القول البديع في مسائل الهجر والتبديع
لفضيلة الشيخ : إبراهيم الرحيلي حفظه الله
لفضيلة الشيخ : إبراهيم الرحيلي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
..:::مقدمة الكلمة غير موجودة::::...
...
..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين
أما بعد..
فهذه كلمة موجزة أحب أن أذكّر بها ما أريد بها إلا النصح والتوجيه وما أعلم أن فيه الخير واجتماع القلوب وائتلافها وما أحبّ الله عز وجل من الصلح بين المسلمين ومن جمع الكلمة وذلك بتوجيه نصيحةٍ إلى إخواننا من أهل السنة الذين لا نتهِمهم في نية ولا نعتقد تبديعهم لخطئ أخطئوه وإنما نعتقد كما هي عقيدة أهل السنة إن أهل السنة قد يختلفون وقد يتنازعون الرأي في مسائل كما حصل لسلفهم ولم يخرجهم ذلك من السنة أنبه على مسائل من تأملها أدرك أهميتها وعرف أن مرجعها إلى الحق وأن الأدلة قد دلت عليها ولعلي أبني الحديث على التنبيه على مسائل وفقرات وإلا فالحديث يطول ويطول في هذا الجانب:
المسألة الأولى :
أنه من المقرر عند أهل السنة أن الحق هو ما عليه أهل السنة والجماعة الذين هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن سار على هديهم وطريقهم من التابعين وتابعيهم على الخير والهدى و من جاء من بعدهم من العلماء مجددين للسنة والذين قاموا بواجب الدعوة ونشر العلم إلى هذه العصور المتأخرة فالحق هو في جماعتهم لا يخرج عنهم ولا نرى انه يجوز لمسلم أن ينتسب لغير أهل السنة والجماعة ، فإن أخطأ الناس فدع خطئهم وانتسب إلى أهل السنة ولو كنت لوحدك فالعبرة هو بإتباع الحق لا بكثرة الناس .
* من المسائل المقررة :-
أن الحق مع أهل السنة والجماعة (( لكن هنا مسالة أخرى مقررة عند أهل العلم إن أهل السنة قد يحصل بينهم خلاف وهذه مسألة لا ينكرها من كان له حظ من العلم )) ، أنه حصل خلاف واختلاف سواء في مسائل أصول الدين أو مسائل العملية التي تسمى بالفروع فحصل هناك خلاف بين أهل العلم من سلف الأمة وذكر شيخ الإسلام أمثلة إلى هذه الخلافات اختلاف بعض السلف لرؤية النبي صلى الله عليه سلم لربه ، اختلاف في الإسراء والمعراج ، اختلاف في بعض المسائل الأخرى كرؤية أهل المحشر لربهم تنازعوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال كما ذكرها شيخ الإسلام ويحظرني أن شيخ الإسلام وجه برسالة إلى أهل بلد تنازعوا في هذه المسألة في مسألة رؤية أهل المحشر لربهم وأن الناس تتقاطعوا وتهاجروا بسبب هذه المسالة ، فبعث لهم شيخ الإسلام برسالة يذكرهم فيها بأصول السنة " وأن الرجل لا يخرج من السنة بمجرد خطئه " ثم ذكر أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال منهم من يرى :
• إن أهل المحشر كلهم يرون ربهم بما فيهم الكفار والمنافقون والمؤمنون . ومِن أهل العلم من يرى
• أن الرؤية تكون للمنافقين والمؤمنين من هذه الأمة ثم يحتجب عن المنافقين . ومِنهم من يرى
• أن الرؤية لا تكون إلا للمؤمنين.
وهذا النزاع في رؤية الناس لربهم في أرض المحشر و أما في الجنة فلا يراه إلا مؤمن ولا يدخل الجنة إلا المؤمنين الذين أمنوا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبرسله من أصحاب الأديان السابقة. فذكر إن لكل قول من هذه الأقوال له دليل وله حظه من الأدلة و إن كان الحق واحد وإلا أن هذه الأقوال محتملة . فإذاً الاختلاف حصل قديما ويحصل في هذه العصور ومن تأمل حال علمائنا المعاصرين وكبار علمائنا يجد انه بينهم اختلاف في بعض المسائل اختلفوا فيها والكل يستدّل ويرى إن الحق معه ولكن اختلافهم هذا لم يفرقهم ولم يجعل بعضهم يبدع بعضاً ولم يجعل بعضهم يخرج بعضا من السنة وإنما كانوا يصوبونَ ويخطّئون ولا يُخرِجون الرجل من السنة بمجرد خطئه ، فهذه مسألة عظيمة ينبغي لأهل السنة إن يعرفوها " و والله الذي لا إله إلا هو من خالف هذا الأصل فقد شابه أهل البدع" شعرَ أم لم يشعر ، من خطّئ أهل السنة لمجرد اجتهادهم في مسألة استفرغوا فيها جهدهم ثم اخطئوا فبدّعم على ذلك أنه أشبة أهل البدع وإن لم يشعر . وعندما أقول أشبه أهل البدع إنما اذكر حكماً مطلقا " فليس كل من وقع في البدعة هو مبتدع" وإنما قد يكون مُتؤل وليس كل من وقع في الخطأ فهو أثم فقد يخطئ الرجل وهو مجتهد والذي يدل على هذا هو قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين (( يقول إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا أخطاء فله أجراً واحد)) ولولا هذا لهلك أكثر فُضلاء الأمة فماذا نقول في هذه الكتب الفقهية التي تنازع الناس فيها تنازعاً عظيماً وهم من خيار الأمة وعلى رأسهم الأئمة الأربعة فهل نُظلل بعضهم ونخرجهم من السنة أو أنَّ .. نرجح ونعرف للعلماء قدرهم وهنا ينبغي التفريق بين مسألتين :
مسألة القائل ومسالة المقولة ، مسالة المجتهد ومسالة المسألة المجتهد فيها . أمــا المسألة فينبغي التجرد للحق فيها و أن لا يصوب رجل على خطأ و إن كان أحد الأئمة الكبار، بل ينبغي التجرد و أن يقال للمخطئ أخطأت و أن يقال للمصيب أصبت فهذه مسالة لا تنازل عنها وليس بعد هذا إلا والله التهاون في الدين والمداهنة في دين الله ، أن يترك الحق من اجل أن يحترم فلان أو غيره ، نعم احترام العلماء غير مرتبط بالاجتهاد في المسائل و إنما نرجّح ونصوّب ونخطّئ مع اختيار الألفاظ الشريفة حتى مع التخطئة لا نقول ضل فلان ولا نقول جهل و إنما نقول اجتهاد فلان مرجوح . اجتهاد فلان دل الدليل على خلافة ولهذا بعض أهل العلم عندما يخطئ يقول رحم الله فلان لم ينتبه لهذا الدليل هذه العبارات موجودة في كتب أهل السنة ينبهون على الخطأ بألطف عبارة ولا يتركون ولا يتنقّصون المخطئ ومن تأمل كلام شيخ الإسلام بن تيمية وهو الذي نشر الله علمه وفضله حتى يكاد الناس يطبقون على فضله و أما أهل السنة فمجمعون على انه بعد عصور السلف انه لم يكن في درجته في تلك العصور ولهذا كان بعض المترجمين له يقول لم يرى مثل نفسه فهو من الأئمة الكبار الذين عرفوا منهج أهل السنة وقعدوا و أصّلوا له كان يذكر هذه المسألة ومن قرأ كتبه عرف هذه الكلمات التي انقلها عنه نجد شيخ الإسلام في بعض المسائل يرجح بين الأقوال !!!..قطع.!!! بعض المسائل وهذه مسألة أخطأ فيها الكثير من الحنفية و المالكية والشافعية والحنبلية لم يترك طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة إلا وذكر إنهم أخطئوا فيها و أحياناً يقول هذه مسألة عظيمة أخطا فيها بعض الكبار كفلان وفلان و فلان و أريد أن أسمي وهذا معروف في كتبه ومع هذا يتجرد ولا نجد أنه انتقص واحداً منهم فهذا تفريق بين المسالة أن نتجرد للحق و أن نذكر الحق ولنا أن نتأمل خطورة الأمر عندما يترك الحق عند من عرفه ولا ينصره من أجل أن فلان قال به. فا والله إن الحق أعز علينا و أحب ألينا من علمائنا بل إن من البر بعلمائنا أن ننبه على أخطائهم. أن ننبه على أخطائهم حتى لا يكون هذا الخطأ فتنة للناس و أما القائل فهذا الذي لا يعرف عن أحد من أهل السنة أنه بدعه أو أخرجه من السنة لمجرد خطئه ، و أنا عندما أتكلم هنا أتكلم في دائرة أهل السنة وكلامي هو في المخطئين من أهل السنة الذين عُرفوا بالسنة و أما أهل البدع وخلافهم لا يعتد به ولا يعرف لهم قدرٌ و لا كرامة لأنهم حاذوا عن الطريق وحاذوا عن السنة وحاذوا عن الدليل وتنكروا للأدلة والسلف الأمة وأما أهل العلم الذين اجتهدوا في العلم وفي المسائل الشرعية استفرغوا جهدهم و اخطئوا فهؤلاء الذين يخفض لهم قدرهم ومنزلتهم والكثير منكم اطلع بل قراء رسالة رفع الملام عن الأئمة الإعلام لشيخ الإسلام ابن تيمية والتي ذكر فيها في مقدمتها انه لا يوجد أحد من علماء أهل السنة يقول بقولٍ يخالف به النص إلا وكان له في ذلك عذرا ، ثم ذكر ما يتفرع منها من أسباب عشرة وذكر منها :
* أن الرجل قد ينسى ، * منها إن الرجل قد لا يصح عنده الحديث ، * منها إن الرجل قد تشكل عليه اللفظة وذكر من الأمثلة مثل (المزابنة و المحاقلة ) وغيرها من الألفاظ التي كانت مشكلة على بعض الناس فاجتهدوا و اخطئوا فما أخرجهم من السنة و إنما قال هؤلاء كلهم من أهل السنة وله كلام طويل في هذه المسألة يقول لا يخطأ الرجل لا يأثم الرجل لمجرد خطئه في الاجتهاد ولو كان هذا لهلك أكثر فضلاء الأئمة لأنهم اجتهدوا فاخطئوا ، ومن عرف العلم وعرف أهله واستعرض العلماء وما لهم من أخطاء لا يكاد يخطر ببال مطلع على العلم أن هناك عالم لم تعرف له زلة ولم يعرف له خطأ فماذا نقول في هؤلاء ماذا نقول في من اخطأ في مسالة من مسائل الصفات من أهل السنة ومن كبار أئمة أهل السنة ماذا نقول في من أخطأ في باب من أبواب القدر ماذا نقول في من أخطأ في الإيمان هل نخرجهم من السنة ونبدعهم أم أن نخطئ ونصوب من أصاب ثم بعد ذلك نعرف لأهل العلم قدرهم ، فهنا والله مسألتان من جمع بينهما و وفق لتحقيقهما فهو على خير وفضل :
المسألة الأولى التجرد للحق وهو أن ينصر الحق من جاء به و أن يرد الباطل من جاء به.
المسألة الثانية أن يعرف لعلماء الأمة قدرهم من العلماء القدماء والمعاصرين وقد لا ينازع الكثير في العلماء المتقدمين لأنه يعرف أن المعاصر لهم كان من الأئمة ومع هذا لم يتكلموا فيه ، ولكن قد نشتد على بعض علمائنا وبعض طلاب العلم من أهل السنة ونترصد لأقوالهم ونتصيد أخطائهم و لربما أطلقنا الألقاب وأخرجناهم بمجرد أخطائهم من السنة ، حتى والله إنه حدثني بعض أهل العلم وبعض الدعاة الذين طلب منهم أن يدعوا إلى الله ، قالوا والله لو تكلمنا لبدّعونا لأنه لا يتكلم أحد فيخطئ إلا ويبدع وكم حصلت من الفتن اطلع عليها الكثير من إخواننا والذين كانوا في خارج هذه البلاد من الإخوة المغرب العربي في المغرب وفي الجزائر وفي ليبيا وفي تونس وكذلك في اليمن لا يوجد يعني أحد من هؤلاء ومن غيرهم من الأمصار الأخرى في أفريقيا حتى هنا في مجتمعاتنا هذه الكل يعلم مدى التنازع والشقاق والخلاف الذي حصل بين طلاب العلم بسبب الجهل بهذه الأصول و أنّا أصبحنا نتنازع حتى في علمائنا الكبار وهل هو صاحب سنة أم صاحب بدعه هذه والله من الفتن وليست هذه من الغيرة على دين الله بل إنه من تفرقة الأمة فإن الغيرة على دين الله هو أن يحقق هذين الأصلين التجرد للحق وينصر الحق ولا نجد والله غضاضة ولن نخطئ رجل تكلم بعلم ولو خطّا كبار الأئمة إن كان يتكلم بعلم لكن على أن يُحفظ للعلماء قدرهم ثم المسألة الثانية احترام العلماء ومعرفة قدرِهم ومهما كان الخطأ إن كان من أهل السنة و أهل السنة هم اللذين اتبعوا نصوص الكتاب والسنة بناءً على فهم سلف الأمة . هو يستدل بقال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يستفرغ جهده في أن يفهم هذا النص بناءً على فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من سلف الأمة ثم بعد ذلك ضعف عن معرفة الحق ماذا نقول فيه هل نؤثمه وقد عذره الله عز وجل هل نبدعه وقد حكم له الأئمة أنه من أهل السنة هذه مسائل لا تخفى على طالب علم عرف السنة ، ولازم هذا القول هو أن نبدع الكثير من الأئمة الذين أخطئوا في مسائل فماذا نقول فيه ، نقول أنه قد أخطأ و أما مقامه في العلم فمحفوظ والذي يجمع بين هذين الأصلين والله لن يجد أن يكون في موقف حرج أن يُخطّئ العالم ، و إذا ما خطّأه لربما يعني إذا كان مما لا يجمع بين هذين الأصلين لربما جعل نفسه في خيار ويجعل نفسه في صعب فيقول كيف اخطّأ فلان ولازم التخطئة " التضليل" و إن رجع إلى الأصل الأخر قال إن فلان عرفناه أنه من أهل العلم ولو أننا خطئناه لأخرجناه من أهل السنة فيبقى متحيراً بين أن يصوب الخطأ وبين تضليل ذلك العالم ، وهذا والله لا يتعارض ، فإن عندنا في فهم أهل السنة أن منزلة الرجل وقدره في السنة لا تنقص بمجرد خطاه و إنما مقامه محفوظ ومكانته معروفه و أما خطئه فهو مردود عليه ، ولهذا قال الإمام مالك ( ما منا إلا يأُخذ مِنه و يُرد إلا صاحب هذا القبر ) الإمام مالك يقول هذا ، ما قال أن منا من أهل السنة ومن أهل البدع ، قال يُأخذ منه ويرد، وهذا لا يخرجه من دائرة السنة و أما من فرق بين هذين الأصلين و ظن أن هذا ملازم لهذا فانه سيبقى في حرج إما أن يصوب الحق وينصر الحق أو أن يداهن ويحفظ لذلك الرجل بظنه قدره.
أما إذا تحقق هذان الأصلان فا و الله لا ينقدح في ذهن طالب علم من أهل السنة أنه إذا قيل فلان من العلماء أخطأ أنّا ننتقص من العلماء ونحن في معاملتنا لإخواننا والله لا أجد في نفسي يوماً من الأيام أن أحد إخواني نبهني لخطأ في كتاب أو في محاضرة أنه يريد أن ينتقصني والله ما خطر هذا في بالي إلا أن يظهر منه شيء يعني غير النصح ، أما إن قال أخطأت أو هذه المسالة خلاف الدليل والله لا اعتقد و لا أظن إلا هذا ناصح وما تكلمت يوم في خطأ أخطأ فيه بعض أهل العلم و أنا اعتقد في نفسي أن انتقص فلانً أو غيره فضلاً أن نخرجه من السنة وهذا الأمر هو الذي دل عليه هدي العلماء الذين كانوا يُبينون الأخطاء ويصوبون وينتصرون للحق ويعرفون لأهل العـــلم قدرهم فينبغي لنا أيها الإخوة أن نحفظ هذين الأصلين و أن نتمسك بهما ، وإذا تمسكنا بهما حفظنا السنة وحفظنا أهلها و إذا فرّطنا فيهما فرّطنا في السنة و أهلها ، أو أن نفرط في أهل السنة أو في أهلها. لان الأصل الأول يمثل السنة . متى تُعرف السنة من البدعة إن كُنّا لا ننتصر للحق ونبين الصواب من الخطأ و أما إذا تنقصنا علمائنا من هم أهل السنة إذا كان كل من اخطأ أسقطناه و أخرجناه من السنة وحرمنا قراءة كتبة وحرمنا سماع أشرطته وهجرنا من يجلس عنده أو من يسميه من أهل السنة ، هذه فتنه وينبغي لمن أخطأ أن يرجع إلى الصواب و أن يرجع إلى الحق ، ومعلوم أن السنة والبدعة هي من المسميات الشرعية فو الله لو اجتمعوا أهل الأرض على أن يسموا بدعة السنة فما كانت هي باجتماعهم عليها تكون على ما اجتمعوا عليه و إنما السنة سنة إلى قيام الساعة و البدعة بدعة إلى قيام الساعة ولهذا ذكر شيخ الإسلام أن الإيمان والكفر والفسق والبدعة والمبتدعة هذه من المسميات شرعية ليس لأحد من الناس أن يجتهد فيها برأي والحكم فيها لله ولرسوله ، فالمؤمن هو من شهد الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم أنه مؤمن والكافر هو من شهد الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم أنه كافر ، و أما الناس فقد يمدحون الرجل على البدعة ويذمونه على السنة ولما جاء الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم قال إن مدحي زين وذمي شين قال ذاك الله هو الذي مدحة زين وذمة شين أما الناس فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان يؤتى للرجل يقال ما أعقلة ما أظرفه وليس في قلبه مثقال ذره من إيمان ، فينبغي لنا أن نقيس الأمور بمقياس السنة . هذه مسالة.
المسالة الثانية :
متعلقة بمسألة الهجر ، فإن الهجر منهج شرعي دلت النصوص عليه ، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم وهجرَ بعض المخالفين . وهجر النبي صلى الله عليه وسلم كان علاجاً لأخطاء وقعت في زمنه ، وقد بين أهل العلم الضوابط المتعلقة بهذا الهجر " وانه ليس لأحد من الناس اليوم أن يهجر أخاه معتقداً أن هجره مشروع إلا بدليل صحيح ، ثم يفهم هذا الدليل فهماً صحيح وإلا يدخل هذا الهجر في الهجر المحرم."
واعلموا أن الهجر على قسمين :
• هجر محرم لمصالح النفس (وهذا لا يجوز أن يكون من المسلم لأخيه فيما فوق ثلاثة أيام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) فهذا لا يجوز لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام إلا أنهُ يستثنى من هذا من فيما دون الثلاث مثل أن يحصل منه اعتداء عليك في حق أو في عرض أو في شيء فأنت تهجر من باب العتب و أما فوق الثلاث فلا تهجر لمصلحة النفس.
• وأما الهجر لدين الله عز وجل وهو الهجر المشروع فهذا غير محدد بثلاثة أيام ولا بغيرها بل قد يمتد الدهر كله والذي يدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه خمسين ليلة وهجر أزواجه شهرا ، وبعض السلف هجر بعض المخالفين الدهر كله وهذا كله لمصلحة الدين.
ثم إن الهجر الشرعي أيضاً له ثلاثة مقاصد :
• هجر لمصلحة الدين مثل هجر أهل السنة لأهل البدع حتى لا يخالطهم الناس وحتى لا يتضرر الناس ببدعهم وهذا لمصلحة الدين ، ومنه هجر النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الدَيَن، لما جيء للنبي برجل وطُلب منه أن يصلي عليه قال صلّوا على صاحبكم ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال أنه عليه دين ثم قام جل قال عليّ دينه يعني أقضيه فقام النبي صلى الله عليه وسلم وصلى عليه ، فهذا هجر متعلق بترك الصلاة على ذلك الميت السلم ، هل لأن الصلاة لا تجوز على صاحب الدين !! هو مسلم ولكنهُ لما كان هذا قد يكون دليل على التفريط في الديون لم يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب الدين حتى ينزجر الناس عن مثل فعله. يقول شيخ الإسلام حتى ينزجر الناس عن مثل فعله و أما هو ذهب لا يعرف النبي صلى الله عليه وسلم صلّى عليه أو لا . لكن إذا عرف الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على صاحب الدين فاعتنوا بالديون واهتموا بها وعرفوا أن أمر الدين خطير فهذا هجر لمصلحة الدين.
• المقصد الثاني الهجر لمصلحة الهاجر نفسه وهو "أن رجل إذا ما خالط فلان تضرر في دينه إما ببدعة أو بمعصية فهو لا يخالط فلاناً لأنه يتضرر به وليس لمسلم أن يخالط أهل الفسق والفجور و إن كانوا من أقرب الناس إليه " ، ولذا شبّه النبي صلى الله عليه وسلم يعني الجليس السيئ بأنه نافخ الكير (قال مثل الجليس الصالح كحامل المسك ومثل الجليس السيئ كنافخ الكير) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مجالسته لأنه لابد أن يصيبه من ضرره إما أن يحرق ثيابه أو يجد ريحاً خبيثة هذا في نافخ الكير و أما صاحب المخالفة إما أن تصيبه ألبدعه و المخالفة و إما أن يتضرر هو بمخالطته فهذا هجر لمصلحة الهاجر.
• و أما المقصد الثالث فهو الهجر لمصلحة المهجور. لمصلحة المهجور نفسه وهو المخالف ، فهذا يهجر لمصلحته حتى ينزجر ويرجع ومنه هجر النبي صلى الله عليه وسلم لكعب ابن مالك وصاحبيه ،هذا هجر لمن؟ لمصلحته لأنه تاب وندم و ندموا جميعاً فتاب لله عز وجل توبةً عظيمة ومثل هجر عمر رضي الله عنه للذي كان يسأل عن متشابه القرآن خبير ابن عسيل ثم بعد ذلك انتفع بهجر عمر ومما وجه الناس إليه من هجره وهذا كله لمصلحة المهجور.
ثم إن هناك ضوابط متعلقة بهذا الهجر وذكر العلماء لهذا الهجر شروطً لا يكون الهجر صحيحاً حتى يستوفي هذه الشروط منها :
• أن يكون هذا المهجور محلاً للهجر , يقول شيخ الإسلام { والناس ليسوا في درجة واحدة فمنهم من لا يصلحه إلا الهجر ومنهم من لا يصلحه إلا التأليف } ثم يقول { والنبي صلى الله عليه وسلم هجر أقواماً وتألف آخرين} ،هجر أقواماً من المخالفين وتألف أقواماً من المخالفين ، لم يعاملهم معاملة واحدة لما ؟! لأن هؤلاء ينتفعوا بالهجر وهؤلاء ينتفعوا بالتأليف ومن عرف أحوال الناس عرف هذه المسألة و أن بعض الناس لا يزيدهم الهجر إلا مكابرة و عناد و أن بعض الناس لا يجدي معهم إلا التأليف فينبغي أن ينظُرَ يعني من... هذا الناظر في هذه المسألة هل هذا المهجر أو الذي تريد هجره هل ينتفع بالهجر أم لا ويُخطئ من يظن أن الهجر أنه هو الأصل في معامله المخالفين وخصوصاً أهل البدع ، ليس هو الأصل إنما الأصل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ،هذا هو الأصل ، الأصل هو الإنكار والتغيير ، ثم التغيير بأي شيء يكون ؟ قد يكون بالهجر وقد يكون بالتأليف النبي صلى الله عليه وسلم أعطى يوم حُنين الأقرع ابن حابس وعيينة ابن حصن وبعض كبراء وبعض رؤساء العشائر والناس المُطاعين في أقوامهم أعطاهم ما لم يعطي غيرهم حتى أن الغنيمة قيل أنها لم تكن إلا في خمسة أو في ستة نفر حتى قال ذي الخويصره تلك قسمة ما أريد بها وجه الله لجهلهم وقال للنبي صلى الله عليه وسلم اعدل فإنك لم تعدل قال ويحك ومن يعدل إن لم أعدل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطيت هؤلاء تألفاً لقلوبهم يعني مع إنهم كانوا من أهل الخلاف وكان فيهم جفاء وكان فيهم غلظة في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا تألفهم ولم يهجرهم مع أن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب ابن مالك ، فكعب ابن مالك كان مؤثر فيه الهجر لأنه يعرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف من الذي هجره لكنَّ هؤلاء الذين لم يعرفوا قدر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكن الإسلام من نفوسهم قد لا ينتفعون بهجره ، فينبغي أن يُنظر في حال المهجور وهل هو ممن ينتفع بالهجر أم لا .
ونحن نرجع إلى المسألة التي سبق أن ذكرنا في شرح الكتاب وهو التفريق بين الحق التفريق بين الأدلة. الذين الآن يعممون الهجر كيف يتناسون النصوص الأخرى في الرفق وفي تألف النبي صلى الله عليه وسلم ، ألم يتألف النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ابن أُبيّ ألم يتألف الأقرع ابن حابس ألم يتألف هرقل كان يخاطبه بعظيم الروم وهؤلاء بعضهم كفار بعضهم من المنافقين ، لِما لم يهجرهم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن هؤلاء لا ينتفعون بالهجر و إنما ينتفعون بالتأليف وكم تالف النبي صلى الله عليه وسلم أناساً فهداهم الله بالتالف كما حصل لأبى سفيان كان م اكبر سادة قريش و لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم كان أبو سفيان هو سيد قريش ولهذا تألفه النبي صلى الله عليه وسلم قال من دخل البيت فهو آمن ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن. فأثر هذا في نفسه فهداه الله عز وجل إلى الإسلام حتى تمكن من نفسه. فإذا ينبغي أن ينظر على هذا الرجل الذي بدرت منه المخالفة هل هو محل للهجر أم للتأليف فإن كان الهجر الذي يجدي هجرناه وإن و إن كان التأليف الذي يجدي و ينفع تألفناه .
• ثم ينبغي أيضا أن ينظر في منزلة الهاجر من المهجور . منزلة الهاجر من المهجور بعض الناس لو هجرته والله ما اثّر في نفسه لأنك عنده أحقر من أن يطلب رضاك ولا يرى لك فضل ولهذا قال العلماء لا يكون الهجر إلا من أهل الشرف والمنزلة إما الشرف في الدين أو حتى في الدنيا ، كأن يكون من العلماء أو من السلطان أو من الحاكم فإن هؤلاء هجرهم مؤثر و الضابط الصحيح في هذا هو أن يكون الهاجر له منزلة عند المهجور حتى ولو لم يكن من أهل الشرف مثل الصديق مع صديقة يعني بعض الأصدقاء والله يعز عليه أن يهجره صديقه فلو هجره أثر فيه . المرأة إذا هجرها زوجها أثر فيها. المرأة إذا هجرت زوجها اثر في الزوج فهؤلاء كل طرف من هؤلاء لصاحبه عنده مكانــه أو منزلة تؤثِر إذا ما هجر أما إذا هجر زميل لزميله وليست له منزله لربما ظن أن هذا من الحسد و ألغيره ولم يؤدي الهجر مقصده الشرعي فينبغي أن يُراعى هذا كما ينبغي أيضا أن يراعى في الهجر :
• مُدة الهجر : وهو أن يكون الهجر مناسباً للمخالفة ومناسباً أيضاً لحال المهجور لهذا يقول ابن القيم الهجر كالدواء إذا زاد قتل وإذا نقص لم ينفع بعض الناس إذا هجرته يومين اثر فيه وليس بعد الهجر في هذه المرحلة التي وصل إليها إلى هذه الحال إلا اليأس..//.. ومن هنا ندرك إنه ليس كل من وقع في ألبدعه وليس كل من خالف وليس كل من عصى الله عز وجل أنَّ هجرُهُ مشروع مع كل أحد وفي كل وقت وفي كل زمان وفي كل مكان ، ومن الضوابط المتعلقة بهذا :
• أن يراعى الزمان والمكان : فإذا كان الزمان والمكان من أزمان وأمكنة السنة إذا ما هجرت المخالف لم يجد حوله إلا أهل السنة فلا يتضرر أما إذا هجرته في مجتمع سيء لربما تضرر بمخالطة الناس . و أنا حدثني والله رجل هو أخ لنا يعيش في أحد الدول الغربية يذكر عن بعض الشباب أنهم على السنة فأخطأ زميلهم وخالف في بعض المسائل يقول فاجمعوا على هجره وقاطعوه ثم لم يلبث أن إرتد ، إرتد لأنه يعيش في دولة كافرة وهؤلاء هم خُلطته فلما اجمعوا على هجره وقاطعوه ولم يتمكن الإسلام من نفسه قال أين هذا الدين الذي يعني يكون هذه ثمرته أنّي لا أُُكلّم ولا أُُجالس ولا يعتني بي أحد فا ارتد عن دين الإسلام ، بسبب ماذا ؟ بسبب التهور والجهل الذي يعني جعل هؤلاء يرتكبوا نمثل هذا الأمر ، وهنا فائدة في قصة كعب ابن مالك ، كعب ابن مالك لما هجره النبي صلى الله عليه وسلم طمع فيه الكفار وارسل له ملِك غسّان قال له بلغنا أن صاحبك قد جفاك فقدم علينا فليس مثلك من يفعل به كذا و كذا فيقول عرفت إنها فتنة فأخذ كتابه فاحرقه في النار . فانظروا إلى قوة إيمان كعب عرف إن هذه فتنة ، لكن كم من الناس اليوم إذا هُجر وعُرض عليه هذا العرض من مِن الناس اليوم أو من يستطيع الآن أن يقول أنَّ كل من يهجر يثبت هذا الثبات العظيم . والله كثير من الناس يفتن بسبب هذا ، عروض تقدم عليه من أهل البدع يقال له بلغنا أن أصاحبك قد جفوك وهجروك فقدم علينا فإن مثلك ينبغي أن يُعرف له قدره ، وكم خسرنا من طلاب العلم ومن أهل السنة ومن بعض المتوجهين إلى السنة بسبب هذا التهور في معاملة المخطئين ، ينبغي أن نرفق بالناس وليس هذا والله من المداهنة. المداهنة هي كما ذكرت أن نقول للمخطئ أصبت و أن نسكت عن الأخطاء أما إن كنا نُخطّئ المُخطئ ونصوب من أصاب ثم بعد ذلك نرفق في الناس ونتألفهم على السنة ، تألُفنا والله ليس تمييعً وإنما هو تالف للسنة وهجرنا ليس تشديداً وإنما هجر لمصلحة السنة ، فالشدةُ و اللين ينبغي أن توظف للسنة (فليست الشدة مذمومة في موطنها وليس اللين مذموماً في موطنه ) لكن ينبغي ان ينزّل هذا في مكانه وهذا في مكانه النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تألف وهجر وهو الذي قال (لا يكون الرفق في شيء إلا زانه) وهو الذي هجر . فالذين الآن يعممون الهجر لا يعرفون إلا نصوص الهجر والذين ينكرون الهجر لا يعرفون إلا نصوص الرفق و أما أهل السنة فهم يجمعون بين النصوص ويرون أن هذا لا يعارض هذا . ومن خالف ففيه شبه من أهل الجاهلية الذين فرقوا بين الحق واخذوا بجانب وتركوا جانباً وهذه والله فتنه أهل البدع وإن كان الأمر شديداً يعني على بعض المنتسبين إلى السنة أن يقال في عمله كذا لكن هو والله الحق أن من فرق بين الهجر والتأليف وعمم أحدُهما وترك الآخر فإنه مُخطئ وهو مما فرق بين النصوص وعمل ببعض وترك البعض و أما هو فو الله نحن لا نُخرِجهُ من السنة ولا نحكم بحكمه في إخوانه الذين يخرجهم من دائرة السنة ، و أنا قلت لبعض الشباب الذين يرون أن المخالف بمجرد مخالفتهِ يخرج من السنة قلت أنتم بفعلكم لو حكمت فيكم بحكمكم في غيركم لأخرجناكم من السنة لكن أنتم عندنا مخطئون لا نخرجكم من السنة لأنكم متؤِلون تُريدون الخير ، وأنتم على قدركم ومنزلتكم وفضلكم وحُبِكم للسنة ، و أما هذا الخطأ فينبغي الرجوع عنه ولهذا الأئمة لم يحكموا في أهل البدع ولم يحكموا في من قام بهم الكفر لم يحكموا فيهم بالكفر ولم يكفروهم عيناً لمّا كانوا متؤلة ، " شيخ الإسلام يقول للجهمية (لو قلت بقولكم لكفرت وأنتم لا تكفرون عندي لأنكم تجهلون و أعلم) وشيخ الإسلام هو الذي يناظر الجهمية فكيف يقال الآن فلان عرف الحق ، شيخ الإسلام بين لهم الأدلة وهو في اعتقاده أنه أزال الشبهة ومع هذا عرف أنه بقيت عندهم رواسب وشبه ما استطاعوا أن يتخلصوا من الخطأ " ومن هنا كان الأصل العظيم من أصول أهل السنة وهو التفريق بين التكفير المُطلق وتكفير المُعيّن والحكم المُطلق والحكم على المُعيّن والحكم على المسألة والحكم على صاحب المسألة والحكم على الخطأ والحكم على المُخطئ ينبغي أن نفرق بين هذا وهذا.
وهذه الأمة أمة مرحومة رحمها الله عز وجل وكان في دعائها " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطئنا" وقد جاء في صحيح مسلم أن الله عز وجل قال قد فعلت يعني لن يؤاخذهم بنسيانهم ولا بخطئهم . والنسيان ما هو ! هو أن يعرف أن الرجل العلم ثم ينسى ويفتي بخلافه فكيف بمن جهل و كيف بمن لم يعرف ؟ فإنه أولى بالعذر .
إذاً ينبغي تألّف الناس على السنة وينبغي أن نفرق بين هذه المصطلحات التي يطلقها الناس فلان متشدد وفلان متهاون أو مُميع ينبغي لمن تلفظ بشيء من هذا أن يرقب الله عز وجل و أن يعلم أنه مسئول يوم القيامة فإن كان الوصف كما قال فو الله إنها كلمة له بها عند الله عز وجل أعظم الأجر و إن كانت هذه الكلمة هو من الظلم الذي أنزلة على من لا يستحقه فسـ..//.قطع.//...عن هذه الكلمة وعمن أنزلها عليه من أهل العلم فالتشديد المذموم هو الشدة المنافية لهدي النبي صلى الله عليه وسلم و اللين المذموم هو اللين المخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم أما الشدة الموافقة لشدة النبي صلى الله عليه وسلم في الحق فو الله إنها ممدوحة واللين الموافق لين النبي صلى الله عليه وسلم في الحق فإنها ممدوحة.
والله عز وجل وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أشد على الكفار رحماء بينهم ، ما وصفهم بأنهم أشد على بعضهم ، كان بعضهم يعذر بعضا ، اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في المسائل واجتهدوا واعتقد بعضهم أن أخاه مخطئً لاشك في خطئه والله ما بدع بعضُهم بعضا ولا هجر بعضهم بعضا وإنما كانوا كان كل واحد منهم يعرف لصاحبه قدره ومنزلته التي هو عليها.
فهذه بعض المسائل التي أردت أن أنبّه عليها وما أردت بها إلا النصح وإلا فالكلام يطول وهذه المسائل تحتمل البسط وهناك أدلة وهناك أيضاً مسائل أخرى متعلقة بمنهج أهل السنة من معاملة المخالفين. فينبغي لطلاب العلم أن يعتنوا بدراسة هذه المسائل وان يعتنوا بها كما يعتنوا بالسنة.
كما أن نعرف السنة من البدعة ينبغي أن نعرف صاحب السنة من صاحب البدعة " وينبغي أن نعرف كيف نتعامل مع الناس عند الأخطاء " وكيف نعالج الأخطاء وكيف نراعي هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة المخطئين. وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة المخالفين متباين تبايناً عظيماً باعتبار المخالف وباعتبار المخالفة وباعتبار العلم وباعتبار الجهل وهناك أمثلة ونماذج كثيرة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من عرفها ودرسها وقف على حقيقة الأمر ،........هذا والله اعلم .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
...
..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين
أما بعد..
فهذه كلمة موجزة أحب أن أذكّر بها ما أريد بها إلا النصح والتوجيه وما أعلم أن فيه الخير واجتماع القلوب وائتلافها وما أحبّ الله عز وجل من الصلح بين المسلمين ومن جمع الكلمة وذلك بتوجيه نصيحةٍ إلى إخواننا من أهل السنة الذين لا نتهِمهم في نية ولا نعتقد تبديعهم لخطئ أخطئوه وإنما نعتقد كما هي عقيدة أهل السنة إن أهل السنة قد يختلفون وقد يتنازعون الرأي في مسائل كما حصل لسلفهم ولم يخرجهم ذلك من السنة أنبه على مسائل من تأملها أدرك أهميتها وعرف أن مرجعها إلى الحق وأن الأدلة قد دلت عليها ولعلي أبني الحديث على التنبيه على مسائل وفقرات وإلا فالحديث يطول ويطول في هذا الجانب:
المسألة الأولى :
أنه من المقرر عند أهل السنة أن الحق هو ما عليه أهل السنة والجماعة الذين هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن سار على هديهم وطريقهم من التابعين وتابعيهم على الخير والهدى و من جاء من بعدهم من العلماء مجددين للسنة والذين قاموا بواجب الدعوة ونشر العلم إلى هذه العصور المتأخرة فالحق هو في جماعتهم لا يخرج عنهم ولا نرى انه يجوز لمسلم أن ينتسب لغير أهل السنة والجماعة ، فإن أخطأ الناس فدع خطئهم وانتسب إلى أهل السنة ولو كنت لوحدك فالعبرة هو بإتباع الحق لا بكثرة الناس .
* من المسائل المقررة :-
أن الحق مع أهل السنة والجماعة (( لكن هنا مسالة أخرى مقررة عند أهل العلم إن أهل السنة قد يحصل بينهم خلاف وهذه مسألة لا ينكرها من كان له حظ من العلم )) ، أنه حصل خلاف واختلاف سواء في مسائل أصول الدين أو مسائل العملية التي تسمى بالفروع فحصل هناك خلاف بين أهل العلم من سلف الأمة وذكر شيخ الإسلام أمثلة إلى هذه الخلافات اختلاف بعض السلف لرؤية النبي صلى الله عليه سلم لربه ، اختلاف في الإسراء والمعراج ، اختلاف في بعض المسائل الأخرى كرؤية أهل المحشر لربهم تنازعوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال كما ذكرها شيخ الإسلام ويحظرني أن شيخ الإسلام وجه برسالة إلى أهل بلد تنازعوا في هذه المسألة في مسألة رؤية أهل المحشر لربهم وأن الناس تتقاطعوا وتهاجروا بسبب هذه المسالة ، فبعث لهم شيخ الإسلام برسالة يذكرهم فيها بأصول السنة " وأن الرجل لا يخرج من السنة بمجرد خطئه " ثم ذكر أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال منهم من يرى :
• إن أهل المحشر كلهم يرون ربهم بما فيهم الكفار والمنافقون والمؤمنون . ومِن أهل العلم من يرى
• أن الرؤية تكون للمنافقين والمؤمنين من هذه الأمة ثم يحتجب عن المنافقين . ومِنهم من يرى
• أن الرؤية لا تكون إلا للمؤمنين.
وهذا النزاع في رؤية الناس لربهم في أرض المحشر و أما في الجنة فلا يراه إلا مؤمن ولا يدخل الجنة إلا المؤمنين الذين أمنوا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبرسله من أصحاب الأديان السابقة. فذكر إن لكل قول من هذه الأقوال له دليل وله حظه من الأدلة و إن كان الحق واحد وإلا أن هذه الأقوال محتملة . فإذاً الاختلاف حصل قديما ويحصل في هذه العصور ومن تأمل حال علمائنا المعاصرين وكبار علمائنا يجد انه بينهم اختلاف في بعض المسائل اختلفوا فيها والكل يستدّل ويرى إن الحق معه ولكن اختلافهم هذا لم يفرقهم ولم يجعل بعضهم يبدع بعضاً ولم يجعل بعضهم يخرج بعضا من السنة وإنما كانوا يصوبونَ ويخطّئون ولا يُخرِجون الرجل من السنة بمجرد خطئه ، فهذه مسألة عظيمة ينبغي لأهل السنة إن يعرفوها " و والله الذي لا إله إلا هو من خالف هذا الأصل فقد شابه أهل البدع" شعرَ أم لم يشعر ، من خطّئ أهل السنة لمجرد اجتهادهم في مسألة استفرغوا فيها جهدهم ثم اخطئوا فبدّعم على ذلك أنه أشبة أهل البدع وإن لم يشعر . وعندما أقول أشبه أهل البدع إنما اذكر حكماً مطلقا " فليس كل من وقع في البدعة هو مبتدع" وإنما قد يكون مُتؤل وليس كل من وقع في الخطأ فهو أثم فقد يخطئ الرجل وهو مجتهد والذي يدل على هذا هو قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين (( يقول إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا أخطاء فله أجراً واحد)) ولولا هذا لهلك أكثر فُضلاء الأمة فماذا نقول في هذه الكتب الفقهية التي تنازع الناس فيها تنازعاً عظيماً وهم من خيار الأمة وعلى رأسهم الأئمة الأربعة فهل نُظلل بعضهم ونخرجهم من السنة أو أنَّ .. نرجح ونعرف للعلماء قدرهم وهنا ينبغي التفريق بين مسألتين :
مسألة القائل ومسالة المقولة ، مسالة المجتهد ومسالة المسألة المجتهد فيها . أمــا المسألة فينبغي التجرد للحق فيها و أن لا يصوب رجل على خطأ و إن كان أحد الأئمة الكبار، بل ينبغي التجرد و أن يقال للمخطئ أخطأت و أن يقال للمصيب أصبت فهذه مسالة لا تنازل عنها وليس بعد هذا إلا والله التهاون في الدين والمداهنة في دين الله ، أن يترك الحق من اجل أن يحترم فلان أو غيره ، نعم احترام العلماء غير مرتبط بالاجتهاد في المسائل و إنما نرجّح ونصوّب ونخطّئ مع اختيار الألفاظ الشريفة حتى مع التخطئة لا نقول ضل فلان ولا نقول جهل و إنما نقول اجتهاد فلان مرجوح . اجتهاد فلان دل الدليل على خلافة ولهذا بعض أهل العلم عندما يخطئ يقول رحم الله فلان لم ينتبه لهذا الدليل هذه العبارات موجودة في كتب أهل السنة ينبهون على الخطأ بألطف عبارة ولا يتركون ولا يتنقّصون المخطئ ومن تأمل كلام شيخ الإسلام بن تيمية وهو الذي نشر الله علمه وفضله حتى يكاد الناس يطبقون على فضله و أما أهل السنة فمجمعون على انه بعد عصور السلف انه لم يكن في درجته في تلك العصور ولهذا كان بعض المترجمين له يقول لم يرى مثل نفسه فهو من الأئمة الكبار الذين عرفوا منهج أهل السنة وقعدوا و أصّلوا له كان يذكر هذه المسألة ومن قرأ كتبه عرف هذه الكلمات التي انقلها عنه نجد شيخ الإسلام في بعض المسائل يرجح بين الأقوال !!!..قطع.!!! بعض المسائل وهذه مسألة أخطأ فيها الكثير من الحنفية و المالكية والشافعية والحنبلية لم يترك طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة إلا وذكر إنهم أخطئوا فيها و أحياناً يقول هذه مسألة عظيمة أخطا فيها بعض الكبار كفلان وفلان و فلان و أريد أن أسمي وهذا معروف في كتبه ومع هذا يتجرد ولا نجد أنه انتقص واحداً منهم فهذا تفريق بين المسالة أن نتجرد للحق و أن نذكر الحق ولنا أن نتأمل خطورة الأمر عندما يترك الحق عند من عرفه ولا ينصره من أجل أن فلان قال به. فا والله إن الحق أعز علينا و أحب ألينا من علمائنا بل إن من البر بعلمائنا أن ننبه على أخطائهم. أن ننبه على أخطائهم حتى لا يكون هذا الخطأ فتنة للناس و أما القائل فهذا الذي لا يعرف عن أحد من أهل السنة أنه بدعه أو أخرجه من السنة لمجرد خطئه ، و أنا عندما أتكلم هنا أتكلم في دائرة أهل السنة وكلامي هو في المخطئين من أهل السنة الذين عُرفوا بالسنة و أما أهل البدع وخلافهم لا يعتد به ولا يعرف لهم قدرٌ و لا كرامة لأنهم حاذوا عن الطريق وحاذوا عن السنة وحاذوا عن الدليل وتنكروا للأدلة والسلف الأمة وأما أهل العلم الذين اجتهدوا في العلم وفي المسائل الشرعية استفرغوا جهدهم و اخطئوا فهؤلاء الذين يخفض لهم قدرهم ومنزلتهم والكثير منكم اطلع بل قراء رسالة رفع الملام عن الأئمة الإعلام لشيخ الإسلام ابن تيمية والتي ذكر فيها في مقدمتها انه لا يوجد أحد من علماء أهل السنة يقول بقولٍ يخالف به النص إلا وكان له في ذلك عذرا ، ثم ذكر ما يتفرع منها من أسباب عشرة وذكر منها :
* أن الرجل قد ينسى ، * منها إن الرجل قد لا يصح عنده الحديث ، * منها إن الرجل قد تشكل عليه اللفظة وذكر من الأمثلة مثل (المزابنة و المحاقلة ) وغيرها من الألفاظ التي كانت مشكلة على بعض الناس فاجتهدوا و اخطئوا فما أخرجهم من السنة و إنما قال هؤلاء كلهم من أهل السنة وله كلام طويل في هذه المسألة يقول لا يخطأ الرجل لا يأثم الرجل لمجرد خطئه في الاجتهاد ولو كان هذا لهلك أكثر فضلاء الأئمة لأنهم اجتهدوا فاخطئوا ، ومن عرف العلم وعرف أهله واستعرض العلماء وما لهم من أخطاء لا يكاد يخطر ببال مطلع على العلم أن هناك عالم لم تعرف له زلة ولم يعرف له خطأ فماذا نقول في هؤلاء ماذا نقول في من اخطأ في مسالة من مسائل الصفات من أهل السنة ومن كبار أئمة أهل السنة ماذا نقول في من أخطأ في باب من أبواب القدر ماذا نقول في من أخطأ في الإيمان هل نخرجهم من السنة ونبدعهم أم أن نخطئ ونصوب من أصاب ثم بعد ذلك نعرف لأهل العلم قدرهم ، فهنا والله مسألتان من جمع بينهما و وفق لتحقيقهما فهو على خير وفضل :
المسألة الأولى التجرد للحق وهو أن ينصر الحق من جاء به و أن يرد الباطل من جاء به.
المسألة الثانية أن يعرف لعلماء الأمة قدرهم من العلماء القدماء والمعاصرين وقد لا ينازع الكثير في العلماء المتقدمين لأنه يعرف أن المعاصر لهم كان من الأئمة ومع هذا لم يتكلموا فيه ، ولكن قد نشتد على بعض علمائنا وبعض طلاب العلم من أهل السنة ونترصد لأقوالهم ونتصيد أخطائهم و لربما أطلقنا الألقاب وأخرجناهم بمجرد أخطائهم من السنة ، حتى والله إنه حدثني بعض أهل العلم وبعض الدعاة الذين طلب منهم أن يدعوا إلى الله ، قالوا والله لو تكلمنا لبدّعونا لأنه لا يتكلم أحد فيخطئ إلا ويبدع وكم حصلت من الفتن اطلع عليها الكثير من إخواننا والذين كانوا في خارج هذه البلاد من الإخوة المغرب العربي في المغرب وفي الجزائر وفي ليبيا وفي تونس وكذلك في اليمن لا يوجد يعني أحد من هؤلاء ومن غيرهم من الأمصار الأخرى في أفريقيا حتى هنا في مجتمعاتنا هذه الكل يعلم مدى التنازع والشقاق والخلاف الذي حصل بين طلاب العلم بسبب الجهل بهذه الأصول و أنّا أصبحنا نتنازع حتى في علمائنا الكبار وهل هو صاحب سنة أم صاحب بدعه هذه والله من الفتن وليست هذه من الغيرة على دين الله بل إنه من تفرقة الأمة فإن الغيرة على دين الله هو أن يحقق هذين الأصلين التجرد للحق وينصر الحق ولا نجد والله غضاضة ولن نخطئ رجل تكلم بعلم ولو خطّا كبار الأئمة إن كان يتكلم بعلم لكن على أن يُحفظ للعلماء قدرهم ثم المسألة الثانية احترام العلماء ومعرفة قدرِهم ومهما كان الخطأ إن كان من أهل السنة و أهل السنة هم اللذين اتبعوا نصوص الكتاب والسنة بناءً على فهم سلف الأمة . هو يستدل بقال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يستفرغ جهده في أن يفهم هذا النص بناءً على فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من سلف الأمة ثم بعد ذلك ضعف عن معرفة الحق ماذا نقول فيه هل نؤثمه وقد عذره الله عز وجل هل نبدعه وقد حكم له الأئمة أنه من أهل السنة هذه مسائل لا تخفى على طالب علم عرف السنة ، ولازم هذا القول هو أن نبدع الكثير من الأئمة الذين أخطئوا في مسائل فماذا نقول فيه ، نقول أنه قد أخطأ و أما مقامه في العلم فمحفوظ والذي يجمع بين هذين الأصلين والله لن يجد أن يكون في موقف حرج أن يُخطّئ العالم ، و إذا ما خطّأه لربما يعني إذا كان مما لا يجمع بين هذين الأصلين لربما جعل نفسه في خيار ويجعل نفسه في صعب فيقول كيف اخطّأ فلان ولازم التخطئة " التضليل" و إن رجع إلى الأصل الأخر قال إن فلان عرفناه أنه من أهل العلم ولو أننا خطئناه لأخرجناه من أهل السنة فيبقى متحيراً بين أن يصوب الخطأ وبين تضليل ذلك العالم ، وهذا والله لا يتعارض ، فإن عندنا في فهم أهل السنة أن منزلة الرجل وقدره في السنة لا تنقص بمجرد خطاه و إنما مقامه محفوظ ومكانته معروفه و أما خطئه فهو مردود عليه ، ولهذا قال الإمام مالك ( ما منا إلا يأُخذ مِنه و يُرد إلا صاحب هذا القبر ) الإمام مالك يقول هذا ، ما قال أن منا من أهل السنة ومن أهل البدع ، قال يُأخذ منه ويرد، وهذا لا يخرجه من دائرة السنة و أما من فرق بين هذين الأصلين و ظن أن هذا ملازم لهذا فانه سيبقى في حرج إما أن يصوب الحق وينصر الحق أو أن يداهن ويحفظ لذلك الرجل بظنه قدره.
أما إذا تحقق هذان الأصلان فا و الله لا ينقدح في ذهن طالب علم من أهل السنة أنه إذا قيل فلان من العلماء أخطأ أنّا ننتقص من العلماء ونحن في معاملتنا لإخواننا والله لا أجد في نفسي يوماً من الأيام أن أحد إخواني نبهني لخطأ في كتاب أو في محاضرة أنه يريد أن ينتقصني والله ما خطر هذا في بالي إلا أن يظهر منه شيء يعني غير النصح ، أما إن قال أخطأت أو هذه المسالة خلاف الدليل والله لا اعتقد و لا أظن إلا هذا ناصح وما تكلمت يوم في خطأ أخطأ فيه بعض أهل العلم و أنا اعتقد في نفسي أن انتقص فلانً أو غيره فضلاً أن نخرجه من السنة وهذا الأمر هو الذي دل عليه هدي العلماء الذين كانوا يُبينون الأخطاء ويصوبون وينتصرون للحق ويعرفون لأهل العـــلم قدرهم فينبغي لنا أيها الإخوة أن نحفظ هذين الأصلين و أن نتمسك بهما ، وإذا تمسكنا بهما حفظنا السنة وحفظنا أهلها و إذا فرّطنا فيهما فرّطنا في السنة و أهلها ، أو أن نفرط في أهل السنة أو في أهلها. لان الأصل الأول يمثل السنة . متى تُعرف السنة من البدعة إن كُنّا لا ننتصر للحق ونبين الصواب من الخطأ و أما إذا تنقصنا علمائنا من هم أهل السنة إذا كان كل من اخطأ أسقطناه و أخرجناه من السنة وحرمنا قراءة كتبة وحرمنا سماع أشرطته وهجرنا من يجلس عنده أو من يسميه من أهل السنة ، هذه فتنه وينبغي لمن أخطأ أن يرجع إلى الصواب و أن يرجع إلى الحق ، ومعلوم أن السنة والبدعة هي من المسميات الشرعية فو الله لو اجتمعوا أهل الأرض على أن يسموا بدعة السنة فما كانت هي باجتماعهم عليها تكون على ما اجتمعوا عليه و إنما السنة سنة إلى قيام الساعة و البدعة بدعة إلى قيام الساعة ولهذا ذكر شيخ الإسلام أن الإيمان والكفر والفسق والبدعة والمبتدعة هذه من المسميات شرعية ليس لأحد من الناس أن يجتهد فيها برأي والحكم فيها لله ولرسوله ، فالمؤمن هو من شهد الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم أنه مؤمن والكافر هو من شهد الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم أنه كافر ، و أما الناس فقد يمدحون الرجل على البدعة ويذمونه على السنة ولما جاء الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم قال إن مدحي زين وذمي شين قال ذاك الله هو الذي مدحة زين وذمة شين أما الناس فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان يؤتى للرجل يقال ما أعقلة ما أظرفه وليس في قلبه مثقال ذره من إيمان ، فينبغي لنا أن نقيس الأمور بمقياس السنة . هذه مسالة.
المسالة الثانية :
متعلقة بمسألة الهجر ، فإن الهجر منهج شرعي دلت النصوص عليه ، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم وهجرَ بعض المخالفين . وهجر النبي صلى الله عليه وسلم كان علاجاً لأخطاء وقعت في زمنه ، وقد بين أهل العلم الضوابط المتعلقة بهذا الهجر " وانه ليس لأحد من الناس اليوم أن يهجر أخاه معتقداً أن هجره مشروع إلا بدليل صحيح ، ثم يفهم هذا الدليل فهماً صحيح وإلا يدخل هذا الهجر في الهجر المحرم."
واعلموا أن الهجر على قسمين :
• هجر محرم لمصالح النفس (وهذا لا يجوز أن يكون من المسلم لأخيه فيما فوق ثلاثة أيام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) فهذا لا يجوز لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام إلا أنهُ يستثنى من هذا من فيما دون الثلاث مثل أن يحصل منه اعتداء عليك في حق أو في عرض أو في شيء فأنت تهجر من باب العتب و أما فوق الثلاث فلا تهجر لمصلحة النفس.
• وأما الهجر لدين الله عز وجل وهو الهجر المشروع فهذا غير محدد بثلاثة أيام ولا بغيرها بل قد يمتد الدهر كله والذي يدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه خمسين ليلة وهجر أزواجه شهرا ، وبعض السلف هجر بعض المخالفين الدهر كله وهذا كله لمصلحة الدين.
ثم إن الهجر الشرعي أيضاً له ثلاثة مقاصد :
• هجر لمصلحة الدين مثل هجر أهل السنة لأهل البدع حتى لا يخالطهم الناس وحتى لا يتضرر الناس ببدعهم وهذا لمصلحة الدين ، ومنه هجر النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الدَيَن، لما جيء للنبي برجل وطُلب منه أن يصلي عليه قال صلّوا على صاحبكم ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال أنه عليه دين ثم قام جل قال عليّ دينه يعني أقضيه فقام النبي صلى الله عليه وسلم وصلى عليه ، فهذا هجر متعلق بترك الصلاة على ذلك الميت السلم ، هل لأن الصلاة لا تجوز على صاحب الدين !! هو مسلم ولكنهُ لما كان هذا قد يكون دليل على التفريط في الديون لم يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب الدين حتى ينزجر الناس عن مثل فعله. يقول شيخ الإسلام حتى ينزجر الناس عن مثل فعله و أما هو ذهب لا يعرف النبي صلى الله عليه وسلم صلّى عليه أو لا . لكن إذا عرف الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على صاحب الدين فاعتنوا بالديون واهتموا بها وعرفوا أن أمر الدين خطير فهذا هجر لمصلحة الدين.
• المقصد الثاني الهجر لمصلحة الهاجر نفسه وهو "أن رجل إذا ما خالط فلان تضرر في دينه إما ببدعة أو بمعصية فهو لا يخالط فلاناً لأنه يتضرر به وليس لمسلم أن يخالط أهل الفسق والفجور و إن كانوا من أقرب الناس إليه " ، ولذا شبّه النبي صلى الله عليه وسلم يعني الجليس السيئ بأنه نافخ الكير (قال مثل الجليس الصالح كحامل المسك ومثل الجليس السيئ كنافخ الكير) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مجالسته لأنه لابد أن يصيبه من ضرره إما أن يحرق ثيابه أو يجد ريحاً خبيثة هذا في نافخ الكير و أما صاحب المخالفة إما أن تصيبه ألبدعه و المخالفة و إما أن يتضرر هو بمخالطته فهذا هجر لمصلحة الهاجر.
• و أما المقصد الثالث فهو الهجر لمصلحة المهجور. لمصلحة المهجور نفسه وهو المخالف ، فهذا يهجر لمصلحته حتى ينزجر ويرجع ومنه هجر النبي صلى الله عليه وسلم لكعب ابن مالك وصاحبيه ،هذا هجر لمن؟ لمصلحته لأنه تاب وندم و ندموا جميعاً فتاب لله عز وجل توبةً عظيمة ومثل هجر عمر رضي الله عنه للذي كان يسأل عن متشابه القرآن خبير ابن عسيل ثم بعد ذلك انتفع بهجر عمر ومما وجه الناس إليه من هجره وهذا كله لمصلحة المهجور.
ثم إن هناك ضوابط متعلقة بهذا الهجر وذكر العلماء لهذا الهجر شروطً لا يكون الهجر صحيحاً حتى يستوفي هذه الشروط منها :
• أن يكون هذا المهجور محلاً للهجر , يقول شيخ الإسلام { والناس ليسوا في درجة واحدة فمنهم من لا يصلحه إلا الهجر ومنهم من لا يصلحه إلا التأليف } ثم يقول { والنبي صلى الله عليه وسلم هجر أقواماً وتألف آخرين} ،هجر أقواماً من المخالفين وتألف أقواماً من المخالفين ، لم يعاملهم معاملة واحدة لما ؟! لأن هؤلاء ينتفعوا بالهجر وهؤلاء ينتفعوا بالتأليف ومن عرف أحوال الناس عرف هذه المسألة و أن بعض الناس لا يزيدهم الهجر إلا مكابرة و عناد و أن بعض الناس لا يجدي معهم إلا التأليف فينبغي أن ينظُرَ يعني من... هذا الناظر في هذه المسألة هل هذا المهجر أو الذي تريد هجره هل ينتفع بالهجر أم لا ويُخطئ من يظن أن الهجر أنه هو الأصل في معامله المخالفين وخصوصاً أهل البدع ، ليس هو الأصل إنما الأصل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ،هذا هو الأصل ، الأصل هو الإنكار والتغيير ، ثم التغيير بأي شيء يكون ؟ قد يكون بالهجر وقد يكون بالتأليف النبي صلى الله عليه وسلم أعطى يوم حُنين الأقرع ابن حابس وعيينة ابن حصن وبعض كبراء وبعض رؤساء العشائر والناس المُطاعين في أقوامهم أعطاهم ما لم يعطي غيرهم حتى أن الغنيمة قيل أنها لم تكن إلا في خمسة أو في ستة نفر حتى قال ذي الخويصره تلك قسمة ما أريد بها وجه الله لجهلهم وقال للنبي صلى الله عليه وسلم اعدل فإنك لم تعدل قال ويحك ومن يعدل إن لم أعدل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطيت هؤلاء تألفاً لقلوبهم يعني مع إنهم كانوا من أهل الخلاف وكان فيهم جفاء وكان فيهم غلظة في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا تألفهم ولم يهجرهم مع أن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب ابن مالك ، فكعب ابن مالك كان مؤثر فيه الهجر لأنه يعرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف من الذي هجره لكنَّ هؤلاء الذين لم يعرفوا قدر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكن الإسلام من نفوسهم قد لا ينتفعون بهجره ، فينبغي أن يُنظر في حال المهجور وهل هو ممن ينتفع بالهجر أم لا .
ونحن نرجع إلى المسألة التي سبق أن ذكرنا في شرح الكتاب وهو التفريق بين الحق التفريق بين الأدلة. الذين الآن يعممون الهجر كيف يتناسون النصوص الأخرى في الرفق وفي تألف النبي صلى الله عليه وسلم ، ألم يتألف النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ابن أُبيّ ألم يتألف الأقرع ابن حابس ألم يتألف هرقل كان يخاطبه بعظيم الروم وهؤلاء بعضهم كفار بعضهم من المنافقين ، لِما لم يهجرهم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن هؤلاء لا ينتفعون بالهجر و إنما ينتفعون بالتأليف وكم تالف النبي صلى الله عليه وسلم أناساً فهداهم الله بالتالف كما حصل لأبى سفيان كان م اكبر سادة قريش و لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم كان أبو سفيان هو سيد قريش ولهذا تألفه النبي صلى الله عليه وسلم قال من دخل البيت فهو آمن ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن. فأثر هذا في نفسه فهداه الله عز وجل إلى الإسلام حتى تمكن من نفسه. فإذا ينبغي أن ينظر على هذا الرجل الذي بدرت منه المخالفة هل هو محل للهجر أم للتأليف فإن كان الهجر الذي يجدي هجرناه وإن و إن كان التأليف الذي يجدي و ينفع تألفناه .
• ثم ينبغي أيضا أن ينظر في منزلة الهاجر من المهجور . منزلة الهاجر من المهجور بعض الناس لو هجرته والله ما اثّر في نفسه لأنك عنده أحقر من أن يطلب رضاك ولا يرى لك فضل ولهذا قال العلماء لا يكون الهجر إلا من أهل الشرف والمنزلة إما الشرف في الدين أو حتى في الدنيا ، كأن يكون من العلماء أو من السلطان أو من الحاكم فإن هؤلاء هجرهم مؤثر و الضابط الصحيح في هذا هو أن يكون الهاجر له منزلة عند المهجور حتى ولو لم يكن من أهل الشرف مثل الصديق مع صديقة يعني بعض الأصدقاء والله يعز عليه أن يهجره صديقه فلو هجره أثر فيه . المرأة إذا هجرها زوجها أثر فيها. المرأة إذا هجرت زوجها اثر في الزوج فهؤلاء كل طرف من هؤلاء لصاحبه عنده مكانــه أو منزلة تؤثِر إذا ما هجر أما إذا هجر زميل لزميله وليست له منزله لربما ظن أن هذا من الحسد و ألغيره ولم يؤدي الهجر مقصده الشرعي فينبغي أن يُراعى هذا كما ينبغي أيضا أن يراعى في الهجر :
• مُدة الهجر : وهو أن يكون الهجر مناسباً للمخالفة ومناسباً أيضاً لحال المهجور لهذا يقول ابن القيم الهجر كالدواء إذا زاد قتل وإذا نقص لم ينفع بعض الناس إذا هجرته يومين اثر فيه وليس بعد الهجر في هذه المرحلة التي وصل إليها إلى هذه الحال إلا اليأس..//.. ومن هنا ندرك إنه ليس كل من وقع في ألبدعه وليس كل من خالف وليس كل من عصى الله عز وجل أنَّ هجرُهُ مشروع مع كل أحد وفي كل وقت وفي كل زمان وفي كل مكان ، ومن الضوابط المتعلقة بهذا :
• أن يراعى الزمان والمكان : فإذا كان الزمان والمكان من أزمان وأمكنة السنة إذا ما هجرت المخالف لم يجد حوله إلا أهل السنة فلا يتضرر أما إذا هجرته في مجتمع سيء لربما تضرر بمخالطة الناس . و أنا حدثني والله رجل هو أخ لنا يعيش في أحد الدول الغربية يذكر عن بعض الشباب أنهم على السنة فأخطأ زميلهم وخالف في بعض المسائل يقول فاجمعوا على هجره وقاطعوه ثم لم يلبث أن إرتد ، إرتد لأنه يعيش في دولة كافرة وهؤلاء هم خُلطته فلما اجمعوا على هجره وقاطعوه ولم يتمكن الإسلام من نفسه قال أين هذا الدين الذي يعني يكون هذه ثمرته أنّي لا أُُكلّم ولا أُُجالس ولا يعتني بي أحد فا ارتد عن دين الإسلام ، بسبب ماذا ؟ بسبب التهور والجهل الذي يعني جعل هؤلاء يرتكبوا نمثل هذا الأمر ، وهنا فائدة في قصة كعب ابن مالك ، كعب ابن مالك لما هجره النبي صلى الله عليه وسلم طمع فيه الكفار وارسل له ملِك غسّان قال له بلغنا أن صاحبك قد جفاك فقدم علينا فليس مثلك من يفعل به كذا و كذا فيقول عرفت إنها فتنة فأخذ كتابه فاحرقه في النار . فانظروا إلى قوة إيمان كعب عرف إن هذه فتنة ، لكن كم من الناس اليوم إذا هُجر وعُرض عليه هذا العرض من مِن الناس اليوم أو من يستطيع الآن أن يقول أنَّ كل من يهجر يثبت هذا الثبات العظيم . والله كثير من الناس يفتن بسبب هذا ، عروض تقدم عليه من أهل البدع يقال له بلغنا أن أصاحبك قد جفوك وهجروك فقدم علينا فإن مثلك ينبغي أن يُعرف له قدره ، وكم خسرنا من طلاب العلم ومن أهل السنة ومن بعض المتوجهين إلى السنة بسبب هذا التهور في معاملة المخطئين ، ينبغي أن نرفق بالناس وليس هذا والله من المداهنة. المداهنة هي كما ذكرت أن نقول للمخطئ أصبت و أن نسكت عن الأخطاء أما إن كنا نُخطّئ المُخطئ ونصوب من أصاب ثم بعد ذلك نرفق في الناس ونتألفهم على السنة ، تألُفنا والله ليس تمييعً وإنما هو تالف للسنة وهجرنا ليس تشديداً وإنما هجر لمصلحة السنة ، فالشدةُ و اللين ينبغي أن توظف للسنة (فليست الشدة مذمومة في موطنها وليس اللين مذموماً في موطنه ) لكن ينبغي ان ينزّل هذا في مكانه وهذا في مكانه النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تألف وهجر وهو الذي قال (لا يكون الرفق في شيء إلا زانه) وهو الذي هجر . فالذين الآن يعممون الهجر لا يعرفون إلا نصوص الهجر والذين ينكرون الهجر لا يعرفون إلا نصوص الرفق و أما أهل السنة فهم يجمعون بين النصوص ويرون أن هذا لا يعارض هذا . ومن خالف ففيه شبه من أهل الجاهلية الذين فرقوا بين الحق واخذوا بجانب وتركوا جانباً وهذه والله فتنه أهل البدع وإن كان الأمر شديداً يعني على بعض المنتسبين إلى السنة أن يقال في عمله كذا لكن هو والله الحق أن من فرق بين الهجر والتأليف وعمم أحدُهما وترك الآخر فإنه مُخطئ وهو مما فرق بين النصوص وعمل ببعض وترك البعض و أما هو فو الله نحن لا نُخرِجهُ من السنة ولا نحكم بحكمه في إخوانه الذين يخرجهم من دائرة السنة ، و أنا قلت لبعض الشباب الذين يرون أن المخالف بمجرد مخالفتهِ يخرج من السنة قلت أنتم بفعلكم لو حكمت فيكم بحكمكم في غيركم لأخرجناكم من السنة لكن أنتم عندنا مخطئون لا نخرجكم من السنة لأنكم متؤِلون تُريدون الخير ، وأنتم على قدركم ومنزلتكم وفضلكم وحُبِكم للسنة ، و أما هذا الخطأ فينبغي الرجوع عنه ولهذا الأئمة لم يحكموا في أهل البدع ولم يحكموا في من قام بهم الكفر لم يحكموا فيهم بالكفر ولم يكفروهم عيناً لمّا كانوا متؤلة ، " شيخ الإسلام يقول للجهمية (لو قلت بقولكم لكفرت وأنتم لا تكفرون عندي لأنكم تجهلون و أعلم) وشيخ الإسلام هو الذي يناظر الجهمية فكيف يقال الآن فلان عرف الحق ، شيخ الإسلام بين لهم الأدلة وهو في اعتقاده أنه أزال الشبهة ومع هذا عرف أنه بقيت عندهم رواسب وشبه ما استطاعوا أن يتخلصوا من الخطأ " ومن هنا كان الأصل العظيم من أصول أهل السنة وهو التفريق بين التكفير المُطلق وتكفير المُعيّن والحكم المُطلق والحكم على المُعيّن والحكم على المسألة والحكم على صاحب المسألة والحكم على الخطأ والحكم على المُخطئ ينبغي أن نفرق بين هذا وهذا.
وهذه الأمة أمة مرحومة رحمها الله عز وجل وكان في دعائها " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطئنا" وقد جاء في صحيح مسلم أن الله عز وجل قال قد فعلت يعني لن يؤاخذهم بنسيانهم ولا بخطئهم . والنسيان ما هو ! هو أن يعرف أن الرجل العلم ثم ينسى ويفتي بخلافه فكيف بمن جهل و كيف بمن لم يعرف ؟ فإنه أولى بالعذر .
إذاً ينبغي تألّف الناس على السنة وينبغي أن نفرق بين هذه المصطلحات التي يطلقها الناس فلان متشدد وفلان متهاون أو مُميع ينبغي لمن تلفظ بشيء من هذا أن يرقب الله عز وجل و أن يعلم أنه مسئول يوم القيامة فإن كان الوصف كما قال فو الله إنها كلمة له بها عند الله عز وجل أعظم الأجر و إن كانت هذه الكلمة هو من الظلم الذي أنزلة على من لا يستحقه فسـ..//.قطع.//...عن هذه الكلمة وعمن أنزلها عليه من أهل العلم فالتشديد المذموم هو الشدة المنافية لهدي النبي صلى الله عليه وسلم و اللين المذموم هو اللين المخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم أما الشدة الموافقة لشدة النبي صلى الله عليه وسلم في الحق فو الله إنها ممدوحة واللين الموافق لين النبي صلى الله عليه وسلم في الحق فإنها ممدوحة.
والله عز وجل وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أشد على الكفار رحماء بينهم ، ما وصفهم بأنهم أشد على بعضهم ، كان بعضهم يعذر بعضا ، اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في المسائل واجتهدوا واعتقد بعضهم أن أخاه مخطئً لاشك في خطئه والله ما بدع بعضُهم بعضا ولا هجر بعضهم بعضا وإنما كانوا كان كل واحد منهم يعرف لصاحبه قدره ومنزلته التي هو عليها.
فهذه بعض المسائل التي أردت أن أنبّه عليها وما أردت بها إلا النصح وإلا فالكلام يطول وهذه المسائل تحتمل البسط وهناك أدلة وهناك أيضاً مسائل أخرى متعلقة بمنهج أهل السنة من معاملة المخالفين. فينبغي لطلاب العلم أن يعتنوا بدراسة هذه المسائل وان يعتنوا بها كما يعتنوا بالسنة.
كما أن نعرف السنة من البدعة ينبغي أن نعرف صاحب السنة من صاحب البدعة " وينبغي أن نعرف كيف نتعامل مع الناس عند الأخطاء " وكيف نعالج الأخطاء وكيف نراعي هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة المخطئين. وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة المخالفين متباين تبايناً عظيماً باعتبار المخالف وباعتبار المخالفة وباعتبار العلم وباعتبار الجهل وهناك أمثلة ونماذج كثيرة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من عرفها ودرسها وقف على حقيقة الأمر ،........هذا والله اعلم .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
هذا تفريغ للأخ : حافظ الجميعي جزاه الله خيرا
تعليق