قد تجاوزت الحَدَّ !!
رد على الدكتور عبد العزيز العسكر
عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم رحمه الله
((الحلقة الأولى))
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
فقد اطلعت على ما كتبه الدكتور عبدالعزيز العسكر في جريدة (عكاظ) يوم الجمعة الموافق (22/11/1418هـ) في حق الشيخ الألباني. وقد ساءني جدًا ما كتبه، إذ هو بداية الانطلاق العلني لأكل لحوم علماء الأمة الكبار في بلد لا يعهد عن ولاته ولا مواطنيه إلا تقدير علماء المسلمين الذين شُهِدَ لهم بالاستقامة على السنة ونصرتها .. حتى خرج هذا الكاتب عن جماعتهم برفع لواء الطعن والتجريح في عالم كبير.. إنه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الذي قام بتدريس كتاب: (التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ مع شرحه العظيم (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) للإمام الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب ـ رحمهم الله تعالى ـ في بلاد الشام (دمشق) !! قبل أن يولد هذا الكاتب تقريبًا، وذلك عام 1375هـ كما حدث بذلك الشيخ عبدالله بن خميس ـ حفظه الله ـ في كتابه الماتع (شهر في دمشق) (ص75،76).
لقد نذر الألباني وقته كله للعلم والتعليم، في نشر العقيدة والسنة، تأليفًا وتحقيقًا وتدريسًا. فأحبه علماء هذا البلد، وأثنوا على عقيدته، وفرحوا بوجود مثله في تلك الأقطار، مع مخالفتهم له في مسائل من فروع الدين، وفي طريقة الاستنباط من النصوص الشرعية.
قال سماحة الشيخ المفتي الأكبر محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ ( كما في (الفتاوى) 4/92) ـ في الرد على ما ذهب إليه الألباني من تحريم الذهب المحلق ـ قال: والذي كتب في ذلك ناصر الدين الألباني، وهو صاحب سنة ونصرة للحق ومصادمة لأهل الباطل، ولكن له بعض المسائل الشاذة، من ذلك هذه المسألة وهو عدم إباحته، ذكر وجمع آثارًا، ولكنها لا تصلح أن تعارض الأحاديث. اهـ.
وقال سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ حفظه الله تعالى ـ ( كما في مجلة الدعوة، العدد 1449، الخميس 6 صفر 1415هـ): الشيخ ناصر الدين الألباني من خواص إخواننا الثقات المعروفين ليس معصومًا بل قد يخطئ في بعض التصحيح والتضعيف، ولكن لا يجوز سبه ولا ذمه ولا غيبته. اهـ.
وقال الشيخ حمود بن عبدالله التويجري ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (التنبيهات على رسالة الألباني في الصلاة) (ص3): وقبل ذكر التنبيهات نبدأ بشكر الألباني على اعتنائه بشأن الصلاة، وعلى إنكاره على المبتدعين في النية، وعلى إنكاره على المحافظين على التوسلات المبتدعة كالتوسل بالجاه والحرمة ذلك وغير ذلك مما لا يجوز التوسل به. اهـ.
وقال في الرسالة نفسها (ص13): ومن تدبَّر ما قرره الشيخ الألباني في أثناء كلامه لم يَشُكّ في حسن عقيدته في باب القدر. اهـ.
وقد كنت مع الشيخ حمود ـ رحمه الله ـ في بيته عام 1407هـ تقريبًا، وعرضت عليه ردًا لبعض الإخوة على الشيخ الألباني في مسألة: منعه الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، وكانت مقدمة الردّ: مشتملة على كلام جارح في حق الشيخ الألباني. فأشهد الله تعالى أني سمعت الشيخ حمود بن عبدالله التويجري يقول : الألباني الآن عَلَمٌ على السنة، الطعن فيه إعانة على الطعن في السنة. اهـ.
فهذه بعض أقوال علمائنا الكبار في الألباني، فماذا يريد العسكر من الخروج عن سبيلهم ؟ إنهم ـ رغم ردهم على الألباني في هذه المسائل الفرعية ـ لم يتهموه في عقيدته ومنهجه؛ لأنهم بالله أعرف، وله أخشى، فلا يقولون إلا ما يرضي الله تعالى، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدًا.
لقد ضم الدكتور العسكر قلمه ـ بتلك المقالة ـ إلى أقلام الجهمية والصوفية والقبورية الذين ينطقون ويكتبون: (الألباني وهابي) (الألباني من الوهابية) ولا أظن مقالاتهم تخفى على الكاتب وقد تخصص في (العقيدة) إنّ الألباني غير معصوم ـ كبني البشر ـ وله أخطاء لا يوافقه علماؤنا الكبار عليها، ونحن تبع لهم في ذلك لأننا نعتقد أن أدلتهم أقوى، لكن لم يكتب أحد من علمائنا الكبار: أن الألباني ليس بسلفي أو هو مبتدع، وإنما يختلفون معه كما يختلفون العلماء من لدن الصحابة إلى يومنا هذا في الفرعيات الشرعية، ويبقى الحب لأهل السنة والتوحيد، كما قال الإمام إبراهيم النخعي: (كانوا يتزاورون وهم مختلفون) رواه يعقوب بن سفيان في (المعرفة والتاريخ)(3/134).
إن الألباني يختلف تمام الاختلاف عن الأحزاب والتنظيمات والجماعات. فهو عالم، يربي بالعلم الشرعي، ويحرم التحزب وتنظيمه .. كما يرى أن الدولة السعودية هي دولة إسلام وبلاد توحيد، وأنها لا تسلم من أخطاء البشر، إلا أنها الآن أفضل دولة إسلامية على الإطلاق. ويرى في قوله الأخير ـ أن تعدد الأئمة عند الضرورة جائز، فتتعدد بذلك الدول ـ فمحاولة الكاتب أن يوهم القراء بأن الألباني له تنظيم؛ كذب وافتراء، وقد صعد الكاتب صراحة إلى ما هو أسوأ من ذلك ، حيث قال: إنه سبب ما يقع في الأمة من مشكلاتٍ ـ هذه فحوى عبارته ـ وأقول: سبحان الله. وايم الله لقد علم الدكتور العسكر ـ ومنه سمع الناس ذلك ـ أن سبب الافتراق ونحوه قوم يعرفهم الدكتور جيدًا بل هم الذين غذّوه ومعهم نشأ، وهؤلاء القوم أشد أعدائهم: كتب الألباني. بل بعضهم يتعدى ويصف كتبه والكتب القديمة عمومًا: بأنها كتب (صفراء) فمن سبب الافتراق والمشاكل إذن ؟ لعل الدكتور لا يتغير ـ لتغير الظروف ـ فيخرج بقول ثالثٍ !!
وأخيرًا: أدعو الكاتب إلى الرجوع إلى الله، والمحافظة على لحوم العلماء من الأكَّالين، وأن لا يكون سببا لجلب عداوة الناس للبلاد والعباد، وليكن بين ناظريه: أن مَن رام الشُّهْرَة على أكتاف العلماء سقط فكسرت عنقه.
كتب ذلك:
عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم
23/11/1418هـ
محاضر بالمعهد العالي للقضاء
يتبع ...
23/11/1418هـ
محاضر بالمعهد العالي للقضاء
يتبع ...
تعليق