال ابن الديبع الشيباني رحمه الله [3]: قال العلماء : وإنما كانوا خير القرون لشهادة الله –تعالى – ورسوله –صلى الله عليه وسلم – لهم بكل فضيلة من الإخلاص ، والصدق ، والتقوى ، والشدة في الدين ، والرحمة على الم}منين ، ونصرة الله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله –تعالى – وبذل النفوس والموال ، وبيعها من الله وإيثارهم على أنفسهم ، وكونهم {{ خير أمة أخرجت للناس }}وقد {{رضي الله عنهم }}والحائزين على الفوز والفلاح والبشارة بأعلى الجنان وجوار الرحمان ، إلى غير ذلك .
      --------------------
      1- رواه الطبري [ج10/4]من هذا الطريق، ورواه أيضا من طريق الوليد بن مسلم حدثني ابن البارك حدثني سفيان الثوري من قوله... وهو إسناد صحيح إليه .
      2 – صحيح البخاري [ح 3650و3651]ومسلم [ح2535]، والقرن: أهل كل زمان، وهو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان، مأخوذ من الاقتران، وكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم. << النهاية في غريب الحديث :4/ 51مادة قرن >>.
      3 – في كتابه ، حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار صلى الله عليه وعلى آله المصطفين الأخيار [ج2/808].

      الصفحة [2]
      قلت : هم الذين باعوا أنفسهم لله تعالى،{{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأمولهم بأن لهم الجنة }} وهم الصادقون، المخلصون، وهم الأمة الوسط التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتجاهد في الله حق جهاده، وهم الذين أوتوا العلم وهم أمنة الأمة، كما أن الرسول أمنة لهم، كم ثبت ذلك في صحيح مسلم، وهم وزراء الرسول وأنصاره، وأصهاره ، وخلفاؤه الراشدون المهتدون المهديون من بعده ، وهم السابقون الأولون ، وهم أتباع الحق ، وسبيلهم هو سبيل الإيمان الحق ،فالطعن في بعضهم طعن فيهم كلهم والطعن فيهم طعن في الرسول والطعن في الرسول طعن في المرسل ، لا يحبهم ويحترمهم ويجلهم ، ويقدرهم بكل اعتبار إلا مؤمن ، فهم فوقنا بكل اعتبار ، ولا ينتقصهم ، ويبغضهم ويسبهم إلا زنديق ، فالله، فالله في وصية رسول الله فيهم حيث قال :<< لا تسبوا أصحابي >> البخاري ومسلم .
      وقد مدحهم الله تعالى ، ومدح الله لا يتبدل ولا يتحول ، كما مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدحه عليهم يتنزل ، فهم صحبه الكرام ، وفضيلة الصحبة – ولو لحظة لا توازيها فضيلة ولا تنال درجتها بشيء .

      الصفحة [3]
      قال ابن الديبع رحمه الله : قال العلماء : وإذا ثبت ثناء الله ورسوله عليهم –رضي الله عنهم – بكل فضيلة ، والشهادة لهم بالمناقب الجليلة ، فأي دين يبقى لمن نبذ كتاب الله وراء ظهره ، فنسبهم إلى باطل يقول هذا الجاهل بأن الله –تعالى – منزه عما يقول الظالمون علوا كبيرا – لما وصفهم وأثنى عليهم كان جاهلا بما يؤول إليه حالهم فنبذ قول الحق باطلا ، والصدق كذبا – أو كان عالما بذلك بذلك ، ولكنه خان رسوله بالثناء على من ليس بأهل للثناء ، ورضي لرسوله المجتبى عنده بصحبة الواسقين [ أي حملة الشرور والآثام ] ومصافاة المنافقين ، كلا والله ! لقد كانوا أحق بتلك الفضائل واهلها {{ وكان الله بكل شيء عليما }} وكانوا كما وصفهم الله :{{ رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا }} اللهم إنا نشهد أنهم كما وصفتهم من انهم خير أمة ، ونثني عليهم بما أثنيت عليهم من الفضائل الجمة ، ونعتقد أنهم قد قلدوا رقاب الخاصة والعامة المنة ، ولنهم جاهدوا في الله حق جهاده حتى قرروا هذا الدين ثم حملوه إلى الناس ، كما نقلوه باذلين في ذلك غاية الجهد والنصح ، ونعتقد وجوب تعظيمهم واحترامهم ومحبتهم ، والكف عما شجر بينهم ، وحسن الظن بهم ... حدائق الأنوار [ج2/811-812]
      الصفحة [4]
      كلامه في بعض الصحابة:
      قال العيد في معرض كلامه على حادثة صلح الحديبية: أن عمر رضي الله عنه يمثل الفكر أو المنهج البشري الجهول الظلوم... إلخ ما قال...
      فنقول: هذا سوء أدب مع الصحابة، وطعن في خيارهم وسيد من ساداتهم رضي الله عنهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم آمين.
      مع جملة الفضائل التي ذكرناها في جملة الصحبة ، امتاز رضي الله عنه بكثرة الفضائل ، عزة الإسلام بإسلامه ابتداء وانتهاء ، ومن الشدة في الدين ، والجمع في السياسة بين الحزم واللين ، وكثرة الفتوحات ، وموافقة رأيه للوحي في غير مرة ، وعدله وإحسانه ، وحسن سيرته المشهورة ، حتى قال أهل السير: لو أن هذه الأمة فاخرت جميع الأمم بسيرة عمر لفاخرتها ، إذ لم يعلم أن ملكا من المتقدمين والمتأخرين سار سيرته رضي الله عنه .حدائق الأنوار لابن الديبع الشيباني [ج2/803]
      وصدق الزبرقان وهو من الأعداء ، عدلت فأمنت ، فنمت ، حين وجده نائما تحت شجرة .
      قلت: عمر الفاروق المبشر بالجنة، الملهم المحدث، العالم الرباني كما في البخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< بينا أنا نائم شربت –يعني اللبن – حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري – أو قال أظفاري – ثم ناولت عمر .قالوا فما أولته يا رسول الله ، قال : العلم >>واللفظ للبخاري.فإذا كان هذا الذي شرب العلم مع النبي صلى الله عليه وسلم يمثل الفكر البشري الجهول الظلوم،فمن يمثل الفكر المستنير ، المستقيم ؟
      عمر أمير المؤمنين الذي وافق ربه في غير ما آية كما في البخاري ومسلم وغيرهما حتى قال فيه النبي في غزوة بدر الكبرى لما نزل قول الله تعالى :{{ما كان للنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ..}}إلى قوله :{{ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم }}لما استشار النبي صلى الله عليه وسلم صحابته في الأسرى فقبل قول أبي بكر ، واعرض عن رأي عمر الموافق لمراد الله <<لو نزل عذاب لم ينج منه إلا عمر >>أو كما قال، انظر تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي [ص36].جاء في صحيح مسلم عن ابن عمر قال قال عمر رضي الله عمهما : وافقت ربي في ثلاث : في مقام أبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر >>[ح 2399] يوق محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله : هذا من أجل مناقب عمر رضي الله عنه ،وهو مطابق للحديث الذي قبله :<< قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في أمتي
      منهم أحد فعمر بن الخطاب منهم >>ولهذا عقبه مسلم به . وجاء في هذه الرواية . وافقت ربي في ثلاث ، وجاء في رواية أخرى في الصحيح : اجتمع نساء رسو الله عليه في الغيرة .فقلت : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن . فنرزلت الآية بذلك . وجاء في الحديث الذي ذكره مسلم بعد هذا موافقته في منع الصلاة على المنافقين ونزل الآية بذلك ، وجاءت موافقته في تحريم الخمر ، فهذه ست ، وليس في لفظه ما ينفي زيادة الموافقة .صحيح مسلم تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي [ص1865 / ح2399] فإذا كان بهذه المنزلة والمنقبة يوافق الله في مراده فهو إذا ملهم في رشده ، فكيف يمثل الفكر البشري الغشوم الظلوم فمن يمثل الفكر الملهم الراشد ، والسبيل الهادي ؟
      الصفحة [5]
      عمر الذي شهد له النبي بالإيمان وهو غائب كما في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< بينما راع في غنمه عدا الذئب فأخ شاة ، فطلبها حتى استنقذها ، فالتفت إليه الذئب فقال له : من لها يوم السبع ليس لها راع غيري ؟ فقال الناس : سبحان الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أني أومن به ، وأبو بكر وعمر >> وما ثم أبو بكر وعمر .الفتح [ج 7/52 / ح3690].
      عمر الذي لا تعد فضائله ولا تحصى يمثل المنهج المنحرف الجهول الظلوم، فمن إذا يمثل العدل والحق؟ فقد كان صلبا في دينه وقّافا عند الحق، حتى وصل به الإخلاص والصدق إلى أن يفر منه الشيطان، فإنه ما سلك فجا إلا سلك الشيطان فجا آخر خوفا من عمر بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسلم [ح2396 ] وغيره.وكأنك ما اطلعت على سيرته وفضائله في الصحاح والمساند، من كتب أهل الحديث وأنت الذي تنتسب – زعما - إلى أهل الحديث...
      فإذا كان عمر وهو من هو في الصحابة ؟ وزير رسول الله وصهره، وثاني خليفة راشد من بعده أمير المؤمنين الذي أخذها بحق ينزع فيها نزع العبقري الفذ الذي لا نظير له؛ كما أخبر بذلك المصطفى، والحديث في البخاري برقم [3681]يمثل المنهج المنحرف الخاطيء فلماذا قال النبيJ :<< … عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ …>> أيعقل أن يرشد النبي Jأمته إلى الفكر أو المنهج الظلوم الجهول الذي يمثله عمر؟ وقال J فيه: << اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر>>.صحيح الجامع.[ح1153،1154،1155]والأحاديث الصحيحة[1233].
      وقال علي رضي الله عنه:كثيرا ما كنت أسمع النبي يقول :<< ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر>>الفتح [ح /3685] وهو في صحيح مسلم [2389].
      الصفحة [6]
      فأقول لصاحبي: ألم تجد من تثمل به إلا عمر رضي الله عنه ؟ سبحان الله !! ألا فلتعلم أنك أنت الذي تمثل المنهج الظلوم الجهول الغاشم، بهذا التمثيل لأنك تعلم هذه الأحاديث.فكيف تخطيتها؟ وتعرف قدر عمر فكيف تعديت ودنيت ؟ واعلم أنك أنت المتسبب في فتنة تدوم لا يعلم نهايتها إلى الحي القيوم. أما عمر فحاشاه من ذلك.
      وكذلك تعرض بالسوء لأسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه، حب رسول الله وابن حبه ووصفه بالجهل. ألا تعلم أن أسامة بن زيد من جملة الصحابة ، الذين هم أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما ، كما قال ابن مسعود ، وأنه من جمله الصحابة الذين الذين لهم فضيلة الصحبة ، والذين اصطفاهم الله واجتباهم لصحبة نبيه ، والذين أوتوا العلم كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين ،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه، وهو لا يحب الجهلة ولا يرتضيهم قادة على جيش فيهم كبار الأصحاب ، فقد روى البخاري في صحيحه حديث[ 3735]عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم :<< أنه كان يأخذه والحسن فيقول: اللهم أحبهما فإني أحبهما >>.فالقصة التي تمثل بها لجهل أسامة تتضمن شيئين ، الأول : أن قتل أسامة لذلكم الرجل الذي نطق بالشهادتين كان تأولا منه رضي الله عنه ، والثاني ، أن تخطئة النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة لهذا التأويل ، ليبن له وللأمة ، فضل كلمة التوحيد ،وأنها عصمة لمن قالها تعصم دمه وماله ، وأنه لا ينبغي الحكم على قائلها إلابالظاهر ، أما القلوب فهي إلى علام الغيوب..
      فاعلم أنه لا ينبغي لأحد مهما كان في كل زمان ومكان أن يمثل بالصحابة،للانحراف على المنهج القويم والطريق المستقيم ، أو يصفهم بالجهل أو الظلم ، ولا يفعل ذلك إلا الشيعة الروافض ، أو النواصب الخوارج ، وينبغي أن نمسك عما جرى بينهم ، ونترضى عليهم، ونحبهم، ونتقرب إلى الله بحبنا لهم ، فحبهم دين ، فهم فوقنا بكل اعتبار.
      فمن عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة حب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والترضي عنهم وعدم التعرض لهم بسوء أو ثلب.بل بنبغي التأدب معهم ، والإمساك عما جرى بينهم .
      يقول الإمام أحمد في رسالته أصول أهل السنة : ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم أو أبغضه لحدث منه أو ذكر مساوئه. كان مبتدعا حتى يترحم عليهم جميعا.ويكون قلبه سليما.
      وروى خلال في السنة (75 بسند صحيح عن الإمام أحمد قال من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية، وله خبيئة سوء، إذ قصد إلى خير الناس وهم أصاحب رسول الله وحسبك.

      الصفحة [7]
      قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية بشرح الفوزان (ص184-206) ويتبرءون أي أهل السنة والجماعة- من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو فعل ، ويمسكون عما جرى بين الصحابة ويقولون : أن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون- وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر.
      ويقول أبو زرعة : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فأعلم أنه زنديق لأن رسول اللهJ عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة، ذكره ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم (32 34) والخطيب البغدادي في كتابه الكفاية (ص 93) واعتمده الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه الإصابة في تمييز الصحابة.
      قال الخطيب في المصدر المذكور بعد أن ساق الأدلة على عدالة الصحابة وفضلهم وقدرهم والتحذير من سبهم والتعرض لهم أو لأحدهم بسوء.
      والأخبار في هذا المعنى لا تتسع ، أي [ لا تنحصر ]وكلها مطابقة لما في نص القرآن وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم، مع تعديل الله تعالى لهم - المطلع على بواطنهم- إلى تعديل أحد من الخلق إلى أن قال : على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرنا لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد، والنصرة وبذل الجهد والأموال وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين- القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المُعدَلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين .
      الصفحة [8]
      يقول محمد تقي العثماني في كتابه تكملة فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم [ج5/34]:
      قد أجمع أهل السنة والجماعة على أن الصحابة أفضل الخلائق بعد الأنبايء صلوات الله وسلامه عليهم ، وعلى أنه لا يبلغ مرتبتهم في الفضيلة أحد من الأولياء ، وقد شهدت بذلك نصوص الكتاب والسنة . قال الله تبارك وتعالى : {{ والسابقون الأولون من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالديين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }}وأي شهادة أكبر من هذه الشهادة ؟ قد صرح القرآن الكريم لجميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، ولجميع من أتبعهم بإحسان ، بأن رضا الله الله سبحانه وتعالى حاصل لهم ،ولا يوجد مثل هذه الشهادة لأحد من الأولياء مهما بلغ من العبادة والتقوى بمكان . ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية :[ج2/1388] يا ويل من أبغضهم أو سبهم أو سب بعضهم .. فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم .
      وقد أبعدت هذه الآية الكريمة كل شبهة من الشبهات التي يثيرها بعض الروافض ومن كان على شاكلتهم من كون الصحابة انقلبت أخوالهم فيما بعد –والعياذ بالله – فإن الآية لا تشهد لهم بالعدالة وقت نزول الوحي فقط ، بل يخبر عنهم بأن الله تعالى رضي عنهم في كل حين ، وأهم من أهل الجنة ، وأن رضا الله سبحانه وتعالى واستحقاق الجنة لا يثبت إلا لمن حسنت خاتمته ، فإن العبرة بالخواتيم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ،فلا يمكن أن يخبر الله تعالى عن أحد بهذه الصراحة أنه رضي عنه وأعد له الجنة وإنه يعلم أنه لا يموت على الحق .
      ولست بصدد استيعاب النصوص الواردة في مدح الصحابة والثناء عليهم ، لأنها كثيرة ، وقد ألف العلماء في ذلك كتبا مستقلة ، وإنما المقصود أن نبين إذا كان الصحابة بهذه المنزلة فكيف يجوز لأحد أن يطيل لسانه فيهم ، أو في أحد منهم على أساس بعض التأويلات التي هي أولى بالطعن من الصحابة الذين زكاهم الله تعالى وصرح بفضلهم وعدالتهم في كثير من القرآن الكريم ، والواقع أن التشكيك في عدالة الصحابة ، والتنقيص من قدرهم لاينتج إلا التشكيك والتنقيص في الدين وأصوله ، لأن الدين كله لم يصل إلينا إلا بواسطتهم ، فلو ارتفعت الثقة عنهم –والعياذ بالله – لارتفع
      الأمان عن النصوص ، ولتزعزع بنيان الدين ، ولأصبح لدين لعبة بأيدي المتطفلين ، يحرفونه كما يشاؤون .نسأل الله تعالى أن يعصمنا وجميع المسلمين من مثل هذه الضلالات التي ليس منشؤها إلا إغواء النفس أو الشيطان ، والفرار من أحكام شريعة الله المطهرة البيضاء النقية ..

      الصفحة [9]
      قلت أولا: فقد عُرض كلامه في الصحابة على العلماء ،واتفق جوابهم على أنه طعن في الصحابة وتعرض لهم بسوء، وأنه أساء الأدب في حقهم وانتقصهم ، وحتى لو قال هو ما أردت ذلك وما قصدت ،وقال أتباعه المتعصبون له بالباطل والمقدسون لشخصه، أنه ما قصد الانتقاص، فأقول هذه طريقة أهل الأهواء، لا يطعنون على أهل السنة والجماعة مباشرة ، وإنما بطرق ملتوية غير مباشرة، حتى لا يتفطن لها من لا علم له ، ولكنها لا تخفى على أهل العلم .
      والقاعدة تقول: من لسانك أدينك، وهذا كلامك مسجل عليك ، وقد أمرنا أن نحكم على الظاهر ، فمن أظهر شيئا مخالفا للذي جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا أخذ به وإن قال إن سريرته خالصة وحسنة وأنه لم يقصد كما قال عمر رضي الله عنه : أن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي ، وإن الوحي انقطع ، فمن أظهر لنا شيئا أخذ به ولو قال أن سريته حسنة . رواه البخاري .
      ثانيا: أقول لهم أن مثل هذا كثير؛ وأنهم إذا حاجهم أهل السنة والجماعة تعذروا بقولهم لم نقصد هذا، ثم يلجئون إلى التأويل والمراوغات هذا إن اعترفوا حتى يبرءوا أنفسهم، كما وقع من صاحبنا مرة مع الشيخ ربيع إذ سجل معه مكالمة هاتفية يقول فيها للشيخ ربيع : لماذا هؤلاء لا يحبون أن تكون مرجعية للسلفيين في الجزائر؟ فقال له الشيخ ربيع: وأنت لماذا تريدها لنفسك ؟ فقال : لا ، لا، أنا ما أريدها لنفسي وإنما للشيخ محمد على فركوس، حدثنا بهذا الحاج بن عيسى يوم اجتمعنا بالشيخ فركوس في مكتبته بالقبة ،وقال أنه سمع الشريط بنفسه وأنهم أخذوا عليه العهد أن لا يعطى الشريط لأحد ..
      فلما التقيت بالشيخ فركوس بحضرة الحاج بن عيسى أخبرته الخبر أمامه وطلبت منه أن يقدم له نصيحة ما دام يريد أن تكون المرجعية له فقال لي:[ أي فركوس] إنها مراوغة سياسية ، وهذا بحضرة الحاج بن عيسى وصاحب مكتبة الرغائب والنفائس، وثلاثة أئمة آخرين لم أحفظ أسماءهم لم اعرفهم جاءوا مع الحاج بن عيسى .


      الصفحة [10]
      أهم أخطائه في المنهج: أما أخطاؤه في المنهج فكثيرة اكتفي بذكر الأهم منها.
      1- قوله أن هذه الأمة فقدت المرجعية بعد موت الشيخ ناصر الدين الألباني..
      أولا: وجوابا عليه أقول : هذا دليل آخر على أنه لا يرتضي الشيخين ابن باز والعتيمين، وإلا فما يحمله أن يقول ذلك، وأن يحصر المرجعية في الشيخ ناصر الذي لم يجعلها لنفسه ،ولم يطلبها قط، مع أن الشيخين كانا ممن يُرجع إليهما في النوازل فضلا عن أصول وفروع المسائل، بل إن الشيخ ناصر كان يثني عليهما خيرا، بل ربما سألهما في بعض المسائل، فقد حضرت مجلسا بين الشيخ
      ابن باز والشيخ ناصر رحمهما الله في بيت الشيخ ابن باز بالطائف، ورأيت كل منهما يسأل الآخر ويتواضع له في مناقشة لطيفة في مسألة زكاة عروض التجارة.
      ثانيا:قوله : أن المرجعية فقدت، يلزم منه الطعن في البقية الباقية من أهل العلم، وأنه يرى أنهم لم يبلغوا منزلة حل المعضلات والمشكلات والنوازل التي تعترض الأمة، وعلى رأس أولئك العلماء، أعضاء اللجنة الدائمة(1) للإفتاء ، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، والشيخ ربيع، والشيخ عبد المحسن العباد وغيرهم .
      ثالثا: قوله فقدت المرجعية تكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : << لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله >> قال البخاري: هم أهل العلم فقد بوب في صحيحه : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم <<: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق وهم أهل العلم>> (2 ).
      قال ابن حجر رحمه الله(1 ) : قوله" وهم أهل العلم" هو من كلام المصنف ،وأخرج الترمذي حديث الباب ثم قال سمعت محمد ابن إسماعيل هو البخاري يقول : سمعت على بن المديني يقول: هم أصحاب الحديث ".فهذه العصابة والطائفة من أهل العلم لا تنقطع حتى يأتي أمر الله ويقاتل آخرهم الدجال.

      الصفحة[11]
      أخرج الحاكم وأبو داود من حديث عمران بن حصين رفعه :" لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال" قال ابن حجر : ويؤخذ منه صحة ما تأولته- وهو أن نهاية هذه الطائفة الريح اللينة- فإن الذين يقاتلون الدجال يكونون بعد قتله مع عيسى ثم يرسل عليهم الريح الطيبة فلا يبقى بعدهم إلا الشرار.الفتح [ج13/83].
      قلت : وعليهم تقوم الساعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم >> رواه مسلم أنظر الفتح [ج13/306].

      ولعل العيد يوافقني على أن الاجتهاد ماض لا ينقطع ولن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لقول رسول الله: لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ) الحديث ،والطائفة تطلق على الواحد فما فوقه، فالحديث نص في أن الأرض لا تخلو من قائل بالحق، قائم بالحجة ، هذه رحمة من الله تعالى بخلقه وحجة على المعاندين، قال ابن القيم رحمه الله :" إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:<< لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق>> وقال على رضى الله عنه: لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته، فلو جاز أن يخطئ الصحابي في حكم ولا يكون في ذلك العصر ناطق بالصواب في ذلك الحكم لم يكن في الأرض قائم لله بحجة في ذلك الأمر، وهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع .أعلام الموقعين [ج4/150].
      ومن المعلوم أن الوحي قد انقطع وأن النصوص غير متناهية، وأن الأحداث تتجدد منها ما بحثه السلف في الوقائع المفترضة، ومنها ما لم يبحثوه فلا بد من وجود المجتهد الذي يستنبط أحكام هذه الأحداث المتجددة، وإلا تخبط الناس في الجهل وانقطعت حجة الله على خلقه.
      قال صاحب كتاب فتح المجيد[ص276] في شرح حديث الطائفة المنصورة : واحتج به الإمام أحمد على أن الاجتهاد لا ينقطع ما دامت هذه الطائفة موجودة.
      قلت: فإذا كانت هذه الطائفة موجودة ولا تذهب حتى يأتي أمر الله وهو الريح الطيبة اللينة. وقد فسرت بأهل العلم وفسرت بأهل الحديث، فالعلم لا يرفع ما دام يوجد له طالب من هذه الفرقة، والحديث لا يرفع ما دام يوجد له طالب من هذه الطائفة، أما قلة العلم ،وفشو الجهل وذلك من علامات الساعة كما جاء في الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما فهي لا تنفي وجود العلموإنما غاية ما فيها هي قلة العلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم :<<بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء >>رواه مسلم وغربة الإسلام الثانية هي في فهم الإسلام على ما فهمه السلف الصالح من الصحابة والتابعين.. وليس في الكثرة فواقع الأمة اليوم بهذه الكثرة يرفع الغربة عنه ، غربة الكم ، وتبقى غربة الفهم الصحيح غريبة وسط هذه الغثائية.
      الصفحة [12]
      وهذا قول أكثر الحنابلة وطائفة من المحققين كشيخ الإسلام ،وتلميذه ابن القيم خلافا لجمهور الأصوليين الذين جوزوا خلو الزمان عن مجتهد، وحجة الجمهور حديث عبد الله بن عمرو في قبض العلم مرفوعا:<< إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيَضِلون ويُضِلون>>أخرجه في صحيحه الـبخاري (ح 7307).
      قلت: وحجة الحنابلة أقوى فهي مثبتة، والجمع ممكن بين الحديثين وقد ذكر الحافظ عدة أقوال في الجمع أحسنها ما رجحه هو: وهو أن العلماء الصالحين يقلون في كل جيل وكل طبقة عن ذي قبل- ويكثر الجهال المنتحلون للعلم، ومع ذلك فلا بد من وجود العلماء الأثبات الغرباء في كل جيل وإن كان بقلة عما قبله، ويختلف ذلك باختلاف بلدانهم وأزمانهم وهذا الجمع بين الحديثين يؤيده حديث أنس مرفوعا :<< من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل>> الفتح ك العلم _ ج1/ 81) وروى عنه أيضا مرفوعا: << لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم>> الفتــــح ( ح 706.
      وقد ورد في شرح هذا الحديث ما يبين المراد بالشر فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وقد استشكل هذا الإطلاق مع أن بعض الأزمنة تكون في الشر دون التي قبلها ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبد العزيز وهو بعد زمن الحجاج بيسير- إلى أن قال- ثم وجدت عن عبد الله بن مسعود التصريح بالمراد وهو أولى بالإتباع إلى أن قال-ومن طريق الشعبي عن مسروق عنه قال:<< لا يأتي عليكم زمان إلا وهو أشر مما كان قبله أما إني لا أعني أميرا خيرا من أمير ولا عاما خير من عام ، ولكن علماءكم وفقهاءكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا، ويجيء قوم يفتون برأيهم>>. وفي لفظ عنه رضي الله عنه من هذا الوجه: << وما ذاك بكثرة الأمطار وقلتها ولكن بذهاب العلماء، ثم يحدث قوم يفتون في الأمور برأيهم فيثلمون الإسلام ويهدمونه >> الفتح لابن حجر ( 13/24).
      قلت: أما قبض العلماء بإطلاق فلا يكون إلا مع هبوب الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين، وذلك بعد نزول عيسى عليه السلام، وموته فيبقى شرار الخلق عليهم تقوم الساعة، وهبوب الريح هو نهاية عمر هذه الطائفة المنصورة التي تبقى تقاتل على الدين ظاهرة حتى هبوب الريح، وهذا كما رواه مسلم في المحاورة التي دارت بين عبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر رضي الله عنهم. وهي أن عبد الله بن عمرو قال:" لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية، فقال عقبة بن عامر: عبد الله أعلم ما يقول، وأما أنا فسمعت رسول الله يقول:<< لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك>> فقال عبد الله :<< أجل ويبعث الله ريحا طيبة ريحها ريح المسك ومسها مس الحرير فلا تترك أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس فعليهم تقوم الساعة >> (1) .
      وهناك فائدة أخرى في الجمع بين حديثي الطائفة المنصورة وقبض العلم، وهو وجوب قيام العلماء الأثبات المشار إليهم في حديث الطائفة المنصورة بكشف ضلالات المضلين المذكورين في حديث قبض العلم الذين يضلون الناس بأهوائهم وآرائهم، وهذا يستفاد أيضا من قول النبي صلى الله عليه وسلم :<< يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين>> مشكاة المصابيح ( 1/82 / 24 والحديث صححه جمع من العلماء . وفي تواصل حلقات العلماء وعدم انقطاعها حتى تهب الريح اللينة قوله صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة:<< على رأس كل مائة سنة يبعث الله لهذه الأمة من يجدد لها دينها >>.أخرجه أبو داود 4291- والحاكم (4/522) وقال الحاكم بعد ذِكره للحديث: سمعت الأستاذ أبا الوليد رضي الله عنه يقول : كنت في مجلس أبى العباس بن شريح إذ قام شيخ يمدحه فسمعته يقول : حدثنا أبو الطاهر الخولاني ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شرحيل بن يزيد عن أبي علقمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:<< إن الله يبعث …>> فذكره ثم قال :فابشر أيها القاضي فإن الله بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وبعث على رأس المائتين محمد بن إدريس الشافعي ،وأنت على رأس الثلاث مائة ثم أنشد شعرا(1). فأقول لصاحبنا لا تحزن فحلقات العلماء والمجددين متواصلة وإن لم يكونوا في العلم في مستوى من قبلهم وإنما يُقيَّم عِلمهم بالنسبة لعصرهم وزمنهم ثم يطلق عليهم اسم التجديد والله أعلم.


      1 نعم نقول اللجنة الدائمة، لأنه صرح أنها ليست في المستوى المطلوب للأخذ عنها ولا يوثق بما تصدر من فتاوى فقد قال محذرا الشباب لا تقرؤوا للجنة فتاويها حتى تعرضوها علي سبحان الله من هذا التعالم !!!ومن أنت يرحمك الله ؟
      2 الفتح لابن حجر ك الاعتصام بالسنة [ ج13/ص 6 3 ][ ح7311 ].
      3نفس المصدر السابق.

      1 لمزيد من المعرفة من أوجه الجمع أنظر (الفتح ج 3/ص82 83-300) ك الاعتصام بالكتاب والسنة ، والمحاورة ذكرها ابن حجر في الفتح أيضا، وفتح المجيد(ص276277).

      1 والحديث صحيح : فقد قال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (ح 599) بعد أن ذكر من أخرجه : قلت: وسكت عليه الحاكم والذهبي وأما المناوي فنقل عنه أنه صححه فلعله سقط من النسخة المطبوعة من المستدرك . والسند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم، ووقع عند الحاكم والهروي شراحبيل ولا أراه محفوظا وهو في صحيح سنن أبي داود ( ح3606) وصحيح الجامع ( ح 1874) .

      تعليق

      يعمل...
      X