بيان قاعدة
(نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)
السؤال: فضيلة الشيخ! من المعلوم أن الشيعة و المرجئة هؤلاء كلهم يختلفون مع أهل السنة والجماعة اختلافاً عظيماً، وهناك قاعدة عند بعض العلماء يسمونها القاعدة الذهبية: (يعين بعضنا بعضاً فيما اتفقنا ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا) فكيف نعذر هؤلاء الشيعة؟
الجواب: هذه القاعدة الذهبية ليست قاعدة ذهبية ولا تستحق أن تكون قاعدة، بل ما اتفقنا فيه فهو من نعمة الله عز وجل، والاتفاق خير من الاختلاف، وما اختلفنا فيه فقد يعذر فيه المخالف وقد لا يعذر، فإذا كان الاختلاف في أمر يسوغ فيه الاختلاف فهذا لا بأس به، ولا زال الأئمة يختلفون، فالإمام أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة كلهم يختلفون، وأما إذا كان الخلاف لا يعذر فيه كالخلاف في العقائد، فإنه لا يعذر بعضنا بعضاً، بل الواجب الرجوع إلى ما دل عليه الكتاب والسنة، فعلى المرجئة وعلى الشيعة وعلى كل مبتدع أن يرجع إلى الكتاب والسنة ولا يعذر، فهذه القاعدة ليست قاعدة ذهبية، ولعلك تسميها قاعدة خشبية. عرفت الآن الذي يسوغ فيه الاجتهاد، هذا لا بأس أن نسمح للمخالف، والذي لا يسوغ فيه الاجتهاد كمسائل العقائد التي يخالف فيها الإنسان السلف لا يمكن أن يعذروا.
من لقاءات الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
نُقل في المقال المذكور عن الشيخ حسن البنا - رحمه الله - ما نصه ( نجتمع على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) .
والجواب أن يقال : نعم يجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه من نصر الحق والدعوة إليه والتحذير مما نهى الله عنه ورسوله , أما عذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه فليس على إطلاقه بل هو محل تفصيل , فما كان من مسائل الاجتهاد التي يخفى دليلها فالواجب عدم الإنكار فيها من بعضنا على بعض , أما ما خالف النص من الكتاب والسنة فالواجب الإنكار على من خالف النص بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن عملا بقوله تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } وقوله سبحانه : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ }
وقوله عز وجل : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان » وقوله صلى الله عليه وسلم : « من دل على خير فله مثل أجر فاعله » أخرجهما مسلم في صحيحه . والآيات والأحاديث في هذا كثيرة .
من مجموع فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله تعالى (3 \59).
ما رأيكم في قاعدة : [ نتعاون فيما اتفقنا فيه ، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنافيه ] !؟
فهذه القاعدةيعني : يمكن تطبيقها على ما ذكرت لكم ، يعني : جميع الأديان الموجودة على وجه الأرضيتفقون على وجود الله ، يقول : إن نبي نتفق على وجود الله ، لكن كل على دينه يسمونهذا إباحية الأديان ؛ لأن فيه : إباحية الأديان ، وإباحية العقول ، وإباحية الأعراض، وإباحية النفوس ، إباحية النفوس مثل : ما يجري الآن من هل القتل ، وإباحيةالأعراض مثل : اللواط ، ومثل : الزنا ، مثل : رئيس دولة فيه دكتور أو بروفسور ،وفيه عضو في مجلس الشورى عندهم في بلدهم ، العضو الذي في مجلس الشورى تزوجالبروفسور الذي يدرس في الجامعة ، ورئيس الدولة يقول : إن هذا دليل على أن هذهالدولة تطبق الديمقراطية ، هذه الديمقراطية اللي يدعون بها الآن ، هي عبارة عنإباحية العقول من ناحية المسكرات ، وإباحية الأعراض ، أنا قرأت في قرار صادر منمؤتمر عقد في الصين ، ومما جاء في مسألة الإباحية ، مسألة الديمقراطية ، ومما جاءفيه أنه يجوز للرجل أن يتزوج الرجل ، ويجوز للمرأة أن تتزوج المرأة ؛ فهل هذهمقاييس وضعها الله - جل وعلا - ؟ أم أن هذه المقاييس وضعها أعداء الله - جل وعلا - ؟ فنترك شرع الله في جهة ونأخذ بقوانين الخلق من جهة أخرى ، هذا ما يجوز ؛ فهذهالقاعدة : هي مدخل لهذا الكلام الذي ذكرت لكم ؛ أما بالنظر للاختلاف الفروع الفقهيةالتي تتجاذبها الأدلة ، ويختلف فيها علماء على مستوى العلم ، هذا ما فيه مانع له ،لكن هل يطبقونها على ما ذكرت لكم .
المفاسد المترتبة على قاعدة ( نتعاون فيما أتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)
قال الشيخ / حمد بن إبراهيم العثمانفي كتابه الذي راجعه العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ونفع به- و قرظه العلامة الشيخ عبد المحسن العباد البدر -حفظه الله ونفع به (زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة التعاون) :
المفاسد المترتبة على قاعدة ( نتعاون فيما أتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)
قال الشيخ / حمد بن إبراهيم العثمانفي كتابه الذي راجعه العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ونفع به- و قرظه العلامة الشيخ عبد المحسن العباد البدر -حفظه الله ونفع به (زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة التعاون) :
القسم الثاني: ما يترتب عليه إعمال هذه القاعدة
.
ص 109 قاعدة مقطوعة الصلةبالسلف
قد بينا فيما سقناه من الأدلة، أن قاعدة (نتعاون فيما اتفقنا عليه،ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) ليس عليها عمل الصحابة رضي الله عنهم؛ بل إنعملهم على نقيض ذلك تماماً، فترى أحدهم ينسب نفسه إلى الضلال إذا قال بقول غيره،مما يعلم أنه مجانب للصواب. لو طلبت من قائل هذه القاعدة بيان سلفه بها من القرونالمفضلة: لما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولو كان هذا القول محموداً؛ لقاله خير القرون،وصدر هذه الأمة، وخيرتها. والله سبحانه يقول مبكتاً الكفار في إنكارهم فضل خيارالمؤمنين، وربطهم الخير في أنفسهم: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ماسبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} (الأحقاف 11)؛ قال الإمام ابنكثير معلقاً: في (تفسير ابن كثير 7/27 وأما أهل السنة والجماعة؛ فيقولون في كلفعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيراً؛ لسبقونا إليه؛ لأنهم لميتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها 0 اهـفإن قال قائل: إن السلف لميتكلموا بهذه المقولة، لكنهم سكتوا عنها، وسكوتهم لا يدل على خطإ هذا القول!قلت: إنالأدلة التي ذكرناها عنهم تنقض هذه القاعدة، ولو قدر أنهم سكتوا عن هذه المقالة،فلا يخلو الأمر من حالتين: الأولى: أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهو عالمون به، فيسعناالسكوت عما سكتوا عنه. الثانية: أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهم غير عالمين به، فيسعناأن لا نعلم مالم يعلموه 0 (الحجة في بيان المحجة 1/100) قال أبو حامد الغزالي فيشأن مالم يؤثر من الألفاظ والأقوال: (نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة 1/81) ما سكت عنه الصحابة مع أنهم أعرف بالحقائق، وأفصح بترتيب الألفاظ من غيرهمإلا لعلمهم بما يتولد منه من الشر.
ص 111 مسلك بدعي
هذهالقاعدة تقتضي إعذار المذاهب المختلفة، وتسويغ خلافها، وإقرار الجميع على مهم عليه،كما يقر العلماء في مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف!!وهذا مسلك بدعي. قال شيخالإسلام ابن تيمية: في (مجموع الفتاوى 12/466-467) 000 وقسم آخر: أقوام لا يعرفوناعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه، ويجهلون بعضه، وما عرفوه منهقد يكتمونه، ولا يبينونه للناس، ولا ينهون عن البدع، ولا يذمون أهل البدع،ويعاقبونهم، بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين مطلقاً، وقد لا يفرقون بينما يقوله أهل السنة والجماعة، وما يقوله أهل البدعة والفرقة، أو يقرون الجميع علىمذاهبهم المختلفة، كما يقر المرجئة، وبعض المتفقهة، والمتصوفة والمتفلسفة 0اهـ
ص 112 باب واسع للشر
لو قلنا بمقتضى هذه القاعدة لعذرنا كلمخالف!وأقررنا كل بدعة وضلالة!!والأخطاء يرقق بعضها بعضاً، ويعذر من الأخطاء أولاًما كان أخف، حتى نعذر بعد ذلك في الأخطاء العظيمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في (الرسالة التدمرية ص194) وإنما يظهر من البدع أولاً ما كان أخف، وكلما ضعف من يقومبنور النبوة قويت البدعة 0 اهـولو قلنا بهذه القاعدة لعذرنا شارب النبيذ! ولعذرنامن تزوج متعة!ومن باع الدرهم بالدرهم مع المفاضلة!ولعذرنا من أكل في رمضان بعدالفجر قبل طلوع الشمس!ولعذرنا من نكح الزانية مع استمرارها على البغاء!ولعذرنا مننكح المخلوقة من مائه سفاحاً!ولعذرنا من استغاث بالأموات!وعطل الصفات! وقال بالجبر! ونفى الرؤية! حتى نرضى بعد ذلك بأقل القليل مما مع أصحاب البدع المضلة، فنعذرهم فيضلالهم وغيهم، ونتعاون فيما بقي معهم من الإقرار بوجود الله، ضد من ينكره منشيوعيين وماديين. قال الخطابي في سياق حديثه عن النبيذ والمسكر: في (أعلام الحديث 3/2091-2092) وقال قائل: إن الناس لمام اختلفوا في الأشربة، وأجمعوا على تحريم خمرالعنب، واختلفوا فيما سواه نلزمنا ما أجمعوا على تحريمه، وأبحنا ما سواه! وهذا خطأفاحش، وقد أمر الله المتنازعين أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الله، فكل مختلف فيه منالأشربة مردود إلى تحريم الله وتحريم رسوله الخمر، وقد ثبت عن رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- قوله: «كل شراب أسكر؛ فهو حرام» ، فأشار إلى الجنس بالاسم العام والنعتالخاص؛ الذي هو علة الحكم، فكان ذلك حجة على المختلفين، ولو لزم ما ذهب إليه هذاالقائل؛ للزم مثله في الربا، والصرف، ونكاح المتعة؛ لأن الأمة قد اختلفت فيها 0اهـوقال الشاطبي مبيناً مفاسد هذا التأصيل، وما يؤول إليه من تضليل: في (الموافقات 4/147) كالانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف، وكالاستهانةبالدين، إذ يصير بهذا الاعتبار سيالاً لا ينضبط، وكترك ما هو معلوم إلى ما ليسبمعلوم 0 اهـقلت: والتعاون مع أصحاب البدع المضلة يوجب الألفة مع الوقت، ويوجبالسكوت عن منكراتهم فيما بعد؛ لأن أولئك لا يتعاونون مع من ينكر باطلهم، وبدعهم،ويحذر الناس منهم؛ فإن النفوس تنفر من التعاون مع من يحذر منها وينكر عليها، والمرءمع من أحب يوم القيامة 0
ص 114 زيادة في التفرق والاختلاف
إعمال هذه القاعدة بإعذار المختلفين بإطلاق: زيادة في تفرق الأمة، وسبب لانشطارالمذاهب، والملل، والأديان. فمثل هذه القاعدة لا تحسم مادة الخلاف، بل تزيده؛ مادامالكل معذوراً. والشريعة إنما بعثت لحسم مادة الخلاف، وليكون الناس أمة واحدة، قالالخطابي رحمه الله مبيناً هذه المفسدة: في (العزلة ص 57-5 فأما الافتراق فيالآراء والأديان؛ فإنه محظور في العقول، محرم في قضايا الأصول؛ لأنه داعية الضلال،وسبب التعطيل والإهمال، ولو ترك الناس متفرقين؛ لتفرقت الآراء والنحل، ولكثرتالأديان والملل، ولم تكن فائدة في بعثة الرسول، وهذا هو الذي عابه الله عز وجل منالتفرق في كتابه، وذمه في الآي التي تقدم ذكرها 0 اهـ
ص 115 فتحطرق أغلقها الشرع
ذكر الله عز وجل صراطه المستقيم، وبينه أتم بيان، وأرشد إليهأحسن إرشاد، وأكمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- البيان واحجة. فما ثم إلا صراطمستقيم، أو سبل معوجة. قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعواالسبل فتفرق بكم عن سبيله} (الأنعام 153). فإعذار المختلفين هو إقرار ورضاً بهذهالسبل المعوجة، وتضييع للصراط المستقيم. قال ابن القيم رحمه الله: في (التفسيرالقيم ص14-15) إن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله، وأنزل به كتبه،ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق، واستفتحوا من كلباب، فالطرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة، إلا من هذا الطريق الواحد؛ فإنهمتصل بالله، موصل إلى الله 0 اهـ وبإزاء هذا الكلام النوراني، كلام من يقول: لقدحجرت واسعاً!وملت بالناس إلى الحرج!!وما في الدين من حرج!! وما أشبه ذلك 00. قالالشاطبي معلقاً: في (الموافقات 4/142) وهذا القول خطأ كله، وجهل بما وضعت لهالشريعة.
ص 117 مضادة لأمر الله
إعمال هذه القاعدة في مواردالنزاع والاختلاف، بأن يعذر كل مخالف بأن يبقى على رأيه الشاذ، ونحلته الفاسدةوملته المضلة؛ ليس مما أمر به الشارع، بل هو مضادة لأمر الشارع بوجوب الرجوع إلىالكتاب والسنة حال الاختلاف والتنازع، حتى يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ويكونالكل على الصراط المستقيم والدين القويم، فهذا هو الواجب؛ أن يجعل كلام الله ورسولههو الأصل الإمام المقتدى به، أما ما سوى كلام الله ورسوله؛ فلا يجعل أصلاً بحال. فليس لأحد أن يلزم الناس، بل ولا أن يختار لهم إعمال هذه القاعدة، واتخاذها أصلاًمع مخالفتها الصريحة لأمر الله، بالرد إليه وإلى رسوله حال الاختلاف والتنازع. وماقيمة هذه الشريعة، وما حاجة الناس إليها، إذا عذر كل من نتحل بدعة مضلة أو شبهةمفسدة، فلا يكون هناك أمر مضبوط. قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللهوالرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء 56). قال شيخ الإسلام ابنتيمية: في (محنة ابن تيمية ص1، بواسطة فقه النوازل للعلامة بكر أبي زيد 1/5 واللهسبحانه قد أمر في كتابه عند التنازع بالرد إلى الله والرسول، ولم يأمر عند التنازعإلى شيء معين أصلاً 0 اهـ فهذا هو أمر الله وحكمه عند الاختلاف، لا أن يبقى كلمخالف على مخالفته؛ فإن هذا اختراع وابتداع، بل هو مناف لتجريد المتابعة للهورسوله. وهذا هو الحد الفاصل بين المتبع والمبتدع؛ فالمتبع يرى أنه لا يسعه أن يقولبغير الحق، والمبتدع يسوغ جميع الأقوال الباطلة، ويعذر أصحابها.
ص119 إلغاء للسني المتميز
إعمال هذه القاعدة لا سيما مع من لم ينتصح، ولم ينزجرعن خطئه، أو بدعته، أو ضلاله سيكون سبباً في نقض أصل عظيم من أصول أهل السنة؛ وهوالبراءة من المبتدعة، وتعطيل عقوبتهم الشرعية بالهجر، بل إن العمل بهذه القاعدةسيقضي على السني المتميز، فالأمر عندهم سواء ما دام الكل معذوراً، ولن تحجم بذلكبدعة، ولن تظهر سنة صافية من الكدر، فيصبح الناس في أمر مريج، لا تمييز عندهم بينالسنة والبدعة، والحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، والصواب والخطإ. ومنجميل ما خطه قلم العلامة الشيخ بكر أبو زيد نفي سياق حديثه عن الأمور التي تموربالمسلمين موراً، ما قال: في (هجر المبتدع ص 5-6) كسر حاجز (الولاء والبراء) بينالمسلم والكافر، وبين السني والبدعي، وهو ما يسمى في التركيب المولد باسم (الحاجزالنفسي)، فيكسر تحت شعارات مضللة مثل: (التسامح)، و (تأليف القلوب)، و (نبذ الشذوذوالتطرف والتعصب)، و (الإنسانية)، و نحوها من الألفاظ ذات البريق، والتي حقيقتهامؤامرات تخريبية، تجتمع لغاية القضاء على المسلم المتميز، وعلى الإسلام. وقالأيضاً: في (هجر المبتدع ص7) ومن أبرز معالم التمييز العقدي فيها، وبالغ الحفاوةبالسنة والاعتصام بها، وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها: نصب عامل الولاء والبراءفيها، ومنه إبراز العقوبات الشرعية على المبتدعة، إذا ذروا فلم يتذكروا، ونهوا فلمينتهوا، إعمالاً لا ستصلاحهم، وهدايتهم، وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدعوالضياع، وتشييداً للحاجز بين السنة والبدعة، وحاجز النفرة بين السني والبدعي،وقمعاً للمبتدعة وبدعهم، وتحجيماً لهم، ولها عن الفساد في الأرض، وتسرب الزيغ فيالاعتقاد؛ ليبقى الظهور للسنن صافية من الكدر، نقية من علائق الأهواء وشوائب البدع،جارية على منهاج النبوة وقفوا الأثر، وفي ظهور السنة أعظم دعوة إليها، ودلالةعليها، وهذا كله عين النصح للأمة.
ص 121 عدم حصول الائتلآف
هليحصل الوفاق والائتلآف بهذه القاعدة: يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه؟كلا، لاائتلآف ولا اتفاق إلا بالكتاب الهادي: قال الله تبارك وتعالى: {كان الناس أمة واحدةفبعث الله النبيين مبشرين ومنذرينوأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيمااختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهمفهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراطمستقيم} (البقرة 213) قال القاسمي: في (محاسن التأويل 3/52 ثم ضلوا على علم بعدموت الرسل، فاختلفوا في الدين لاختلافهم في الكتاب، {واختلف فيه} أي: الكتاب الهاديالذي لا لبس فيه، المنزل لإزالة الاختلاف {إلا الذين أتوه} أي: علموه، فبدلوا نعمةالله، بأن أوقعوا الخلاف فيما أنزل لرفع الخلاف. ولم يكن اختلافهم لا لتباس عليهممن جهته؛ بل {من بعد ما جاءتهم البينات} أي: الدلائل الواضحة، {بغياً بينهم} أي: حسداً 0 اهـوقال قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني: في (الحجة في بيان المحجة 2/226) وكان السبب في اتفاق أهل الحديث، أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة، وطريق النقل،فأورثهم الاتفاق والائتلآف، وأهل البدعة؛ أخذوا الدين من المقولات والآراء، فأورثهمالافتراق والاختلاف 0 اهـقال الشاطبي: في (الاعتصام 2/192) قال تعالى: {واعتصموابحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، فبين أن التأليف إنما يحصل عند الائتلآف على التعلقبمعنى واحد، وأما إذا تعلق كل شيعة بحبل غير ما تعلقت به الأخرى؛ فلا بد من التفرق، وهو معنى قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكمعن سبيله} اهـ
ص 109 قاعدة مقطوعة الصلةبالسلف
قد بينا فيما سقناه من الأدلة، أن قاعدة (نتعاون فيما اتفقنا عليه،ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) ليس عليها عمل الصحابة رضي الله عنهم؛ بل إنعملهم على نقيض ذلك تماماً، فترى أحدهم ينسب نفسه إلى الضلال إذا قال بقول غيره،مما يعلم أنه مجانب للصواب. لو طلبت من قائل هذه القاعدة بيان سلفه بها من القرونالمفضلة: لما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولو كان هذا القول محموداً؛ لقاله خير القرون،وصدر هذه الأمة، وخيرتها. والله سبحانه يقول مبكتاً الكفار في إنكارهم فضل خيارالمؤمنين، وربطهم الخير في أنفسهم: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ماسبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} (الأحقاف 11)؛ قال الإمام ابنكثير معلقاً: في (تفسير ابن كثير 7/27 وأما أهل السنة والجماعة؛ فيقولون في كلفعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيراً؛ لسبقونا إليه؛ لأنهم لميتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها 0 اهـفإن قال قائل: إن السلف لميتكلموا بهذه المقولة، لكنهم سكتوا عنها، وسكوتهم لا يدل على خطإ هذا القول!قلت: إنالأدلة التي ذكرناها عنهم تنقض هذه القاعدة، ولو قدر أنهم سكتوا عن هذه المقالة،فلا يخلو الأمر من حالتين: الأولى: أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهو عالمون به، فيسعناالسكوت عما سكتوا عنه. الثانية: أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهم غير عالمين به، فيسعناأن لا نعلم مالم يعلموه 0 (الحجة في بيان المحجة 1/100) قال أبو حامد الغزالي فيشأن مالم يؤثر من الألفاظ والأقوال: (نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة 1/81) ما سكت عنه الصحابة مع أنهم أعرف بالحقائق، وأفصح بترتيب الألفاظ من غيرهمإلا لعلمهم بما يتولد منه من الشر.
ص 111 مسلك بدعي
هذهالقاعدة تقتضي إعذار المذاهب المختلفة، وتسويغ خلافها، وإقرار الجميع على مهم عليه،كما يقر العلماء في مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف!!وهذا مسلك بدعي. قال شيخالإسلام ابن تيمية: في (مجموع الفتاوى 12/466-467) 000 وقسم آخر: أقوام لا يعرفوناعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه، ويجهلون بعضه، وما عرفوه منهقد يكتمونه، ولا يبينونه للناس، ولا ينهون عن البدع، ولا يذمون أهل البدع،ويعاقبونهم، بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين مطلقاً، وقد لا يفرقون بينما يقوله أهل السنة والجماعة، وما يقوله أهل البدعة والفرقة، أو يقرون الجميع علىمذاهبهم المختلفة، كما يقر المرجئة، وبعض المتفقهة، والمتصوفة والمتفلسفة 0اهـ
ص 112 باب واسع للشر
لو قلنا بمقتضى هذه القاعدة لعذرنا كلمخالف!وأقررنا كل بدعة وضلالة!!والأخطاء يرقق بعضها بعضاً، ويعذر من الأخطاء أولاًما كان أخف، حتى نعذر بعد ذلك في الأخطاء العظيمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في (الرسالة التدمرية ص194) وإنما يظهر من البدع أولاً ما كان أخف، وكلما ضعف من يقومبنور النبوة قويت البدعة 0 اهـولو قلنا بهذه القاعدة لعذرنا شارب النبيذ! ولعذرنامن تزوج متعة!ومن باع الدرهم بالدرهم مع المفاضلة!ولعذرنا من أكل في رمضان بعدالفجر قبل طلوع الشمس!ولعذرنا من نكح الزانية مع استمرارها على البغاء!ولعذرنا مننكح المخلوقة من مائه سفاحاً!ولعذرنا من استغاث بالأموات!وعطل الصفات! وقال بالجبر! ونفى الرؤية! حتى نرضى بعد ذلك بأقل القليل مما مع أصحاب البدع المضلة، فنعذرهم فيضلالهم وغيهم، ونتعاون فيما بقي معهم من الإقرار بوجود الله، ضد من ينكره منشيوعيين وماديين. قال الخطابي في سياق حديثه عن النبيذ والمسكر: في (أعلام الحديث 3/2091-2092) وقال قائل: إن الناس لمام اختلفوا في الأشربة، وأجمعوا على تحريم خمرالعنب، واختلفوا فيما سواه نلزمنا ما أجمعوا على تحريمه، وأبحنا ما سواه! وهذا خطأفاحش، وقد أمر الله المتنازعين أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الله، فكل مختلف فيه منالأشربة مردود إلى تحريم الله وتحريم رسوله الخمر، وقد ثبت عن رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- قوله: «كل شراب أسكر؛ فهو حرام» ، فأشار إلى الجنس بالاسم العام والنعتالخاص؛ الذي هو علة الحكم، فكان ذلك حجة على المختلفين، ولو لزم ما ذهب إليه هذاالقائل؛ للزم مثله في الربا، والصرف، ونكاح المتعة؛ لأن الأمة قد اختلفت فيها 0اهـوقال الشاطبي مبيناً مفاسد هذا التأصيل، وما يؤول إليه من تضليل: في (الموافقات 4/147) كالانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف، وكالاستهانةبالدين، إذ يصير بهذا الاعتبار سيالاً لا ينضبط، وكترك ما هو معلوم إلى ما ليسبمعلوم 0 اهـقلت: والتعاون مع أصحاب البدع المضلة يوجب الألفة مع الوقت، ويوجبالسكوت عن منكراتهم فيما بعد؛ لأن أولئك لا يتعاونون مع من ينكر باطلهم، وبدعهم،ويحذر الناس منهم؛ فإن النفوس تنفر من التعاون مع من يحذر منها وينكر عليها، والمرءمع من أحب يوم القيامة 0
ص 114 زيادة في التفرق والاختلاف
إعمال هذه القاعدة بإعذار المختلفين بإطلاق: زيادة في تفرق الأمة، وسبب لانشطارالمذاهب، والملل، والأديان. فمثل هذه القاعدة لا تحسم مادة الخلاف، بل تزيده؛ مادامالكل معذوراً. والشريعة إنما بعثت لحسم مادة الخلاف، وليكون الناس أمة واحدة، قالالخطابي رحمه الله مبيناً هذه المفسدة: في (العزلة ص 57-5 فأما الافتراق فيالآراء والأديان؛ فإنه محظور في العقول، محرم في قضايا الأصول؛ لأنه داعية الضلال،وسبب التعطيل والإهمال، ولو ترك الناس متفرقين؛ لتفرقت الآراء والنحل، ولكثرتالأديان والملل، ولم تكن فائدة في بعثة الرسول، وهذا هو الذي عابه الله عز وجل منالتفرق في كتابه، وذمه في الآي التي تقدم ذكرها 0 اهـ
ص 115 فتحطرق أغلقها الشرع
ذكر الله عز وجل صراطه المستقيم، وبينه أتم بيان، وأرشد إليهأحسن إرشاد، وأكمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- البيان واحجة. فما ثم إلا صراطمستقيم، أو سبل معوجة. قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعواالسبل فتفرق بكم عن سبيله} (الأنعام 153). فإعذار المختلفين هو إقرار ورضاً بهذهالسبل المعوجة، وتضييع للصراط المستقيم. قال ابن القيم رحمه الله: في (التفسيرالقيم ص14-15) إن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله، وأنزل به كتبه،ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق، واستفتحوا من كلباب، فالطرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة، إلا من هذا الطريق الواحد؛ فإنهمتصل بالله، موصل إلى الله 0 اهـ وبإزاء هذا الكلام النوراني، كلام من يقول: لقدحجرت واسعاً!وملت بالناس إلى الحرج!!وما في الدين من حرج!! وما أشبه ذلك 00. قالالشاطبي معلقاً: في (الموافقات 4/142) وهذا القول خطأ كله، وجهل بما وضعت لهالشريعة.
ص 117 مضادة لأمر الله
إعمال هذه القاعدة في مواردالنزاع والاختلاف، بأن يعذر كل مخالف بأن يبقى على رأيه الشاذ، ونحلته الفاسدةوملته المضلة؛ ليس مما أمر به الشارع، بل هو مضادة لأمر الشارع بوجوب الرجوع إلىالكتاب والسنة حال الاختلاف والتنازع، حتى يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ويكونالكل على الصراط المستقيم والدين القويم، فهذا هو الواجب؛ أن يجعل كلام الله ورسولههو الأصل الإمام المقتدى به، أما ما سوى كلام الله ورسوله؛ فلا يجعل أصلاً بحال. فليس لأحد أن يلزم الناس، بل ولا أن يختار لهم إعمال هذه القاعدة، واتخاذها أصلاًمع مخالفتها الصريحة لأمر الله، بالرد إليه وإلى رسوله حال الاختلاف والتنازع. وماقيمة هذه الشريعة، وما حاجة الناس إليها، إذا عذر كل من نتحل بدعة مضلة أو شبهةمفسدة، فلا يكون هناك أمر مضبوط. قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللهوالرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء 56). قال شيخ الإسلام ابنتيمية: في (محنة ابن تيمية ص1، بواسطة فقه النوازل للعلامة بكر أبي زيد 1/5 واللهسبحانه قد أمر في كتابه عند التنازع بالرد إلى الله والرسول، ولم يأمر عند التنازعإلى شيء معين أصلاً 0 اهـ فهذا هو أمر الله وحكمه عند الاختلاف، لا أن يبقى كلمخالف على مخالفته؛ فإن هذا اختراع وابتداع، بل هو مناف لتجريد المتابعة للهورسوله. وهذا هو الحد الفاصل بين المتبع والمبتدع؛ فالمتبع يرى أنه لا يسعه أن يقولبغير الحق، والمبتدع يسوغ جميع الأقوال الباطلة، ويعذر أصحابها.
ص119 إلغاء للسني المتميز
إعمال هذه القاعدة لا سيما مع من لم ينتصح، ولم ينزجرعن خطئه، أو بدعته، أو ضلاله سيكون سبباً في نقض أصل عظيم من أصول أهل السنة؛ وهوالبراءة من المبتدعة، وتعطيل عقوبتهم الشرعية بالهجر، بل إن العمل بهذه القاعدةسيقضي على السني المتميز، فالأمر عندهم سواء ما دام الكل معذوراً، ولن تحجم بذلكبدعة، ولن تظهر سنة صافية من الكدر، فيصبح الناس في أمر مريج، لا تمييز عندهم بينالسنة والبدعة، والحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، والصواب والخطإ. ومنجميل ما خطه قلم العلامة الشيخ بكر أبو زيد نفي سياق حديثه عن الأمور التي تموربالمسلمين موراً، ما قال: في (هجر المبتدع ص 5-6) كسر حاجز (الولاء والبراء) بينالمسلم والكافر، وبين السني والبدعي، وهو ما يسمى في التركيب المولد باسم (الحاجزالنفسي)، فيكسر تحت شعارات مضللة مثل: (التسامح)، و (تأليف القلوب)، و (نبذ الشذوذوالتطرف والتعصب)، و (الإنسانية)، و نحوها من الألفاظ ذات البريق، والتي حقيقتهامؤامرات تخريبية، تجتمع لغاية القضاء على المسلم المتميز، وعلى الإسلام. وقالأيضاً: في (هجر المبتدع ص7) ومن أبرز معالم التمييز العقدي فيها، وبالغ الحفاوةبالسنة والاعتصام بها، وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها: نصب عامل الولاء والبراءفيها، ومنه إبراز العقوبات الشرعية على المبتدعة، إذا ذروا فلم يتذكروا، ونهوا فلمينتهوا، إعمالاً لا ستصلاحهم، وهدايتهم، وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدعوالضياع، وتشييداً للحاجز بين السنة والبدعة، وحاجز النفرة بين السني والبدعي،وقمعاً للمبتدعة وبدعهم، وتحجيماً لهم، ولها عن الفساد في الأرض، وتسرب الزيغ فيالاعتقاد؛ ليبقى الظهور للسنن صافية من الكدر، نقية من علائق الأهواء وشوائب البدع،جارية على منهاج النبوة وقفوا الأثر، وفي ظهور السنة أعظم دعوة إليها، ودلالةعليها، وهذا كله عين النصح للأمة.
ص 121 عدم حصول الائتلآف
هليحصل الوفاق والائتلآف بهذه القاعدة: يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه؟كلا، لاائتلآف ولا اتفاق إلا بالكتاب الهادي: قال الله تبارك وتعالى: {كان الناس أمة واحدةفبعث الله النبيين مبشرين ومنذرينوأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيمااختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهمفهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراطمستقيم} (البقرة 213) قال القاسمي: في (محاسن التأويل 3/52 ثم ضلوا على علم بعدموت الرسل، فاختلفوا في الدين لاختلافهم في الكتاب، {واختلف فيه} أي: الكتاب الهاديالذي لا لبس فيه، المنزل لإزالة الاختلاف {إلا الذين أتوه} أي: علموه، فبدلوا نعمةالله، بأن أوقعوا الخلاف فيما أنزل لرفع الخلاف. ولم يكن اختلافهم لا لتباس عليهممن جهته؛ بل {من بعد ما جاءتهم البينات} أي: الدلائل الواضحة، {بغياً بينهم} أي: حسداً 0 اهـوقال قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني: في (الحجة في بيان المحجة 2/226) وكان السبب في اتفاق أهل الحديث، أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة، وطريق النقل،فأورثهم الاتفاق والائتلآف، وأهل البدعة؛ أخذوا الدين من المقولات والآراء، فأورثهمالافتراق والاختلاف 0 اهـقال الشاطبي: في (الاعتصام 2/192) قال تعالى: {واعتصموابحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، فبين أن التأليف إنما يحصل عند الائتلآف على التعلقبمعنى واحد، وأما إذا تعلق كل شيعة بحبل غير ما تعلقت به الأخرى؛ فلا بد من التفرق، وهو معنى قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكمعن سبيله} اهـ
إعداد الأخ أبو حمزة مأمون السلفي
تعليق