.......فالحقيقة نحن نعاني من صِنْفَين ـ أو ثلاثة ـ من شباب السلفية، ومِن خلالهم جاء التفكك والضعف :
الصنف الأول : صنف لا يَسْتَقِر؛ فتجده كل يوم في جهة؛ فهو أشبه بحامل الكشكول ـ يعني : الكرّاسة العامة ـ ما يتحرَّز عن أي مجلس إخواني تبليغي صوفي؛ والنتيجة بلبلة الأفكار، بل وبعضهم انسلخ وانحرف عن السنة وتَمَيَّع، وبعضهم ـ والعياذ بالله ـ أصابته حَيْرة لا يدري ماذا يصنع وانتابته الوساوس والقلق والتشويش الفكري .
الصنف الثاني : صنف متعجل، قرأ شيئا من الكتب فتصدّر؛ يعني ما ارتبط بأهل العلم حتى ينبت فكره ويشتدَّ ساعده ويعرف أصول العلم الذي درسه والمنهج الذي ينتهجه . وهذا كثيرًا ما سبَّب النُّفرة بين الشباب؛ لأنه يُصدرُ أحكاما لا يعرف كيف يُصدرها . الإمام مالك ـ رحمه الله ـ رُوي عنه أنه قال : (ما أفتيت حتى أذن لي سبعون من مشائخي)، قيل : ولو لم يأذنوا لك ؟، قال : (ما أفتيت) . أما شبابنا بعضهم لا يعلم عنه شيخه أين يجلس، وكانوا قديما لا يجرؤ التلميذ على التعليم والفتوى حتى يستأذن مشايخه ـ يأذن منهم إذنـًا ـ، بل ويُحدِّدُون له المكان الذي يجلس فيه؛ هذا توقيرٌ عظيم جدا، تَرَبَّى السلف على هذا، تربى منهم اللاحق والسابق، أخذ هذا اللاحق عن السابق، تربّوا على
هذا . وقديما قالوا : (امتحنوا أهل مصر بالليث، وأهل الشام بالأوزاعي، وأهل الموصل بالمعافى بن عمران …) وغير ذلك .
هذا . وقديما قالوا : (امتحنوا أهل مصر بالليث، وأهل الشام بالأوزاعي، وأهل الموصل بالمعافى بن عمران …) وغير ذلك .
الصنف الثالث : صنفٌ ـ في الحقيقة ـ ما عندهم فرقان، ما يستطيع أن يستوعب، عندهم نية طيبة فقط؛ فيمكن أن يَرِد عليه عدة مشارب في اليوم الواحد؛ هو من حيث معتقده طيب ومن حيث محبته للسلفية طيبة، لكنه ليس عنده فرقان حتى يعرف من يُوالي ومن يُعادي ومن يستنكر له ومن يُوسِّع له صدره؛ وهذا ـ أيضا ـ بَلِيَّة على السلفيين، قد يقوى به المبتدعة من حيث لا يشعر، يَقُوون به؛ فلا بد من الفرقان، النصيحة مقبولة ولا بد منها ، لكن ـ يا أبنائي ـ النصيحة لها حد محدود؛ فالشخص المبتدع إذا رأيت أنَّ قربك يؤثر فيه ويكسرُ حِدّته في البدعة ويقرِّبُه إلى السلفية فعليك به، كن معه، لكن إذا لم يكن نُصحك نافعا له ولا مُفيدا فانفُضْ يديك منه، ثم بعد ذلك عامله بما يستحق : قد يُهجر، وقد لا يُهجر، ولكنه يُحْذَر من أفكاره؛ هذا أمر راجع إلى قاعدة النظر في المفاسد والمصالح المترتبة على ذلك؛ المهم أنه لا بد أن يكون عند السلفي فرقان يعرف من يوالي، ويعرف من يعادي، ويعرف من يُقِوِّي شوكته من الناس ومن يُكَثِّر سوادَهم .
بل يمكن أن يكون هناك صنف رابع : يوجد من الشباب من يُحِبُّ المنهج السلفي ولكن لا يسلكه في دعوته، هو ينتسب للسلفية هكذا ويحب السلفيين، لكنه قد يقع في بعض المخالفات البدعية، بحجة أنه يريد أن يقرِّب هؤلاء .
أبدًا ما كان السلف على هذا ـ بارك الله فيكم ـ، السلف يَصْدَعُون بالمنهج السلفي، ولا يرون كرامةَ عين لمن تَنَكَّر له .
أصول و قواعد في المنهج السلفي
سلسلة لقاءات مع :
فضيلة الشيخ
عبيد بن عبدالله بن سليمان الجابري
عبيد بن عبدالله بن سليمان الجابري
تعليق