السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى الأئمة الخلفاء الاربعة أبى بكر وعمر وعثمان وعلى ومن تبعهم باَحسان الى يوم الدين
حكم السياحة مع قطيعة الرحم
سئل شيخ الاسلام رحمه الله تعالى عن رجل تفقه وعلم ما أمر الله به وما نهى عنه ثم تزهد وترك الدنيا والمال والأهل والأولاد خائفا من كسب الحرام والشبهات وبعث الآخرة وطلب رضا الله ورسوله لكن اذا ترك الانسان الحرام أو الشبهة بترك واجب أو مستحب وكان الاثم أو النقص الذي عليه في الترك أعظم من الاثم الذي عليه في الفعل لم يشرع ذلك كما ذكر أبو طالب المكي وأبو حامد الغزالي عن الامام أحمد بن حنبل أنه سئل عمن ترك ما لا شبهة فيه وعليه دين فسأله ولده أترك هذا المال الذي فيه شبهة فلا أقضيه فقال له اتدع وساح في أرض الله والبلدان فهل يجوز له أن يقطع الرحم ويسيح كما ذكر أم لا فأجاب الحمد لله وحده الزهد المشروع الزهد المشروع هو ترك كل شيء لا ينفع في الدار الآخرة وثقة القلب بما عند الله كما في الحديث الذي في الترمذي ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا اضاعة المال ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق بما في يدك وأن تكون في ثواب المصيبة اذا أصبت أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك لأن الله تعالى يقول لكيلا لا تأسوا على ما فتكم ولا تفرحوا بما آتاكم فهذا صفة القلب
وأما في الظاهر فترك الفضول التي لا يستعان بها على طاعة الله من مطعم وملبس ومال وغير ذلك كما قال الامام أحمد انما هو طعام دون طعام ولباس دون لباس وصبر أيام قلائل زهد الرسول صلى الله عليه وسلم وجماع ذلك خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يقول خير كلام الله وخير الهدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكان عادته في المطعم أنه لا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا ويلبس من اللباس ما تيسر من قطن وصوف وغير ذلك وكان القطن أحب اليه وكان اذا بلغه أن بعض أصحابه يريد أن يعتدي فيزيد في الزهد أو العبادة على المشروع ويقول أينا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب لذلك ويقول والله اني لأخشاكم لله وأعلمكم بحدود الله تعالى وبلغه أن بعض أصحابه قال أما أنا فأصوم فلا أفطر وقال الآخر أما أنا فأقوم فلا أنام وقال آخر أما أنا فلا أتزوج النساء وقال الآخر أما أنا فلا آكل اللحم فقال صلى الله عليه وسلم لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني فأما الاعراض عن الأهل والأولاد فليس مما يحبه الله ورسوله ولا هو من دين الأنبياء بل قد قال تعالى ولقد أرسلنا رسلا من قبلك
وجعلنا لهم أزواجا وذرية والانفاق على العيال والكسب لهم يكون واجبا تارة ومستحبا أخرى فكيف يكون ترك الواجب أو المستحب من الدين أنواع السياحة وأحكامها وكذلك السياحة في البلاد لغير مقصود مشروع كما يعانيه بعض النساك أمر منهى عنه قال الامام أحمد ليست السياحة من الاسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين وأما السياحة المذكورة في القرآن من قوله التائبون العابدون الحامدون السائحون ومن قوله مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدت سائحات ثيبات وأبكارا فليس المراد بها هذه السياحة المبتدعة فان الله قد وصف النساء اللآتي يتزوجهن رسوله بذلك والمرأة المزوجة لا يشرع لها أن تسافر في البراري سائحة بل المراد بالسياحة شيئان أحدهما الصيام كما روى عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي
يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وان في الجسد مضعة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب متفق عليه لكن اذا ترك الانسان الحرام أو الشبهة بترك واجب أو مستحب وكان الاثم أو النقص الذي عليه في الترك أعظم من الاثم الذي عليه في الفعل لم يشرع ذلك كما ذكر أبو طالب المكي وأبو حامد الغزالي عن الامام أحمد بن حنبل أنه سئل عمن ترك ما لا شبهة فيه وعليه دين فسأله ولده أترك هذا المال الذي فيه شبهة فلا أقضيه فقال له اتدع
كتاب الزهد والورع والعبادة ((ابن القيم))رحمه الله
والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى الأئمة الخلفاء الاربعة أبى بكر وعمر وعثمان وعلى ومن تبعهم باَحسان الى يوم الدين
حكم السياحة مع قطيعة الرحم
سئل شيخ الاسلام رحمه الله تعالى عن رجل تفقه وعلم ما أمر الله به وما نهى عنه ثم تزهد وترك الدنيا والمال والأهل والأولاد خائفا من كسب الحرام والشبهات وبعث الآخرة وطلب رضا الله ورسوله لكن اذا ترك الانسان الحرام أو الشبهة بترك واجب أو مستحب وكان الاثم أو النقص الذي عليه في الترك أعظم من الاثم الذي عليه في الفعل لم يشرع ذلك كما ذكر أبو طالب المكي وأبو حامد الغزالي عن الامام أحمد بن حنبل أنه سئل عمن ترك ما لا شبهة فيه وعليه دين فسأله ولده أترك هذا المال الذي فيه شبهة فلا أقضيه فقال له اتدع وساح في أرض الله والبلدان فهل يجوز له أن يقطع الرحم ويسيح كما ذكر أم لا فأجاب الحمد لله وحده الزهد المشروع الزهد المشروع هو ترك كل شيء لا ينفع في الدار الآخرة وثقة القلب بما عند الله كما في الحديث الذي في الترمذي ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا اضاعة المال ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق بما في يدك وأن تكون في ثواب المصيبة اذا أصبت أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك لأن الله تعالى يقول لكيلا لا تأسوا على ما فتكم ولا تفرحوا بما آتاكم فهذا صفة القلب
وأما في الظاهر فترك الفضول التي لا يستعان بها على طاعة الله من مطعم وملبس ومال وغير ذلك كما قال الامام أحمد انما هو طعام دون طعام ولباس دون لباس وصبر أيام قلائل زهد الرسول صلى الله عليه وسلم وجماع ذلك خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يقول خير كلام الله وخير الهدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكان عادته في المطعم أنه لا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا ويلبس من اللباس ما تيسر من قطن وصوف وغير ذلك وكان القطن أحب اليه وكان اذا بلغه أن بعض أصحابه يريد أن يعتدي فيزيد في الزهد أو العبادة على المشروع ويقول أينا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب لذلك ويقول والله اني لأخشاكم لله وأعلمكم بحدود الله تعالى وبلغه أن بعض أصحابه قال أما أنا فأصوم فلا أفطر وقال الآخر أما أنا فأقوم فلا أنام وقال آخر أما أنا فلا أتزوج النساء وقال الآخر أما أنا فلا آكل اللحم فقال صلى الله عليه وسلم لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني فأما الاعراض عن الأهل والأولاد فليس مما يحبه الله ورسوله ولا هو من دين الأنبياء بل قد قال تعالى ولقد أرسلنا رسلا من قبلك
وجعلنا لهم أزواجا وذرية والانفاق على العيال والكسب لهم يكون واجبا تارة ومستحبا أخرى فكيف يكون ترك الواجب أو المستحب من الدين أنواع السياحة وأحكامها وكذلك السياحة في البلاد لغير مقصود مشروع كما يعانيه بعض النساك أمر منهى عنه قال الامام أحمد ليست السياحة من الاسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين وأما السياحة المذكورة في القرآن من قوله التائبون العابدون الحامدون السائحون ومن قوله مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدت سائحات ثيبات وأبكارا فليس المراد بها هذه السياحة المبتدعة فان الله قد وصف النساء اللآتي يتزوجهن رسوله بذلك والمرأة المزوجة لا يشرع لها أن تسافر في البراري سائحة بل المراد بالسياحة شيئان أحدهما الصيام كما روى عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي
يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وان في الجسد مضعة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب متفق عليه لكن اذا ترك الانسان الحرام أو الشبهة بترك واجب أو مستحب وكان الاثم أو النقص الذي عليه في الترك أعظم من الاثم الذي عليه في الفعل لم يشرع ذلك كما ذكر أبو طالب المكي وأبو حامد الغزالي عن الامام أحمد بن حنبل أنه سئل عمن ترك ما لا شبهة فيه وعليه دين فسأله ولده أترك هذا المال الذي فيه شبهة فلا أقضيه فقال له اتدع
كتاب الزهد والورع والعبادة ((ابن القيم))رحمه الله