بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على نبيه الذي اصطفاه
أما بعد : فهذا سؤال يتردد على الأسماع : هل احتج آدم بالقدر لمعصيته أم لا؟
فقد يفهم البعض من هذه الاحاديث أن أبينا آدم حجّ موسى بأن احتج لمعصيته بالقدر فراح البعض يسوغ لنفسه فعل ما يريد بدعوى أن ذلك مقدر عليه مسبقا!
الأحاديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حاج موسى آدم فقال له أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم قال قال آدم يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه أتلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلقني أو قدره علي قبل أن يخلقني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى)) صحيح البخاري
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((احتج آدم وموسى فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة قال له آدم يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا)) صحيح البخاري
وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى فحج آدم موسى)) صحيح مسلم
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى فقال له موسى أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة فقال آدم أنت الذي أعطاه الله علم كل شيء واصطفاه على الناس برسالته قال نعم قال فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق)) صحيح مسلم.
قال ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث"...معني حجّه غلبه بالحجة ، يقال حاججت فلانا فحججته مثل خاصمته فخصمته ، قال ابن عبد البر : هذا الحديث أصل جسيم لأهل الحق في إثبات القدر ، وأن الله قضى أعمال العباد فكل أحد يصير لما قدر له بما سبق في علم الله ، قال : وليس فيه حجة للجبرية ، وإن كان في بادئ الرأي يساعدهم . وقال الخطابي في " معالم السنن " : يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر يستلزم الجبر وقهر العبد ويتوهم أن غلبة آدم كانت من هذا الوجه ، وليس كذلك وإنما معناه الإخبار عن إثبات علم الله بما يكون من أفعال العباد وصدورها عن تقدير سابق منه..."
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: "فصـــل في قوله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى» لما احتج عليه بالقدر.
وبيان: أن ذلك في المصائب لا في الذنوب، وأن الله أمر بالصبر والتقوى فهذا في الصبر لا في التقوى، وقال: {ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَْرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِىۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَـٰعَ يَزِيدُ فِى ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } [غافر: 55] فأمر بالصبر على المصائب والاستغفار من المعائب.
وذلك أن بني آدم اضطربوا في هذا المقام ـ مقام تعارض الأمر والقدر ـ وقد بسطنا الكلام على ذلك في مواضع.
والمقصود هنا: أنه قد ثبت في الصحيحين حديث أبـي هريرة عن النبـي صلى الله عليه وسلم. قال: «احتج آدم وموسى: فقال موسى: يا آدم؟ أنت أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي كلمك الله تكليماً وكتب لك التوراة. فبكم تجد فيها مكتوباً: {فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [طه: 121] قبل أن أخلق، قال: بأربعين سنة، قال: فحج آدم موسى».
....
...قال أبو المظفر السمعاني: وأما الكلام فيما جرى بين آدم وموسى من المحاجة في هذا الشأن، فإنما ساغ لهما الحجاج في ذلك؛ لأنهما نبيان جليلان خصا بعلم الحقائق وأذن لهما في استكشاف السرائر، وليس سبيل الخلق الذين أمروا بالوقوف عندما حد لهم والسكوت عما طوي عنهم سبيلها، وليس قوله: «فحج آدم موسى» إبطال حكم الطاعة، ولا إسقاط العمل الواجب، ولكن معناه ترجيح أحد الأمرين، وتقديم رتبة العلة على السبب، فقد تقع الحكمة بترجيح معنى أحد الأمرين، فسبيل قوله: فحج آدم موسى، هذا السبيل، وقد ظهر هذا في قضية آدم قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِى ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوۤاْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 30].
إلى أن قال: فجاء من هذا أن آدم لم يتهيأ له أن يستديم سكنى الجنة [إلا] بأن لا يقرب الشجرة؛ لسابق القضاء المكتوب عليه في الخروج منها، وبهذا صال على موسى عند المحاجة. وبهذا المعنى قضي له على موسى فقال: فحج آدم موسى." اهـ.
وخلاصة القول أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يلم آدم عليه الصلاة والسلام بأن ارتكب الذنب وخاصة أنه تاب وقبل الله توبته فموسى نبي حكيم لا يلوم أحدا بشيء قد عفا الله عنه، ولكنه إنما لالمه على إخراج نفسه وذريته من الجنة . فما كان من آدم عليه الصلاة والسلام إلا أن قال له أنا إنما قدر الله علي أن أكون خليفته في الأرض فلا بد لي من الخروج من الجنة عاجلا أم آجلا وهذا ما قدّره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة. فحج آدم موسى .
هذا والله تعالى أعلم وأحكم.
وما أصبت فمن الرحمن وما أخطأت فمن نفسي والشيطان.
والحمد لله رب العالمين.
رحم الله امرأً اهدى إلي عيوبي
أرجو منكم الدعاء بطهر الغيب
أما بعد : فهذا سؤال يتردد على الأسماع : هل احتج آدم بالقدر لمعصيته أم لا؟
فقد يفهم البعض من هذه الاحاديث أن أبينا آدم حجّ موسى بأن احتج لمعصيته بالقدر فراح البعض يسوغ لنفسه فعل ما يريد بدعوى أن ذلك مقدر عليه مسبقا!
الأحاديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حاج موسى آدم فقال له أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم قال قال آدم يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه أتلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلقني أو قدره علي قبل أن يخلقني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى)) صحيح البخاري
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((احتج آدم وموسى فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة قال له آدم يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا)) صحيح البخاري
وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى فحج آدم موسى)) صحيح مسلم
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى فقال له موسى أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة فقال آدم أنت الذي أعطاه الله علم كل شيء واصطفاه على الناس برسالته قال نعم قال فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق)) صحيح مسلم.
قال ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث"...معني حجّه غلبه بالحجة ، يقال حاججت فلانا فحججته مثل خاصمته فخصمته ، قال ابن عبد البر : هذا الحديث أصل جسيم لأهل الحق في إثبات القدر ، وأن الله قضى أعمال العباد فكل أحد يصير لما قدر له بما سبق في علم الله ، قال : وليس فيه حجة للجبرية ، وإن كان في بادئ الرأي يساعدهم . وقال الخطابي في " معالم السنن " : يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر يستلزم الجبر وقهر العبد ويتوهم أن غلبة آدم كانت من هذا الوجه ، وليس كذلك وإنما معناه الإخبار عن إثبات علم الله بما يكون من أفعال العباد وصدورها عن تقدير سابق منه..."
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: "فصـــل في قوله صلى الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى» لما احتج عليه بالقدر.
وبيان: أن ذلك في المصائب لا في الذنوب، وأن الله أمر بالصبر والتقوى فهذا في الصبر لا في التقوى، وقال: {ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَْرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِىۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَـٰعَ يَزِيدُ فِى ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } [غافر: 55] فأمر بالصبر على المصائب والاستغفار من المعائب.
وذلك أن بني آدم اضطربوا في هذا المقام ـ مقام تعارض الأمر والقدر ـ وقد بسطنا الكلام على ذلك في مواضع.
والمقصود هنا: أنه قد ثبت في الصحيحين حديث أبـي هريرة عن النبـي صلى الله عليه وسلم. قال: «احتج آدم وموسى: فقال موسى: يا آدم؟ أنت أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي كلمك الله تكليماً وكتب لك التوراة. فبكم تجد فيها مكتوباً: {فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [طه: 121] قبل أن أخلق، قال: بأربعين سنة، قال: فحج آدم موسى».
....
...قال أبو المظفر السمعاني: وأما الكلام فيما جرى بين آدم وموسى من المحاجة في هذا الشأن، فإنما ساغ لهما الحجاج في ذلك؛ لأنهما نبيان جليلان خصا بعلم الحقائق وأذن لهما في استكشاف السرائر، وليس سبيل الخلق الذين أمروا بالوقوف عندما حد لهم والسكوت عما طوي عنهم سبيلها، وليس قوله: «فحج آدم موسى» إبطال حكم الطاعة، ولا إسقاط العمل الواجب، ولكن معناه ترجيح أحد الأمرين، وتقديم رتبة العلة على السبب، فقد تقع الحكمة بترجيح معنى أحد الأمرين، فسبيل قوله: فحج آدم موسى، هذا السبيل، وقد ظهر هذا في قضية آدم قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِى ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوۤاْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 30].
إلى أن قال: فجاء من هذا أن آدم لم يتهيأ له أن يستديم سكنى الجنة [إلا] بأن لا يقرب الشجرة؛ لسابق القضاء المكتوب عليه في الخروج منها، وبهذا صال على موسى عند المحاجة. وبهذا المعنى قضي له على موسى فقال: فحج آدم موسى." اهـ.
وخلاصة القول أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يلم آدم عليه الصلاة والسلام بأن ارتكب الذنب وخاصة أنه تاب وقبل الله توبته فموسى نبي حكيم لا يلوم أحدا بشيء قد عفا الله عنه، ولكنه إنما لالمه على إخراج نفسه وذريته من الجنة . فما كان من آدم عليه الصلاة والسلام إلا أن قال له أنا إنما قدر الله علي أن أكون خليفته في الأرض فلا بد لي من الخروج من الجنة عاجلا أم آجلا وهذا ما قدّره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة. فحج آدم موسى .
هذا والله تعالى أعلم وأحكم.
وما أصبت فمن الرحمن وما أخطأت فمن نفسي والشيطان.
والحمد لله رب العالمين.
رحم الله امرأً اهدى إلي عيوبي
أرجو منكم الدعاء بطهر الغيب
تعليق