". لقد لقي الشيخ العربي التبسي في جولاته في المشرق بعض قيادات الأخوان المسلمين بمصر ، و لاحظ منهم التهور و التسرع و استعمال العنف في مخاطبة حكومتهم ، فنصح لهم و حذرهم من مغبة سلوك هذا المنهج ، و أرشدهم إلى الصبر و التأني و الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة ، و بقي مصرا على تكرير نصحه رغم قلة الموافقين له و كثرة المخالفين ، اخبرنا الشيخ رحمه الله بذلك في ما سطره بيده و أرسله نصيحة و توجيهها لأحد تلاميذه فقال : " فان هذا الأسلوب ، و هذه اللغة هي التي فيما اعتقد جلبت الكراهة و الابتلاء على الحركة ، اذ كان إخواننا الذين اجتمعت بهم من قادة الحركة مثل عبد الحكيم عابدين و سعيد رمضان ، و غيرهم كانوا يركبون مثل هذه الألفاظ و أوجع منها في شان أولي أمرهم ، و لا يتعففون عن قواذع و محرمات بعض الألفاظ ، و يرمونهم ببعض الجرائم التي ما إذن الله لأحد أن يرمي بها مسلما إلا إذا ثبتت بشهودها ، سمعت مثل هذا في جدة ، و في دمشق ، في مناسبات لا تحصى ، و كنت على ضعف بضاعتي العلمية و البيانية لا ابخل عليهم برأيي ربما أراه يبقي على الحركة و يقويها ، و يهيئ لها النجاح و السلام ، و كنت لا أجد في الأخوان معينا لي على تلك النصائح ، ما خلى الأستاذ المؤرخ دروزة .فقد أبصر من قريب أو من بعيد العواقب الوخيمة التي تنشا عن موقف الإخوان ، و آخر مجلس لي معهم كان بحضور الأستاذ الباقعة قائد جماعة الأخوة الإسلامية بالعراق الصواف ، و كان هذا المجلس بالعين الخضراء على مائدة سفير سوريا اليوم بالأفغان ، و قد جمع ذلك المجلس شخصيات كبيرة من مختلف أقطار الشعوب الإسلامية ، كان فيهم اللبناني و الشامي و العراقي و المراكشي و الجزائري ، و قلت لهم فيما قلت: إنها حكومتكم و انه لا يحل لكم أن تنزعوا أيديكم منها ، و أنكم إلى هذه الساعة لم تتكامل قوتكم ، ولم ينتشر وجودكم انتشارا يجعلكم على وضعية عامة ، ... أسوق لك بعضا مما قلته لله و نصيحة كتبت علينا .... كي تحمي لسانك و قلمك و مجلسك إن قدرت على الهجوم على الحكومات بمثل ذلك الأسلوب الذي يهيج الحكومات و يسيء ضنها بالحركات ، تسل عليها سيوف المقاومة ، و ليس ذلك من مصلحة الحركة في عامة ظروفها ، ظروف فقدها كثير من قوتها المادية و الأدبية في الكمية و الكيفية .
لا تنسى يا بني إن الحق في هذا العصر محتاج في انتصاره على الباطل ، إلى أن يكون اقوي من الباطل ، و مزود بجميع الوسائل التي حازها الباطل وله من السمعة و الانتشار ما يعينه على مقاومة الباطل ، و شاهد هذا رسول رب العالمين محمد صلى الله عليه و سلم ، كونه في العصر المكي الذي كان لا يملك فيه من القوات ما يملكه الباطل و أنصاره سلك مسلك المسالمة و الموادعة و التجاوز عن المعاملين له بالقوة ، كان يعاملهم بالإعراض و بإقامة الحجة و بالسلوك الحسن ، فإذا كنا نحن اليوم وراثه بحق ، و إذا كان الدعاة إلى الدين الحق ممثلين لسيرته ، فما لنا ننسى هذا الطور الأول من أطوار ظهور ديننا ، إن ما جرى لنبينا صلى الله عليه و سلم سيجري على أتباعه ، فعليهم أن يسيروا وراءه سير المهتدين بهديه ". - 1 -
"... و كتب رسالة خاصة إلى زروق موساوي الذي كان ضمن بعثة الجمعية في العراق يبين له الأدب في الحديث عن ولاة أمور المسلمين في مخاطبتهم ، بعد أن كتب هذا التلميذ ما أساء به إلى حكام بعض البلاد الإسلامية ، قال زروق : "أرسل إلي شخصية يعاتبني و يوجهني الوجهة الصحيحة و سوف تجدون فيها المنهاج الإسلامي الصحيح الذي من ابتعد عنه لا ينجح أبدا ، و قد نهاني أن نقاوم المسؤولين بالعنف و الاتهامات الباطلة ، و أن نسير على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ما افشل الدعاة في كثير من بلدان العالم الإسلامي إلا الاستعجال في محاولة الوصول إلى الحكم بجميع الطرق ، و الإسلام خاضه غربا و شرقا ، داخليا و خارجيا الملحدون و العلمانيون و السفهاء و المستغلون و الوصوليون و الانتهازيون ، كل هؤلاء يخافون من الإسلام الصحيح ...و قد كان أول داعية يسير في اتجاه الإخوان الصحيح الذي يرفض العنف ، و قد كان سببا في تراجع بعض دعاة الإسلام في هذا الطريق السوي و منهم أستاذنا الفضيل الورتيلاني " - 2 -
- 1 - إمام المجاهدين الشيخ العربي التبسي لبشير كاشة - صفحة 61-62
- 2 - من كتاب " إمام المجاهدين الشيخ العربي التبسي لبشير كاشة - صفحة 65 -
نقله لكم أخوكم سمير التبسي
لا تنسى يا بني إن الحق في هذا العصر محتاج في انتصاره على الباطل ، إلى أن يكون اقوي من الباطل ، و مزود بجميع الوسائل التي حازها الباطل وله من السمعة و الانتشار ما يعينه على مقاومة الباطل ، و شاهد هذا رسول رب العالمين محمد صلى الله عليه و سلم ، كونه في العصر المكي الذي كان لا يملك فيه من القوات ما يملكه الباطل و أنصاره سلك مسلك المسالمة و الموادعة و التجاوز عن المعاملين له بالقوة ، كان يعاملهم بالإعراض و بإقامة الحجة و بالسلوك الحسن ، فإذا كنا نحن اليوم وراثه بحق ، و إذا كان الدعاة إلى الدين الحق ممثلين لسيرته ، فما لنا ننسى هذا الطور الأول من أطوار ظهور ديننا ، إن ما جرى لنبينا صلى الله عليه و سلم سيجري على أتباعه ، فعليهم أن يسيروا وراءه سير المهتدين بهديه ". - 1 -
"... و كتب رسالة خاصة إلى زروق موساوي الذي كان ضمن بعثة الجمعية في العراق يبين له الأدب في الحديث عن ولاة أمور المسلمين في مخاطبتهم ، بعد أن كتب هذا التلميذ ما أساء به إلى حكام بعض البلاد الإسلامية ، قال زروق : "أرسل إلي شخصية يعاتبني و يوجهني الوجهة الصحيحة و سوف تجدون فيها المنهاج الإسلامي الصحيح الذي من ابتعد عنه لا ينجح أبدا ، و قد نهاني أن نقاوم المسؤولين بالعنف و الاتهامات الباطلة ، و أن نسير على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ما افشل الدعاة في كثير من بلدان العالم الإسلامي إلا الاستعجال في محاولة الوصول إلى الحكم بجميع الطرق ، و الإسلام خاضه غربا و شرقا ، داخليا و خارجيا الملحدون و العلمانيون و السفهاء و المستغلون و الوصوليون و الانتهازيون ، كل هؤلاء يخافون من الإسلام الصحيح ...و قد كان أول داعية يسير في اتجاه الإخوان الصحيح الذي يرفض العنف ، و قد كان سببا في تراجع بعض دعاة الإسلام في هذا الطريق السوي و منهم أستاذنا الفضيل الورتيلاني " - 2 -
- 1 - إمام المجاهدين الشيخ العربي التبسي لبشير كاشة - صفحة 61-62
- 2 - من كتاب " إمام المجاهدين الشيخ العربي التبسي لبشير كاشة - صفحة 65 -
نقله لكم أخوكم سمير التبسي