إلحاح الإمام عبد العزيز بن باز على عبد الفتاح أبو غدة
لإعلان التبرؤ من الكوثري وتشنيع سلمان العودة لأجل ذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
لإعلان التبرؤ من الكوثري وتشنيع سلمان العودة لأجل ذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد قدم الإمام ابن باز رسالة الشيخ بكر [براءة أَهل السنة, من الوقيعة في علماء الأُمة] قائلا: ((من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إِلى حضرة الأَخ المكرم صاحب الفضيلة العلامة الدكتور بكر بن عبد الله أَبو زيد وكيل وزارة العدل. لازال مسدداً في أَقواله وأَعماله, نائلاً من ربه نواله, آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أَما بعد: فقد اطلعتُ على الرسالة التي كتبتم بعنوان: " براءة أَهل السنة, من الوقيعة في علماء الأُمة "، وفضحتم فيها المجرم الآثم, محمد زاهد الكوثري بنقل ما كتبه من السَّبِّ, والشَّتم, والقذف لأَهل العلم والإِيمان, واستطالته في أَعراضهم ، وانتقاده لكتبهم .. إِلى آخر ما فاه به ذلك الأَفَّاك الأَثيم, عليه من الله ما يستحق, كما أَوضحتم أَثابكم الله تعالى تعلُّق تلميذه الشيخ عبد الفتاح أَبو غدة به, وولائه له, وتبجحه باستطالة شيخه المذكور في أَعراض أَهل العلم والتُّقَى, ومشاركته له في الهمز واللمز, وقد سبق أَن نصحناه بالتبرئ منه, وإِعلان عدم موافقته له على ما صدر منه, وأَلححنا عليه في ذلك, ولكنه أَصر على موالاته له هداه الله للرجوع إِلى الحق, وكفى المسلمين شره وأَمثاله. وإِنا لنشكركم على ما كتبتم في هذا الموضوع ونسأَل الله أَن يجزيكم عن ذلك خير الجزاء, وأَفضل المثوبة لتنبيه إِخوانكم إِلى المواضع التي زلت فيها قدم هذا المفتون - أَعني: محمد زاهد الكوثري- . كما نسأَله سبحانه أَن يجعلنا وإِياكم دعاة الهدى, وأَنصار الحق إِنه خير مسئول, وأَكرم مجيب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)).
فشنع سلمان العودة على الطريقة السلفية في التعامل مع من يدافع ويوالي أهل البدع في التبرئ من صاحب البدعة وإعلان ذلك إذا عرف منه موالاة ذلك المبتدع، فدافع سلمان العودة عن شيخه عبد الفتاح أبو غدة المتلون ولمز الإمام ابن باز حيث يقول ضمن مقال(شيوخ1) كما في "موقع الإسلام اليوم- 18/جمادى الآخرة/1428هـ":((...كتب تنشر وتوزع في "تفنيد أباطيل تلميذ الكوثري" والشيخ يصدر رسائل علمية سلفية، ويقرر فيها عقيدة السلف في الإيمان والأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات بغير تأويل.
على أن تفاقم الخصومة واحتدامها لم يُجْدِ معه دواء، ولا بد عند بعض الموغلين فيها أن يتبرأ من شيخه، ومن كتبه، وأن يردّ عليه، وأن يعلن ذلك على الملأ، ولو حدث هذا؛ فالظن أنه سيقال بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ذراً للرماد في العيون!
الدائرة المفرغة تضيع بدايتها، بين طلاب يتأثرون بأقوال شيوخهم، أو شيوخ يستحوذ عليهم الأقوياء من طلابهم)).
ورحم الله القحطاني الذي قال في نونيته:
أما بعد، فقد قدم الإمام ابن باز رسالة الشيخ بكر [براءة أَهل السنة, من الوقيعة في علماء الأُمة] قائلا: ((من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إِلى حضرة الأَخ المكرم صاحب الفضيلة العلامة الدكتور بكر بن عبد الله أَبو زيد وكيل وزارة العدل. لازال مسدداً في أَقواله وأَعماله, نائلاً من ربه نواله, آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أَما بعد: فقد اطلعتُ على الرسالة التي كتبتم بعنوان: " براءة أَهل السنة, من الوقيعة في علماء الأُمة "، وفضحتم فيها المجرم الآثم, محمد زاهد الكوثري بنقل ما كتبه من السَّبِّ, والشَّتم, والقذف لأَهل العلم والإِيمان, واستطالته في أَعراضهم ، وانتقاده لكتبهم .. إِلى آخر ما فاه به ذلك الأَفَّاك الأَثيم, عليه من الله ما يستحق, كما أَوضحتم أَثابكم الله تعالى تعلُّق تلميذه الشيخ عبد الفتاح أَبو غدة به, وولائه له, وتبجحه باستطالة شيخه المذكور في أَعراض أَهل العلم والتُّقَى, ومشاركته له في الهمز واللمز, وقد سبق أَن نصحناه بالتبرئ منه, وإِعلان عدم موافقته له على ما صدر منه, وأَلححنا عليه في ذلك, ولكنه أَصر على موالاته له هداه الله للرجوع إِلى الحق, وكفى المسلمين شره وأَمثاله. وإِنا لنشكركم على ما كتبتم في هذا الموضوع ونسأَل الله أَن يجزيكم عن ذلك خير الجزاء, وأَفضل المثوبة لتنبيه إِخوانكم إِلى المواضع التي زلت فيها قدم هذا المفتون - أَعني: محمد زاهد الكوثري- . كما نسأَله سبحانه أَن يجعلنا وإِياكم دعاة الهدى, وأَنصار الحق إِنه خير مسئول, وأَكرم مجيب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)).
فشنع سلمان العودة على الطريقة السلفية في التعامل مع من يدافع ويوالي أهل البدع في التبرئ من صاحب البدعة وإعلان ذلك إذا عرف منه موالاة ذلك المبتدع، فدافع سلمان العودة عن شيخه عبد الفتاح أبو غدة المتلون ولمز الإمام ابن باز حيث يقول ضمن مقال(شيوخ1) كما في "موقع الإسلام اليوم- 18/جمادى الآخرة/1428هـ":((...كتب تنشر وتوزع في "تفنيد أباطيل تلميذ الكوثري" والشيخ يصدر رسائل علمية سلفية، ويقرر فيها عقيدة السلف في الإيمان والأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات بغير تأويل.
على أن تفاقم الخصومة واحتدامها لم يُجْدِ معه دواء، ولا بد عند بعض الموغلين فيها أن يتبرأ من شيخه، ومن كتبه، وأن يردّ عليه، وأن يعلن ذلك على الملأ، ولو حدث هذا؛ فالظن أنه سيقال بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ذراً للرماد في العيون!
الدائرة المفرغة تضيع بدايتها، بين طلاب يتأثرون بأقوال شيوخهم، أو شيوخ يستحوذ عليهم الأقوياء من طلابهم)).
ورحم الله القحطاني الذي قال في نونيته:
لا يَصْحَبُ البِدْعِيَّ إلاّ مثلُهُ.......تَحتَ الدُّخانِ تأَجُّجُ النِيرانِ
وفي طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: قال عثمان بن إسماعيل السكري سمعتُ أبا داود السجستاني يقول: قلتُ لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: ((لا، أو تُعلمه أنَّ الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة؛ فإن ترك كلامه فكلِّمه، وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود رضي الله عنه:"المرء بخدنه")).
ومن كان محسناً للظن بهم وادَّعى أنه لم يعرف حالهم: عُرِّفَ حالهم، فإنْ لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار وإلا أُلِحق بهم وجعل منهم!. وأما مَنْ قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة!؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم!، فإنه إنْ كان ذكياً فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً فهو أكفر من النصارى!؛ فمَنْ لم يُكفِّر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث والاتحاد أبعد، والله أعلم)).
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في [القول البليغ ص230] بعد أن نقل رواية الإمام أحمد في التعريف بالمبتدع قبل الإلحاق به؛ وقد تقدم ذكرها: ((وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين، ويجادلون عنهم بالباطل. فمن كان منهم عالماً بأنَّ التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم، ويجادل عنهم؛ فإنّه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنُّب، ومن كان جاهلاً بهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات، فإنْ لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم فإنه يُلحق بهم، ويُعامل بما يُعاملون به)).
وسُئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في شريط مسجَّل في تعليقه على كتاب [فضل الإسلام]: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم؛ هل يلحق بهم؟! فأجاب: ((نعم ما فيه شك، مَنْ أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم!، نسأل الله العافية)).
وقال الشيخ أحمد النجمي رحمه الله: ((وبالجملة فإن الأدلة من الكتاب و السنة وعمل السلف الصالح أن من آوى أهل البدع أو جالسهم أو آكلهم أو شاربهم أو سافر معهم مختاراً: فإنه يلحق بهم، لا سيما إذا نُصِحَ وأصرَّ على ما هو عليه؛ حتى ولو زعم أنه إنما جالسهم ليُناصِحَهم)).
وقال الشيخ د. صالح الفوزان حفظه الله في [ظاهرة التبديع ص45]: ((فالواجب إتباع المستقيم على السنة الذي ليس عنده بدعة، وأما المبتدع فالواجب التحذير منه، والتشنيع عليه حتى يحذره الناس، وحتى ينقمع هو وأتباعه. وأما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه أكثر من المصلحة، ومعلوم أنَّ قاعدة الدين: "إنَّ درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وفي معاداة المبتدع درأ مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إنْ كانت!. ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يضلل أحد!، ولم يبدع أحد!، لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق، وعنده شيء من الالتزام. المبتدع ليس كافراً محضاً، ولا مخالفاً للشريعة كلها، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور، أو غالب الأمور؛ وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج، فإنَّ الأمر خطير، لأنَّ هذا يصبح قدوة، ومن حينئذ تنتشر البدع في الأمة، وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم.
فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشبِّه على الناس بما عندهم من الحق هذا أحد أمرين: إما جاهل بمنهج السلف ومواقفهم من المبتدعة؛ وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم!، ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له!، وإما أنه مغرض لأنه يعرف خطر البدعة ويعرف خطر المبتدعة ولكنه مغرض يريد أن يروِّج للبدعة؛ فعلى كلٍ هذا أمر خطير، وأمر لا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانت)).
وقال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في مقدمة كتابه [منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف]: ((ويجوز - بل يجب - الكلام في أهل البدع، والتحذير منهم ومن بدعهم أفراداً وجماعات، الماضون منهم والحاضرون؛ من الخوارج والروافض والجهمية والمرجئة والكرامية وأهل الكلام الذين جرهم علم الكلام إلى عقائد فاسدة مثل: تعطيل صفات الله أو بعضها، فهؤلاء يجب التحذير منهم ومن كتبهم وطرقهم الضالة، وما أكثرها، وكذلك من سار على نهجهم من الفرق (الجماعات) المعاصرة ممن باين أهل التوحيد والسنة ونابذهم وجانب مناهجهم، بل حاربها ونفر عنها وعن أهلها، ويلحق بهم: مَنْ يناصرهم ويدافع عنهم، ويذكر محاسنهم ويشيد بها، ويشيد بشخصياتهم وزعمائهم، وقد يفضِّل مناهجهم على منهج أهل التوحيد والسنة والجماعة)).
وفي المصدر نفسه: قال الخلال أخبرنا المروذي: أنَّ أبا عبدالله ذكر حارثاً المحاسبي فقال: ((حارث أصل البلية - يعني حوادث كلام جهم - ما الآفة إلا حارث، عامة مَنْ صحبه انتهك إلا ابن العلاف؛ فإنه مات مستوراً!، حذِّروا عن حارث أشدَّ التحذير)) قلت: إنَّ قوماً يختلفون إليه؟ قال: ((نتقدم إليهم لعلهم لا يعرفون بدعته؛ فإنْ قبلوا وإلا هجروا، ليس للحارث توبة، يُشهد عليه ويجحد، إنما التوبة لمن اعترف)).
وقال إسحاق: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: ((أخزى الله الكرابيسي لا يُجالس ولا يُكلَّم ولا تكتب كتبه، ولا يُجالس مَنْ يُجالسه))، وقال أيضاً: ((إياك إياك وحسين الكرابيسي، لا تكلِّمه، ولا تكلِّم مَنْ يكلِّمه)) أعاد ذلك أربع مرات أو خمس مرات!.
وقال ابن بطة رحمه الله في [الإبانة ص262]: ((ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقربه في جوارك. ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه - أي من البدع - وهجرانه والمقت له، وهجران مَنْ والاه ونصره وذبَّ عنه وصاحبه وإنْ كان الفاعل لذلك يظهر السنة!)).وقال إسحاق: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: ((أخزى الله الكرابيسي لا يُجالس ولا يُكلَّم ولا تكتب كتبه، ولا يُجالس مَنْ يُجالسه))، وقال أيضاً: ((إياك إياك وحسين الكرابيسي، لا تكلِّمه، ولا تكلِّم مَنْ يكلِّمه)) أعاد ذلك أربع مرات أو خمس مرات!.
وقال البربهاري رحمه الله في [شرح السنة ص121]: (وإذا رأيتَ الرّجلَ يَجلسُ مع رجلٍ من أهلِ الأهواءِ فَحَذِّرْهُ وعَرِّفْهُ؛ فإن جَلَسَ معه بعدما عَلِمَ فاتّقِهِ، فإنَّه صاحبُ هوىً).
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في [درء تعارض العقل والنقل 2/97]: ((قال الشيخ أبو الحسن الكرجي: وسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول: سمعت شيخنا الإمام أبا بكر الراذقاني يقول: كنتُ في درس الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وكان ينهى أصحابه عن الكلام، وعن الدخول على الباقلاني، فبلغه أنَّ نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام، فظن أني معهم ومنهم، وذكر قصة في آخرها: إنَّ الشيخ أبا حامد قال لي: يا بني؛ بلغني أنك تدخل على هذا الرجل يعني الباقلاني، فإياك وإياه فإنه مبتدع يدعو الناس إلى الضلالة، وإلا فلا تحضر مجلسي. فقلت: أنا عائذ بالله مما قيل، وتائب إليه، واشهدوا عليَّ أني لا أدخل عليه)).
وقال أيضاً في [المجموع 2/132-133]: ((وهكذا هؤلاء الاتحادية؛ فرؤوسهم هم أئمةُ كفرٍ، يجب قتلهم ولا تقبل توبة أحدٌ منهم إذا أُخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة الذين يظهرون الإسلام ويبطنون أعظم الكفر، وهم الذين يفهمون قولهم ومخالفتهم لدين المسلمين. ويجب عقوبة كل مَنْ انتسب إليهم، أو ذبَّ عنهم، أو أثنى عليهم، أو عَظَّمَ كتبهم، أو عرف بمساعدتـهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأنَّ هذا الكلام لا يدري ما هو؟!، أو قال: إنَّه صنف هذا الكتاب، وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق!. بل تجب عقوبة كل مَنْ عرف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم!. فإنَّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنـَّهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادًا، ويصدون عن سبيل الله. فضررهم في الدين أعظم من ضرر مَنْ يفسد على المسلمين دنياهم ويترك دينهم؛ كقطاع الطريق وكالتتار الذين يأخذون منهم الأموال ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم مَنْ لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أعظم من أن يوصف، وهم أشبه الناس بالقرامطة الباطنية، ولهذا هم يريدون دولة التتار ويختارون انتصارهم على المسلمين؛ إلا مَنْ كان عامياً من شيعهم وأتباعهم، فإنه لا يكون عارفًا بحقيقة أمرهم!. ولهذا يقرون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويجعلونهم على حق، كما يجعلون عباد الأصنام على حق، وكل واحدة من هذه من أعظم الكفر!.ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في [درء تعارض العقل والنقل 2/97]: ((قال الشيخ أبو الحسن الكرجي: وسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول: سمعت شيخنا الإمام أبا بكر الراذقاني يقول: كنتُ في درس الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وكان ينهى أصحابه عن الكلام، وعن الدخول على الباقلاني، فبلغه أنَّ نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام، فظن أني معهم ومنهم، وذكر قصة في آخرها: إنَّ الشيخ أبا حامد قال لي: يا بني؛ بلغني أنك تدخل على هذا الرجل يعني الباقلاني، فإياك وإياه فإنه مبتدع يدعو الناس إلى الضلالة، وإلا فلا تحضر مجلسي. فقلت: أنا عائذ بالله مما قيل، وتائب إليه، واشهدوا عليَّ أني لا أدخل عليه)).
ومن كان محسناً للظن بهم وادَّعى أنه لم يعرف حالهم: عُرِّفَ حالهم، فإنْ لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار وإلا أُلِحق بهم وجعل منهم!. وأما مَنْ قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة!؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم!، فإنه إنْ كان ذكياً فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً فهو أكفر من النصارى!؛ فمَنْ لم يُكفِّر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث والاتحاد أبعد، والله أعلم)).
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في [القول البليغ ص230] بعد أن نقل رواية الإمام أحمد في التعريف بالمبتدع قبل الإلحاق به؛ وقد تقدم ذكرها: ((وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين، ويجادلون عنهم بالباطل. فمن كان منهم عالماً بأنَّ التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم، ويجادل عنهم؛ فإنّه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنُّب، ومن كان جاهلاً بهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات، فإنْ لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم فإنه يُلحق بهم، ويُعامل بما يُعاملون به)).
وسُئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في شريط مسجَّل في تعليقه على كتاب [فضل الإسلام]: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم؛ هل يلحق بهم؟! فأجاب: ((نعم ما فيه شك، مَنْ أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم!، نسأل الله العافية)).
وقال الشيخ أحمد النجمي رحمه الله: ((وبالجملة فإن الأدلة من الكتاب و السنة وعمل السلف الصالح أن من آوى أهل البدع أو جالسهم أو آكلهم أو شاربهم أو سافر معهم مختاراً: فإنه يلحق بهم، لا سيما إذا نُصِحَ وأصرَّ على ما هو عليه؛ حتى ولو زعم أنه إنما جالسهم ليُناصِحَهم)).
وقال الشيخ د. صالح الفوزان حفظه الله في [ظاهرة التبديع ص45]: ((فالواجب إتباع المستقيم على السنة الذي ليس عنده بدعة، وأما المبتدع فالواجب التحذير منه، والتشنيع عليه حتى يحذره الناس، وحتى ينقمع هو وأتباعه. وأما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه أكثر من المصلحة، ومعلوم أنَّ قاعدة الدين: "إنَّ درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وفي معاداة المبتدع درأ مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إنْ كانت!. ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يضلل أحد!، ولم يبدع أحد!، لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق، وعنده شيء من الالتزام. المبتدع ليس كافراً محضاً، ولا مخالفاً للشريعة كلها، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور، أو غالب الأمور؛ وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج، فإنَّ الأمر خطير، لأنَّ هذا يصبح قدوة، ومن حينئذ تنتشر البدع في الأمة، وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم.
فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشبِّه على الناس بما عندهم من الحق هذا أحد أمرين: إما جاهل بمنهج السلف ومواقفهم من المبتدعة؛ وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم!، ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له!، وإما أنه مغرض لأنه يعرف خطر البدعة ويعرف خطر المبتدعة ولكنه مغرض يريد أن يروِّج للبدعة؛ فعلى كلٍ هذا أمر خطير، وأمر لا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانت)).
وقال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في مقدمة كتابه [منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف]: ((ويجوز - بل يجب - الكلام في أهل البدع، والتحذير منهم ومن بدعهم أفراداً وجماعات، الماضون منهم والحاضرون؛ من الخوارج والروافض والجهمية والمرجئة والكرامية وأهل الكلام الذين جرهم علم الكلام إلى عقائد فاسدة مثل: تعطيل صفات الله أو بعضها، فهؤلاء يجب التحذير منهم ومن كتبهم وطرقهم الضالة، وما أكثرها، وكذلك من سار على نهجهم من الفرق (الجماعات) المعاصرة ممن باين أهل التوحيد والسنة ونابذهم وجانب مناهجهم، بل حاربها ونفر عنها وعن أهلها، ويلحق بهم: مَنْ يناصرهم ويدافع عنهم، ويذكر محاسنهم ويشيد بها، ويشيد بشخصياتهم وزعمائهم، وقد يفضِّل مناهجهم على منهج أهل التوحيد والسنة والجماعة)).