بــــــسم الله الرحمن الرحيــــــم
قال أحد الإخوة ممّن تأثّروا ببعض المناهج الحركية الحزبية طاعنًا في العلامة السلفي أحمد النجمي رحمه الله ، و مدافعًا عن شيخه الإخواني ابن جبرين هداه الله إلى الحق:
"... كلام الشيخ النجمي في الشيخ ابن جبرين من قبيل الكلام في الأقران فلا يلتفت إليه، و لا يستبعد حسد الشيخ النجمي للعلامة بن جبرين فحذر منه... "
أقول : كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا !
رويدك أيّها الرجل فكلام الشيخ النجمي في ابن جبرين هو من قبيل التحذير من أهل البدع و النصح للمسلمين، و ليس هو من قبيل كلام الأقران و ليس هو من الحسد في شيئ!!
و لو كان العلامة النجمي يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله - وحاشاه رحمه الله- لحسد من هم أجل و أفضل و أعلا قدرًا ومنزلة من الشيخ ابن جبرين!
وما كلمة-الأقران - و فرية- الحسد - التي تُسمع من البعض بين الفينة و الأخرى إلا أسلوب من أساليب الحزبيين يستعملونها في الدّفاع عن رموزهم و منظرّيهم و كذلك تستعمل في الطّعن في مشايخ أهل السنّة السلفيين الصادقين!
و قد عثرتُ و الفضل لله وحده على كلام نفيس للشيخ النجمي نفسه المُفترَى عليه- رحمه الله رحمةً واسعة- يفنّد فيه هذه الشبهة التي يُشنع بها القوم على السلفيين إذا بينوا للناس خطر هؤلاء الحزبيين و حذّروا من بدعهم و ضلالاتهم.
و دونكم أيها الأفاضل كلام الشيخ النجمي رحمه الله فقد سُئل غفر الله له : : شيخنا بعض الجهلة يورد شبهة يقول فيها: "إنَّ ما يحصل بين الأقران لايؤخذ قول بعضهم في بعض؛ لأنَّه من باب الحسد"، فما توجيهكم حول هذه المسألة، وهل من صدر منه هذا الكلام هل يؤخذ عنه العلم أم لا ؟ وجزاكم الله خيرًا ؟
فأجاب وسّع الله مدخله : هذا ليس المقصود منه الأقران؛ إنَّما المقصود منه الحزبيات والتجمعات الَّتِي تخالف الشريعة الإسلامية، ويعلم الله عالم الغيب والشهادة على أنَّا لا نقصد إلاَّ مناصحة إخواننا فزملائنا أكثرهم قد ماتوا، ولَم يبق منهم إلاَّ أناس معدودين قليلين، وأكثر الموجودين على الساحة طلابنا لكنَّهم تنكروا لنا لمَّا دعوناهم إلى الحق، وأصبحوا يقولون ويتكلمون فينا والحمدلله على ذلك، ثُمَّ يجب أن يعلم أنَّ الإنسان الذي يدفعه الحسد لفلان؛ لكونه مثلاً تشرف بكذا أو تقدم عليه بكذا، فهذا والعياذ بالله حظه من الاستقامة ضعيف، والمسلم يجب أن يتقي الله، وإذا كان أخوه برز في شيءٍ مثلاً أو أعطاه الله شيئًا من الدنيا؛ جاهًا أو مالاً أو ما أشبه ذلك لايحسده عليه، ويعلم الله عالم الغيب والشهادة أنِّي لا أحسد أحدًا على شيءٍ من الدنيا بل أنِّي أعتبر الدنيا هذه ما هي إلاَّ متاعٌ زائل؛ أقول لكم عن نفسي، وأرجو أنِّي صادقٌ في ذلك فهؤلاء الذين يقولون: "أنَّ ما يحصل من الردود إنَّما هو من قبل الحسد بين الأقران"!!
كذَّابون, كذابون!
هذا بعيدٌ كل البعد أن يكون السلفيين يقولون هذا من أجل أنَّه حسدٌ للأقران.
عندما أقول: قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه و سلم وأدعو إلى كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم أنا متأثرٌ بالحسد هل يعقل هذا؟!!
لا؛ إنَّه لايعقل، فالذي ينبغي أن نعلم أنَّ هؤلاء قومٌ بُهت؛ كما قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه, يعني من رأوه يدعو إلى الحق؛ قالوا: هذا متأثرٌ بالحسد؛ سبحان الله؛ أي شيءٍ تحسده عليه؟!!
لو أنَّ لك عقلاً يا الإنسان تحسده على الدنيا، والله ما الحسد على الدنيا ما هو إلاَّ سفاهة، واعتراضٌ على قدر الله؛ نحن نعلم أن أناسًا من الكفار والمنافقين والذين اتجهوا اتجاهات باطلة؛ مثل البعثي، والاشتراكي؛ جلبوا لهم دنيا؛ ما جلبوا لأنفسهم إلاَّ بلاءً، ووبالاً؛ والشيء الذي يسعون فيه ضلال، فنحن نعتقد أنَّ من فعل هذه الأمور، ومثل من يمشي في سبيلها.
وما الدافع الذي يدفعنا إلى القول في الحزبيات، والدعوة إلى المنهج السلفي، وإلى ما كان عليه كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ما دفعنا إليه إلاَّ دعوة الناس إلى الخير؛ نريد أن ننقذ إخواننا، ونريد أن نحرز ثوابًا لأنفسنا؛ عندما ندعوهم، والنَّبِي صلى الله عليه و سلم يقول: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) (1 ) رواه مسلم, فليس هدفنا من ذلك حسدٌ لأحد أو سخطةٌ عليه في دنيا؛ لا والله الذي لا إله غيره، إنَّا لانريد هذا، ويعلم الله سبحانه وتعالى؛ أنَّ هذا كذبٌ ودجلٌ وتضليل عندما يتهمون( 2) السلفيين بِهذا أنا لا أقول عن نفسي فقط، وإن كنت أنا متيقنًا من نفسي؛ لكنّي أعرف إخواني السلفيين أنَّه ليس دافعهم إلى هذا إلاَّ قولة الحق، ودعوة الحق، والذي يقول هذا لا ينبغي أن يؤخذ عنه، وإن كان عنده علم( 3) إلاَّ أن يتوب إلى الله لما قيل للإمام أحمد بن حنبل إنَّ ابن أبي قتيلة في مكة يقول إنَّ أهل الحديث قوم سوء قال:(زنديقٌ زنديقٌ؛ زنديق، وجعل ينفض ثوبه ثلاثًا)( 4) الذي يتكلم في الدعاة إلى الله، ويقول إنَّهم متأثرون بالحسد؛ سبحان الله؛ سبحان الله؛ معقول هذا الكلام، واحد يدعو، ويؤلف ويبين الحق في مؤلفاته، وفي دعوته هو متأثرٌ بالحسد؛ كذبوا والله؛ كذبوا والله؛ هل الشيخ ربيع متأثرٌ بالحسد؟!
هل فلانٌ، وفلان متأثرين بالحسد؛ ولكنَّهم متأثرون بقال الله، وقال رسوله صلى الله عليه و سلم يريدون من الناس أن يسيروا على المنهج الحق لتكتب لهم السلامة، وياليت هؤلاء يتقون الله في أنفسهم، والله إنَّ الله سبحانه و تعالى سيحاسبهم في هذا الأمر هم يتكلمون في الدعاة السلفيين من أجل أن يشوهوا سمعتهم حتى لا يؤخذ عنهم الحق، وحتَّى لا يؤخذ عنهم العلم، وحتى لا تسمع كلمتهم، ولا تسمع توجيهاتُهم؛ يقولون هذا فيهم من أجل هذا، أي أحدٍ أشبه الذي يقول هذا؟ إنَّه أشبه اليهود، ونسأل الله العفو والعافية.
فإذا كنت تقول الذي يؤلف، والذي يدعو والذي يبين نقول أنَّه متأثرٌ بالحسد على ماذا الحسد؟ على دنيا!! الدنيا هو زاهدٌ فيها؛ لو أتته بحذافيرها قد يكون أنَّه ما يقبلها، وعلى كلٍّ نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويهدي من ضلَّ، ويجمع القلوب على طاعته وأن يجمعنا في دار كرامته، وأن يعفو عنا فيما بدر منا من زلقات الألسن أو من العمل الذي نعمله وقد يكون أنَّه خلاف الصواب، ولسنا نزكي أنفسنا من الخطأ، فنحن بشر والبشر جائزٌ عليهم الخطأ؛ إذ كلنا مخلوقين من النقص، ومجبولين على النقص، فكيف يحصل منا الكمال فنسأل الله أن يعفو عنا، ويغفر لنا النقص الذي عندنا، ويتقبل منا أعمالنا على ما فيها من ضعف.
المصدر : الفتاوى الجلية للشيخ النجمي رحمه الله فتوى رقم 73.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي:
( 1) الحديث أخرجه الإمام مسلم في كتاب العلم, باب: من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2 ) أي: من المبتدعين الذين يقولون أنَّ السلفيين هدفهم من الردود وبيان الحق للناس هو الحسد.
(3 ) أي: الحزبيون.
(4 ) انظر معرفة علوم الحديث للحاكم (ص4) ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص247) وطبقات الحنابلة (1/ 3 "تخريج الأخ السلفي الشيخ خالد بن ضحوي الظفيري في كتابه إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء (ص25) طبعة دار الآثار".
تعليق