السؤال:
له علاقة بالعقيدة وبالضبط في مسألة التكفير
بعض الإخوة عندنا يقولون إنّه بمجرد أن يسمع معين بالآية التي تثبت كفر من فعل هذا الفعل فإنّه قد قامت عليه الحجّة فهو كافر مرتد، ذكرنا أنّه لابد من البيان والتوضيح فإن أصرّ فهو كما قلت وإلاّ فلا.
نرجو -حفظكم الله- توجيها لهذه المسألة مع ذكر كلام علمائنا في ذلك إن أمكن بطبيعة الحال الدليل أولا، وقد استدل لما ذكر بحديث أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع بي من يهودي أو نصراني و لم يؤمن بي كان حقا على الله أن يدخله النّار"(١).
والله نسأل التوفيق لنا ولكم، وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك.
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
الجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالاستدلال بالحديث الذي أخرجه مسلم في كتاب الإيمان في قوله صلى الله عليه وسلم "والذي نفس محمّد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة يهودي ولا نصراني ثمّ يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاّ كان من أصحاب النّار"(٢) على من وصف بالإسلام ثمّ تلبس بشيء من مظاهر الشرك، فإنّه استدلال في غاية البطلان ذلك لأنّ المراد بالحديث أنّ العبد لا يكون مسلما في أحكام الدنيا إذا لم يحقق الالتزام الإجمالي بالشريعة التي هي اتباع النبي صلى الله وآله وسلم والانقياد لحكم الله وشرعه، وعليه فالعبد الذي قامت عليه الحجّة الشرعية بالرسالة المحمّدية ولم يلتزم بها فهو كافر معاند في أحكام الدنيا والآخرة، أمّا إذا لم تبلغه الدعوة ولم تقم عليه الحجّة أو وصلته مشوهة فهو كافر جاهل في أحكام الدنيا أمّا في الآخرة فحكمه إلى الله تعالى وهو أعلم به لكونه لم يحقق الالتزام الشرعي بالانقياد إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وقد أشار ابن القيم -رحمه الله تعالى- إلى هذا المعنى بما نصه: (والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله ورسوله واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل) ثمّ اعلم أنّ من وصف بالإسلام ثمّ أتى ببعض مظاهر الشرك أو لم يلتزم ببعض جوانب الشريعة فإنّ ما عليه أهل السنة أن لا تكفير إلاّ بشرط قيام الحجّة عليه لا بمجرد فعله الظاهر، والمعتبر في بلوغ الحجة إمكان العلم وعدم إمكان الجهل إذ لا تكليف إلاّ بمعلوم ولأنّ الأصل في المكلّف عدم العلم حتّى تثبت أنّ الحجة قد بلغته يقينا لا احتمال فيها، ولا تكون إلاّ بالعلم بحال المعيّن على الخصوص وتبين أمره ومدى قيام الحجة عليه، لذلك لا يمكن الاعتبار بمجرّد النظر إلى الحجّة ظهورها من غير التبين من حال المعين، وقد جرى عمل الصحابة في عدم المؤاخذة والعقاب مع تحقق الجهل من المعيّن(٣).
أمّا إذا قامت الحجة عليه تامّة فإنّ من أصرّ على فعله بعد التعريف والبيان يكفر، فهذا مستحلّ لذنبه كما بينه ابن تيمية في مناهج السنة(٤).
والله أعلم وفوق كل ذي علم عليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلّم تسليما
١- سيأتي تخريجه.
٢- أخرجه مسلم: كتاب الإيمان (403)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٣- راجع كلام ابن حزم في المحلى: (11/184).
٤- منهاج السنة:(5/130
له علاقة بالعقيدة وبالضبط في مسألة التكفير
بعض الإخوة عندنا يقولون إنّه بمجرد أن يسمع معين بالآية التي تثبت كفر من فعل هذا الفعل فإنّه قد قامت عليه الحجّة فهو كافر مرتد، ذكرنا أنّه لابد من البيان والتوضيح فإن أصرّ فهو كما قلت وإلاّ فلا.
نرجو -حفظكم الله- توجيها لهذه المسألة مع ذكر كلام علمائنا في ذلك إن أمكن بطبيعة الحال الدليل أولا، وقد استدل لما ذكر بحديث أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع بي من يهودي أو نصراني و لم يؤمن بي كان حقا على الله أن يدخله النّار"(١).
والله نسأل التوفيق لنا ولكم، وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك.
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
الجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالاستدلال بالحديث الذي أخرجه مسلم في كتاب الإيمان في قوله صلى الله عليه وسلم "والذي نفس محمّد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة يهودي ولا نصراني ثمّ يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاّ كان من أصحاب النّار"(٢) على من وصف بالإسلام ثمّ تلبس بشيء من مظاهر الشرك، فإنّه استدلال في غاية البطلان ذلك لأنّ المراد بالحديث أنّ العبد لا يكون مسلما في أحكام الدنيا إذا لم يحقق الالتزام الإجمالي بالشريعة التي هي اتباع النبي صلى الله وآله وسلم والانقياد لحكم الله وشرعه، وعليه فالعبد الذي قامت عليه الحجّة الشرعية بالرسالة المحمّدية ولم يلتزم بها فهو كافر معاند في أحكام الدنيا والآخرة، أمّا إذا لم تبلغه الدعوة ولم تقم عليه الحجّة أو وصلته مشوهة فهو كافر جاهل في أحكام الدنيا أمّا في الآخرة فحكمه إلى الله تعالى وهو أعلم به لكونه لم يحقق الالتزام الشرعي بالانقياد إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وقد أشار ابن القيم -رحمه الله تعالى- إلى هذا المعنى بما نصه: (والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله ورسوله واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل) ثمّ اعلم أنّ من وصف بالإسلام ثمّ أتى ببعض مظاهر الشرك أو لم يلتزم ببعض جوانب الشريعة فإنّ ما عليه أهل السنة أن لا تكفير إلاّ بشرط قيام الحجّة عليه لا بمجرد فعله الظاهر، والمعتبر في بلوغ الحجة إمكان العلم وعدم إمكان الجهل إذ لا تكليف إلاّ بمعلوم ولأنّ الأصل في المكلّف عدم العلم حتّى تثبت أنّ الحجة قد بلغته يقينا لا احتمال فيها، ولا تكون إلاّ بالعلم بحال المعيّن على الخصوص وتبين أمره ومدى قيام الحجة عليه، لذلك لا يمكن الاعتبار بمجرّد النظر إلى الحجّة ظهورها من غير التبين من حال المعين، وقد جرى عمل الصحابة في عدم المؤاخذة والعقاب مع تحقق الجهل من المعيّن(٣).
أمّا إذا قامت الحجة عليه تامّة فإنّ من أصرّ على فعله بعد التعريف والبيان يكفر، فهذا مستحلّ لذنبه كما بينه ابن تيمية في مناهج السنة(٤).
والله أعلم وفوق كل ذي علم عليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلّم تسليما
الجزائر في: 15 ربيع الأول 1418هـ
الموافق لـ: 20 جويلية 1997م.
٢- أخرجه مسلم: كتاب الإيمان (403)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٣- راجع كلام ابن حزم في المحلى: (11/184).
٤- منهاج السنة:(5/130