نصيحة من الألباني للشباب عند المناقشة والمناظرة
السائل: نحن مجموعة من الشباب حججنا هذا العام وقد يحصل بيننا النقاش في المسائل ويدور بيننا الجدل فيها، فهل هذا يعتبر من الجدال في الحج ؟.
الشيخ: والله هذا يختلف باختلاف صورة المناقشة والمجادلة.
وقبل أن أخوض في شيء من التفصيل حول ذلك أريد أن أقول إن الله عزوجل حينما ذكر في الآية السابقة :﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة : 197]، قوله تعالى :﴿ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾، لا يعني مطلق الجدل وإنما يعني الجدل بالباطل، لأنه تعالى قرن الجدال بالرفث والفسوق، وهذا بلا شك كل من الرفث والفسوق معصية، ومعصية كبيرة في الحج ، فلا يعقل أن يكون معنى ولا جدال مطلقاً في الحج أى ولو كان جدال على طريقة الأدب القرآني :﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [العنكبوت : 46]، فإذا كان الجدال بالتي هي أحسن وهذا أمر لا بد منه في كل مكان وفي كل زمان، لكي يتفاهم المسلمون بعضهم مع بعض.
الآن لما جاء السؤال عن جماعة من الحجاج تناقشوا أنا ما أستطيع أن أتصور كيف كانت المناقشة التي وقعت بينهم لكني أعرف بالتجربة أن كثيرا من الشباب حينما يتناقشون ، يتناقشون بحرارة زائدة تخرج هذه الحرارة بهم عن حد الاعتدال وعن المجادلة بالتي هي أحسن، ولذلك فأنا أنصح إخواننا الشباب خاصة إخواننا طلاب العلم بعامةن وإخواننا السلفيين أتباع الكتاب والسنة بخاصة، لأننى بتجربتي هذه الطويلة أعرف منهم أنهم يتحمسون جداً في أثناء المناقشة، بحيث أن أحدهم لا يعرف الذي يجادله، هل هو كبير أم صغير، هل هو أعلم منه أم هو يساويه أم هو دونه، فتجده يناقش بكل حرارة وبكل ابتعاد عن أدب المناقشة والمناظرة الأمر الذي يذكرنا بمثل قوله عليه الصلاة والسلام :« ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه »، وطالما سمعنا من كثير من هؤلاء الشباب المتحمسين إذا قيل لأحدهم يا أخي أنت بتقول هذا القول وفلان العالم يقول بخلافه، فلو تأنيت، يقول: نحن رجال وأولئك رجال. وهو حينما يقول نحن رجال، هو يمكن أن يصدق عليه المثل المعروف في بعض البلاد أنه يتزبب قبل أن يتحصرم، هو اليوم نشأ، واليوم تعلم، فكيف يتجرأ أن يقول أنُّ نحن رجال وأولئك رجال، لقد اقتبسوا هذه الكلمة من بعض السلف كأبي حنيفة مثلا الذي قال: أنُّ إذا جاء الخلاف عن أصحاب الرسول عليه السلام حينئذ لسنا مكلفين باتباع أحد منهم دون آخرين، وإنما هم رجال ونحن رجال، فأين هذا الكلام الذي صدر من هذا الإمام من هذا الكلام حين يصدر من ربما لا يصح أن يطلق عليه إنه طالب علم، ولذلك فنحن ننصح إخواننا الشباب طلاب العلم أن لا يتحمسوا بسرعة ما - ليس في الحج فقط- ألا يتحمسوا في المناقشة، وإنما عليهم أن يتأدوا، وعليهم أن يكون همهم أن يستفيدوا من غيرهم، وبخاصة إذا كان أقدم منهم علما ومعرفة وسنا ونحو ذلك، لا يكون همه أن يفرض رأيه على الغير وإنما أن يستفيد من الغير ما قد يضمه إلى ما استفاده هو بنفسه.
هذا ما يمكنني أن أذكره بهذه المناسبة .
ما حكم النقاش والجدال في الحج؟. (00:37:23)
الهدى والنور (386).