قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:
"فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها المعنى الآخر، وهو إقبال المرء على مصلحة نفسه علما وعملا، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) ، ولاسيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه،لاسيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة .
وكذلك العمل، فصاحبه إما معتد ظالم، وإما سفيه عابث، وما أكثر ما يصور الشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل اللّه، ويكون من باب الظلم والعدوان .
فَتَأمُّل الآية فى هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء، وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة ـ علمائها وعبادها وأمرائها ورؤسائها ـ وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة فى محنة الصفات والقرآن؛ محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة عَلَى عِليّ وأهل بيته، وكما قد تبغى المشبهة على المنزهة، وكما قد يبغى بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة، بزيادة على ما أمر اللّه به، وهو الإسراف المذكور فى قولهم : { ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } [ آل عمران : 147 ] .
وبإزاء هذا العدوان تقصير آخرين فيما أمروا به من الحق، أو فيما أمروا به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فى هذه الأمور كلها، فما أحسن ما قال بعض السلف : ما أمر الله بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين ـ لا يبالي بأيهما ظفر ـ غلو أو تقصير .
فالمعين على الإثم والعدوان بإزائه تارك الإعانة على البر والتقوى، وفاعل المأمور به وزيادة منهى عنها بإزائه تارك المنهى عنه وبعض المأمور به، واللّه يهدينا الصراط المستقيم"مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) - (ج 3 / ص 213)
"فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها المعنى الآخر، وهو إقبال المرء على مصلحة نفسه علما وعملا، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) ، ولاسيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه،لاسيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة .
وكذلك العمل، فصاحبه إما معتد ظالم، وإما سفيه عابث، وما أكثر ما يصور الشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل اللّه، ويكون من باب الظلم والعدوان .
فَتَأمُّل الآية فى هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء، وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة ـ علمائها وعبادها وأمرائها ورؤسائها ـ وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة فى محنة الصفات والقرآن؛ محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة عَلَى عِليّ وأهل بيته، وكما قد تبغى المشبهة على المنزهة، وكما قد يبغى بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة، بزيادة على ما أمر اللّه به، وهو الإسراف المذكور فى قولهم : { ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } [ آل عمران : 147 ] .
وبإزاء هذا العدوان تقصير آخرين فيما أمروا به من الحق، أو فيما أمروا به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فى هذه الأمور كلها، فما أحسن ما قال بعض السلف : ما أمر الله بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين ـ لا يبالي بأيهما ظفر ـ غلو أو تقصير .
فالمعين على الإثم والعدوان بإزائه تارك الإعانة على البر والتقوى، وفاعل المأمور به وزيادة منهى عنها بإزائه تارك المنهى عنه وبعض المأمور به، واللّه يهدينا الصراط المستقيم"مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) - (ج 3 / ص 213)