*****
مطـوية / مرجـع البدع و أسبابها
لمحدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
-------------------
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=55960&d=1518270449
*****
*****
نص المطوية :
واعلم أن مرجع البدع المشار إليها إلى أمور:
الأول:أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها ولا نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومثل هذا لا يجوز العمل به عندنا على ما بينته في مقدمة "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" وهو مذهب جماعة من أهل العلم كابن تيمية وغيره.
الثاني: أحاديث موضوعة أو لا أصل لها خفي أمرها على بعض الفقهاء فبنوا عليها أحكاما هي من صميم البدع ومحدثات الأمور!
الثالث: اجتهادات واستحسانات صدرت من بعض الفقهاء خاصة المتأخرين منهم لم يدعموها بأي دليل شرعي بل ساقوها مساق المسلمات من الأمور حتى صارت سننا تتبع ولا يخفى على المتبصر في دينه أن ذلك مما لا يسوغ اتباعه إذ لا شرع إلا ما شرعه الله تعالى وحسب المستحسن إن كان مجتهدا أن يجوز له هو العمل بما استحسنه وأن لا يؤاخذه الله به أما أن يتخذ الناس ذلك شريعة وسنة فلا ثم لا. فكيف وبعضها مخالف للسنة العملية كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى؟.
الرابع: عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع ولا يشهد لها عقل وإن عمل بها بعض الجهال واتخذوها شرعة لهم ولم يعدموا من يؤيدهم ولو في بعض ذلك ممن يدعي أنه من أهل العلم ويتزيا بزيهم.
ثم ليعلم أن هذه البدع ليست خطوتها في نسبة واحدة بل هي على درجات فبعضها شرك وكفر صريح كما سترى وبعضها دون ذلك ولكن يجب أن يعلم أن أصغر بدعة يأتي الرجل بها في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة فليس في البدع كما يتوهم بعضهم ما هو في رتبة المكروه فقط كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " أي صاحبها.
وقد حقق هذا أتم تحقيق الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم "الاعتصام" ولذلك فأمر البدعة خطير جدا لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم وحسبك دليلا على خطورة البدعة قوله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ".
رواه الطبراني والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" وغيرهما بسند صحيح وحسنه المنذري1.
وأختم هذه الكلمة بنصيحة أقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين وهو الشيخ حسن بن علي البربهاري من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله المتوفى سنة "329" قال رحمه الله تعالى:
"واحذر من صغار المحدثات فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطيع المخرج منها فعظمت وصارت دينا يدان به فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخل في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء؟ فإن أصبت أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيء فتسقط في النار
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعا ومصدقامسلما فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم وكفى بهذا فرقة وطعنا عليهم فهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه".
قلت: ورحم الله الإمام مالك حيث قال:
" لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ".
وصلى الله على نبينا القائل :
" ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه ".
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
1 وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" "1620".
من كتاب /مناسك الحج والعمرة (ص43-44-45)
أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله (المتوفى: 1420هـ)
الناشر: مكتبة المعارف/الطبعة: الأولى