بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نَحمدُه و نستعينهُ ونستغفرهُ، ونعوذُ بالله مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدهِ اللهُ فَلا مُضلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُضْلِل فَلا هَادي لَه، وَأَشهدُ أن لا إِلَه إلاَّ الله وحْدَه لا شَريكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أنَّ محمَّداً عَبْدُه وَرَسولُه صلى الله عليه وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.
أمَّا بعدُ: فَإنَّ أصدقَ الحديثِ كَلامُ الله تَعالى، وخَيرَ الْهَدي هَديُ مُحمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وشرَّ الأُمُورِ مُحَدَثَاتُها وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعةٌ وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ.
ثُمِّ إنَّ مِنْ أُصُولِ أهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ العظيمة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.
أمَّا بعدُ: فَإنَّ أصدقَ الحديثِ كَلامُ الله تَعالى، وخَيرَ الْهَدي هَديُ مُحمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وشرَّ الأُمُورِ مُحَدَثَاتُها وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعةٌ وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ.
وُجُوب الاجْتِماع والائتلاف ونَبذ الفُرقة والاختلاف، وأنْ يكونَ هذا الاجتماعُ على الحقِّ وبالحقِّ وللحقِّ.
وهذا الأصلُ دلَّ عليه الكِتَاب والسُّنَّة، قَالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة: «تَعْلَمُونَ أنَّ من القواعدِ العظيمةِ التي هي مِنْ جِمَاعِ الدِّين: تأليفَ القلوبِ واجتماعَ الكلمةِ وصلاحَ ذات البين؛ فإنَّ الله تعالى يقول {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}...- وذكر آيات ثمَّ قال- وأمثال ذلك من النُّصوصِ تأمرُ بالجماعةِ والائتلافِ وتنهى عن الفرقةِ والاختلافِ، وأهلُ هذا الأصلِ هُمْ أَهْلُ الجماعة، كما أنَّ الخارجين عنْهُ هُمْ أهلُ الفرقة»( المجموع) لابن قاسم (28 / 51).
ومِنْ أدلَّة هذا الأصلِ: قَولهُ تَعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقوله عزَّ وجلَّ {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ○ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}، وقوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}، وقوله {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} والآياتُ في البابِ كثيرةٌ.
ومِنَ السنَّةِ ما جَاء فِي صَحيح مُسْلمٍ منْ حَديثِ أبِي هُريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «إنَّ الله يرضَى لكم ثلاثاً ويَكْرَهُ ثَلاثاً، فيرضَى لكمْ أنْ تَعْبُدوه ولا تُشْرِكُوا به شيئاً، وأنْ تَعْتَصِمُوا بحبلِ الله جَمِيْعاً ولا تَفَرَّقُوا، ويَكْرَهُ لَكُمْ: قِيْلَ وقَالَ، وكَثْرَةَ السُّؤال وإضَاعةَ المال» (3 / 1340).
قَالَ الحافظ ابن عبد البرِّوهذا الأصلُ دلَّ عليه الكِتَاب والسُّنَّة، قَالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة: «تَعْلَمُونَ أنَّ من القواعدِ العظيمةِ التي هي مِنْ جِمَاعِ الدِّين: تأليفَ القلوبِ واجتماعَ الكلمةِ وصلاحَ ذات البين؛ فإنَّ الله تعالى يقول {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}...- وذكر آيات ثمَّ قال- وأمثال ذلك من النُّصوصِ تأمرُ بالجماعةِ والائتلافِ وتنهى عن الفرقةِ والاختلافِ، وأهلُ هذا الأصلِ هُمْ أَهْلُ الجماعة، كما أنَّ الخارجين عنْهُ هُمْ أهلُ الفرقة»( المجموع) لابن قاسم (28 / 51).
ومِنْ أدلَّة هذا الأصلِ: قَولهُ تَعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقوله عزَّ وجلَّ {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ○ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}، وقوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}، وقوله {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} والآياتُ في البابِ كثيرةٌ.
ومِنَ السنَّةِ ما جَاء فِي صَحيح مُسْلمٍ منْ حَديثِ أبِي هُريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «إنَّ الله يرضَى لكم ثلاثاً ويَكْرَهُ ثَلاثاً، فيرضَى لكمْ أنْ تَعْبُدوه ولا تُشْرِكُوا به شيئاً، وأنْ تَعْتَصِمُوا بحبلِ الله جَمِيْعاً ولا تَفَرَّقُوا، ويَكْرَهُ لَكُمْ: قِيْلَ وقَالَ، وكَثْرَةَ السُّؤال وإضَاعةَ المال» (3 / 1340).
في (التَّمهيد) (21 / 272) شارحاً الْحَديث: «فيهِ الْحَضُّ على الاعتصام والتَّمسُّكِ بِحَبْلِ الله في حال اجتماعٍ وائتلافٍ.
وحبلُ اللهِ فِي هذا الموضعِ فيه قَولان: أحدُهما: كتاب الله. والآخر: الجماعة، ولا جماعةَ إلاَّ بإمامٍ. وهو عندي معنىً متداخلٌ متقاربٌ؛ لأنَّ كتاب الله يأمرُ بالألفة، وينهى عن التَّفرُّقِ، قال تعالى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ..}، وقَال {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}..» إلى آخر كَلامه.
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه اللهوحبلُ اللهِ فِي هذا الموضعِ فيه قَولان: أحدُهما: كتاب الله. والآخر: الجماعة، ولا جماعةَ إلاَّ بإمامٍ. وهو عندي معنىً متداخلٌ متقاربٌ؛ لأنَّ كتاب الله يأمرُ بالألفة، وينهى عن التَّفرُّقِ، قال تعالى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ..}، وقَال {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}..» إلى آخر كَلامه.
في (منهاج السُّنة) (3 / 134) مُفَسِّراً حبلَ الله تعالى: «وقد فُسِّرَ حبْلُه بكتَابِه، وبدينِهِ، وبالإسلامِ، وبالإخلاصِ، وبأَمْرِهِ، وبعَهْدِهِ، وبطَاعَتِهِ، وبالجمَاعةِ. وهذه كلُّها منقولة عن الصَّحابة والتَّابعين لهم بإحسانٍٍ إلى يوم الدِّين، وكلُّها صحيحة، فإنَّ القرآنَ يأمرُ بدين الإسلام، وذلك عهدُهُ وأَمْرُهُ وطَاعتُه، والاعتصام به جميعاً إنما يكون في الجمَاعة، ودين الإسلام حقيقتُه: الإخلاصُ للهِ».
ومِنْ أدلَّةِ السُّنَّة أيضاً الدَّالةِ عَلى ذمِّ الافتراقِ والْحَثِّ على الاتِّفاقِ، حَديث الافتراق «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة..» وهو حَديثٌ مشهورٌ مَعْروفٌ ثابتٌ، وهو متضمنٌ التَّحذير مِنْ مُفَارقةِ سبيل المؤمنين، وكَلامُ أهلِ العلم فيه مَسْبُوطٌ مشهورٌ.
ثُم إنَّه قَدْ وَقعَ الافتراق الَّذي حذَّرنا منْه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وظَهَرَتِِ الفِِرَق والنِّحل المخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم المشاقَّة لسبيلِهِِ وسبيلِِ المؤمنين، وعادَ أتباع منْهجهِ صلى الله عليه وسلم حقَّاً وصدْقاً غُرَباء أشد النَّاس غربةً، إلا أنَّها غربة يُغْبَطُون عليها، ولا وحشةَ على أصحابها،
قالَ الإمامُ ابن القيم في (مدارج السالكين)ومِنْ أدلَّةِ السُّنَّة أيضاً الدَّالةِ عَلى ذمِّ الافتراقِ والْحَثِّ على الاتِّفاقِ، حَديث الافتراق «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة..» وهو حَديثٌ مشهورٌ مَعْروفٌ ثابتٌ، وهو متضمنٌ التَّحذير مِنْ مُفَارقةِ سبيل المؤمنين، وكَلامُ أهلِ العلم فيه مَسْبُوطٌ مشهورٌ.
ثُم إنَّه قَدْ وَقعَ الافتراق الَّذي حذَّرنا منْه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وظَهَرَتِِ الفِِرَق والنِّحل المخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم المشاقَّة لسبيلِهِِ وسبيلِِ المؤمنين، وعادَ أتباع منْهجهِ صلى الله عليه وسلم حقَّاً وصدْقاً غُرَباء أشد النَّاس غربةً، إلا أنَّها غربة يُغْبَطُون عليها، ولا وحشةَ على أصحابها،
(3 / 196-200): «.. والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء وأهل السُّنَّة الذين يميزونها مِنَ الأهواء والبِدَعِ فيهم غرباء،
والدَّاعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة،
ولكن هؤلاء هم أهل الله حقاً فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز وجل فيهم {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه، وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم… فالغربة ثلاثة أنواع: غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق، وهي الغربة التي مدح رسول الله أهلها وأخبرَ عن الدِّين الذي جاء به أنه بدأ غريباً وأنَّه سيعود غريباً كما بدأ وأنَّ أهله يصيرون غرباء، وهذه الغربة قد تكون في مكانٍ دون مكانٍ ووقتٍ دون وقتٍ وبين قومٍ دون قوم، ولكن أهل هذه الغربة
هم أهل الله حقاً فإنهم لم يأووا إلى غير الله ولم ينتسبوا إلى غير رسوله ولم يَدْعُوا إلى غير ما جاء به، وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده؛ فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا فوليه الله ورسوله والذين آمنوا وإن عاداه أكثر الناس وجفوه …
ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النَّبيُّ التَّمسُّك بالسُّنَّةِ إذا رغبَ عنْها النَّاس وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التَّوحيد وإن أنكر ذلك أكثر النَّاس، وترك الانتسابِ إلى أحدٍ غير اللهِ ورسولهِ لا شيخٍ ولا طريقةٍ ولا مذهبٍ ولا طائفةٍ، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده وإلى رسوله بالاتِّباع لما جاء به وحده، وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقَّاً وأكثر النَّاس بل كلهم لائم لهم؛
فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الأعظم… بل الإسلام الحقّ الذي كان عليه رسول الله وأصحابه هو اليوم أشد غربة منه في أول ظهوره وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة فالإسلام الحقيقي غريب جدِّاً وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس.
وكيف لا تَكُون فرقة واحدة قليلة جدَّاً غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة، ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات، ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفةِ ما جاء به الرَّسول فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم وما هم عليه من الشُّبُهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم، فكيف لا يكون المؤمن السَّائر إلى الله على طريق المتابعة غريباً بين هؤلاء الذين قد اتبعوا أهواءهم وأطاعوا شحهم و.… فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقهاً في سُنَّةِ رسوله وفهماً في كتابه
وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصِّراطِ المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه، فإذا أراد أن يسلك هذا الصِّراط فليُوطِّن نفسهعلى:قدحِ الجُهَّالِ وأهلِ البدعِ فيهِ، وطعْنهم عليه، وإزرائهم به، وتنفير النَّاس عنه، وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه، فأمَّا إنْ دعاهم إلى ذلك وقَدَحَ فيما هم عليه فهنالك تَقُومُ قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله. فهو غريبٌ في دينهِ لفسادِ أديانهم، غريبٌ في تمسُّكهِ بالسُّنَّةِ لتَمَسُّكِهم بالبدع، غريبٌ في اعتقادهِ لفسادِ عقائِدِهم، غريبٌ في صَلاتهِ لسُوءِ صلاتهم، غريبٌ في طريقه لضلالِ وفسادِ طرقهم، غريبٌ في نسبتهِ لمخالفةِ نِسَبِهِم، غريبٌ في معاشرتهِ لهم لأنَّه يُعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم، وبالجملة: فهو غريبٌ في أمورِ دنياه وآخرته، لا يَجِدُ مِنَ العامَّةِ مسَاعِدَاً ولا معيناً، فهو عالمٌ بين جُهَّالٍ، صاحبُ سُنَّةٍ بين أهلِ بدعٍ، داعٍ إلى الله ورسولهِ بين دعاةٍ إلى الأهواءِ والبدعِ، آمرٌ بالمعروفِ ناهٍ عن المنكر بين قومٍ المعروف لديهم منكر والمنكر معروف »،
فهذا كلام متين من إمامٍ من أئمة الهدى، فتأمَّله.
لذا «فَالافتتانُ في الدِّينِ أمرٌ عظيمٌ، وَلَمَّا نَهى الله عنْه عزَّ وجلَّ بقوله {وَلَا تَفَرَّقُوا} يريدُ التَّفرُّقَ الذي لا يَتَأَتَّى معه الائتِلاف على الجهادِ وحمايةِ الدِّينِ وكلمةِ الله، وهذا هو الافتراق بالفتن والافتراق في العقائد، وأما الافتراق في مسائلِ الفروع والفقه فليس يَدْخُلُ في هذه الآية»
قَالَهُ ابن عطية في (المحرر الوجيز) لذا «فَالافتتانُ في الدِّينِ أمرٌ عظيمٌ، وَلَمَّا نَهى الله عنْه عزَّ وجلَّ بقوله {وَلَا تَفَرَّقُوا} يريدُ التَّفرُّقَ الذي لا يَتَأَتَّى معه الائتِلاف على الجهادِ وحمايةِ الدِّينِ وكلمةِ الله، وهذا هو الافتراق بالفتن والافتراق في العقائد، وأما الافتراق في مسائلِ الفروع والفقه فليس يَدْخُلُ في هذه الآية»
(3 / 182).
ثُمَّ بَعْدَ هذه التَّوطئةِ انْتَقِلُ إلى بَيَانِ أمرينِ مُهِمَّيْن قَبْلَ ذِكرِ التَّعقُّباتِ، وهُمَا إجمالاً:
1/ أَنَّ الْخَطَأَ إذَا وَقَعَ وظَهَرَ يَجِبُ رَدُّهُ بِعِلْمٍ وعَدْلٍ، نُصْحَاً للأمُّة وقياماً بواجب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
2/ حَقِيقةٌ لا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا.
وأمَّا تفصيلهما؛ فأقولُ وبالله التوفيق:
ثُمَّ بَعْدَ هذه التَّوطئةِ انْتَقِلُ إلى بَيَانِ أمرينِ مُهِمَّيْن قَبْلَ ذِكرِ التَّعقُّباتِ، وهُمَا إجمالاً:
1/ أَنَّ الْخَطَأَ إذَا وَقَعَ وظَهَرَ يَجِبُ رَدُّهُ بِعِلْمٍ وعَدْلٍ، نُصْحَاً للأمُّة وقياماً بواجب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
2/ حَقِيقةٌ لا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا.
وأمَّا تفصيلهما؛ فأقولُ وبالله التوفيق:
أوَّلاً: أنَّ الْخَطَأَ إذَا وَقَعَ وَظَهرَ وَجَبَ ردُّه بعلمٍ وعَدلٍ نُصْحَاً للأُمَّةِوقياماً بواجبِ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر
إنَّ مِنْ أَهمِّ وآكَد الوَاجِبَات الْمُحَافَظة عَلى الشَّريعة الْمُحَمَّدية، وصيَانتهَا وَتَنقيتهَا مِنَ الدَّخيل، وَ قَدْ أَدْركَ الصَّحابةُ رضي الله عنهم هَذا الوَاجب؛ فَقَاموا به حَقَّ قيامٍ، وتَبعهم عليه مَنْ سَلَكَ سبيلهم منَ التَّابعين وأئمَّة الدِّين والملَّة، قَالَ الحافظ أبو حاتم ابنُ حبَّان البستي (ت 354هـ): «فُرْسَانُ هَذا العِلْم الَّذين حَفِظُوا عَلى الْمُسْلِمينَ الدِّين، وهَدوهم إلى الصِّراط المستَقيم، الَّذين آثروا قَطْعَ الْمَفَاوِزِ وَ القِفَار علَى التَّنَعُم في الدِّيار والأوْطان في طَلَبِ السُّنَنِ في الأمْصَارِ، وجَمْعِها بالرَّحَلِ والأسْفار والدَّورانِ في جميعِ الأقطارِ، حتَّى إنَّ أحدَهم لَيَرْحُلُ في الحديثِ الواحِدِ الفَرَاسخَ البعيدة وفي الكَلمةِ الواحدةِ الأيامَ الكثيرةَ،
لِئَلا يُدْخِلَ مُضِلٌّ في السُّنَنِ شيئاً يُضِلُّ به، و إنْ فَعَلَ فَهُمُ الذَّابُّونَ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَلك الكَذب، والقَائمونَ بنُصْرةِ الدِّينِ» (المجروحين) (1 / 27).
وَإنَّ مِنَ الْمُسَلَّماتِ أنَّ الصِّراعَ بين الْحَقِّ والباطل، والصَّحيحِ والسَّقيمِ بَاقٍ ومُستمرٍ حتَّى قيام السَّاعة، وعليهِ فَلا بُدَّ - والحالةُ هَذهِ - منَ الاسْتِمْرَار على مَنْهج الصَّحابةِ رضي الله عنهم والتَّابعين وأئمَّة الدِّين: مِنْ حِرَاسةِ الشَّريعة الْمُحَمَّدية وَ الْمُحَافَظةِ عَلى بقائها نقيَّة صافية، مَعَ القِيامِ بِمَا أَوجبَ اللهُ مِنْ بَيَان الحقِّ للخلقِ وردِّ الباطلِ.
قال الإمامُ ابن القيِّم في النُّونيَّة:
هَذا ونصرُ الدِّين فرضٌ لازم *** لا للكـفايـة بـل عـلى الأعـيـانبيدٍ وإما باللسان فإنْ عجز *** ت فبالتَّوجه والدعا بجنان
وفي نصوص الشَّرْع مَا يدَلَّ عَلَى ذَلكَ:
1/ فَقَدْ أخْرَجَ البُخَاريُّ في (صحيحه) (13 / رقم 7022) واللفظ له، ومسلمٌ في (الصَّحيح) (رقم 1037) منْ حديث معاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «
لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتي أمَّةٌ قائمةٌ بأمرِ اللهِ، مَا يَضُرُّهم مَنْ كذَّبهم وَلا مَنْ خَالَفَهُم حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ1/ فَقَدْ أخْرَجَ البُخَاريُّ في (صحيحه) (13 / رقم 7022) واللفظ له، ومسلمٌ في (الصَّحيح) (رقم 1037) منْ حديث معاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «
».
ووردَ نحوهُ من حديث المغيرة رضي الله عنه عندهما أيضاً، ومن حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم، وغيرهما من الصحابة رضي الله عن الجميع.
2/ مَا أخرجه البُخاريُّ في (صحيحه) (8 / رقم 4547 / 209- فتح) واللفظ له، ومسلمٌ في (الصحيح) (16 / ص 216- نووي) مِنْ حَديثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ».
وجهُ الاستدلال:ووردَ نحوهُ من حديث المغيرة رضي الله عنه عندهما أيضاً، ومن حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم، وغيرهما من الصحابة رضي الله عن الجميع.
2/ مَا أخرجه البُخاريُّ في (صحيحه) (8 / رقم 4547 / 209- فتح) واللفظ له، ومسلمٌ في (الصحيح) (16 / ص 216- نووي) مِنْ حَديثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ».
ما قَاله الحافظُ النَّووي في (شرحه لصحيح مسلم) (16 / 21: «
في هَذا الْحَديثِ التَّحْذيرُ مِنْ مُخَالَطَةِ أَهْلِ الزَّيغِ وأَهْلِ البِدَعِ وَ مَنْ يَتَّبعُ الْمُشْكلاَت للفِتْنةِ..».
3/ وَ أيضاً قَوله صلى الله عليه وسلم: «سَيَكُون في آخر أمتي نَاسٌ يُحدِّثونكم بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُم وَ لا آبَاؤُكُم فَإيَّاكُمْ وَإيَّاهُمْ»، أَخرجه مسلمٌ في (مقدِّمة الصَّحيح) (رقم 6) (باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها).
قال الإمامُ البغوي في (شرح السنة) (1 / ص 223): «حديثٌ حسنٌ..».
وجه الاستدلال3/ وَ أيضاً قَوله صلى الله عليه وسلم: «سَيَكُون في آخر أمتي نَاسٌ يُحدِّثونكم بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُم وَ لا آبَاؤُكُم فَإيَّاكُمْ وَإيَّاهُمْ»، أَخرجه مسلمٌ في (مقدِّمة الصَّحيح) (رقم 6) (باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها).
قال الإمامُ البغوي في (شرح السنة) (1 / ص 223): «حديثٌ حسنٌ..».
: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبرَ بِهَذا الغَيْبِ عَنْ أَقوامٍ يَأتونا بِمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ، فَأَمَرَنَا بِمُجَانبتهم، وحذَّرنا منْهُم.
و المتأمِّلُ فِي كَلامِ الأئمَّة يَجِدُ حرصهم على بيانِ الْحَقِّ والرَّدِّ على الباطلِ، بِعِلْمٍ وعدلٍ، فَمِنْ ذَلك:- قَالَ شيخُ الإسلام ابن تيميَّة
كما في (المجموع) (28 / 231-232): «ومثل أئمَّة البِدَعِ مِنْ أهل المقالات المخالفةِ للكتاب والسُّنَّة، أو العِبَادات المخالفة للكتِابِ وَالسُّنَّة،
فإنَّ بَيانَ حَالهم، وتَحذيرَ الأُمَّةِ مِنْهُم، واجبٌ باتِّفاق المسلمين، حَتَّى قيل لأحمد بن حنبل: الرَّجل يَصُوم وَ يُصلِّي ويعتكفُ أحب إليك أو يتكلَّم في أهل البدعِ؟ فقال: إذا قَام وصلَّى واعتكفَ فإنَّما هو لنفسهِ، وإذا تكلَّم في أهلِ البدعِ فإنَّما هو للمسلمين، هذا أفضل.
فبيَّن أَنَّ نَفْعَ هَذا عامٌّ للمسلمين فِي دِينهم، مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ فِي سَبيل الله؛ إذْ تَطْهِيرُ سَبِيْل الله وَ دِيْنهِ وَ مِنْهَاجهِ وَشِرْعَتهِ، ودفع بغي هَؤلاء وعُدوانهم علَى ذَلك، وَاجبٌ علَى الكِفَايَةِ باتِّفاقِ المسلمينَ، ولَولا مَنْ يُقِيْمهُ الله لدَفْعِ ضَرَرِ هَؤلاء لَفَسَدَ الدِّين، وكانَ فَسَادُهُ أَعظم مِنْ فَسادِ اسْتِيْلاءِ العَدوِّ مِنْ أَهْلِ الْحَربِ؛ فإنَّ هَؤلاء إذَا اسْتَولوا لَمْ يُفْسِدُوا القُلُوبَ وَمَا فيها مِنَ الدِّينِ إلاَّ تَبَعاً، وأمَّا أُولئكَ فَهُمْ يُفْسِدُونَ القُلُوبَ ابْتِدَاءً».وقالَ أيضاً: «المقصودُ أنَّ هذه الأُمَّة- ولله الحمد- لم يزلْ فيها مَنْ يتفطَّنُ لما في كلامِ أهلِ البَاطلِ ويردّه، وهم لما هداهم الله به، يتوافقونَ في قبولِ الحقِّ، وردِّ البَاطلِ رأياً وروايةً من غير تشاعرٍ ولا تواطؤٍ» (المجموع) (9 / 233).
وقَالَ أيضاً
كما في (مجموع الفتاوى) (3 / 245): «..هَذا وأنَا فِي سِعَةِ صَدْرٍ لِمَن يُخَالفني،
فإنَّهُ وَإنْ تَعدَّى حُدُود الله فِيَّ بِتَكْفِيرٍ أو تَفْسيقٍ أوْ افْتَراءٍ أو عَصبيَّةٍ جَاهليَّةٍ: فَأنَا لاَ أَتَعَدَّى حُدُودَ الله فيهِ، بَلْ أضْبِطُ مَا أَقُولهُ وَ أَفعلهُ، وَ أَزنُهُ بِمَيزانِ العَدْلِ، وَأجعلهُ مُؤْتَماً بالكتَابِ الَّذي أنزلَهُ الله، وَجَعَلهُ هُدىً للنَّاسِ، حَاكماً فيْمَا اخْتَلَفُوا فيهِ، قالَ الله تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، وقال تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، وقال تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}، وذلك أنَّك ما جزيتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}، وقال تعالى {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}».
و قال أيضاً في (الجواب الصِّحيح) (1 / 107- 10: «ولَمَّا كَانَ أَتْبَاعُ الأنَبياء هُم أهْلُ العِلْمِ وَالعَدْلِ،
كانَ كَلام أهْل الإسلامِ وَالسُّنَّةِ مَعَ الكُفَّارِ وَأهلِ البِدَعِ بِالعِلْمِ وَالعَدْلِ لاَ بِالظَّن و مَا تَهوىَ الأَنْفُس، ولِهَذا قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم «القُضَاةُ ثلاثةٌ..»، فإذَا كانَ مَنْ يَقْضي بَيْنَ النَّاسِ فِي الأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالأَعْرَاضِ
إذَا لَمْ يَكُن عَالِمَاً عَادِلاً كَانَ فِي النَّارِ، فَكَيفَ بِمَنْ يَحْكُمُ فِي الْمِلَلِ وَالأَدْيَانِ وَأُصُول الإيْمَانِ وَالْمَعَارِفِ الإلهيّة وَالْمَعالِمِ العَليّة بِلاَ عِلْمٍ وَلاَ عَدْلٍ؟».
وقال أيضاً في (الرَّدِّ على الإخنائي) (ص 110): «وليسَ الْمَقْصُودُ أيْضَاً العُدْوانُ عَلَى أَحَدٍ- لاَ الْمُعْتَرِضِ وَلا غَيرِهِ - وَ لاَ بَخْسِ حَقِّه وَلاَ تَخْصيصهِ بِمَا لاَ يَخْتَصُّ بِهِ مِمَّا يَشْركهُ فِيْهِ غَيرهُ، بَلْ الْمَقُصود الكَلاَم بِمُوجبِ العِلْمِ وَ العَدْلِ وَ الدِّيْنِ كمَا قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}».
وقَالَ الإمامُ ابنُ رجبٍ الحنبلي في (جامع العلوم والحكم) (1 / 372) شارحاً حديث (لا تَغْضَبْ) عنْدَ البُخاريّ، قَال: «وكَانَ مِنْ دُعَائهِ صلى الله عليه وسلم «أَسْأَلُكَ كَلِمةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ وَالرِّضا»، وهَذا عَزيزٌ جدَّاً، وهو أنَّ الإنْسَانَ لاَ يَقُولُ سِوى الْحَقِّ سَواء غَضِبَ أو رضيَ، فإنَّ
أكثرَ النَّاسِ إذَا غضبَ لا يَتَوقَّف فِيْمَا يَقُولُ»
قال الإمامُ ابنُ القيمفي (إعلام الموقعين) (3 / 106-107)أكثرَ النَّاسِ إذَا غضبَ لا يَتَوقَّف فِيْمَا يَقُولُ»
: «... واللهُ تعالى يُحبُّ الإنْصَافَ، بَلْ هُو أَفضلُ حِليةٍ تَحلَّى بِهَا الرَّجُل، خُصوصاً مَنْ نَصَّبَ نَفْسه حَكَماً بَين الأَقْوالِ وَالْمَذاهبِ، وقَد قالَ الله تعالى لرسوله {وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}، فَورثَةُ الرَّسُولِ مَنْصبهمْ العَدل بَيْنَ الطَّوائف، و ألاَّ يَميلَ أَحَدهُم مَعَ قَريبهِ وَذَوي مَذْهبهِ وَطَائفتِهِ وَ مَتْبُوعهِ، بَلْ يَكُونُ الْحَقّ مَطْلوبهُ، يَسِيْرُ بِسيرهِ، وَيَنْزِلُ بِنُزُولهِ، يَدينُ بدينِ العَدْلِ وَالإنْصَافِ وَيَحْكِّمُ الْحُجَّة، وما كانَ عليهِ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأَصْحَابُهُ؛ فَهُو العِلْمُ الَّذي قَد شَمَّر إليهِ، وَ مَطْلُوبُهُ الَّذي يَحومُ بِطَلبهِ عليهِ، لا يثْني عنَانهُ عَذْل عَاذلٍ، وَلا تَأْخذه فيهِ لَومَةُ لائِمٍ، وَلاَ يَصدُّه عَنْهُ قَولُ قَائلٍ».
ثَانياً: حَقيقةٌ لابُدَّ مِنْ ذِكْرهَا
إنَّ الله تَعالى مِنْ حكمتهِ وَ لُطْفهِ بِخَلقهِ ورحمتهِ بهم بَعَثَ إليهم الأنبياء وأنزلَ عليهم كُتبه؛ لبيان الْحَقِّ للخلق ودعوتهم إلى لزومِ شَريعتهِ ودينهِ، وتحقيق العبودية له سبحانه، قال عزَّ وجل {كانَ النَّاسُ أمَّةً واحدةً فبعثَ اللهُ النَّبيِّين مُبَشِّرين ومُنْذِرينَ وَأَنْزَلَ مَعهمُ الكتَاب بالْحقِّ لِيَحْكُمَ بين النَّاسِ فيما اختلفوا فيه}، وقالَ سُبْحانه {ولَقَدْ بَعثنَا فِي كُلِّ أمَّةٍ رسُولاً أن اعْبُدوا اللهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوت}، وقال تعالى {وإِلَى عَادٍ أخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَومِ اعْبُدَوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقالَ تعالى {وإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَومِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقَالَ تَعالَى {وإلَى مَدْينَ أَخَاهُمْ شُعَيْبَاً قَالَ يَا قَومِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقالَ تَعالَى {ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا نُوحي إليهِ أنَّه لاَ إِلَه إلا أنَا فَاعْبُدُون}، فِي آياتٍ كثيرةٍ.
ومنَ الْمُعُلومِ الثَّابتِ أنَّ هؤلاء الرُّسل صَلَوات الله وسلامه عليهم أوذوا فِي سبيلِ الله، إيذاءً بالغاً؛ إلا أنَّ الله تَعالى أَمَرَهُمْ - وأمرَ أَتْبَاعَهمْ- بالصَّبرِ والتَّحمُّل فِي سَبيلهِ، فقالَ تعالى {فاصْبِرْ كَمَا صبَر أُلوا العزمِ مِنَ الرُّسلِ ولاَ تَسْتَعجلْ لَهُم}، وقال تعالى {ولَقَدْ كُذِّبت رُسُلٌ منْ قَبْلِك فَصَبُروا عَلى مَا كُذُّبوا وأُوذوا حتَّى أتاهم نَصْرُنا ولا مُبَدِّل لِكَلمَاتِ الله ولقَدْ جَاءَك مِنْ نَبَأ الْمُرْسَلين}، فِي آياتٍ أُخر.
ووعَدَ اللهُ تَعالَى الصَّابرينَ عَلَى الْحَقِّ بالأجرِ الْجَزيلِ فَقَالَ تعالى {سلامٌ عليكم بِمَا صَبرتُم فَنِعمَ عُقْبَى الدَّار}، وقال تعالى {ولئنْ صَبَرتُمْ لَهُو خَيرٌ للصَّابِرين}، وقال تعالى {ولنَجْزِينَّ الذينَ صَبَروا بِأَحْسن مَا كَانُوا يَعْمَلُون}، وقال تعالى {إنِّي جَزيتهم اليومَ بِمَا صَبَروا أنَّهم هم الفَائزون}، وقال {وجَعلنَا مِنْهُم أئمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وكانُوا بِآيتِنَا يُوقِنُونَ}، وقَال سُبْحَانه {إنَّه مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِر فَإنَّ الله لا يضيعُ أجر الْمُحْسِنين}، وقال عز في عُلاه {واصْبِرُوا إنَّ الله معَ الصَّابرين}، في آياتٍ عِدَّة.
قالَ الإمامُ ابن القيِّم في (التًّبوكية) (ص 48-50) بعد أنَّ قرَّر أنَّ السَّعادة في الدَّارين سَبَبها طاعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وأنَّ الشُّرور العامَّة والمصائب الواقعة في الأرض، وما يصيبُ العبد في نفسه، إنَّما هو بسبب مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخروج عن طاعته، قَالَ: «وهذا برهانٌ قاطعٌ على أنَّه لا نَجاةَ للعبد ولا سعادةَ إلا باجتهاده في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علماً، والقيام به عملاً.
وكمالُ هذه السعادة بأمرين آخرين:
أحدهما: دعوةُ الخلق إليه. والثاني: صبرهُ وجهادهُ على تلك الدعوة.
فانحصر الكمالُ الإنساني في هذه المراتب الأربعة:
أحدها: العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثَّانية: العملُ به. الثَّالثة: بثُّه في الناس، ودعوتهم إليه.
الرَّابعة: صبره وجهاده في أدائه وتنفيذه.
ومن تطلَّعت همَّتُه إلى معرفة ما كان عليه الصحابة وأراد اتباعهم؛ فهذه طريقتهم حقَّاً.
فإن شئتَ وصلَ القومِ فاسلُكْ طريقهم... فقد وضحتْ للسالكينَ عِياناً» اهـ.
ويُنْظَرُ لِزَاماً لمن أراد مزيد فائدة في رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية (قاعدة فِي الصَّبر) مطبوعة متداولة، فإنها نَافعةٌ بإذن الله والله الموفق.
فَمَنْ سَلَكَ سبيلَ الرُّسل صَلُوات الله وسلامه عَليهم في دَعْوةِ الْخَلقِ، وبيانِ الْحقِّ، والرَّدِّ على الباطلِ بِعِلْمٍ وعَدْلٍ، يَجِبُ أنْ يتحلَّى بالصَّبر عَلى مَا يُصيبه مِنَ الأذى فِي سَبيلِ الله، وَأنْ يَسْعَى بِكُلِّ جهْدهِ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ وَردِّ الباطلِ، مُسْتَصِحبَاً الرِّفْقَ الشَّرعي وَالشَّفقةِ عَلَى الْمَنْصُوحِ المردودِ عَليهِ، بِبَذْلِ النُّصحِ لَهُ أوَّلاً، فَإِنْ قَبِلَ فَالحمدُ لله، وعلى المنصوحِ البَيان إنْ كانَ الْخَطَأُ مُنْتَشِراً، أمَّا إنْ لَمْ يَقْبَلها وعَاندَ أو كانت الْمُخَالِفَة قَدْ ذَاعَتْ وَشَاعَتْ وطَارت بِها الرُّكْبَان وتَلَّقها مَنْ تَلَّقَها عَلى أنَّها دِيْنٌ يُدَان لله بِهِ، فَحِيْنَئذٍ تُرَدُّ الْمُخَالَفَةُ - ابتداءً - بالأدلَّةِ الشَّرعيَّة؛ ليَتَبيَّن الْحَقّ ويَظْهَر، ولَو لَمْ تُبيَّن لَه أوَّلاً؛ لأنَّ ذَلكَ مِنَ الأمر بالمعروفِ والنَّهي عن المنكرِ.
لذَا فَأقول تَجْلِيةً للحقائقِ وبَيَاناً لِحَقيقةِ الواقع- واللهُ خيرُ الشَّاهدين - أنَّ مَا قرَّرتُه هُنَا هُو عَين ما سلكتُه مع الدُّكُتور إبراهيم الرحيلي - هَداه الله ووفقَّهُ -، وبَيَانُهُ:...
ومنَ الْمُعُلومِ الثَّابتِ أنَّ هؤلاء الرُّسل صَلَوات الله وسلامه عليهم أوذوا فِي سبيلِ الله، إيذاءً بالغاً؛ إلا أنَّ الله تَعالى أَمَرَهُمْ - وأمرَ أَتْبَاعَهمْ- بالصَّبرِ والتَّحمُّل فِي سَبيلهِ، فقالَ تعالى {فاصْبِرْ كَمَا صبَر أُلوا العزمِ مِنَ الرُّسلِ ولاَ تَسْتَعجلْ لَهُم}، وقال تعالى {ولَقَدْ كُذِّبت رُسُلٌ منْ قَبْلِك فَصَبُروا عَلى مَا كُذُّبوا وأُوذوا حتَّى أتاهم نَصْرُنا ولا مُبَدِّل لِكَلمَاتِ الله ولقَدْ جَاءَك مِنْ نَبَأ الْمُرْسَلين}، فِي آياتٍ أُخر.
ووعَدَ اللهُ تَعالَى الصَّابرينَ عَلَى الْحَقِّ بالأجرِ الْجَزيلِ فَقَالَ تعالى {سلامٌ عليكم بِمَا صَبرتُم فَنِعمَ عُقْبَى الدَّار}، وقال تعالى {ولئنْ صَبَرتُمْ لَهُو خَيرٌ للصَّابِرين}، وقال تعالى {ولنَجْزِينَّ الذينَ صَبَروا بِأَحْسن مَا كَانُوا يَعْمَلُون}، وقال تعالى {إنِّي جَزيتهم اليومَ بِمَا صَبَروا أنَّهم هم الفَائزون}، وقال {وجَعلنَا مِنْهُم أئمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وكانُوا بِآيتِنَا يُوقِنُونَ}، وقَال سُبْحَانه {إنَّه مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِر فَإنَّ الله لا يضيعُ أجر الْمُحْسِنين}، وقال عز في عُلاه {واصْبِرُوا إنَّ الله معَ الصَّابرين}، في آياتٍ عِدَّة.
قالَ الإمامُ ابن القيِّم في (التًّبوكية) (ص 48-50) بعد أنَّ قرَّر أنَّ السَّعادة في الدَّارين سَبَبها طاعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وأنَّ الشُّرور العامَّة والمصائب الواقعة في الأرض، وما يصيبُ العبد في نفسه، إنَّما هو بسبب مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخروج عن طاعته، قَالَ: «وهذا برهانٌ قاطعٌ على أنَّه لا نَجاةَ للعبد ولا سعادةَ إلا باجتهاده في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علماً، والقيام به عملاً.
وكمالُ هذه السعادة بأمرين آخرين:
أحدهما: دعوةُ الخلق إليه. والثاني: صبرهُ وجهادهُ على تلك الدعوة.
فانحصر الكمالُ الإنساني في هذه المراتب الأربعة:
أحدها: العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثَّانية: العملُ به. الثَّالثة: بثُّه في الناس، ودعوتهم إليه.
الرَّابعة: صبره وجهاده في أدائه وتنفيذه.
ومن تطلَّعت همَّتُه إلى معرفة ما كان عليه الصحابة وأراد اتباعهم؛ فهذه طريقتهم حقَّاً.
فإن شئتَ وصلَ القومِ فاسلُكْ طريقهم... فقد وضحتْ للسالكينَ عِياناً» اهـ.
ويُنْظَرُ لِزَاماً لمن أراد مزيد فائدة في رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية (قاعدة فِي الصَّبر) مطبوعة متداولة، فإنها نَافعةٌ بإذن الله والله الموفق.
فَمَنْ سَلَكَ سبيلَ الرُّسل صَلُوات الله وسلامه عَليهم في دَعْوةِ الْخَلقِ، وبيانِ الْحقِّ، والرَّدِّ على الباطلِ بِعِلْمٍ وعَدْلٍ، يَجِبُ أنْ يتحلَّى بالصَّبر عَلى مَا يُصيبه مِنَ الأذى فِي سَبيلِ الله، وَأنْ يَسْعَى بِكُلِّ جهْدهِ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ وَردِّ الباطلِ، مُسْتَصِحبَاً الرِّفْقَ الشَّرعي وَالشَّفقةِ عَلَى الْمَنْصُوحِ المردودِ عَليهِ، بِبَذْلِ النُّصحِ لَهُ أوَّلاً، فَإِنْ قَبِلَ فَالحمدُ لله، وعلى المنصوحِ البَيان إنْ كانَ الْخَطَأُ مُنْتَشِراً، أمَّا إنْ لَمْ يَقْبَلها وعَاندَ أو كانت الْمُخَالِفَة قَدْ ذَاعَتْ وَشَاعَتْ وطَارت بِها الرُّكْبَان وتَلَّقها مَنْ تَلَّقَها عَلى أنَّها دِيْنٌ يُدَان لله بِهِ، فَحِيْنَئذٍ تُرَدُّ الْمُخَالَفَةُ - ابتداءً - بالأدلَّةِ الشَّرعيَّة؛ ليَتَبيَّن الْحَقّ ويَظْهَر، ولَو لَمْ تُبيَّن لَه أوَّلاً؛ لأنَّ ذَلكَ مِنَ الأمر بالمعروفِ والنَّهي عن المنكرِ.
لذَا فَأقول تَجْلِيةً للحقائقِ وبَيَاناً لِحَقيقةِ الواقع- واللهُ خيرُ الشَّاهدين - أنَّ مَا قرَّرتُه هُنَا هُو عَين ما سلكتُه مع الدُّكُتور إبراهيم الرحيلي - هَداه الله ووفقَّهُ -، وبَيَانُهُ:...
لتحميل المقال وتتمته يراجع الرابط الآتي:من هنا
تعليق