بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله.
الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه... وبعدُ:
فهذا ردُّ فضيلة الشيخ المجاهد [محمد سعيد رسلان] -حفظه الله وجعله شوكةً في حلوق أهل الأهواء والبدع- على أبي الفتن المأربي!! وأكاذيبه!!
وقد ذكر الشيخ -حفظه الله- أنّ نقَّاد الحديث قد يلجأ بعضُهم إلى استعمال بعض الألفاظ والأوصاف الشديدة والقاسية مثل: ((لا يساوي دَسْتَجَةَ بَقْلٍ!!)). أي: حُزْمَةَ فِجْل!! ومثل: (( مَن ذا الحيوان؟!!!!)) غَيْرَةً منهم على الدين، وتحذيرًا من الكذب، وتنفيرًا من أهله؛ فلتراجع.
والأمرُ كما قال -عز وجل-:
(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
التفريغ:
للتحميل بصيغة PDF جاهز للطباعة والنشر - 17 ورقة
اضغط هنــــا.
أو
للتحميل بصيغة DOC للنسخ واللصق والتعديل.
اضغط هنــــا.
صورة من ملف التفريغ:
القراءة المباشرة:
إن الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].
أمّا بعدُ؛ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمّا بعدُ:
فقد قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في كتاب التوحيد: (قد أخبر الله -عز وجل- أن للنار سبعة أبواب؛ فقال لإبليس: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ [الحجر:42].
فأعلمنا ربنا -عز وجل- أنه قَسَمَ تابعي إبليس من الغاوين سبعة أجزاء على عدد أبواب النار؛ فجعل لكل بابٍ منهم جزءًا معلومًا، واستثنى عبادَه المخلَصين من هذا القِسم؛ فكل مرتكب معصية -زجر الله عنها-؛ فقد أغواه إبليس.
والله -عز وجل- قد يشاء غفران كل معصية يرتكبها المسلمُ دون الشرك -وإن لم يتب منها-، كذلك علّمنا في مُحكم تنزيله؛ فقال: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء:48].
وأعلمنا -عز وجل- أن آدم الذي خلقه الله بيده، وأسكنه جنته، وأمر ملائكته بالسجود له عصاه؛ فغوى، وأنه -عز وجل- برحمته ورأفته اجتباه بعد ذلك؛ فتاب عليه وهدى، ولم يحرمه الله بارتكاب هذا الحُوبِ بعد ارتكابه إياه.
فمَن لم يغفر اللهُ له حُوبَتَهُ التي ارتكبها وأوقع عليها اسم (غاوٍ)؛ فهو داخلٌ في الأجزاء جزءًا وقِسْمًا لأبواب النار السبعة.
وفي ذِكره آدم -صلى الله عليه وسلم- وقوله -عز وجل-: ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه:121] ما يبيّن ويوضح أن اسم (الغاوي) قد يقع على مرتكب خطيئة قد زجر الله عن إتيانها -وإن لم تكن تلك الخطيئة كفرًا ولا شركًا، ولا ما يقاربهما ويشبههما-).اهـ
و(أبو الفتن) جرّاء ما اجترحَ من الكذب يَصْدُقُ عليه اسم (الغاوي)..
في ليلة الخميس، العاشر من ربيع الأول، سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائةٍ وألفٍ من هجرة سيد ولد آدم -صلى الله عليه وآله وسلم- الموافق للثاني من شهر فبراير سنة اثنتي عشرة وألفين من التاريخ الصليبيّ.. بينما (مصرُ) تنزفُ دماءُ أبنائها قتلاً وجَرحًا، والفوضى تطلُّ برأسها في رُبوعها تسطر في كتاب إسقاطها فصلاً، والناسُ يعصرُ الأسى قلوبَهم عصرًا، والحُزنُ يُصمي قلوبَهم قَرحًا، وجرحًا، وسَحْقًا..
بينما ذلك كذلك، كانت إحدى قنوات التضليل الديني تستضيف (جَهِيزَة التي تقطع قولَ كل خطيب)؛ لتكذبَ ولا تتجمل، وتُلْبِسَ مُخَّ الباطلِ لِحاء الحق؛ فتزيدُ بلايا ( مصر) في هذه الأيام بَلية! وتمدَّ فتن البلاد العواصف بقيح فتنةٍ جديدةٍ يُشعلها في ربوعها (أبو الفتن).
وقول العرب: (قطعت جَهِيزَة قولَ كل خطيب). يُضربُ مثلاً لمَن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقةٍ يأتي بها!
و(أبو الفتن): هو رجلٌ لفظته (مصرُ) من عقود؛ فآوى إلى عالمٍ من علماء السنة؛ ليرفعَ به خَسِيسَته، ويُواري بذكره سَوأته؛ فلم ينتفع به في شيءٍ يُذكر! إذ هو مخالفٌ لمنهجه، مُجافٍ لطريقته، حائدٌ عن شِرعته.
وقد ارتدى الرجلُ ثوبَ الواعظين، وتزيّا بزي المصلِحين، وحالُه كما قالت العرب في أمثالها: (لا تَعِظِيني وتَعَظْعَظِي!). أي: لا تُوصيني وأوصِ نفسكِ!
ومال أبو عبيد إلى أنه: (وتُعَظْعِظِي) بضم التاء. أي: لا يكن منكِ أمرٌ بالصلاح وأن تفسدي أنتِ في نفسكِ.
والمعنى: كيف تأمريني بالاستقامة وأنتِ تتعوجين؟!
ومَن تابعَ الرجلَ لا يُخطئ الحُكمَ عليه بأنه مُ وتورٌ ذو ثاراتٍ! وأنه جِيئ به إلى الوَكر لأمرٍ بُيَّتَ بليل؛ فاحتشدَ له وتهيأ وجمع وقَمَّم.
وقد ضربَ العربُ للمُخَلِّط مثلاً: (قِيلَ للبغل: مَن أبوكَ؟ قال: الفرسُ خالي!)، ولو أنّ المسكين استشارني لدللته على ما يوفِّرُ عليه وقته، ويُقَرِّب إليه هدفه، وهو كتابي: (ضوابط الرواية عند المحدِّثين)؛ ففيه فصلٌ ضافٍ -ولله الحمدُ والمنة- في بيان ضوابط الجارِح والمعدِّل، وبيان ضوابط الجرح والتعديل..
ولدللته على كتابي: (ضوابط التبديع)؛ حتى لا يكونَ حاطبَ ليلٍ، يضم إلى الحَطَبَة حية، ويجمع مع الدُّرَّة بَعْرَة، وليرحم الناسَ من تخليطه.
والرجل لا يتورع عن الكذب على الهواء مباشرةً!! -كما يقول الإعلاميون-.
فمن كذباته: أنه ادّعى أنه سمعَ خطيبًا ممن يتكلم في الناس بغير حق، وهذه كذبةٌ بَلقاء!! .. بغير حق!!
ومن كذباته: أنه زعم أن الخطبة -كلها- كانت في جرحٍ بالخِلقة الإنسانية، وهذه كذبةٌ مركبة!!
فلا الخُطبة المدَّعى سماعُها كانت -كلها- فيما زعم، ولا الخطيبُ كان جارحًا، بل كان واصفًا؛ للدلالة على أمرٍ لا يرقى إلى فهم مثله!! الزاعمُ، البَهّات!
فأصلُ الكلام كان في تقويم أمرٍ سياسيٍّ بالدرجة الأولى، وفي مثل هذه السياسات تُراعى الهيئات، ولأضربُ له مثلاً يُقرِّب إليه ما يصعب عليه فهمه، ويعزُّ عليه إدراكُه.
(أبو الفتن) جِيئ به لكي يكونَ داعيًا للوسطية -بزعمه- بل ممثلاً لها -في وهمه-، وقد تقمَّص الرجل الدَّوْرَ وعاشَه!!
فلو عُرض على الناس -إذ هو ممثلٌ للوسطية- وقد سال مُخاطُه من مَنْخِرَيْهِ على فمه؛ فصار يلعقه بلسانه!! واندفقَ لعابُه على لحيته؛ فصار يغسل به وجهه!!، ثم غافل مُحاوِرَه فانتحى ناحيةً؛ فنصب الشجرة!! وقام على يديه، وتجمّعت ثيابه على الأرض عند رأسه!! وراح يُحدثُ أصواتًا مُنكرَة!! فلما قضى من ذلك وَتَرَه، رجع إلى مقعده، وارتد إلى موضعه، وراح يحدِّث الناس عن الوسطية والغلو! والإفراط والتفريط! إلى آخر هذيانه!!
أفإن وصفَ واصفٌ ما كان من شأن هذا، وما سَلفَ من فعله، يكونُ مُسيئًا؟!!
الجوابُ: لا؛ لأن الوصفَ هنا يُراد به الدلالةُ على ما ورائه من: تمام العقل، وجودة الفهم، وحُسن الإدراك، أو ما يناقض ذلك ويضاده.
ومن كذباته: افتراؤه أن الخطيب ظل يقول: خِلقةُ فلانٍ -هكذا يُعيّن- خِلقة فلانٍ كذا، ورأسه كذا، وأذناه كذا، وهذا كذبٌ أَبْلَق على الهواء مباشرةً!!
فلا الخطيبُ ذَكرَ اسم أحدٍ وعَيَّنه، ولا عابَ خِلقة أحدٍ من خلق الله، وإنما تكلم كلامًا عامًا، ونزّله الناسُ على ما يحلو لهم! واعتقد كلٌّ ما ظنه، ثم رتّب عليه اعتراضًا ومَلامًا! كما فعل (أبو الفتن) الذي ذكّرنا بمُستملي (أبي عبيدة) الذي كان يسمعُ غيرَ ما يُقال! ويفهم غير ما يسمع! ويلفظ غير ما فهم! ويكتب غير ما لفظ! فكان العِلم يُمسخُ على يديه أربعَ مراتٍ!!
والغالبُ أن (أبا الفتن) لم يسمع خطبةَ الخطيب! وإنما سَمِعَ عنها، وقد يكون سمعها؛ فلم يفهمها، فاتَّبَعَ سَمادِيرَه وخيالاته، وشفاؤه من ذلك كله أن يسمعَ الخطبة عشر مراتٍ بانتباهٍ وتركيزٍ، أُولاهنّ (على الريق!!)، وأُخراهنّ (قبل النوم!!).
وإليكَ أسوقُ طَرَفًا من صنيع الأئمة في الجرح، أسوقه إليه؛ لأنه متهمٌ ظلمًا بأنه يفهم قواعد الجرح والتعديل وألفاظه!!
نقل الذهبي في الميزان عن الحافظ مُعَمّر بن عبد الواحد في تجريح إبراهيم بن الفضل الأصبهاني الحافظ أنه قال: (رأيته في السوق وقد روى مناكيرَ بأسانيد الصحاح؛ فكنتُ أتأمله تأملاً مُفرطًا، أظن أن الشيطان تبدَّى على صورته!!). لا الحمار، ولا شك أن الشيطان أسوأ، أظن أن الشيطان تبدى على صورته تمامًا كما تنظر في صفحة وجه (أبي الفتن) كأن الشيطان تبدى على صورته!!
وروى العُقيلي في الضعفاء، والمزِّي في تهذيب الكمال عن أبي أحمد الزبيري أنه قال: (كان عِمران بن مسلم رافضيًا كأنه جرو كلب!!).
وروى ابن حبان في الثقات، والحافظ في تهذيب التهذيب عن جرير بن يزيد بن هارون في تجريح جعفر بن سليمان الضُّبَعِيّ قال: (رافضيٌّ مثلُ الحمار!!).
وروى الجُوزجاني في أحوال الرجال في تجريح عبد السلام بن صالح الهَرَوِيّ: (كان زائغًا عن الحق، مائلاً عن القَصْد، سمعتُ مَن حدثني عن بعض الأئمة أنه قال فيه: هو أكذبُ من رَوْثِ حمار الدجال!! وكان قديمًا مُتَلَوِّثًا في الأقذار!!).
وقد ذكر (أبو الفتن) في كلامه ثَور بن يزيد الحِمصي، وكان ثورٌ يرى القدر؛ فذكر (أبو الفتن) أن سفيان الثوري قال: (خُذوا عن ثورٍ، واتقوا قَرْنَيْهِ!!).
أنطقه اللهُ بهذا! قلتُ: وهذا في التهذيب، وفيه قال أبو عاصم: قال لنا ابن أبي رَوَّاد: (اتقوا لا ينطحنكم بقرنيه!!).
بل ذكر (أبو الفتن) في كتابٍ له جمع فيه بعض ألفاظ الجرح والتعديل شَطْر بيتٍ من أبياتٍ قِيلت في ثور بن يزيد، وهو: (وثورٌ كاسمه، إنْ شئتَ فاقلبِ).
و(انته) إنْ قلبتَ ثورًا صار رَوْثًا!! -نقله بيده!-.
وقد روى الخطيب بسنده إلى مجاهد بن موسى: إنه سُئل عن إبراهيم بن هُدْبَة؛ فقال: قال علي بن ثابت: (هو أكذب من حماري هذا!!).
وقال الذهبي في الميزان في تجريح موسى بن عبد الله الطويل: (انظر إلى هذا الحيوان المتهم!!).
وقال الذهبي في الميزان في تجريح ضِرار بن سهل الضِراري: (ولا يُدرى مَن ذا الحيوان؟!!).
وقال الذهبي في المُغني في تجريح القاسم بن داود البغدادي : (مِن حيوانات البَر!!).
وقد استعمل بعضُ النقاد هذه الألفاظ: "لا يُدرى مَن ذا الحيوان" ، "حيوانٌ مُتهم" ، "مِن حيوانات البَر" ، "هو أكذب من حماري هذا" ، "هو أكذب من روث حمار الدجال" ، "رافضي مثل الحمار" ، "رافضي كأنه جرو كلب" ، " خذوا عن ثور واتقوا قرنيه" ، " اتقوا لا ينطحنكم بقرنيه" ، "ثورٌ كاسمه إنْ شئتَ فاقلبِ أي رَوْثًا".
استعمل بعضُ النقاد هذه الألفاظ وغيرَها في تجريح طائفة من الرواة، وهي كنايةٌ عن شدة ضعفهم أو كذبهم.
ولعل بعض المتعجلين يظن أن أولئك النقاد تشددوا في تجريحهم، ولم يتورعوا في وصم هؤلاء الرواة بهذه الألفاظ.
والحق أن نقاد الحديث قد يلجأ بعضهم إلى استعمال هذه الأوصاف والألفاظ -وهي شديدة قاسية- غَيْرَةً منهم على الدين، وتحذيرًا من الكذب، وتنفيرًا من أهله.
وفي العلل ومعرفة الرجال عن يحيى بن سعيد القطان أنه كان إذا ذُكر عنده الشَّاذَكُوني قال: (ذاكَ الخائبُ!!).
وفي تهذيب الكمال عن يحيى بن معين قال في سُوَيد بن عبد العزيز: (لا يجوزُ في الضحايا!!).
وفي الميزان نقل الذهبي عن محمد بن إسماعيل الترمذي في تجريح إبراهيم بن يحيى: (لم أرَ أعمى قلبا منه!!).
وروى العُقيلي في الضعفاء أن يحيى بن معين قال عن زكريا بن يحيى: (يستأهل أن يُحفر له بئرٌ فيلقى فيه!!).
وروى العقيلي في الضعفاء عن سفيان بن عيينة في تجريح مُعَلّى بن هلال: (ما أحوجه أن تُضرب عنقه!!).
وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى النَّضْر بن شُمَيْلٍ أنه قال: (سمعتُ حماد بن زيد يقول: " ما كان ابن أيوب يَسْوَى طُلْيَةً أو طُلْيَتَيْن!!).
و(الطُّلْيَةُ): الخيطُ الذي يُشد في رجل الجَدْي ما دام صغيرًا.
وقيل (الطُلْيَةُ): الخِرْقَةُ للعَارِك أي هي خِرْقَةُ الحائض.
وقيل: الصُّوفَةُ أو الخِرْقَةُ التي يُهْنَأُ بها الجَرَب.
ونقل الذهبي في الميزان والسير جَرْحَ عثمان بن دِحْيَة مَطر بن طَهْمَان بقوله: (لا يساوي دَسْتَجَةَ بَقْلٍ!!). أي: حُزْمَةَ فِجْل!!
وروى مسلمٌ في مقدمة صحيحه بسنده إلى عبد الله بن المبارك أنه قال: (لو خُيرت بين أن أدخلَ الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن مُحَرَّرٍ، لاخترتُ أن ألقاه ثم أدخل الجنة؛ فلما رأيته كانت بَعْرَةٌ أحبَّ إلي منه!!).
وسأل ابن الجنيد -سألَ- يحيى بن معين عن عبد الحميد بن سليمان، فقال: (ذاكَ لا يحل لأحدٍ أن يروي عنه، كان لُعْنَة!!).
و(اللعْنَةُ): بالضم مَن يعلنه الناس لشره، أو هو الذي يستجلبُ اللعنَ لعشيرته وأهله.
كان لُعْنَة!! فهذه بعضُ ألفاظِ المتقدمين من علماء الجرح والتعديل.
وأما المعاصرون؛ فإنّ الشيخَ مُقْبِلاً -رحمه الله وعظّم أجره فيمن ينتمي إليه وهو له عدوٌ وعليه حَرْبٌ!!- فإنّ الشيخَ مُقْبِلاً لقَّبَ بعض المبتدعة بـ (الكلب العاوي!!)، وجعله عنوانًا لكتابه، ومَن تتبع كلام الشيخ عرف طريقته.
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تقديم رسالة: (براءةُ أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة) للشيخ بكر بن أبي زيد -رحمه الله-، قال الشيخُ ابن باز: (قد اطلعتُ على الرسالة التي كتبتم وفضحتم فيها (المجرمَ!!) (الآثمَ!!) محمد زاهد الكَوثري)، ثم قال: (إلى آخر ما فاه به ذلكَ (الآفاكُ!!) (الأثيم!!) عليه من الله ما يستحقه).
ولئن قال الرجلُ: هذا كله إنما كان لأن الأئمة أخرجوا تلك الألفاظَ والأساليب على مقتضى البلاغة بأساليبها، ولا يريدون حقيقتها.
لإنْ قال ذلك، قلنا له: (عَدَّاكَ العيبُ وَأَزَح!!).
لقد قلتُ لكَ: إنْ مَن تلمزه -لأنه يجرحُ بغير جارحٍ- ما كان جارحًا، ولا لأحدٍ مُعَيِّنًا، وإنما تُعَيِّن أنتَ بهواكَ بغير برهان! والله حسيبكَ وتبوء بإثمكَ وإثم مَن عَيَّنتَ.
فإنْ ذكر البلاغة والأساليب، فلماذا يسعُ الأئمةَ من البلاغة وأساليب البيان وتشقيق الكلام ما لا يسعنا؟!!
ولكني إنْ قلتَ ذلك وذكرتَ البلاغةَ وأساليب العرب، قلتُ لكَ: (مَرْحَا!!) (مَرْحَا!!) (يا ألف ليلة بيضة!!)، وتعرفُ أن هناك بلاغةً وأساليبًا؟!! ما شاء الله، إذًا لا أخشى عليكَ!!
انْطَلِقْ يا رجل في جنبات الأرض خابطًا!!، وللباطل ناشرًا!!، وعن أهل البدعة منافحًا!!، ولا عليكَ تعرفُ البلاغةَ والأساليبَ!! ما شاء الله!!
ومن كذباته: أنه رُوجعَ في همزه ولمزه؛ فقال: إنه تكلم على العموم -ما أَثْخَنَ جِلدة وجهه!! يكذب على الهواء مباشرةً- إنه تكلم عن العموم!! حَسَنٌ.. حَسَنٌ يا (أبا الفتن)، والخطيب -أيضًا- تكلم على العموم؛ فلماذا يسعكَ العموم ولا يسعه؟!! أفي العمومِ رِشْوَة؟!! لماذا يسعكَ العموم ولا يسعه؟!!
لقي رجلٌ ابنَ صاحبٍ له؛ فسألَ: ما فعله أبوكَ بحمارهِ؟ قال الصبيّ: باعهِ!
قال: يا بني لمَ تقول: باعهِ؟!!
قال: وأنتَ لمَ تقول: بحمارهِ؟!
قال الرجل: لأن الباء قبل حمار أبيكَ تجره وتجر أباكَ معه!!
قال الصبي: ولمَ تجر باؤكَ -يعني الباء في قوله: بحمارهِ- ولا تجرُّ بائي -يعني قوله: باعهِ-؟!!! أثمت فَرْقٌ بين باءٍ وباء؟!!
وفي الرجل غفلةٌ شديدة، أو تغافلٌ أشد؛ فقد سألَ المتصل الفاضل عن حُكم أمرٍ حَدَّده بقطعٍ وبوضوح؛ فراحَ الرجلُ يُعْمِلُ الحَيدةَ، ويجيبُ إجابة الغافل المُغيّب، أو المتغافِل المتقلِّب.
إنّ المتصل الفاضل أراد بذكر ما ذكر من القتل والجرح، ومَن عَدَّ من القتلى والجرحى -يعني ما كان واقعًا إبَّانه من قتل وجرح بين طائفتين من المصريين في الساعة ذاتها وفي الدقيقة عينها- فذكر المتصلُ الفاضلُ بِأَسَىً عن هذا الأمر وذكر ما وراءه مما نما إلى علمه.
هذا المتصلُ الفاضل أراد بذكر ما ذكر من القتل والجرح، ومَن عدَّ من القتلى والجرحى تحميلَ القناة التي صار يُبغضها مسئوليةً ما في الأحداث التي تجري والتي جرت والتي ستجري.
ولعله يصدر من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُقتلُ نفسٌ ظُلمًا إلا كان على ابن آدم الأولِ كِفْلٌ من دمها؛ لأنه سَنَّ القتلَ) كما في لفظٍ في الصحيحين.
فراحَ المجيبُ يسألُ مستنكرًا: وهل قتلنا؟! وهل أمرنا؟! وهل رضينا؟! ولم يفطن إلى حقيقة الاتهام الكامن في سؤال السائل الفاضل.
ولعل السائل لا يعلم أن (أبا الفتن) على القول نفسه الذي يقول به مَن يلمزه ويهمزه!! إلا أن يكون غَيَّر وبَدَّل!!
والآن إما أن يكون على ما كان؛ فكيف سَاغَ له أن يكتم والموطنُ موطنُ تفصيلٍ وبيان -كما قال-؟! وكيف استحل الدفاع عمن يذهب إلى قول مَن كان قاطعًا بخطئه محاربًا لفكره؟! أم هي: (دَارِهم ما دمتَ في دَارِهم، وأرضِهم ما دمتَ في أرضِهم!!).
وإما أن يكون غيّر وبدّل؛ فكان يجب أن يدل سامعيه على صواب ما صار إليه وخطإ ما كان عليه!! -نصحًا للناس وإرشادًا لهم-.
والرجل مع غفلته وتغافله متناقضٌ! أو هو متناقضٌ لغفلته وتغافله!!
والرجل يُظهر الحِلمَ وهو جهول! ويتفاصح وهو بَكِيءٌ غير قَئول! ويدعو إلى الإنصاف وهو له مباعدٌ وعنه معزول!
فما أن سمعَ سؤال الأخ الفاضل المتصل حتى خرج عن وَقارِه وراح يَهْذِي كمَن به جِنَّة!! فلما انفتأت حِدَّته، وهدأت شِرَّته، وتطامنت مِرَّته، انقلبَ ناصحًا بما هو خالٍ منه! وما هو مُغَيَّبٌ عنه!
يقول للسائل الفاضل: لمَ لمْ تأتِ إليه؟! ولماذا لم تناصحه؟! إلى آخر ما قال، ومراده: الترفق في القول، والسماحة في النصح، ونسي المسكين في غمرة حماسه أنه لم يناصح مَن همزه ولمزه!! ولا قرأ له!!، ولا سمعَ منه!! وإنما كان معه كـ (أبي زَنَّة!!).
و(أبو زَنَّة): لعبة أطفال على هيئة قرد له يدانِ، يُمسكُ بهما صاجان، وله زُنْبُرك، إذا مُلئ، ثم أُطلقَ (أبو زَنَّة) راح يخبط بإحدى صاجَتيه على الأخرى ويدور؛ حتى يفرغَ زُنْبُرْكُه؛ فهذا كذا، والله المستعان.
وإياكَ أن تقول: أهذا جرح؟!
لأني أقولُ لكَ: إنه ليس جرحًا!! ومَن قال: إني أجرحكَ بأنكَ كـ (أبي زَنَّة)!! هل هذا جرح؟!
لم يعد فيكَ للجرح موضعٌ!!! ولكنه ضَرْبٌ من ضروب البيان لا تدركه، ولونٌ من ألوان القول لا تفقه؛ فالتمس -إن وجدتَ- مَن يشرحه لكَ، وإلا فالصمتُ بكَ أولى وأجملُ.
وفي الرجل فجورٌ في الخصومة عجيبٌ، لا تخطئه عينٌ باصرة، ولا أذنٌ واعية، ومن ذلك: سوقه لسماديره وأوهامه عن أقوامٍ يَغْلُون، فيفعلون ويقولون إلى آخر تخليطه!
فَيُنَزِّلُ السامعُ ما يسوقه (أبو الأفَن) على فلانٍ وفلان، ومن ذلك تحويل موطن النزاع إلى موطن خداع!! كما صنع عند إجابته عن سؤال الأخ الفاضل، وقد سأل عن حُكم الإسلام في (الثورة) و (الخروج) على الحاكم الظالم الجائر النهّاب، وأراد إجابةً يعدها لنفسه بين يدي ربه عندما يسأله، هل في هذا من عابٍ؟!!
وذكر الفاضل السائل أنه صار مبغضًا للقناة لانتهاجها كغيرها منهجًا ثوريًا غير سلفي، ولسلوكها مسلكًا تهييجاً غير سني؛ فكيف كان جوابه؟!
جعل يجيب عما لا صلة له بقول الفاضل، وجعل سُخطَ الأخ السائل راجعًا إلى أن القناة تستضيف بعض حالقي اللحى!! أو تقدِّم بعض الإعلانات!! وأين ذُكر هذا في كلام الأخ المتصل؟!!
لم يُشر إليه ولا بِبِنْتِ شَفَه! ولا جرى على لسانه ولا أشار إليه ولا تضمنه كلامه.
وإنما حدّد موطن النزاع -بدءًا- تحديدًا واضحًا -بحقٍ- ظاهرًا -بصدق-؛ فأخذ هذا يقول: لا (تَزْعَل) من القناة!! إذ تستضيف بعض حالقي اللحى..
ما عن هذا سأل!! ولا إليه أشار!! ولا دار له على بال!! أهذا هو موطن النزاع؟!! لا، بل هو موطنُ خداع!!
لأنه لا شك أن السامع سينحو باللائمة على السائل الفاضل؛ لأن المجيبَ المخادع أوهم السامع بشيءٍ افتراه عليه من عنده، وائتفكه له من كِيسه.
ومثلَ ذلك فعل العايبُ (أبو الفتن) عندما راح يعيب على مَن ادّعى أنه يعيب خَلْقَ الله -تعالى-، ولم يتورع من تلبيسه عن ذكر آيةٍ لا تُقال لمسلمٍ في هذا الموطن، وراح يدندن حول ما توهمه أو ائتفكه، والله حَسيبُه.
ويبدو أنه ممن يضربُ المَنْدَل!! أو يَخُطُّ على الرمل!! أو يشمُّ على ظهر يده!! فيرجم بالغيب كاذبًا من غير أن تَطْرِفَ له عينٌ.
ألا، فليعلم مَن بين جنبات الدنيا الأربع من الإنس والجن أني ما بدأتُ هذا (الدجال) حتى بدأ، ولا اعترضته حتى اعترض.
ومن أسباب ذلك أني أعلم أن (أبا الفتن) صنّاعٌ للفتن!! فما نزل أرضًا حتى أشعلَ نيرانها، وأجج أُوَارها.
ولأني أعلم أنه مُغرَّرٌ به! مُوحًا إليه من شياطين الإنس الذين استنكر فعلهم في قوله، واستمع قولهم في فعله!!
ولأني أعلم أنه قد فُرغَ منه!! وجُرحَ حتى لم يعد فيه للجرح موضعُ!! فماذا أصنع؟! (الضربُ في الميت حرامٌ!!).
ولأني لا أريد أن أشغل طلاب العلم على منهاج النبوة بمعارك الحواري التي يسعى إليها (أبو الفتن) وأمثالُه في وقتٍ تحتاج الأمّة فيه إلى كل طاقات أبنائها وجهودهم.
ولأني أعلم أن كل مَن تعرَّض للرد عليّ أو الاعتراض على قولي لم يُحرر موطنَ النزاع.. مساكين!! يصدرون عن شائعاتٍ وأكاذيبٍ، وتخيلاتٍ وسمادير، وأحقادٍ وأحساد.
ولأني لم أباله -يومًا- ولا في أهل العِلم عددته، ولذا لما حَطَّت به في أرض الكنانة رِحالُه أهملته! ولكنّ الرجل أبى إلا أن يكون (دُوْن كَيْشُوت) الغربي، صنيعةَ (سِرْفَانْتِس)، أو أن يكون كـ (أبي حَيَّة) النُّمَيْرِيّ العربي، صنيعةَ الجاحظ؛ فليختر لنفسه ما يحلو.
وإني لمُذَكِّرُهُ وهو نَسَّاء بما قاله في حواره مع المجلة التي حاورته، قال: (أما الاشتغال بالناس؛ فهو تضييع للحسنات، وقسوة للقلوب، والحسن البصري -رحمة الله عليه- كان يقول: (لو كنتُ مغتابًا أحدًا؛ لاغتبتُ أبي؛ فهو أَوْلَى بحسناتي).
قال: فنحن ننصح طلبة العلم بألا يكبِّروا الخلافات، وألا يُسرعوا في فتنةٍ: القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي إليها).اهـ
فماذا تُسرعُ أنتَ؟!!! ما هذا؟! ومَن يقبل مثل هذا؟!
والسؤال: لماذا لا تنتصح بما تنصح الناسَ به؟!! ولمَ لا تسترشد بما ترشد الناسَ إليه؟!! أم تريد أن تكون ممن يأمر بالمعروف ولا يأتيه!! وينهى عن المنكر ويأتيه!! وأحسبُ أنكَ تعرف حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما في الصحيحين.
إياكَ والأمرَ الذي إنْ توسعتْ
موارِدُهُ ضاقتْ عليكَ المصادرُ
فما حَسَنٌ أنْ يَعْذِرَ المرءُ نفسَه
وليس له من سائر الناس عاذِرُ
وإن أبيتَ إلا أن تركبَ رأسكَ، وتُشهرَ فأسكَ؛ فالله المستعان وعليه التكلان وحسبنا الله ونِعم الوكيل.
وأصولكَ معروفةٌ لا تخفى! نعرضها على الناس بأمانةٍ وصدقٍ، ثم نحملُ عليها نقدًا ونقضًا؛ ليعلمَ الناسُ مَن أنتَ؟! ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى:40].
والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونِعم الوكيل.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله رب العالمين، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريك له هو يتولى الصالحين، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فأما مُقَدِّم البرنامج؛ فهو جاهلٌ برتبة (مُقَدِّم!!).
وأقول له: إني ناصحكَ ومَن وراءكَ: دعوكم من هذه الأساليب الرخيصة! والحِيل الصبيانية! وتوبوا إلى الله بارئكم فما أكثرَ مَن ضلّ وغوى!
الدماءُ تسيل، الأمّة تتمزق، وأوصالُها تتهَرَّى، وأبناؤها يقتل بعضُهم بعضًا، والفتنةُ تشتعل في الربوع نيرانُها، وقد ساهمتم في إشعالها: المتسببُ كالفاعل المباشر؛ فأبشروا!!
وإذا كانت (السَّبُّوبَة!!) هي التي تحملكَ على ارتكاب ما ترتكبَ من المعاصي؛ فاعلم أن الرزق بيد الله وحده.
وإذا كانت (الشهرة) هي التي تأزُّكَ على الطاعة في المُنكر، والاستجابة في المعصية؛ فتوشك أن تهلككَ، ومَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ به.
وإن كنتَ تريد أن تخدم دينكَ؛ فاخرج من طاعة الأحبار إلى عبادة الواحد القهار.
وسأدلكَ واجعل هذا في سرِّكَ! ولا تُخبر به مخدوميكَ، ولا تخبر به مخدوميكَ!!، لا تستنكر.. نعم هم مخدوموكَ وليسوا بمستخدميكَ، قل لهم: إنكَ ستعرض على (أبي الفتن) (شَجِيع السِّيما!!) الذي استوردتموه العدد الذي فيه عرض المغامرة الأولى للمحرَّرات الفضليات..
قل لهم: إنكَ ستأتي به؛ لتجعله بين يديه، وستسأله عن الحُكم في عرض المرأة نفسها وتعريضها لها في أوكار البِغاء، ومَراتِع الخَنا، ومباءات السوء بين الدُّعَّار والعُهَّار..
قل لهم: سأفعل ذلك، واعرض عليه -بإذنهم وسماحهم ذلك- إن كنتم صادقين! اقرأ عليه ما قالتاه ورضختا به!
وأخبر مَن وراءكَ أن (المواقع الصليبية) تعرض المغامرة النسائية!! وتُشَهِّر بـ (المنتقبات) و(الملتحين) إستنادًا إلى تلك المغامرة!
لأنهم عرضوا كلامًا، وصوَّروا صورًا، وفيه عَرْضُ المرأة نفسها على العُهَّار والدُّعَّار؛ لتعرفَ مَباءاتِ الخَنا، ومواطنَ الإثم: أين هي؟ وماذا يُدفع فيها؟ وما الذي يُفعل بها؟ مطاوعةً! مجاوبةً!
وأتوا بصورة (ملتحٍ) قَوَّاد؛ فالتقطت (المواقع الصليبية) صورة الأختين الفضليين: من (منتقبةٍ)، و(سافرةٍ عن وجهها ويديها وكفيها)، وكذلك صورة الرجل الملتحي، وهو قَوَّاد -كما يقولون- وطارت بها كل مطار!!
اعرض عليهم ذلك -إن كنتم صادقين- ولننظر إن هم أجابوكَ لذلك إلى قول الشاغل نفسه بالغلاف والبطيخ!! ولننظر قوله..
فإني قد سألتُ شيخكَ عن ذلك؛ فكان جوابه: برنامجكَ وضيفك!! سألتُ شيخكَ عن ذلك؛ فكان جوابه: برنامجكَ وضيفكَ!! هذا رده!!!
اتقوا الله في الأمة: حللتم العُرى!!، وفصمتم العلائق!!، وغيرتم معالم الشريعة!! وبدلتم دعائم الملة!! ووضعتم في عقائد الخلق التُّرهات!! وسقيتم الناسَ النفايات!! أو عصير النفايات..
وصار الناس: (ديمقراطيين!!) (ليبراليين!!) (اشتراكيين!!) (تحرريين!!) وهي تعريب (الليبراليين) إلى غير ذلك من تلك الأوصاف الفاجرة الماكرة الكافرة!!
صار الناس كذلك -يعلمون أو لا يعلمون- والماردُ الذي خرج من (قُمْقُمه) لن يعودَ إليه أبدًا، إلا أن يشاء ربي شيئًا.
أسأل الله أن يحفظ (مصر) من الفتن: ما ظهر منها وما بطن، وأن يهدي الضُّلال؛ لكي يكونوا منارات هدايةٍ وإرشادٍ لهذا الشعب الطيب المسكين الذي أضلوه على عِلم، والله حسيبهم وهو -سبحانه- حسبنا ونِعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.اهـ
وفرَّغه/
أبو عبد الرحمن حمدي آل زيد المصريّ
18 من ربيع الأول 1433 هـ الموافق 7/2/2012 م
فإنْ تجد عيبًا فسُد الخللَ *** جلّ مَن لا عيبَ فيه وعلا.
السلام عليكم ورحمة الله.
الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه... وبعدُ:
فهذا ردُّ فضيلة الشيخ المجاهد [محمد سعيد رسلان] -حفظه الله وجعله شوكةً في حلوق أهل الأهواء والبدع- على أبي الفتن المأربي!! وأكاذيبه!!
وقد ذكر الشيخ -حفظه الله- أنّ نقَّاد الحديث قد يلجأ بعضُهم إلى استعمال بعض الألفاظ والأوصاف الشديدة والقاسية مثل: ((لا يساوي دَسْتَجَةَ بَقْلٍ!!)). أي: حُزْمَةَ فِجْل!! ومثل: (( مَن ذا الحيوان؟!!!!)) غَيْرَةً منهم على الدين، وتحذيرًا من الكذب، وتنفيرًا من أهله؛ فلتراجع.
والأمرُ كما قال -عز وجل-:
(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
التفريغ:
للتحميل بصيغة PDF جاهز للطباعة والنشر - 17 ورقة
اضغط هنــــا.
أو
للتحميل بصيغة DOC للنسخ واللصق والتعديل.
اضغط هنــــا.
صورة من ملف التفريغ:
القراءة المباشرة:
إن الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].
أمّا بعدُ؛ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمّا بعدُ:
فقد قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في كتاب التوحيد: (قد أخبر الله -عز وجل- أن للنار سبعة أبواب؛ فقال لإبليس: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ [الحجر:42].
فأعلمنا ربنا -عز وجل- أنه قَسَمَ تابعي إبليس من الغاوين سبعة أجزاء على عدد أبواب النار؛ فجعل لكل بابٍ منهم جزءًا معلومًا، واستثنى عبادَه المخلَصين من هذا القِسم؛ فكل مرتكب معصية -زجر الله عنها-؛ فقد أغواه إبليس.
والله -عز وجل- قد يشاء غفران كل معصية يرتكبها المسلمُ دون الشرك -وإن لم يتب منها-، كذلك علّمنا في مُحكم تنزيله؛ فقال: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء:48].
وأعلمنا -عز وجل- أن آدم الذي خلقه الله بيده، وأسكنه جنته، وأمر ملائكته بالسجود له عصاه؛ فغوى، وأنه -عز وجل- برحمته ورأفته اجتباه بعد ذلك؛ فتاب عليه وهدى، ولم يحرمه الله بارتكاب هذا الحُوبِ بعد ارتكابه إياه.
فمَن لم يغفر اللهُ له حُوبَتَهُ التي ارتكبها وأوقع عليها اسم (غاوٍ)؛ فهو داخلٌ في الأجزاء جزءًا وقِسْمًا لأبواب النار السبعة.
وفي ذِكره آدم -صلى الله عليه وسلم- وقوله -عز وجل-: ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه:121] ما يبيّن ويوضح أن اسم (الغاوي) قد يقع على مرتكب خطيئة قد زجر الله عن إتيانها -وإن لم تكن تلك الخطيئة كفرًا ولا شركًا، ولا ما يقاربهما ويشبههما-).اهـ
و(أبو الفتن) جرّاء ما اجترحَ من الكذب يَصْدُقُ عليه اسم (الغاوي)..
في ليلة الخميس، العاشر من ربيع الأول، سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائةٍ وألفٍ من هجرة سيد ولد آدم -صلى الله عليه وآله وسلم- الموافق للثاني من شهر فبراير سنة اثنتي عشرة وألفين من التاريخ الصليبيّ.. بينما (مصرُ) تنزفُ دماءُ أبنائها قتلاً وجَرحًا، والفوضى تطلُّ برأسها في رُبوعها تسطر في كتاب إسقاطها فصلاً، والناسُ يعصرُ الأسى قلوبَهم عصرًا، والحُزنُ يُصمي قلوبَهم قَرحًا، وجرحًا، وسَحْقًا..
بينما ذلك كذلك، كانت إحدى قنوات التضليل الديني تستضيف (جَهِيزَة التي تقطع قولَ كل خطيب)؛ لتكذبَ ولا تتجمل، وتُلْبِسَ مُخَّ الباطلِ لِحاء الحق؛ فتزيدُ بلايا ( مصر) في هذه الأيام بَلية! وتمدَّ فتن البلاد العواصف بقيح فتنةٍ جديدةٍ يُشعلها في ربوعها (أبو الفتن).
وقول العرب: (قطعت جَهِيزَة قولَ كل خطيب). يُضربُ مثلاً لمَن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقةٍ يأتي بها!
و(أبو الفتن): هو رجلٌ لفظته (مصرُ) من عقود؛ فآوى إلى عالمٍ من علماء السنة؛ ليرفعَ به خَسِيسَته، ويُواري بذكره سَوأته؛ فلم ينتفع به في شيءٍ يُذكر! إذ هو مخالفٌ لمنهجه، مُجافٍ لطريقته، حائدٌ عن شِرعته.
وقد ارتدى الرجلُ ثوبَ الواعظين، وتزيّا بزي المصلِحين، وحالُه كما قالت العرب في أمثالها: (لا تَعِظِيني وتَعَظْعَظِي!). أي: لا تُوصيني وأوصِ نفسكِ!
ومال أبو عبيد إلى أنه: (وتُعَظْعِظِي) بضم التاء. أي: لا يكن منكِ أمرٌ بالصلاح وأن تفسدي أنتِ في نفسكِ.
والمعنى: كيف تأمريني بالاستقامة وأنتِ تتعوجين؟!
ومَن تابعَ الرجلَ لا يُخطئ الحُكمَ عليه بأنه مُ وتورٌ ذو ثاراتٍ! وأنه جِيئ به إلى الوَكر لأمرٍ بُيَّتَ بليل؛ فاحتشدَ له وتهيأ وجمع وقَمَّم.
وقد ضربَ العربُ للمُخَلِّط مثلاً: (قِيلَ للبغل: مَن أبوكَ؟ قال: الفرسُ خالي!)، ولو أنّ المسكين استشارني لدللته على ما يوفِّرُ عليه وقته، ويُقَرِّب إليه هدفه، وهو كتابي: (ضوابط الرواية عند المحدِّثين)؛ ففيه فصلٌ ضافٍ -ولله الحمدُ والمنة- في بيان ضوابط الجارِح والمعدِّل، وبيان ضوابط الجرح والتعديل..
ولدللته على كتابي: (ضوابط التبديع)؛ حتى لا يكونَ حاطبَ ليلٍ، يضم إلى الحَطَبَة حية، ويجمع مع الدُّرَّة بَعْرَة، وليرحم الناسَ من تخليطه.
والرجل لا يتورع عن الكذب على الهواء مباشرةً!! -كما يقول الإعلاميون-.
فمن كذباته: أنه ادّعى أنه سمعَ خطيبًا ممن يتكلم في الناس بغير حق، وهذه كذبةٌ بَلقاء!! .. بغير حق!!
ومن كذباته: أنه زعم أن الخطبة -كلها- كانت في جرحٍ بالخِلقة الإنسانية، وهذه كذبةٌ مركبة!!
فلا الخُطبة المدَّعى سماعُها كانت -كلها- فيما زعم، ولا الخطيبُ كان جارحًا، بل كان واصفًا؛ للدلالة على أمرٍ لا يرقى إلى فهم مثله!! الزاعمُ، البَهّات!
فأصلُ الكلام كان في تقويم أمرٍ سياسيٍّ بالدرجة الأولى، وفي مثل هذه السياسات تُراعى الهيئات، ولأضربُ له مثلاً يُقرِّب إليه ما يصعب عليه فهمه، ويعزُّ عليه إدراكُه.
(أبو الفتن) جِيئ به لكي يكونَ داعيًا للوسطية -بزعمه- بل ممثلاً لها -في وهمه-، وقد تقمَّص الرجل الدَّوْرَ وعاشَه!!
فلو عُرض على الناس -إذ هو ممثلٌ للوسطية- وقد سال مُخاطُه من مَنْخِرَيْهِ على فمه؛ فصار يلعقه بلسانه!! واندفقَ لعابُه على لحيته؛ فصار يغسل به وجهه!!، ثم غافل مُحاوِرَه فانتحى ناحيةً؛ فنصب الشجرة!! وقام على يديه، وتجمّعت ثيابه على الأرض عند رأسه!! وراح يُحدثُ أصواتًا مُنكرَة!! فلما قضى من ذلك وَتَرَه، رجع إلى مقعده، وارتد إلى موضعه، وراح يحدِّث الناس عن الوسطية والغلو! والإفراط والتفريط! إلى آخر هذيانه!!
أفإن وصفَ واصفٌ ما كان من شأن هذا، وما سَلفَ من فعله، يكونُ مُسيئًا؟!!
الجوابُ: لا؛ لأن الوصفَ هنا يُراد به الدلالةُ على ما ورائه من: تمام العقل، وجودة الفهم، وحُسن الإدراك، أو ما يناقض ذلك ويضاده.
ومن كذباته: افتراؤه أن الخطيب ظل يقول: خِلقةُ فلانٍ -هكذا يُعيّن- خِلقة فلانٍ كذا، ورأسه كذا، وأذناه كذا، وهذا كذبٌ أَبْلَق على الهواء مباشرةً!!
فلا الخطيبُ ذَكرَ اسم أحدٍ وعَيَّنه، ولا عابَ خِلقة أحدٍ من خلق الله، وإنما تكلم كلامًا عامًا، ونزّله الناسُ على ما يحلو لهم! واعتقد كلٌّ ما ظنه، ثم رتّب عليه اعتراضًا ومَلامًا! كما فعل (أبو الفتن) الذي ذكّرنا بمُستملي (أبي عبيدة) الذي كان يسمعُ غيرَ ما يُقال! ويفهم غير ما يسمع! ويلفظ غير ما فهم! ويكتب غير ما لفظ! فكان العِلم يُمسخُ على يديه أربعَ مراتٍ!!
والغالبُ أن (أبا الفتن) لم يسمع خطبةَ الخطيب! وإنما سَمِعَ عنها، وقد يكون سمعها؛ فلم يفهمها، فاتَّبَعَ سَمادِيرَه وخيالاته، وشفاؤه من ذلك كله أن يسمعَ الخطبة عشر مراتٍ بانتباهٍ وتركيزٍ، أُولاهنّ (على الريق!!)، وأُخراهنّ (قبل النوم!!).
وإليكَ أسوقُ طَرَفًا من صنيع الأئمة في الجرح، أسوقه إليه؛ لأنه متهمٌ ظلمًا بأنه يفهم قواعد الجرح والتعديل وألفاظه!!
نقل الذهبي في الميزان عن الحافظ مُعَمّر بن عبد الواحد في تجريح إبراهيم بن الفضل الأصبهاني الحافظ أنه قال: (رأيته في السوق وقد روى مناكيرَ بأسانيد الصحاح؛ فكنتُ أتأمله تأملاً مُفرطًا، أظن أن الشيطان تبدَّى على صورته!!). لا الحمار، ولا شك أن الشيطان أسوأ، أظن أن الشيطان تبدى على صورته تمامًا كما تنظر في صفحة وجه (أبي الفتن) كأن الشيطان تبدى على صورته!!
وروى العُقيلي في الضعفاء، والمزِّي في تهذيب الكمال عن أبي أحمد الزبيري أنه قال: (كان عِمران بن مسلم رافضيًا كأنه جرو كلب!!).
وروى ابن حبان في الثقات، والحافظ في تهذيب التهذيب عن جرير بن يزيد بن هارون في تجريح جعفر بن سليمان الضُّبَعِيّ قال: (رافضيٌّ مثلُ الحمار!!).
وروى الجُوزجاني في أحوال الرجال في تجريح عبد السلام بن صالح الهَرَوِيّ: (كان زائغًا عن الحق، مائلاً عن القَصْد، سمعتُ مَن حدثني عن بعض الأئمة أنه قال فيه: هو أكذبُ من رَوْثِ حمار الدجال!! وكان قديمًا مُتَلَوِّثًا في الأقذار!!).
وقد ذكر (أبو الفتن) في كلامه ثَور بن يزيد الحِمصي، وكان ثورٌ يرى القدر؛ فذكر (أبو الفتن) أن سفيان الثوري قال: (خُذوا عن ثورٍ، واتقوا قَرْنَيْهِ!!).
أنطقه اللهُ بهذا! قلتُ: وهذا في التهذيب، وفيه قال أبو عاصم: قال لنا ابن أبي رَوَّاد: (اتقوا لا ينطحنكم بقرنيه!!).
بل ذكر (أبو الفتن) في كتابٍ له جمع فيه بعض ألفاظ الجرح والتعديل شَطْر بيتٍ من أبياتٍ قِيلت في ثور بن يزيد، وهو: (وثورٌ كاسمه، إنْ شئتَ فاقلبِ).
و(انته) إنْ قلبتَ ثورًا صار رَوْثًا!! -نقله بيده!-.
وقد روى الخطيب بسنده إلى مجاهد بن موسى: إنه سُئل عن إبراهيم بن هُدْبَة؛ فقال: قال علي بن ثابت: (هو أكذب من حماري هذا!!).
وقال الذهبي في الميزان في تجريح موسى بن عبد الله الطويل: (انظر إلى هذا الحيوان المتهم!!).
وقال الذهبي في الميزان في تجريح ضِرار بن سهل الضِراري: (ولا يُدرى مَن ذا الحيوان؟!!).
وقال الذهبي في المُغني في تجريح القاسم بن داود البغدادي : (مِن حيوانات البَر!!).
وقد استعمل بعضُ النقاد هذه الألفاظ: "لا يُدرى مَن ذا الحيوان" ، "حيوانٌ مُتهم" ، "مِن حيوانات البَر" ، "هو أكذب من حماري هذا" ، "هو أكذب من روث حمار الدجال" ، "رافضي مثل الحمار" ، "رافضي كأنه جرو كلب" ، " خذوا عن ثور واتقوا قرنيه" ، " اتقوا لا ينطحنكم بقرنيه" ، "ثورٌ كاسمه إنْ شئتَ فاقلبِ أي رَوْثًا".
استعمل بعضُ النقاد هذه الألفاظ وغيرَها في تجريح طائفة من الرواة، وهي كنايةٌ عن شدة ضعفهم أو كذبهم.
ولعل بعض المتعجلين يظن أن أولئك النقاد تشددوا في تجريحهم، ولم يتورعوا في وصم هؤلاء الرواة بهذه الألفاظ.
والحق أن نقاد الحديث قد يلجأ بعضهم إلى استعمال هذه الأوصاف والألفاظ -وهي شديدة قاسية- غَيْرَةً منهم على الدين، وتحذيرًا من الكذب، وتنفيرًا من أهله.
وفي العلل ومعرفة الرجال عن يحيى بن سعيد القطان أنه كان إذا ذُكر عنده الشَّاذَكُوني قال: (ذاكَ الخائبُ!!).
وفي تهذيب الكمال عن يحيى بن معين قال في سُوَيد بن عبد العزيز: (لا يجوزُ في الضحايا!!).
وفي الميزان نقل الذهبي عن محمد بن إسماعيل الترمذي في تجريح إبراهيم بن يحيى: (لم أرَ أعمى قلبا منه!!).
وروى العُقيلي في الضعفاء أن يحيى بن معين قال عن زكريا بن يحيى: (يستأهل أن يُحفر له بئرٌ فيلقى فيه!!).
وروى العقيلي في الضعفاء عن سفيان بن عيينة في تجريح مُعَلّى بن هلال: (ما أحوجه أن تُضرب عنقه!!).
وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى النَّضْر بن شُمَيْلٍ أنه قال: (سمعتُ حماد بن زيد يقول: " ما كان ابن أيوب يَسْوَى طُلْيَةً أو طُلْيَتَيْن!!).
و(الطُّلْيَةُ): الخيطُ الذي يُشد في رجل الجَدْي ما دام صغيرًا.
وقيل (الطُلْيَةُ): الخِرْقَةُ للعَارِك أي هي خِرْقَةُ الحائض.
وقيل: الصُّوفَةُ أو الخِرْقَةُ التي يُهْنَأُ بها الجَرَب.
ونقل الذهبي في الميزان والسير جَرْحَ عثمان بن دِحْيَة مَطر بن طَهْمَان بقوله: (لا يساوي دَسْتَجَةَ بَقْلٍ!!). أي: حُزْمَةَ فِجْل!!
وروى مسلمٌ في مقدمة صحيحه بسنده إلى عبد الله بن المبارك أنه قال: (لو خُيرت بين أن أدخلَ الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن مُحَرَّرٍ، لاخترتُ أن ألقاه ثم أدخل الجنة؛ فلما رأيته كانت بَعْرَةٌ أحبَّ إلي منه!!).
وسأل ابن الجنيد -سألَ- يحيى بن معين عن عبد الحميد بن سليمان، فقال: (ذاكَ لا يحل لأحدٍ أن يروي عنه، كان لُعْنَة!!).
و(اللعْنَةُ): بالضم مَن يعلنه الناس لشره، أو هو الذي يستجلبُ اللعنَ لعشيرته وأهله.
كان لُعْنَة!! فهذه بعضُ ألفاظِ المتقدمين من علماء الجرح والتعديل.
وأما المعاصرون؛ فإنّ الشيخَ مُقْبِلاً -رحمه الله وعظّم أجره فيمن ينتمي إليه وهو له عدوٌ وعليه حَرْبٌ!!- فإنّ الشيخَ مُقْبِلاً لقَّبَ بعض المبتدعة بـ (الكلب العاوي!!)، وجعله عنوانًا لكتابه، ومَن تتبع كلام الشيخ عرف طريقته.
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تقديم رسالة: (براءةُ أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة) للشيخ بكر بن أبي زيد -رحمه الله-، قال الشيخُ ابن باز: (قد اطلعتُ على الرسالة التي كتبتم وفضحتم فيها (المجرمَ!!) (الآثمَ!!) محمد زاهد الكَوثري)، ثم قال: (إلى آخر ما فاه به ذلكَ (الآفاكُ!!) (الأثيم!!) عليه من الله ما يستحقه).
ولئن قال الرجلُ: هذا كله إنما كان لأن الأئمة أخرجوا تلك الألفاظَ والأساليب على مقتضى البلاغة بأساليبها، ولا يريدون حقيقتها.
لإنْ قال ذلك، قلنا له: (عَدَّاكَ العيبُ وَأَزَح!!).
لقد قلتُ لكَ: إنْ مَن تلمزه -لأنه يجرحُ بغير جارحٍ- ما كان جارحًا، ولا لأحدٍ مُعَيِّنًا، وإنما تُعَيِّن أنتَ بهواكَ بغير برهان! والله حسيبكَ وتبوء بإثمكَ وإثم مَن عَيَّنتَ.
فإنْ ذكر البلاغة والأساليب، فلماذا يسعُ الأئمةَ من البلاغة وأساليب البيان وتشقيق الكلام ما لا يسعنا؟!!
ولكني إنْ قلتَ ذلك وذكرتَ البلاغةَ وأساليب العرب، قلتُ لكَ: (مَرْحَا!!) (مَرْحَا!!) (يا ألف ليلة بيضة!!)، وتعرفُ أن هناك بلاغةً وأساليبًا؟!! ما شاء الله، إذًا لا أخشى عليكَ!!
انْطَلِقْ يا رجل في جنبات الأرض خابطًا!!، وللباطل ناشرًا!!، وعن أهل البدعة منافحًا!!، ولا عليكَ تعرفُ البلاغةَ والأساليبَ!! ما شاء الله!!
ومن كذباته: أنه رُوجعَ في همزه ولمزه؛ فقال: إنه تكلم على العموم -ما أَثْخَنَ جِلدة وجهه!! يكذب على الهواء مباشرةً- إنه تكلم عن العموم!! حَسَنٌ.. حَسَنٌ يا (أبا الفتن)، والخطيب -أيضًا- تكلم على العموم؛ فلماذا يسعكَ العموم ولا يسعه؟!! أفي العمومِ رِشْوَة؟!! لماذا يسعكَ العموم ولا يسعه؟!!
لقي رجلٌ ابنَ صاحبٍ له؛ فسألَ: ما فعله أبوكَ بحمارهِ؟ قال الصبيّ: باعهِ!
قال: يا بني لمَ تقول: باعهِ؟!!
قال: وأنتَ لمَ تقول: بحمارهِ؟!
قال الرجل: لأن الباء قبل حمار أبيكَ تجره وتجر أباكَ معه!!
قال الصبي: ولمَ تجر باؤكَ -يعني الباء في قوله: بحمارهِ- ولا تجرُّ بائي -يعني قوله: باعهِ-؟!!! أثمت فَرْقٌ بين باءٍ وباء؟!!
وفي الرجل غفلةٌ شديدة، أو تغافلٌ أشد؛ فقد سألَ المتصل الفاضل عن حُكم أمرٍ حَدَّده بقطعٍ وبوضوح؛ فراحَ الرجلُ يُعْمِلُ الحَيدةَ، ويجيبُ إجابة الغافل المُغيّب، أو المتغافِل المتقلِّب.
إنّ المتصل الفاضل أراد بذكر ما ذكر من القتل والجرح، ومَن عَدَّ من القتلى والجرحى -يعني ما كان واقعًا إبَّانه من قتل وجرح بين طائفتين من المصريين في الساعة ذاتها وفي الدقيقة عينها- فذكر المتصلُ الفاضلُ بِأَسَىً عن هذا الأمر وذكر ما وراءه مما نما إلى علمه.
هذا المتصلُ الفاضل أراد بذكر ما ذكر من القتل والجرح، ومَن عدَّ من القتلى والجرحى تحميلَ القناة التي صار يُبغضها مسئوليةً ما في الأحداث التي تجري والتي جرت والتي ستجري.
ولعله يصدر من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُقتلُ نفسٌ ظُلمًا إلا كان على ابن آدم الأولِ كِفْلٌ من دمها؛ لأنه سَنَّ القتلَ) كما في لفظٍ في الصحيحين.
فراحَ المجيبُ يسألُ مستنكرًا: وهل قتلنا؟! وهل أمرنا؟! وهل رضينا؟! ولم يفطن إلى حقيقة الاتهام الكامن في سؤال السائل الفاضل.
ولعل السائل لا يعلم أن (أبا الفتن) على القول نفسه الذي يقول به مَن يلمزه ويهمزه!! إلا أن يكون غَيَّر وبَدَّل!!
والآن إما أن يكون على ما كان؛ فكيف سَاغَ له أن يكتم والموطنُ موطنُ تفصيلٍ وبيان -كما قال-؟! وكيف استحل الدفاع عمن يذهب إلى قول مَن كان قاطعًا بخطئه محاربًا لفكره؟! أم هي: (دَارِهم ما دمتَ في دَارِهم، وأرضِهم ما دمتَ في أرضِهم!!).
وإما أن يكون غيّر وبدّل؛ فكان يجب أن يدل سامعيه على صواب ما صار إليه وخطإ ما كان عليه!! -نصحًا للناس وإرشادًا لهم-.
والرجل مع غفلته وتغافله متناقضٌ! أو هو متناقضٌ لغفلته وتغافله!!
والرجل يُظهر الحِلمَ وهو جهول! ويتفاصح وهو بَكِيءٌ غير قَئول! ويدعو إلى الإنصاف وهو له مباعدٌ وعنه معزول!
فما أن سمعَ سؤال الأخ الفاضل المتصل حتى خرج عن وَقارِه وراح يَهْذِي كمَن به جِنَّة!! فلما انفتأت حِدَّته، وهدأت شِرَّته، وتطامنت مِرَّته، انقلبَ ناصحًا بما هو خالٍ منه! وما هو مُغَيَّبٌ عنه!
يقول للسائل الفاضل: لمَ لمْ تأتِ إليه؟! ولماذا لم تناصحه؟! إلى آخر ما قال، ومراده: الترفق في القول، والسماحة في النصح، ونسي المسكين في غمرة حماسه أنه لم يناصح مَن همزه ولمزه!! ولا قرأ له!!، ولا سمعَ منه!! وإنما كان معه كـ (أبي زَنَّة!!).
و(أبو زَنَّة): لعبة أطفال على هيئة قرد له يدانِ، يُمسكُ بهما صاجان، وله زُنْبُرك، إذا مُلئ، ثم أُطلقَ (أبو زَنَّة) راح يخبط بإحدى صاجَتيه على الأخرى ويدور؛ حتى يفرغَ زُنْبُرْكُه؛ فهذا كذا، والله المستعان.
وإياكَ أن تقول: أهذا جرح؟!
لأني أقولُ لكَ: إنه ليس جرحًا!! ومَن قال: إني أجرحكَ بأنكَ كـ (أبي زَنَّة)!! هل هذا جرح؟!
لم يعد فيكَ للجرح موضعٌ!!! ولكنه ضَرْبٌ من ضروب البيان لا تدركه، ولونٌ من ألوان القول لا تفقه؛ فالتمس -إن وجدتَ- مَن يشرحه لكَ، وإلا فالصمتُ بكَ أولى وأجملُ.
وفي الرجل فجورٌ في الخصومة عجيبٌ، لا تخطئه عينٌ باصرة، ولا أذنٌ واعية، ومن ذلك: سوقه لسماديره وأوهامه عن أقوامٍ يَغْلُون، فيفعلون ويقولون إلى آخر تخليطه!
فَيُنَزِّلُ السامعُ ما يسوقه (أبو الأفَن) على فلانٍ وفلان، ومن ذلك تحويل موطن النزاع إلى موطن خداع!! كما صنع عند إجابته عن سؤال الأخ الفاضل، وقد سأل عن حُكم الإسلام في (الثورة) و (الخروج) على الحاكم الظالم الجائر النهّاب، وأراد إجابةً يعدها لنفسه بين يدي ربه عندما يسأله، هل في هذا من عابٍ؟!!
وذكر الفاضل السائل أنه صار مبغضًا للقناة لانتهاجها كغيرها منهجًا ثوريًا غير سلفي، ولسلوكها مسلكًا تهييجاً غير سني؛ فكيف كان جوابه؟!
جعل يجيب عما لا صلة له بقول الفاضل، وجعل سُخطَ الأخ السائل راجعًا إلى أن القناة تستضيف بعض حالقي اللحى!! أو تقدِّم بعض الإعلانات!! وأين ذُكر هذا في كلام الأخ المتصل؟!!
لم يُشر إليه ولا بِبِنْتِ شَفَه! ولا جرى على لسانه ولا أشار إليه ولا تضمنه كلامه.
وإنما حدّد موطن النزاع -بدءًا- تحديدًا واضحًا -بحقٍ- ظاهرًا -بصدق-؛ فأخذ هذا يقول: لا (تَزْعَل) من القناة!! إذ تستضيف بعض حالقي اللحى..
ما عن هذا سأل!! ولا إليه أشار!! ولا دار له على بال!! أهذا هو موطن النزاع؟!! لا، بل هو موطنُ خداع!!
لأنه لا شك أن السامع سينحو باللائمة على السائل الفاضل؛ لأن المجيبَ المخادع أوهم السامع بشيءٍ افتراه عليه من عنده، وائتفكه له من كِيسه.
ومثلَ ذلك فعل العايبُ (أبو الفتن) عندما راح يعيب على مَن ادّعى أنه يعيب خَلْقَ الله -تعالى-، ولم يتورع من تلبيسه عن ذكر آيةٍ لا تُقال لمسلمٍ في هذا الموطن، وراح يدندن حول ما توهمه أو ائتفكه، والله حَسيبُه.
ويبدو أنه ممن يضربُ المَنْدَل!! أو يَخُطُّ على الرمل!! أو يشمُّ على ظهر يده!! فيرجم بالغيب كاذبًا من غير أن تَطْرِفَ له عينٌ.
ألا، فليعلم مَن بين جنبات الدنيا الأربع من الإنس والجن أني ما بدأتُ هذا (الدجال) حتى بدأ، ولا اعترضته حتى اعترض.
ومن أسباب ذلك أني أعلم أن (أبا الفتن) صنّاعٌ للفتن!! فما نزل أرضًا حتى أشعلَ نيرانها، وأجج أُوَارها.
ولأني أعلم أنه مُغرَّرٌ به! مُوحًا إليه من شياطين الإنس الذين استنكر فعلهم في قوله، واستمع قولهم في فعله!!
ولأني أعلم أنه قد فُرغَ منه!! وجُرحَ حتى لم يعد فيه للجرح موضعُ!! فماذا أصنع؟! (الضربُ في الميت حرامٌ!!).
ولأني لا أريد أن أشغل طلاب العلم على منهاج النبوة بمعارك الحواري التي يسعى إليها (أبو الفتن) وأمثالُه في وقتٍ تحتاج الأمّة فيه إلى كل طاقات أبنائها وجهودهم.
ولأني أعلم أن كل مَن تعرَّض للرد عليّ أو الاعتراض على قولي لم يُحرر موطنَ النزاع.. مساكين!! يصدرون عن شائعاتٍ وأكاذيبٍ، وتخيلاتٍ وسمادير، وأحقادٍ وأحساد.
ولأني لم أباله -يومًا- ولا في أهل العِلم عددته، ولذا لما حَطَّت به في أرض الكنانة رِحالُه أهملته! ولكنّ الرجل أبى إلا أن يكون (دُوْن كَيْشُوت) الغربي، صنيعةَ (سِرْفَانْتِس)، أو أن يكون كـ (أبي حَيَّة) النُّمَيْرِيّ العربي، صنيعةَ الجاحظ؛ فليختر لنفسه ما يحلو.
وإني لمُذَكِّرُهُ وهو نَسَّاء بما قاله في حواره مع المجلة التي حاورته، قال: (أما الاشتغال بالناس؛ فهو تضييع للحسنات، وقسوة للقلوب، والحسن البصري -رحمة الله عليه- كان يقول: (لو كنتُ مغتابًا أحدًا؛ لاغتبتُ أبي؛ فهو أَوْلَى بحسناتي).
قال: فنحن ننصح طلبة العلم بألا يكبِّروا الخلافات، وألا يُسرعوا في فتنةٍ: القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي إليها).اهـ
فماذا تُسرعُ أنتَ؟!!! ما هذا؟! ومَن يقبل مثل هذا؟!
والسؤال: لماذا لا تنتصح بما تنصح الناسَ به؟!! ولمَ لا تسترشد بما ترشد الناسَ إليه؟!! أم تريد أن تكون ممن يأمر بالمعروف ولا يأتيه!! وينهى عن المنكر ويأتيه!! وأحسبُ أنكَ تعرف حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما في الصحيحين.
إياكَ والأمرَ الذي إنْ توسعتْ
موارِدُهُ ضاقتْ عليكَ المصادرُ
فما حَسَنٌ أنْ يَعْذِرَ المرءُ نفسَه
وليس له من سائر الناس عاذِرُ
وإن أبيتَ إلا أن تركبَ رأسكَ، وتُشهرَ فأسكَ؛ فالله المستعان وعليه التكلان وحسبنا الله ونِعم الوكيل.
وأصولكَ معروفةٌ لا تخفى! نعرضها على الناس بأمانةٍ وصدقٍ، ثم نحملُ عليها نقدًا ونقضًا؛ ليعلمَ الناسُ مَن أنتَ؟! ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى:40].
والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونِعم الوكيل.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله رب العالمين، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريك له هو يتولى الصالحين، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فأما مُقَدِّم البرنامج؛ فهو جاهلٌ برتبة (مُقَدِّم!!).
وأقول له: إني ناصحكَ ومَن وراءكَ: دعوكم من هذه الأساليب الرخيصة! والحِيل الصبيانية! وتوبوا إلى الله بارئكم فما أكثرَ مَن ضلّ وغوى!
الدماءُ تسيل، الأمّة تتمزق، وأوصالُها تتهَرَّى، وأبناؤها يقتل بعضُهم بعضًا، والفتنةُ تشتعل في الربوع نيرانُها، وقد ساهمتم في إشعالها: المتسببُ كالفاعل المباشر؛ فأبشروا!!
وإذا كانت (السَّبُّوبَة!!) هي التي تحملكَ على ارتكاب ما ترتكبَ من المعاصي؛ فاعلم أن الرزق بيد الله وحده.
وإذا كانت (الشهرة) هي التي تأزُّكَ على الطاعة في المُنكر، والاستجابة في المعصية؛ فتوشك أن تهلككَ، ومَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ به.
وإن كنتَ تريد أن تخدم دينكَ؛ فاخرج من طاعة الأحبار إلى عبادة الواحد القهار.
وسأدلكَ واجعل هذا في سرِّكَ! ولا تُخبر به مخدوميكَ، ولا تخبر به مخدوميكَ!!، لا تستنكر.. نعم هم مخدوموكَ وليسوا بمستخدميكَ، قل لهم: إنكَ ستعرض على (أبي الفتن) (شَجِيع السِّيما!!) الذي استوردتموه العدد الذي فيه عرض المغامرة الأولى للمحرَّرات الفضليات..
قل لهم: إنكَ ستأتي به؛ لتجعله بين يديه، وستسأله عن الحُكم في عرض المرأة نفسها وتعريضها لها في أوكار البِغاء، ومَراتِع الخَنا، ومباءات السوء بين الدُّعَّار والعُهَّار..
قل لهم: سأفعل ذلك، واعرض عليه -بإذنهم وسماحهم ذلك- إن كنتم صادقين! اقرأ عليه ما قالتاه ورضختا به!
وأخبر مَن وراءكَ أن (المواقع الصليبية) تعرض المغامرة النسائية!! وتُشَهِّر بـ (المنتقبات) و(الملتحين) إستنادًا إلى تلك المغامرة!
لأنهم عرضوا كلامًا، وصوَّروا صورًا، وفيه عَرْضُ المرأة نفسها على العُهَّار والدُّعَّار؛ لتعرفَ مَباءاتِ الخَنا، ومواطنَ الإثم: أين هي؟ وماذا يُدفع فيها؟ وما الذي يُفعل بها؟ مطاوعةً! مجاوبةً!
وأتوا بصورة (ملتحٍ) قَوَّاد؛ فالتقطت (المواقع الصليبية) صورة الأختين الفضليين: من (منتقبةٍ)، و(سافرةٍ عن وجهها ويديها وكفيها)، وكذلك صورة الرجل الملتحي، وهو قَوَّاد -كما يقولون- وطارت بها كل مطار!!
اعرض عليهم ذلك -إن كنتم صادقين- ولننظر إن هم أجابوكَ لذلك إلى قول الشاغل نفسه بالغلاف والبطيخ!! ولننظر قوله..
فإني قد سألتُ شيخكَ عن ذلك؛ فكان جوابه: برنامجكَ وضيفك!! سألتُ شيخكَ عن ذلك؛ فكان جوابه: برنامجكَ وضيفكَ!! هذا رده!!!
اتقوا الله في الأمة: حللتم العُرى!!، وفصمتم العلائق!!، وغيرتم معالم الشريعة!! وبدلتم دعائم الملة!! ووضعتم في عقائد الخلق التُّرهات!! وسقيتم الناسَ النفايات!! أو عصير النفايات..
وصار الناس: (ديمقراطيين!!) (ليبراليين!!) (اشتراكيين!!) (تحرريين!!) وهي تعريب (الليبراليين) إلى غير ذلك من تلك الأوصاف الفاجرة الماكرة الكافرة!!
صار الناس كذلك -يعلمون أو لا يعلمون- والماردُ الذي خرج من (قُمْقُمه) لن يعودَ إليه أبدًا، إلا أن يشاء ربي شيئًا.
أسأل الله أن يحفظ (مصر) من الفتن: ما ظهر منها وما بطن، وأن يهدي الضُّلال؛ لكي يكونوا منارات هدايةٍ وإرشادٍ لهذا الشعب الطيب المسكين الذي أضلوه على عِلم، والله حسيبهم وهو -سبحانه- حسبنا ونِعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.اهـ
وفرَّغه/
أبو عبد الرحمن حمدي آل زيد المصريّ
18 من ربيع الأول 1433 هـ الموافق 7/2/2012 م
فإنْ تجد عيبًا فسُد الخللَ *** جلّ مَن لا عيبَ فيه وعلا.
تعليق