محاولة الإصلاح بالإفساد؛ [ردّ على د. حمود أبو طالب]
بسم الله الرحمن الرحيم
أ- ابتُلِيْتُ أربع مرّات بقراءة مقالات مُنْكَرَة باسم د. حمود أبو طالب في زاويته: (تلميح وتصريح)، وقد كان الله أكْرَمَني بمقت وهجر الزّوايا الصّحفيّة (والصّوفية) التّائهة (هداها الله وكفى الإسلام والمسلمين شرها)، ولكن أخي الغيور على نعمة الله (بالدّين والدّنيا على هذه البلاد والدولة المباركة) رأَى لي أنّه لا يجوز الغفلة عن محاولات الإفساد (ولو بنيّة الإصلاح أو باسمه) كما قال الله تعالى عن المفسدين (قبل الصحفي والصحيفة): {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة: 11ـ12]، {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [ الكهف: 103ـ104].
ب- ولأن صُحُف قتل الوقت {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} هي من وسائل الإعلام التي تختلق – منذ ابتُلينا بها – محاولات الإصلاح المفسدة بما تُجْلِب به من خيلها (وحميرها وبغالها) وتلحّ به على بصر المواطن (في بلاد الدعوة إلى التوحيد والسُّنة ودولتها) وعلى سمعه وقلبه وعقله حتى يَقْبَل ما لا يُقْبَل ويَعْقِل ما لا يُعْقل، فقد أوحى شياطين الإنس والجن إلى أوليائهم من الصّحفيين والإعلاميّين أن (طريق الإصلاح يبدأ بحريّة الصّحافة وحرية المرأة من حدود الشرع والعقل). ولأن (كثرة الضرب على الوجه تُعْمِي) فقد أخذت المرأة من الحرية ما يخالف قضاء الله وشرعه في قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] فأخرجتها الصحافة إلى مؤسسات الإعلام والإدارة في الداخل ثم إلى المؤتمرات والفضائيات في الخارج، ولم يشأ الفكر الإسلامي أن يتخلّف عن ركب التِّيه الحضاري فأخرجها (بتسويلٍ من النفس والشيطان والصحافة) إلى البنك النّسائي والسّوق النّسائي والمصلّى النّسائي وإلى الملاهي وحدائق الحيوان في الأيام النّسائية.
وأخذت الصّحافة من الحرّية ما لا تستحقّ وما لم تؤهّل له؛ بدءًا من رفع الرقابة عنها في عهد الملك فيصل رحمه الله حتى تطاول الصّحفي الجاهل (بشرع الله) على العلم الشرعي وعلمائه ومؤسساته التي تميّزت بها هذه البلاد والدولة المباركة، لا تستثني المعلِّم في مدرسته ولا القاضي في محكمته ولا العالم في فتواه، بل تطاولت الصحافة الجاهلة على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وعلى ابن تيمية شيخ الإسلام في الأرض المباركة رحمه الله، وعلماء الدعوة السّعوديَّة الذين جدّد الله بهم الدين والدعوة على منهاج النّبوّة في القرن الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر من الهجرة رحمهم الله ومن أيدهم ونصرهم؛ فتناولتهم الأقلام الصحفية الضالة بالثلب والتقريع والاتهام بالتكفير والإرهاب والخروج والجهاد العدواني.
ج- وفي حالات ابتلاء الله لي بالصبر وتحمّل عَنَت قراءة (زاوية السّوء) باسم حمود أبو طالب أربع مّرات؛ وجدتها من أردأ الزوايا بكل معيار: (الشرع والعقل والخُلُق)، ووجدت (تلميحها): همزًا ولمزًا و(تصريحها): جهرًا بالسوء من القول ظلمًا وعدوانًا، وكلاهما مما قضى الله بمَقْته ومَحْقه، قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، وقال تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [النساء: 148]:
1- في البلوى الأولى بتاريخ 1/1/1423 اعتدت زاوية (الهماز) على مؤسسة عامة من خير المؤسسات الشرعية في بلاد ودولة الدين والدعوة؛ فتناولتها بالكذب والتجريح والاتهام بالباطل فحرّف تَسْمية الله لها: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وسمّاها: (الأمر بالموت والنهي عن الحياة)، وأصرّ على فرية بعض الصّحفيين والصّحف: (أن الهيئة منعت الدّفاع المدني من إطفاء حريق في مدرسة للبنات) بعد أن أكد ولاة الأمر وعلى رأسهم وزير الدّاخلية (أدام الله توفيقه لنصرة الحقّ والعدل وفضح الباطل وأهله) نفي هذه الفرية من أساسها، وقصر التنفيذيون في الهيئة عن أداء مسؤوليتهم في الدّفاع عن شرع الله بالأمر والنّهي وعن دولة الأمر والنهي التي وظفتهم للقيام به والمحافظة عليه، وكان أدنى حق الله وحق أمره ونهيه وحق الدولة التي ميزها الله به أن يساق إلى المحكمة لينال جزاء استهتاره وافترائه جَلْدًا وسِجْنًا ومنعًا من تسويد الصّحيفة بالسوء من القول. ولم يكن له من دليل في كل سقطاته وافتراءاته إلا قال لي أحدهم أو قالت لي إحداهن أو قالت الصحيفة أو قال الصّحفي، يُذكِّرني ذلك برواية عن أحد رجال الهيئة (في أيام عزِّها، قبل أن يحتلها الحركيّون والحزبيون): أنه أنكر على سائق سيارة مُنْكَرًا فقال له السائق: (أنا أحسن منك، رُوح اسأل السواقين عنّي وعنك!).
2- وفي البلوى الثانية بتاريخ 6/11/1426 اعتَدَتْ زاوية (الهمَّاز) المظلمة على منهاج بل وجود أمة الدعوة إلى التوحيد والسنة بالشكوى إلى امرأة (مثله) من أنه (لا نهاية للأسبوع في حياته) لأن الدولة التي ابتلاها الله بأمثاله لا توفر للغافلين عن ذكر الله (دُوْرًا للسّينما والمسرح). وتساءل بلسان قرينته الضّالّة عن (صحّة انتماء هذه الأمّة للبشرية) واعْجَبْ إن شئت لفرد ينتمي – ولو ظاهرًا – للإسلام ولدولة الدعوة إليه كيف يضيق صدره حرجًا عما خلقه الله له من ذكره وشكره وعبادته ثم لا تكفيه فضائيات وشبكات الإعلام (بالشر والخير) لملء فراغ حياته وخوائها بالمنتجات السّينمائية والمسرحيّة وغيرها.
الذي أعْلَمُه يقينًا أن طلاب العلم والعمل الصالح من المنتمين – قلبًا وقالبًا، ظاهرًا وباطنًا – لهذه البلاد والدولة المباركة يشْكون إلى الله من ضيق الوقت عمَّا يطمح إليه المواطن الصالح من العلم والعمل، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من صلة الرحم، ومن الإصلاح الحق على هدى الله وشرعه وسنة رسوله لا على ضلال من الفكر الصّحفي الجاهل؛ فلا نامت أعين الجبناء عن الاتّباع، الجريئين على الابتداع، يمقتون أنفسهم بِعُدُولهم عن الخير والحقّ والبِرّ إلى الشرّ والباطل والحقد على الشرع وأهله وَلمقْت الله أكبر من مقتهم أنفسهم.
3- وفي البلوى الثالثة بتاريخ 11/12/1426 اعتدَتْ (زاوية الهمّاز) – كفى الله الإسلام والمسلمين شرّ الزوايا الصّحفيّة والصوفية – على شرع الله ودولة الدعوة إليه بتهوينها كبيرة السرقة – عملًا – وإن ادّعت غير ذلك – قولًا – فنقلَتْ خبرًا صحفيًّا وصفته بالطرافة والظرافة، وبالحزن – على الجاني لا المجني عليه كما يفعل أدعياء حماية حقوق الإنسان – نقل الصحفي – إن صدق – عن جريدته – إن صدقت – أن السارقين الذين وصفهم بما لم يَصِفْ به الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ولا منفّذي شرع الله في دولة الشريعة الأولى والوحيدة اليوم، وكان دليله على أهليّة السّارقين لأوصاف المدح وأهلية الهادين بالحق والعادلين به لأوصاف الذم أنه: (تولَّد لديه إحساس): دلّه إحساسه التائه على أن السّارقين (جادّون في إعادة قيمة ما سرقوه). ودلّه إحساسه التائه على أن السّارقين معذورون بسبب بطالتهم التي (غرقوا في أتونها)، وأن الإثم يختصّ به المسؤولون عن التوظيف. وهو بهذا التهريج لا يعقل أنه يدعو إلى الخروج والفتنة. بل دلّه إحساسه التائه على أنه لا خيار للعاطل غير السّرقة، وإذا لم يُرْدع الصّحفيون عن مثل هذا الإصلاح المفْسِد فسيُعْلِن صحفي جاهل مثله أنه لا خيار لمن لم يستطع الزواج غير الزّنى، وأنه لا خيار لمن لم يرض بقسمة الله في الرّزق إلا الرّبا والخروج عن الجماعة والإمامة، وأنه لا خيار لمن لم يطمئن قلبه بذكر الله إلا شرب المسكر أو المخدّر؛ (ومن يكن الغراب [الصّحفيّ] له دليلًا) زاده ضلالًا. وزيّن للمجرم أن يحارب أمة التوحيد والسنة إن لم تكافئ كسله بالتوظيف – لغير حاجة -؛ فعجب له إن لم يسلّ سيفه واضعًا كلماته السّاقطة بين قوسين ليظن الجاهل – مثله – أنها حديث أو أثر مُسْند. ولم يدلّه إحساسه – إن كان له إحساس – على ما يدركه أيّ عاقل من أن سبب البطالة في هذه البلاد والدولة المباركة إنما هو الكسل، وأن الملايين يأتون من أقصى الأرض وأدناها أو يتسلّلون إلى السعودية لتولي العمل الذي يكسل عنه المتبطِّل الكسول، وأن من أكبر مشكلات الإدارة العامة: التّوظيف لغير حاجة.
4- وفي البلوى الرّابعة بتاريخ 3/1/1428 (من جريدة الوطن حفظ الله وطن الدّعوة على منهاج النبوة من المفسدين وإن ظنوا أنهم يحسنون صنعًا) اعتدَتْ (زاوية الهمّاز الصّخاب المجاهر بالسوء من غير أن يُظْلَم) على شرع الله؛ فحكم على كلّ مسلم بوجوب إحياء ذكرى العام الهجري بلفظ: (ذكرى هذه المناسبة العطرة التي يجب أن تعني الكثير لكل مسلم) متأسّيًا باثنين من الإعلاميين غير معروفين بعلم ولا عمل شرعي ولا دعوة إلى الله وشرعه وسنة نبيه على بصيرة بل هما – مثله – لا يتحرّك أحدهما للاهتمام بالدّين إلا باتخاذه تكأة لنشر الابتداع بفضائية (إسلاميّة بزعمه) أو ندوة أو كتاب أو مقال أو نحوه. و(يأسف) هذا الجاهل لأن (البعض ما زال يتصوّر كثيرًا من المسلمين ويصوّرهم على أنهم مجرّد قلوب هشّة وعقول متأرجحة قابلة للزّيغ والغواية بل حتى للشرك بالله لمجرد أنها تستذكر العبر من السّيرة النبوية وتحتفي بمآثر وآثار بقاع كانت شواهد عظيمة في تاريخ الإسلام). وهو لا يدري أنه بهذا الهَذْر الصّحفي الجاهل كأنما يبرهن أنه لا قلب له (ولو هشًّا) ولا عقل له (ولو متأرجحًا) وكأنما يردّ وحي الله تعالى في كتابه: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] وكأنما يردّ وحي الله تعالى في سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم السّاعة حتى تُعْبَد اللات والعّزى” وكأنما يسفّه سنّة عمر رضي الله عنه فيما ورد عنه من قطع شجرة البيعة، ومن نهيه عن قصد الصّلاة في مكان (غير مخصوص بالوحي) لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى فيه، ومن قوله: (إنما أهلك من كان قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم)، وكأنما يسفّه عصر النبوة والخلافة والصحبة والاتّباع إذ لم يحتف أيّ منهم (بالآثار والمآثر والبقاع) ولم يُحْي ذكرى (المناسبات العطرة) بما لم يشرعه الله ولا سنة رسوله على النّحو المبتدع الذي يدعوا إليه هؤلاء الإعلاميون الجهلة ومن قلّدوهم من العوام.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم خيار هذه الأمّة من أصحابه وآل بيته (قدوةً لسائر الأمّة) في مرض موته مما فعله اليهود والنصارى من اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وأنكر على من قال: (ما شاء الله وشئت) ومن قال: (ومن يعصهما فقد غوى) تحذيرًا من الشرك في عصر الصّحابة القدوة فكيف بعصر الصّحافة الجاهلة؟ وكما استشهد في بلواه الثانية بسيّدته الملحدة استشهد في بلواه الرابعة بسيّدته المبتدعة الجاهلة وفي بلواه الأولى والثالثة استشهد بالجرايد والإشاعات وهذا مبلغه من العلم أو الجهل هداه الله وهداهم جميعًا.
وهو (مثل قدوته من الإعلاميين المبتدعة) يهتمّ بذكرى الهجرة وقد يهتم بذكرى المولد ولا يهتم أبدًا بذكر البعثة؛ فالأولى ترضي النفس الأمّارة بالسوء وترضي الشيطان لمخالفتها السّنة والثانية تُذَكِّر بالاتّباع وهو عدوّ الابتداع والمبتدعين، وإحياء الذكريات المبتدعة عمومًا مشاقة لله ولرسوله ولشرع الله ولسنة رسوله وصرف للمسلم بالشكل المبتدع (الذي شرعه الجهلة بغير إذن الله) عن التعبّد لله بشرعه.
وتعْجَبُ زاوية الهمّاز من هذا الزّمن، وربما كان هذا أقرب ما سطَّرَتْه إلى الحق، ولكن (العقلاء الذين يتحدثون بالمنطق السّويّ والفطرة السليمة) هم العلماء بشرع الله الدعاة إلى سبيله على بصيرة من هدي الكتاب والسنة وفقه أئمة القرون المفضلة لا صاحب الزاوية ولا قدوته من الإعلاميين، ولا سيدته الملحدة ولا سيّدته المبتدعة، وسيعود الدّين غريبًا كما بدأ، وأهله هم الأقلون وهم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية، أما أهل الابتداع فهم أقرب إلى الثنتين وسبعين فرقة، هداهم الله لدينه قبل الموت، وليت الزوايا المظلمة تحصر اهتمامها في التحليلات السياسية الهزيلة وفي المسارح ودور السينما وفي اللهو واللعب بمختلف أشكاله، وتترك للمسلمين دينهم فلا تتعدّى عليه، فهذا هو أقصى ما تملكه وما يمكن حملها عليه، والله وليّ المتّقين.
كتبه: سعد بن عبد الرحمن الحصين -عفا الله عنه - تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.
المصدر