موافقة من ظهر خطؤه
وهذا نص المراسلة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .أمَّا بعد:
سمعت أنَّ سائلاً سأل الشيخ فركوس -حفظه الله- عن الخلاف بين الشيخين ربيع وفالح -حفظهما الله- فكان جوابه أنَّ العلماء مع الشيخ فالح في أقواله لا في أفعاله، فهل صدق من نسب إلى الشيخ هذا الكلام؟ وأعتذر عن وضع هذا السؤال في مكان الانتقادات، وأرجو أن ترسلوا لي جوابًا، (اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه....) والسلام عليكم.
جواب الإدارة:
الحمدُ لله وحده، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإنَّ إدارة الموقع ترفع إلى مراسلها الكريم شكرها، وتثني على جهده خيرًا، حيث التزم التعليم الرباني في التثبُّت من الأخبار سلوكًا للسلامة ودرءًا للندامة، إذ إنَّ ممَّا يخرم المروءة، ويسقط العدالة نشرَ الأخبار دون التأكُّد من صِحَّتها، وتمحيص سليمها من سقيمها، وذلك معرِّض لوصف الفِسق الوارد في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، ويجعل ناقله فاقدًا لفضيلة الصدق، حائزًا لرذيلة الضد، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»(١)، والمتجاسِرُ بنقل خبر يرمي به بريئًا بُهتانًا وزورًا متوعَّد بوعيدٍ شديدٍ، جاء صريحًا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَالَ في مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللهُ ردْغَةَ الخَبَالِ حَتى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ»(٢).
ومن هذا القبيلِ ما نُسب للشيخ أبي عبد المعز محمَّد علي فركوس -حفظه الله- افتراءً وكذبًا ما جاء مذكورًا في نص المراسلة ومنشورًا في المواقع ذات الطابع الإقصائي من أنه سئل عن المسئول عنه، فأجاب: بأنَّ العلماء يوافقونه في أقواله لا في أفعاله، فإنَّه وبغض النظر عن بُعد الجواب عن مسلك الشيخ -حفظه الله- في أجوبته وأسلوبِه المعروف عنه، فإنَّ الشيخ -حفظه الله- أكَّد تأكيدًا جازمًا عَدَمَ تلقِّيه سؤالاً يخصُّ القضية المطروحة، ولم يصدر منه الجواب المزعوم.
فضلاً عن أنَّ قضية الشخص المسئول عنه ليست قضية شخصية بينه وبين فضيلة الشيخ ربيع -حفظه الله- كما يُفهم مما كتبه المراسل الكريم بل إنَّ الخلاف -بغض النظر عن طابعه العقدي- منهجي أخلاقي، قد فُصِل النزاع فيه منذ أمدٍ بعيدٍ، فظهر الحق وزهق الباطلُ وأهله، جزاءً لمن لم يلتزم منهج علماء السلف في دعوته قولاً وعملاً.
ولا يسعنا أخيرًا إلاَّ أن ننصح نقلة الخبر المكذوب بالتوبة والإنابة، والمسارعة إلى طلب العفو من المفترَى عليه، وأن يكونوا أدواتِ خير ونقلةَ صدقٍ وفضيلةٍ، مبتعدين عن الفتن والقيل والقال، حتى لا يعرضوا أنفسهم للعقوبة الأخروية الواردة في الحديث «رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ أَتَيَاني قَالاَ الذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالكذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ»(٣).
وننصح الجميع بالالتفاف حول العلماء الموثوق في علمهم وعقيدتهم، الذين يربُّون أتباعهم على صفاء العقيدة، ونقاء المنهج، وجميل الأخلاق، وحسن المعاملة، والعدل في الأقوال والأعمال، إذ تصدُّر المجالس لا يعدُّ بالضرورة دليلاً على قُوَّة العلم والفهم، فكم من مُدَّعٍ ما ليس فيه، يضرُّ ويظنُّ أنه ينفع، ويفسد ويحسب أنه يُصلح، وتلك آفة مهلكة. قال ابن حزم -رحمه الله-: «لا آفةَ على العلوم وأهلها أضرُّ من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون ويظنُّون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدّرون أنهم يصلحون»(٤).
نسأل اللهَ السلامة والعافية في الدِّين والدنيا، والابتعاد عن المهلكات، ونعوذ بالله أن نكون من الهالكين، أو المُهلكين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إدارة الموقع
الجزائر في: 22 جمادى الثانية 1432ﮬ
الموافق لـ: 25 مــايو 2011م
٢- أخرجه أبو داود في «الأقضية» باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمره، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (6196).
٣- أخرجه البخاري في «الأدب» باب قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وما ينهى عن الكذب (6096)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
٤- ابن حزمٍ «مداواة النفوس»: (1/ 23).
تعليق