مناقشة
بين الإمام عبد العزيز إبن باز - رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى -
و إبن جبرين وسلمان العودة و عائض القرني
- منقول من كتاب مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية -
** ويقول الشيخ خالد العنبري: هذا شريط: "الدمعة البازية" الذي تضمن تسجيلاً لمجلس علمي تحدث فيه وتناقش- تجلية للموضوع، وطلبا للعلم- مجموعة من الدعاة ذائعي الصيت، مع الإمام ابن باز، في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله؛ ليقول بالتكفير المطلق، بدون تفصيل، فكانوا يحاورنه فيه محاورة شديدة - تجلية للموضوع- تشبه المحاصرة. وأُتي الشيخ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فكان،رحمه الله، ثابتاً راسخاً كالطود الأشم لا يتزعزع ولا يجزع ولا يلين ولا يأبه لما قالوه أو نطقوا به، فكان يؤكد بأن الحكم بغير ما أنزل الله: لو بدل، أو وضع القوانين العامة لا يكفر، ما لم يكن ثمّت استحلال ظاهر معين، وكان يقول: "وخلاف هذا مذهب المبتدعة الخوارج". فرحمه الله رحمة واسعة. إليك نص ما دار-فهذا نادر جدا- في الشريط، مما يتعلق بموضوعنا..
كان النقاش حول حكم تارك الصلاة، فقال الشيخ ابن جبرين: في التفسير عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ كفر دون كفر.
فقال الشيخ ابن باز: إذا لم يستحله، يعني حكم بالرشوة، أو على عدوه، أو لصديقه يكون كفرا دون كفر. أما إذا استحل الحكم، إذا استحل ترك الشرع يكون كافرا، إذا استحله كفر، لكن لو حكم بالرشوة، ما يكون كافرا كفرا أكبر، يكون كفرا دون كفر، مثل ما قال ابن عباس ومجاهد وغيره، رحمهم الله.
قال أحد الحاضرين: هو الإشكال الكبير في هذا المقام ـ عفا الله عنك ـ مسألة تبديل الأحكام الشرعية بقوانين …
فقاطعه الشيخ ابن باز بقوله: هذا محل البحث، إذا فعلها مستحلا …
فقاطعه السائل نفسه بقوله: وقد يدعي أنه غير مستحل؟
فقال ابن باز -رحمه الله-: إذا فعلها مستحلا لها يكفر، وإذا فعلها لتأويل لإرضاء قومه، أو لكذا وكذا يكون كفرا دون كفر، ولكن يجب على المسلمين قتاله، إذا كان عندهم قوة حتى يلتزم، من غيّر دين الله بالزكاة أو غيرها يقاتل حتى يلتزم.
فقال السائل نفسه: بدّل الحدود، بدّل حد الزنا وكذا وكذا.
فقال ابن باز: يعني ما أقام الحدود، عزره بدل القتل عزره.
فقال ابن جبرين: أو الحبس.
فقال ابن باز: أو الحبس.
وقال السائل: وضع مواد ـ عفا الله عنك ـ.
فقال ابن باز: الأصل عدم الكفر حتى يستحل، يكون عاصيا وأتى كبيرة ويستحق العقاب، كفر دون كفر حتى يستحل.
فقال السائل: حتى يستحل؟!! الاستحلال في قلبه، ما ندري عنه؟
فقال ابن باز: هذا هو، إذا ادعى ذلك، إذا ادعى أنه يستحله.
فقال ابن جبرين: إذا أباح الزنا برضى الطرفين …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: كذلك هذا كفر.
فأكمل الشيخ ابن جبرين كلامه بقوله: المرأة حرة في نفسها؛ فلها أن تبذل نفسها؟
فقال ابن باز: إذا أحلوا ذلك بالرضا فهو كفر.
فقال سلمان العودة: لو حكم ـ حفظكم الله ـ بشريعة منسوخة كـاليهودية مثلا، وفرضها على الناس وجعلها قانونا عاما، وعاقب من رفضه بالسجن والقتل والتطريد، وما أشبه ذلك؟
فقال الشيخ ابن باز: ينسبه إلى الشرع ولا لا -يعني أو لا-؟
فقال الشيخ سلمان العودة: حكم بها من غير أن يتكلم بذلك، جعلها يعني بديل؟
فقال الشيخ ابن باز: أما إذا نسبها إلى الشرع فيكون كفرا.
فقال الشيخ سلمان: كفرا أكبر أو أصغر؟
فقال الشيخ ابن باز: أكبر، إذا نسبها إلى الشريعة، أما إذا ما نسبها إلى الشريعة، بس مجرد قانون وضعه، لا، مثل الذي يجلد الناس بغير الحكم الشرعي، يجلد الناس لهواه، أو يقتلهم لهواه، قد يقتل بعض الناس لهواه وغلبه.
فقال سلمان: ما يفرق ـ حفظكم الله ـ بين الحالة الخاصة في نازلة، أو قضية معينة، وبين كونه يضعه قانونا عاما للناس كلهم؟
فقال ابن باز: أما إذا كان نسبه إلى الشرع يكفر. وأما إذا ما نسبه إلى الشرع، يرى أنه قانون يصلح بين الناس، ما هو بشرعي، ما هو عن الله ولا عن رسوله يكون جريمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر، فيما أعتقد.
فقال سلمان العودة: ابن كثير ـ فضيلة الشيخ ـ نقل في البداية والنهاية الإجماع على كفره كفرا أكبر.
فقال ابن باز: لعله إذا نسبه إلى الشرع
فقال الشيخ سلمان: لا، قال من حكم بغير شريعة الله من الشرائع المنزلة المنسوخة فهو كافر، فكيف من حكم بغير ذلك من أراء البشر، لاشك أنه مرتد …
فقال ابن باز: ولو، ولو، ابن كثير ما هو معصوم، يحتاج تأمل، قد يغلط هو وغيره، وما أكثر من يحكي الإجماع.
فقال الشيخ ابن جبرين: هم يجعلونه بدل الشرع، ويقولون هو أحسن وأولى بالناس، وأنسب لهم من الأحكام الشرعية.
فقال الشيخ ابن باز: هذا كفر مستقل، إذا قال إن هذا الشيء أحسن من الشرع، أو مثل الشرع، أو جائز الحكم بغير ما أنزل الله، يكون كفرا أكبر.
فقال أحد الحاضرين: الذين يكفرون النظام ويقولون: لا يكفر الأشخاص، يعني يفرقون في أطروحاتهم، يقولون: النظام كافر لكن ما نكفر الأشخاص؟
فقال الشيخ ابن باز: إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله كفر، ولو هو شخص، يعين، يكفر بنفسه، يقال فلان كافر، إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو استحل الزنا يكفر بعينه، مثل ماهو كفر، مثل ما كفر الصحابة بأعيانهم الناس الذين تركوا. مسيلمة يكفر بعينه، طليحة قبل أن يتوب يكفر بعينه، وهكذا من استهزأ بالدين يكفر بعينه، كل من وجد منه ناقض يكفر بعينه، أما القتل شيء آخر، يعني القتل يحتاج استتابة.
فقال أحد الحضور: لكن إذا نسبه إلى الشرع، ألا يحكم بأنه من الكذابين؟
فقال الشيخ ابن باز: من الكذابين.
فقال السائل: لكن دون الكفر.
فقال الشيخ ابن باز: إي نعم. أما إذا قال: لا، أنا أقول إنه مثل الشرع، أو أحسن من الشرع، فهو كفر، أما إذا كان رأى بدعة، فأهل البدعة معروف حكمهم.
فقال الشيخ عائض القرني: طيب يا شيخ بعضهم يقول: إن عمر ترك الحدود في المجاعة عام الرمادة؟
فقال ابن باز: هذا اجتهاد له وجه، لأنه قد يضطر الإنسان إلى أخذ الشيء سرقة للضرورة.
فقال سلمان العودة: ـ حفظكم الله ـ الدليل على كون الكفر المذكور في القرآن أصغر (فأولئك هم الكافرون) أقول: ما هو الصارف، مع أنها جاءت بصيغة الحصر؟
فقال ابن باز: هو محمول على الاستحلال على الأصح، وإن حمل على غير الاستحلال فمثل ما قال ابن عباس يحمل على كفر دون كفر، وإلا فالأصل هم الكافرون.
فقال أحد المناقشين: ما فيه دليل ابن عباس، ما فيه أنه ما استحل ……
فتدخل سلمان قائلا: نعم يعني ما الذي جعلنا نصرف النص عن ظاهره؟
فقال ابن باز: لأنه مستحل له، وذلك في الكفار الذين حكموا بغير ما أنزل الله، حكموا بحل الميتة، حكموا بأشباهه، أما لو حكم زيد أو عمر برشوة نقول كفر؟!! ما يكفر بهذا، أو حكم بقتل زيد بغير حق لهواه ما يكفر بذلك.
ثم قال ابن باز بعد سكوت يسير: على القاعدة، التحليل والتحريم له شأن، مثل الزاني هل يكفر؟
فقال الشيخ سلمان: ما يكفر.
فقال الشيخ ابن باز: وإذا قال حلال؟
فقال الشيخ سلمان: يكفر.
فقال ابن باز: هذا هو.
فقال سلمان وآخر معه في نفس الوقت قالا: يكفر ولو لم يزنِ.
فقال الشيخ ابن باز: ولو مازنا.
فقال الشيخ سلمان: نرجع سماحة الوالد للنص (ومن لم يحكم بما أنزل الله) فعلق الحكم بترك الحكم؟
فقال ابن باز: الحكم بما أنزل الله يعني مستحلا له، يحمل على هذا.
فقال سلمان العودة: القيد هذا من أين جاء؟
فقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: من الأدلة الأخرى الدالة عليه، التي دلت أن المعاصي لا يكفر صاحبها، إذا لم يستحل ما صار كافرا.
ثم سؤال من شخص آخر غير واضح، فقال ابن باز:
فاسق وظالم وكافر هذا إذا كان مستحلا له، أو يرى أنه ما هو مناسب، أو يرى الحكم بغيره أولى، المقصود أنه محمول على المستحل، أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله، أما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه، يكون عاصيا، مثل من زنا لهواه لا لاستحلال، عق والديه للهوى، قتل للهوى يكون عاصيا، أما إذا قتل مستحلا، عصى والديه مستحلا لعقوقهما، زنا مستحلا: كفر، وبهذا نخرج عن الخوارج، نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع ولا- بتشديد اللام بمعنى أو- وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج، وهو الذي شبه على الخوارج هذا، الإطلاقات هذه.
فقال سلمان: يعني المسألة قد تكون مشكلة عند كثير من الإخوان، فلا بأس لو أخذنا بعض الوقت.
فقال ابن باز: لا، مهمة مهمة، عظيمة.
فقال سلمان: ذكرتم مسألة تكفير العاصي وفاعل الكبيرة، هذا ليس موضع خلاف. فقال الشيخ ابن باز: لا، ما هي المسألة مسألة الخوارج، هو علة الخوارج، الإطلاقات هذه، تركوا المقيدات وأخذوا المطلقات وكفروا الناس، وقال فيهم النبي، صلى الله عليه وسلم، يمرقون من الإسلام، ثم لا يعودون إليه.
فقال سلمان: الزاني والسارق، سماحة الشيخ …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: هم كفار عند الخوارج.
فقال سلمان: عند الخوارج، لكن أهل السنة متفقون على أن هؤلاء عصاة.
فقال الشيخ ابن باز: ما لم يستحلوا.
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله: لا يخرجون من الإسلام …
فكرر الشيخ قوله: ما لم يستحلوا.
فقال سلمان: ما لم يستحلوا نعم. إنما هو يرون أن هناك فرقا بين من يفعل المعصية فنحكم بأنه مسلم فاسق أو ناقص الإيمان، وبين من يجعل المعصية قانونا ملزما للنا؛، لأنه ـ يقولون ـ لا يتصور من كونه أبعد الشريعة مثلا وأقصاها وجعل بدلها قانونا ملزما ـ ولو قال إنه لا يستحله ـ لا يتصور إلا أنه إما أنه يستحله، أو يرى أنه أفضل للناس، أو ما أشبه ذلك، وأنه يفارق الذي حكم في قضية خاصة لقرابة أو لرشوة؟
فقال الشيخ ابن باز: بس قاعدة، قاعدة: لا زم الحكم ليس بحكم، لازم الحكم ليس بحكم، قد يقال في الذي حكم لهواه أو لقريبه: أنه مستحل يلزمه ذلك وليش يسأل، ما هو بلازم الحكم حكم، هذا فيما بينه وبين الله، أما بينه وبين الناس، يجب على المسلمين إذا كان دولة مسلمة قوية تستطيع أن تقاتل هذا، ليش ما يحكم بما أنزل الله، يقاتل قتال المرتدين إذا دافع، مثل ما يقاتل مانعي الزكاة إذا دافع عنها وقاتل يقاتل قتال المرتدين؛ لأن دفاعه عن الحكم بغير ما أنزل الله مثل دفاعه عن الزكاة وعدم إخراج الزكاة، بل أكبر وأعظم، يكون كافرا، صرح به الشيخ تقي الدين، رحمه الله، في هذا، قال قتاله يكون قتال المرتدين، لا قتال العصاة إذا دافعوا عن باطلهم، ذكره، رحمه الله، في، أظن كتاب السياسة، لا، ما هو في السياسة، غير هذا، قال عنه فتح المجيد أظنه في باب …
فتدخل سلمان قائلا: في الفتاوى في كلامه في التتر.
فقال الشيخ ابن باز: يمكن في التتر، ذكر هذا، رحمه الله، أن قتالهم ليس مثل قتال العصاة بل قتال المرتدين؛ لأن دفاعهم عن المعصية، مثل دفاع مانعي الزكاة، في عهد الصديق سواء سواء.
فقال الشيخ سلمان: حفظكم الله ـ الآن بالنسبة لمانع الزكاة، إذا قاتل عليها، قلنا إنه يقاتل قتال كفر …
فقاطعة الشيخ ابن باز بقوله: لا شك، لا شك. فأكمل الشيخ سلمان كلامه: لأن امتناعه، امتناعه وقتاله على ذلك …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: هو …… [ كلمة لم أعرفها ] دفاع من يحكم بغير ما أنزل …
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله: دليل على جحده للوجوب …
فقال الشيخ ابن باز مقاطعا سلمان: إذا دافع عن الحكم بغير ما أنزل الله، وقال ما أرجع، فهو دفاع المستحل، يكون كافرا.
فقال أحد الحضور: هؤلاء مقطوع بأنهم سيستميتون …
فقال الشيخ ابن باز: إذا وقع، إذا وقع كفروا، إذا وقع، قيل لهم احكموا بما أنزل الله، وإلا قاتلناكم وأبوا يكفرون، هذا الظن فيهم.
فقال السائل نفسه: هذا الظن فيهم.
فقال الشيخ ابن باز: لا شك، الظن فيهم هو هذا، لكن بس الحكم بغير الظن، والظن في حكام مصر وغيرها ـ الله لا يبلانا ـ هو الظن فيهم الشر والكفر، لكن بس يتورع الإنسان عن قوله كافر، إلا إذا عرف أنه استحله، نسأل الله العافية.
ثم قال الشيخ ابن باز: ما أدري عندك أسئلة ولا خلاص.
فقال الشيخ الطريري: نحن ننتظر الأذن لنا.
فقال ابن باز: لا بأس. ثم قال: البحث هذا ما يمنع البحث الآخر، البحث هذا، كل واحد يجتهد في البحث، قد يجد ما يطمئن له قلبه، لأنها مسائل خطيرة، ما هي بسهلة، مسائل مهمة.
فقال الشيخ سلمان: ترون أن هذه المسألة ـ سماحتكم ـ يعني اجتهادية؟
فقال الشيخ ابن باز: والله أنا هذا الذي اعتقده من النصوص، يعني من كلام أهل العلم فيما يتعلق في الفرق بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة، خصوصا الخوارج، أن فعل المعصية ليس بكفر، إلا إذا استحله أو دافع من دونها بالقتال.
فقال أحد الحضور: ـ سماحة الشيخ ـ أقول أحسن الله إليكم ـ إذا كوتبوا، وطولبوا بالشريعة، فلم يرجعوا، يحكم بكفرهم؟
فقال الشيخ ابن باز: إذا قاتلوا بس، أما إذا ما قاتلوا دونها لا.
فقال السائل: إذا طولبوا بهذا.
فقال ابن باز: إذا طلبت زيدا فقلت له زك فعيا يزكي [ يعني رفض يزكي ] عليك …… [كلمة لم أعرفها والظاهر أنها بمعنى الإلزام ] بالزكاة ولو بالضرب، أما إذا قاتل دونها يكفر.
فقال السائل: لكن الذي سيطالب ضعيف وقد يقاتل.
فقال ابن باز: ولو، ما يكفر إلا بهذا، مادام أنه مجرد منع يعزر، وتؤخذ منه مع القدرة، ومع عدم القدرة يقاتل إن كان للدولة القدرة على القتال تقاتله.
فقال السائل: لا، من طلب بالحكم بشرع الله فأبى؟
فقال ابن باز: يقاتل، فإن قاتل كفر، وإن لم يقاتل لم يكفر يكون حكمه حكم العصاة.
فقال الشيخ ابن جبرين: من الذي يقاتله؟
فقال ابن باز: الدولة المسلمة.
فقال أحد الحضور: وإذا ما فيه دولة مسلمة؟
فقال ابن باز: يبقى على حاله بينه وبين الله.
فقال الشيخ ابن جبرين: بعض الدول متساهلين.
فقال الشيخ ابن باز: الله المستعان.
فقال الشيخ سلمان: سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد ـ الله يرحمه ـ ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها.
فقال الشيخ ابن باز: لظهور الشر لظهور الكفر والمعاصي.
فقال الشيخ سلمان: الذين يحكمون بالقانون.
فقال الشيخ ابن باز: شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر؛ لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال، هذا ظاهر رسالته، رحمه الله، لكن أنا عندي فيها توقف، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله، أو أمر بذلك، ما يكفر بذلك، مثل الذي أمر بالحكم على فلان، أو قتل فلان، ما يكفر بذلك حتى يستحله، الحجاج بن يوسف ما يكفر بذلك، ولو قتل ما قتل حتى يستحل؛ لأن لهم شبهة، وعبد الملك بن مروان، ومعاوية وغيرهم، ما يكفرون بهذا لعدم الاستحلال، وقتل النفوس أعظم من الزنا، وأعظم من الحكم بالرشوة.
فقال أحدهم: مجرد وجود الإنسان في بلاد كفر لا يلزمه الهجرة …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: الهجرة فيها تفصيل، من أظهر دينه ما يلزمه، أو عجز ما يلزمه إلا المستضعفين.
فقال الشيخ ابن جبرين: فيه آثار عن الإمام أحمد يكفر من يقول بخلق القرآن.
فقال الشيخ ابن باز: هذا معروف، أهل السنة يكفرون من قال بخلق القرآن … الخ
المصدر
سحاب الخير
بين الإمام عبد العزيز إبن باز - رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى -
و إبن جبرين وسلمان العودة و عائض القرني
- منقول من كتاب مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية -
** ويقول الشيخ خالد العنبري: هذا شريط: "الدمعة البازية" الذي تضمن تسجيلاً لمجلس علمي تحدث فيه وتناقش- تجلية للموضوع، وطلبا للعلم- مجموعة من الدعاة ذائعي الصيت، مع الإمام ابن باز، في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله؛ ليقول بالتكفير المطلق، بدون تفصيل، فكانوا يحاورنه فيه محاورة شديدة - تجلية للموضوع- تشبه المحاصرة. وأُتي الشيخ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فكان،رحمه الله، ثابتاً راسخاً كالطود الأشم لا يتزعزع ولا يجزع ولا يلين ولا يأبه لما قالوه أو نطقوا به، فكان يؤكد بأن الحكم بغير ما أنزل الله: لو بدل، أو وضع القوانين العامة لا يكفر، ما لم يكن ثمّت استحلال ظاهر معين، وكان يقول: "وخلاف هذا مذهب المبتدعة الخوارج". فرحمه الله رحمة واسعة. إليك نص ما دار-فهذا نادر جدا- في الشريط، مما يتعلق بموضوعنا..
كان النقاش حول حكم تارك الصلاة، فقال الشيخ ابن جبرين: في التفسير عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ كفر دون كفر.
فقال الشيخ ابن باز: إذا لم يستحله، يعني حكم بالرشوة، أو على عدوه، أو لصديقه يكون كفرا دون كفر. أما إذا استحل الحكم، إذا استحل ترك الشرع يكون كافرا، إذا استحله كفر، لكن لو حكم بالرشوة، ما يكون كافرا كفرا أكبر، يكون كفرا دون كفر، مثل ما قال ابن عباس ومجاهد وغيره، رحمهم الله.
قال أحد الحاضرين: هو الإشكال الكبير في هذا المقام ـ عفا الله عنك ـ مسألة تبديل الأحكام الشرعية بقوانين …
فقاطعه الشيخ ابن باز بقوله: هذا محل البحث، إذا فعلها مستحلا …
فقاطعه السائل نفسه بقوله: وقد يدعي أنه غير مستحل؟
فقال ابن باز -رحمه الله-: إذا فعلها مستحلا لها يكفر، وإذا فعلها لتأويل لإرضاء قومه، أو لكذا وكذا يكون كفرا دون كفر، ولكن يجب على المسلمين قتاله، إذا كان عندهم قوة حتى يلتزم، من غيّر دين الله بالزكاة أو غيرها يقاتل حتى يلتزم.
فقال السائل نفسه: بدّل الحدود، بدّل حد الزنا وكذا وكذا.
فقال ابن باز: يعني ما أقام الحدود، عزره بدل القتل عزره.
فقال ابن جبرين: أو الحبس.
فقال ابن باز: أو الحبس.
وقال السائل: وضع مواد ـ عفا الله عنك ـ.
فقال ابن باز: الأصل عدم الكفر حتى يستحل، يكون عاصيا وأتى كبيرة ويستحق العقاب، كفر دون كفر حتى يستحل.
فقال السائل: حتى يستحل؟!! الاستحلال في قلبه، ما ندري عنه؟
فقال ابن باز: هذا هو، إذا ادعى ذلك، إذا ادعى أنه يستحله.
فقال ابن جبرين: إذا أباح الزنا برضى الطرفين …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: كذلك هذا كفر.
فأكمل الشيخ ابن جبرين كلامه بقوله: المرأة حرة في نفسها؛ فلها أن تبذل نفسها؟
فقال ابن باز: إذا أحلوا ذلك بالرضا فهو كفر.
فقال سلمان العودة: لو حكم ـ حفظكم الله ـ بشريعة منسوخة كـاليهودية مثلا، وفرضها على الناس وجعلها قانونا عاما، وعاقب من رفضه بالسجن والقتل والتطريد، وما أشبه ذلك؟
فقال الشيخ ابن باز: ينسبه إلى الشرع ولا لا -يعني أو لا-؟
فقال الشيخ سلمان العودة: حكم بها من غير أن يتكلم بذلك، جعلها يعني بديل؟
فقال الشيخ ابن باز: أما إذا نسبها إلى الشرع فيكون كفرا.
فقال الشيخ سلمان: كفرا أكبر أو أصغر؟
فقال الشيخ ابن باز: أكبر، إذا نسبها إلى الشريعة، أما إذا ما نسبها إلى الشريعة، بس مجرد قانون وضعه، لا، مثل الذي يجلد الناس بغير الحكم الشرعي، يجلد الناس لهواه، أو يقتلهم لهواه، قد يقتل بعض الناس لهواه وغلبه.
فقال سلمان: ما يفرق ـ حفظكم الله ـ بين الحالة الخاصة في نازلة، أو قضية معينة، وبين كونه يضعه قانونا عاما للناس كلهم؟
فقال ابن باز: أما إذا كان نسبه إلى الشرع يكفر. وأما إذا ما نسبه إلى الشرع، يرى أنه قانون يصلح بين الناس، ما هو بشرعي، ما هو عن الله ولا عن رسوله يكون جريمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر، فيما أعتقد.
فقال سلمان العودة: ابن كثير ـ فضيلة الشيخ ـ نقل في البداية والنهاية الإجماع على كفره كفرا أكبر.
فقال ابن باز: لعله إذا نسبه إلى الشرع
فقال الشيخ سلمان: لا، قال من حكم بغير شريعة الله من الشرائع المنزلة المنسوخة فهو كافر، فكيف من حكم بغير ذلك من أراء البشر، لاشك أنه مرتد …
فقال ابن باز: ولو، ولو، ابن كثير ما هو معصوم، يحتاج تأمل، قد يغلط هو وغيره، وما أكثر من يحكي الإجماع.
فقال الشيخ ابن جبرين: هم يجعلونه بدل الشرع، ويقولون هو أحسن وأولى بالناس، وأنسب لهم من الأحكام الشرعية.
فقال الشيخ ابن باز: هذا كفر مستقل، إذا قال إن هذا الشيء أحسن من الشرع، أو مثل الشرع، أو جائز الحكم بغير ما أنزل الله، يكون كفرا أكبر.
فقال أحد الحاضرين: الذين يكفرون النظام ويقولون: لا يكفر الأشخاص، يعني يفرقون في أطروحاتهم، يقولون: النظام كافر لكن ما نكفر الأشخاص؟
فقال الشيخ ابن باز: إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله كفر، ولو هو شخص، يعين، يكفر بنفسه، يقال فلان كافر، إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو استحل الزنا يكفر بعينه، مثل ماهو كفر، مثل ما كفر الصحابة بأعيانهم الناس الذين تركوا. مسيلمة يكفر بعينه، طليحة قبل أن يتوب يكفر بعينه، وهكذا من استهزأ بالدين يكفر بعينه، كل من وجد منه ناقض يكفر بعينه، أما القتل شيء آخر، يعني القتل يحتاج استتابة.
فقال أحد الحضور: لكن إذا نسبه إلى الشرع، ألا يحكم بأنه من الكذابين؟
فقال الشيخ ابن باز: من الكذابين.
فقال السائل: لكن دون الكفر.
فقال الشيخ ابن باز: إي نعم. أما إذا قال: لا، أنا أقول إنه مثل الشرع، أو أحسن من الشرع، فهو كفر، أما إذا كان رأى بدعة، فأهل البدعة معروف حكمهم.
فقال الشيخ عائض القرني: طيب يا شيخ بعضهم يقول: إن عمر ترك الحدود في المجاعة عام الرمادة؟
فقال ابن باز: هذا اجتهاد له وجه، لأنه قد يضطر الإنسان إلى أخذ الشيء سرقة للضرورة.
فقال سلمان العودة: ـ حفظكم الله ـ الدليل على كون الكفر المذكور في القرآن أصغر (فأولئك هم الكافرون) أقول: ما هو الصارف، مع أنها جاءت بصيغة الحصر؟
فقال ابن باز: هو محمول على الاستحلال على الأصح، وإن حمل على غير الاستحلال فمثل ما قال ابن عباس يحمل على كفر دون كفر، وإلا فالأصل هم الكافرون.
فقال أحد المناقشين: ما فيه دليل ابن عباس، ما فيه أنه ما استحل ……
فتدخل سلمان قائلا: نعم يعني ما الذي جعلنا نصرف النص عن ظاهره؟
فقال ابن باز: لأنه مستحل له، وذلك في الكفار الذين حكموا بغير ما أنزل الله، حكموا بحل الميتة، حكموا بأشباهه، أما لو حكم زيد أو عمر برشوة نقول كفر؟!! ما يكفر بهذا، أو حكم بقتل زيد بغير حق لهواه ما يكفر بذلك.
ثم قال ابن باز بعد سكوت يسير: على القاعدة، التحليل والتحريم له شأن، مثل الزاني هل يكفر؟
فقال الشيخ سلمان: ما يكفر.
فقال الشيخ ابن باز: وإذا قال حلال؟
فقال الشيخ سلمان: يكفر.
فقال ابن باز: هذا هو.
فقال سلمان وآخر معه في نفس الوقت قالا: يكفر ولو لم يزنِ.
فقال الشيخ ابن باز: ولو مازنا.
فقال الشيخ سلمان: نرجع سماحة الوالد للنص (ومن لم يحكم بما أنزل الله) فعلق الحكم بترك الحكم؟
فقال ابن باز: الحكم بما أنزل الله يعني مستحلا له، يحمل على هذا.
فقال سلمان العودة: القيد هذا من أين جاء؟
فقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: من الأدلة الأخرى الدالة عليه، التي دلت أن المعاصي لا يكفر صاحبها، إذا لم يستحل ما صار كافرا.
ثم سؤال من شخص آخر غير واضح، فقال ابن باز:
فاسق وظالم وكافر هذا إذا كان مستحلا له، أو يرى أنه ما هو مناسب، أو يرى الحكم بغيره أولى، المقصود أنه محمول على المستحل، أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله، أما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه، يكون عاصيا، مثل من زنا لهواه لا لاستحلال، عق والديه للهوى، قتل للهوى يكون عاصيا، أما إذا قتل مستحلا، عصى والديه مستحلا لعقوقهما، زنا مستحلا: كفر، وبهذا نخرج عن الخوارج، نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع ولا- بتشديد اللام بمعنى أو- وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج، وهو الذي شبه على الخوارج هذا، الإطلاقات هذه.
فقال سلمان: يعني المسألة قد تكون مشكلة عند كثير من الإخوان، فلا بأس لو أخذنا بعض الوقت.
فقال ابن باز: لا، مهمة مهمة، عظيمة.
فقال سلمان: ذكرتم مسألة تكفير العاصي وفاعل الكبيرة، هذا ليس موضع خلاف. فقال الشيخ ابن باز: لا، ما هي المسألة مسألة الخوارج، هو علة الخوارج، الإطلاقات هذه، تركوا المقيدات وأخذوا المطلقات وكفروا الناس، وقال فيهم النبي، صلى الله عليه وسلم، يمرقون من الإسلام، ثم لا يعودون إليه.
فقال سلمان: الزاني والسارق، سماحة الشيخ …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: هم كفار عند الخوارج.
فقال سلمان: عند الخوارج، لكن أهل السنة متفقون على أن هؤلاء عصاة.
فقال الشيخ ابن باز: ما لم يستحلوا.
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله: لا يخرجون من الإسلام …
فكرر الشيخ قوله: ما لم يستحلوا.
فقال سلمان: ما لم يستحلوا نعم. إنما هو يرون أن هناك فرقا بين من يفعل المعصية فنحكم بأنه مسلم فاسق أو ناقص الإيمان، وبين من يجعل المعصية قانونا ملزما للنا؛، لأنه ـ يقولون ـ لا يتصور من كونه أبعد الشريعة مثلا وأقصاها وجعل بدلها قانونا ملزما ـ ولو قال إنه لا يستحله ـ لا يتصور إلا أنه إما أنه يستحله، أو يرى أنه أفضل للناس، أو ما أشبه ذلك، وأنه يفارق الذي حكم في قضية خاصة لقرابة أو لرشوة؟
فقال الشيخ ابن باز: بس قاعدة، قاعدة: لا زم الحكم ليس بحكم، لازم الحكم ليس بحكم، قد يقال في الذي حكم لهواه أو لقريبه: أنه مستحل يلزمه ذلك وليش يسأل، ما هو بلازم الحكم حكم، هذا فيما بينه وبين الله، أما بينه وبين الناس، يجب على المسلمين إذا كان دولة مسلمة قوية تستطيع أن تقاتل هذا، ليش ما يحكم بما أنزل الله، يقاتل قتال المرتدين إذا دافع، مثل ما يقاتل مانعي الزكاة إذا دافع عنها وقاتل يقاتل قتال المرتدين؛ لأن دفاعه عن الحكم بغير ما أنزل الله مثل دفاعه عن الزكاة وعدم إخراج الزكاة، بل أكبر وأعظم، يكون كافرا، صرح به الشيخ تقي الدين، رحمه الله، في هذا، قال قتاله يكون قتال المرتدين، لا قتال العصاة إذا دافعوا عن باطلهم، ذكره، رحمه الله، في، أظن كتاب السياسة، لا، ما هو في السياسة، غير هذا، قال عنه فتح المجيد أظنه في باب …
فتدخل سلمان قائلا: في الفتاوى في كلامه في التتر.
فقال الشيخ ابن باز: يمكن في التتر، ذكر هذا، رحمه الله، أن قتالهم ليس مثل قتال العصاة بل قتال المرتدين؛ لأن دفاعهم عن المعصية، مثل دفاع مانعي الزكاة، في عهد الصديق سواء سواء.
فقال الشيخ سلمان: حفظكم الله ـ الآن بالنسبة لمانع الزكاة، إذا قاتل عليها، قلنا إنه يقاتل قتال كفر …
فقاطعة الشيخ ابن باز بقوله: لا شك، لا شك. فأكمل الشيخ سلمان كلامه: لأن امتناعه، امتناعه وقتاله على ذلك …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: هو …… [ كلمة لم أعرفها ] دفاع من يحكم بغير ما أنزل …
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله: دليل على جحده للوجوب …
فقال الشيخ ابن باز مقاطعا سلمان: إذا دافع عن الحكم بغير ما أنزل الله، وقال ما أرجع، فهو دفاع المستحل، يكون كافرا.
فقال أحد الحضور: هؤلاء مقطوع بأنهم سيستميتون …
فقال الشيخ ابن باز: إذا وقع، إذا وقع كفروا، إذا وقع، قيل لهم احكموا بما أنزل الله، وإلا قاتلناكم وأبوا يكفرون، هذا الظن فيهم.
فقال السائل نفسه: هذا الظن فيهم.
فقال الشيخ ابن باز: لا شك، الظن فيهم هو هذا، لكن بس الحكم بغير الظن، والظن في حكام مصر وغيرها ـ الله لا يبلانا ـ هو الظن فيهم الشر والكفر، لكن بس يتورع الإنسان عن قوله كافر، إلا إذا عرف أنه استحله، نسأل الله العافية.
ثم قال الشيخ ابن باز: ما أدري عندك أسئلة ولا خلاص.
فقال الشيخ الطريري: نحن ننتظر الأذن لنا.
فقال ابن باز: لا بأس. ثم قال: البحث هذا ما يمنع البحث الآخر، البحث هذا، كل واحد يجتهد في البحث، قد يجد ما يطمئن له قلبه، لأنها مسائل خطيرة، ما هي بسهلة، مسائل مهمة.
فقال الشيخ سلمان: ترون أن هذه المسألة ـ سماحتكم ـ يعني اجتهادية؟
فقال الشيخ ابن باز: والله أنا هذا الذي اعتقده من النصوص، يعني من كلام أهل العلم فيما يتعلق في الفرق بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة، خصوصا الخوارج، أن فعل المعصية ليس بكفر، إلا إذا استحله أو دافع من دونها بالقتال.
فقال أحد الحضور: ـ سماحة الشيخ ـ أقول أحسن الله إليكم ـ إذا كوتبوا، وطولبوا بالشريعة، فلم يرجعوا، يحكم بكفرهم؟
فقال الشيخ ابن باز: إذا قاتلوا بس، أما إذا ما قاتلوا دونها لا.
فقال السائل: إذا طولبوا بهذا.
فقال ابن باز: إذا طلبت زيدا فقلت له زك فعيا يزكي [ يعني رفض يزكي ] عليك …… [كلمة لم أعرفها والظاهر أنها بمعنى الإلزام ] بالزكاة ولو بالضرب، أما إذا قاتل دونها يكفر.
فقال السائل: لكن الذي سيطالب ضعيف وقد يقاتل.
فقال ابن باز: ولو، ما يكفر إلا بهذا، مادام أنه مجرد منع يعزر، وتؤخذ منه مع القدرة، ومع عدم القدرة يقاتل إن كان للدولة القدرة على القتال تقاتله.
فقال السائل: لا، من طلب بالحكم بشرع الله فأبى؟
فقال ابن باز: يقاتل، فإن قاتل كفر، وإن لم يقاتل لم يكفر يكون حكمه حكم العصاة.
فقال الشيخ ابن جبرين: من الذي يقاتله؟
فقال ابن باز: الدولة المسلمة.
فقال أحد الحضور: وإذا ما فيه دولة مسلمة؟
فقال ابن باز: يبقى على حاله بينه وبين الله.
فقال الشيخ ابن جبرين: بعض الدول متساهلين.
فقال الشيخ ابن باز: الله المستعان.
فقال الشيخ سلمان: سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد ـ الله يرحمه ـ ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها.
فقال الشيخ ابن باز: لظهور الشر لظهور الكفر والمعاصي.
فقال الشيخ سلمان: الذين يحكمون بالقانون.
فقال الشيخ ابن باز: شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر؛ لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال، هذا ظاهر رسالته، رحمه الله، لكن أنا عندي فيها توقف، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله، أو أمر بذلك، ما يكفر بذلك، مثل الذي أمر بالحكم على فلان، أو قتل فلان، ما يكفر بذلك حتى يستحله، الحجاج بن يوسف ما يكفر بذلك، ولو قتل ما قتل حتى يستحل؛ لأن لهم شبهة، وعبد الملك بن مروان، ومعاوية وغيرهم، ما يكفرون بهذا لعدم الاستحلال، وقتل النفوس أعظم من الزنا، وأعظم من الحكم بالرشوة.
فقال أحدهم: مجرد وجود الإنسان في بلاد كفر لا يلزمه الهجرة …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: الهجرة فيها تفصيل، من أظهر دينه ما يلزمه، أو عجز ما يلزمه إلا المستضعفين.
فقال الشيخ ابن جبرين: فيه آثار عن الإمام أحمد يكفر من يقول بخلق القرآن.
فقال الشيخ ابن باز: هذا معروف، أهل السنة يكفرون من قال بخلق القرآن … الخ
المصدر
سحاب الخير