درر غوالي من كلام الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله :
لأبي جهاد سمير الجزائري
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
فهذا جزء من كتاب الاسلام على مفترق الطرق نقلته لنفاسته و للفائدة للشيخ محمد بازمول حفظه الله.
فهذا جزء من كتاب الاسلام على مفترق الطرق نقلته لنفاسته و للفائدة للشيخ محمد بازمول حفظه الله.
ـ الاتجاه الفقهي ويشتمل على عدة سبل:
فإمّا أن يسلك المسلم سبيل المقلدة! فيقلد في دينه مطلقاً سواء كان عامياً أم لا، وسواء تبين له الدليل أم لا! بل قد يصل في هذا السبيل إلى منع النظر وغلق باب الاجتهاد، وأن التقليد هو الواجب!
وإمّا أن يسلك سبيل الاجتهاد، دون تفرقة بين العوام وطلاب العلم، فالكل عليه النظر والاجتهاد، ويعمل بعقله، وقد يصل الأمر إلى نوع من الفوضى الفقهية في الترجيح والنظر، فيصير كل شخص يجتهد وله رأي، ولديه في كل مسألة تعرض أمامه راجح ومرجوح!
وإمّا أن يسلك السبيل الذي قرره أهل العلم، الذين تبعوا سبيل المؤمنين، ولزموا ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فقالوا:
المسلم إمّا أن يكون عالماً بالحكم من الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح، وإمّا أن يكون غير عالم، ووظيفة من لا يعلم سؤال من يعلم، دون أن يقيد سؤاله في طلب الحكم بعالم معين، فيسأل من يثق في دينه وعلمه وتقواه وورعه امتثالاً لأمر الله عزوجل: ]وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاّ رِجَالاً نّوحِيَ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ. بِالْبَيّنَاتِ وَالزّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنِّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[ [النحل:43].
المسلم إمّا أن يكون عالماً بالحكم من الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح، وإمّا أن يكون غير عالم، ووظيفة من لا يعلم سؤال من يعلم، دون أن يقيد سؤاله في طلب الحكم بعالم معين، فيسأل من يثق في دينه وعلمه وتقواه وورعه امتثالاً لأمر الله عزوجل: ]وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاّ رِجَالاً نّوحِيَ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ. بِالْبَيّنَاتِ وَالزّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنِّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[ [النحل:43].
وأمّا العالم بأحكام الكتاب والسنة فوظيفته النظر فيهما وطلب حكم الله منهما على ضوء فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم! فإن لم يعلم الحكم في مسألة ما، نزّل نفسه منزلة العوام الذين لا يعلمون، فيقلد عندها من يثق فيه من أهل العلم!
وعلى العامي إذا ما أجابه المفتي ـ الذي يثق في علمه وتقواه وورعه ـ على سؤاله أن يتعبد الله به، و لا يتنقل من سؤال عالم إلى عالم آخر بحثاً عن ما يوافق هواه؛ فإن هذا من اتباع الهوى والتشهي!
وعلى العامي إذا ما أجابه المفتي ـ الذي يثق في علمه وتقواه وورعه ـ على سؤاله أن يتعبد الله به، و لا يتنقل من سؤال عالم إلى عالم آخر بحثاً عن ما يوافق هواه؛ فإن هذا من اتباع الهوى والتشهي!
ونبّه أهل العلم إلى أنه ليس للعامي أن ينزل فتوى العالم لغيره على نفسه، بل لابد أن يرجع إلى العالم ويسأله عن نازلته، فإن فتوى العالم تكون بحسب الاستفتاء فقد يكون في نازلة غيره ما ليس في نازلته، وهو لا يفهم ذلك!
و لا يقال: إن على كل أحد النظر والاجتهاد في كل مسألة؛ فهذا لا يطيقه أحد، وهو تكليف بما لا يطاق، فمن أين للعامي هذا الأمر وآلته؟! بل العالم قد يعتريه في بعض الأوقات أو بعض النوازل ما يقف أمامه ـ مع ما لديه من علم الآلة ـ لا يحير فيه جواباً إلا قول لا أدري!
2ـ الاتجاه الحضاري، وله سبل :
فمنهم من يرى أن الحضارة والتقدم هي أن نأخذ ما عند الغرب كما هو، وأن التفسير الديني للنصوص في كل عصر بحسبه، فللقرآن تفسير في زماننا غير تفسيره أيام الصحابة وكذا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم!
فمنهم من يرى أن الحضارة والتقدم هي أن نأخذ ما عند الغرب كما هو، وأن التفسير الديني للنصوص في كل عصر بحسبه، فللقرآن تفسير في زماننا غير تفسيره أيام الصحابة وكذا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم!
ومنهم من يرى أن الحضارة بدعة، فينبذ كل ما جاءت به، فلا يركب السيارات، و لا يستفيد من التكنولوجيا الحديثة بشيء، فهو إلى اليوم يركب الخيل والبغال وسيلة مواصلات، و لا يستعمل التلفون، و لا ... .
والصراط المستقيم أن يقبل من الحضارة الغربية ما وافق الدين أو لم يخالفه، أمّا ما يخالف الدين فلا اعتبار له، فلا نأخذ من حضارة الغرب ما يتنافى مع الإسلام، أو ما هو من خصائصهم في حياتهم، إذ الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من التشبه بالكفار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" أخرجه أحمد وأبوداود، واللفظ لأحمد، وهو حديث حسن!
والصراط المستقيم أن يقبل من الحضارة الغربية ما وافق الدين أو لم يخالفه، أمّا ما يخالف الدين فلا اعتبار له، فلا نأخذ من حضارة الغرب ما يتنافى مع الإسلام، أو ما هو من خصائصهم في حياتهم، إذ الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من التشبه بالكفار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" أخرجه أحمد وأبوداود، واللفظ لأحمد، وهو حديث حسن!
وقد جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا" أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري.
تكلمت في المقال السابق عن بعض السبل التي قد يقف أمامها المسلم حائراً، وبينت ما هو الصراط المستقيم فيها الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي هذا المقال أواصل ذكر اتجاهات أخرى، فأقول مستيعناً بالله:
3ـ الاتجاه الدعوي، ويشتمل على عدة سبل:
فهناك من لا يري سبيلاً للدعوة إلا عن طريق الجماعات، فذهب يقول بالأحزاب، ويعقد عليها الولاء والبراء، وفي تصوره أن العمل الإسلامي لابد أن يكون عن طريق جماعة، وصار يبرر للجماعات ويستدل على مشروعيتها!
فهناك من لا يري سبيلاً للدعوة إلا عن طريق الجماعات، فذهب يقول بالأحزاب، ويعقد عليها الولاء والبراء، وفي تصوره أن العمل الإسلامي لابد أن يكون عن طريق جماعة، وصار يبرر للجماعات ويستدل على مشروعيتها!
وهناك من لا يرى العمل الجماعي مطلقاً ويرى أن الدعوة فردية وفردية فقط؛ ويرد الأعمال الجماعية مطلقاً!
والصراط المستقيم أن الجماعة ليست شرطاً في العمل الدعوي، وأن العمل الإسلامي يقوم به الأفراد ويقوم به الجماعات طالما أنه سالم عن الإنتماءات الحزبية التي يحصل عليها الولاء والبراء، وطالما أنه بعيد عن التفرق والتشرذم، بل تعاون على البر والتقوى قال الله تبارك وتعالى: ]وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرَّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[.
أمّا أن يفرق الناس فيصير كل فرد منهم له حزب وجماعة، وهذه الجماعة تعادي هذه، وكل حزب بما لديهم فرحون فهذه صورة بعيدة عن صورة المجتمع المسلم، الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما جاء عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ" أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
أمّا أن يفرق الناس فيصير كل فرد منهم له حزب وجماعة، وهذه الجماعة تعادي هذه، وكل حزب بما لديهم فرحون فهذه صورة بعيدة عن صورة المجتمع المسلم، الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما جاء عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ" أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" أخرجه مسلم.
وفي الاتجاه الدعوة، سبل من جهة أخرى:
فمنهم من يقول: وسائل الدعوة اجتهادية؛ فللداعية أن يستعين بالوسائل الممكنة من أجل الدعوة، من دخول في البرلمانات، وعمل التمثيليات، وإحداث العهد، وأخذ البيعات، وغيره من الأمور التي يؤدي اجتهادهم ونظهرهم إلى عملها في سبيل الدعوة بحسب ظنهم!
فمنهم من يقول: وسائل الدعوة اجتهادية؛ فللداعية أن يستعين بالوسائل الممكنة من أجل الدعوة، من دخول في البرلمانات، وعمل التمثيليات، وإحداث العهد، وأخذ البيعات، وغيره من الأمور التي يؤدي اجتهادهم ونظهرهم إلى عملها في سبيل الدعوة بحسب ظنهم!
ومنهم من يقول: الوسائل توقيفية فلا مجال لأي وسيلة في الدعوة لم يرد بها النص، ويضيقون في ذلك واسعاً فيمتنعون عن استعمال المسجلات ونحوها في الدعوة، لأنها حادثة!
والصراط المستقيم في ذلك هو التفريق بين وسائل الدعوة، ، وبين طرق نقل الدعوة؛
فوسائل الدعوة وهي الأقوال والأفعال التي تجعل قالباً لعرض المعاني الشرعية وهيئة تبليغها.
فوسائل الدعوة وهي الأقوال والأفعال التي تجعل قالباً لعرض المعاني الشرعية وهيئة تبليغها.
وطرق نقل الدعوة هي الأوعية التي تحمل فيها هذه الأقوال، إمّا آنياً مثل مكبر الصوت، أو مبلغ الصوت، و ناقل الصوت، أو السماعات، وإمّا تسجيلاً صوتياً أو كتابياً بحيث يمكن استرجاعه في أي وقت مثل آلات التسجيل الصوتي، أو الصوت مع الصورة المسماة بالفيديو ونحو ذلك، فهذه آلات لنقل الدعوة، بحسب الوسيلة التي هي فيها!
فالوسائل بالمعنى الأول توقيفية ليس لأحد أن يأتي بأي أقوال وأفعال غير ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. والحذر كل الحذر من البرلمانات والتمثيليات ونحوها أن تتخذ وسائل للدعوة؛ فكلها أمور حادثة!
وإنما يستعمل في ذلك ما جاء به الشرع كالموعظة، أو الحوار، أو القصة، أو التطبيق العملي، فكل هذه وسائل شرعية لتبليغ العلم والدعوة إليه، لها أصل في الشرع. مثلاً أسلوب الحوار من أجل التعليم والتبليغ أصله في حديث جبريل الطويل لما جاء وسأل الرسول عن الإسلام والإيمان والإحسان وأمارات الساعة، وفي آخره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا جبريل جاء يعلمكم أمور دينكم" متفق عليه من حديث أبي هريرة، وانفرد مسلم بإخراجه عن عمر بن الخطاب! فهذا الحديث أصل في استعمال أسلوب الحوار. مثال آخر أسلوب التطبيق العملي، أصله ما جاء عن الرسول أنه صلى وقال: "صلوا كما رأيتموني اصلي" أخرجه البخاري، وحج عليه الصلاة والسلام، وقال أثناء الحج: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ" أخرجه مسلم. وأسلوب القصة في التعليم وتبليغ المعاني الشرعية والدعوة إليها له أصله في القرآن والسنة أظهر وأشهر من أن أمثل له، فهذه جملة من أساليب الدعوة المشروعة!
ولم نعهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحداً من الصحابة رضي الله عنهم علم الناس المعاني الشرعية بصورة التمثيليات، أو بصورة البرلمانات، أو عن طريق الخروج البدعي على ترتيب معين لأربعين يوماً أو لثلاثة أيام أو غير ذلك، أو عن طريق الأناشيد، أو الرقص، أوالجلسات أوالاجتماعات البدعية كالحضرة والمشهد والمولد؛ فكل هذه الوسائل حادثة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم، وفي لفظ عند أبي داود: "من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد"!
أمّا آلات النقل الآنية أو التسجيلية فهذه الأصل أنها مباحة وإنما الكلام على ما ينقل فيها، فيحكم فيه بحسبه! وللمسلم أن يجتهد في استعمال هذه الآلات في تبليغ الدعوة بما يراه مناسباً!