🔊 أهكذا الموتُ اليوم يخفي محيَّاكا ؟! ⛔
الحمد لله الذي تفرد بالبقاء والقهر ، وهو الواحد الأحد ذي العزة والجبروت والكبرياء والعظمة ، فقد كتب الفناء على أهل هذه الدار ، وجعل الجنة عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ، قدر مقادير الخلائق كلها ، وخلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا ، فحمداً له - سبحانه وتعالى - على حلو القضاء ومرّه ، ونعوذ به من عقابه وسخطه ، ونشكره على نعمه الكثيرة ، فهو الكريم الشكور ، الرحيم الغفور ، الذي قال في محكم كتابه :﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ، وقال :﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۞ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۞ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
- أما بعد -
فقد بلغنا خبر وفاة أخينا الشيخ السلفي الفاضل الخلوق العيد ريحان الجزائري إثر حادث صدم سيارة له بمكة المكرمة - حرسها الله - وللأسف فإن الذي صدمه وسبب في وفاته فر هارباً والله حسيبه ، فأخي العزيز الشيخ عيد - رحمه الله - كان نعم الشيخ ، فهو طالب علم قوي جداً ، وصاحب سمت ودماثة في الخلق ، فلم أر مثله من أترابنا في اخلاصه لله وغمط نفسه ، حتى إن المرء ليخجل منه ومن خلقه ، وقد كان سلفياً جلداً - ولله الحمد - ولم يبدل ولم يغير منهجه وعقيدته حتى توفاه الله ، مع شدة فقره وفاقته وعفته - رحمه الله - لكن من نعم الله عليه أن وفقه الله جل وعلا بتفرغه للتأليف والتصنيف والتحقيق ، وفراره من داء الشهرة والتصدر والرياسة ، وكانت بيني وبيه رابطة قوية جداً ، وهو ممن درس على شيخنا مقبل الوادعي - رحمه الله - ولازم جل العلماء الكبار ملازمة طويلة في مكة المكرمة ، وله مؤلفات نافعة للغاية ومن آخر مؤلفاته كتاب جوهرة التوحيد وأظنها شرحاً لمقدمة ابن أبي زيد القيرواني بكلام أئمة المالكية السلفيين ، وباشتراكه مع أخينا الشيخ الفاضل أبي الفضل محمد الصغداوي المغربي الأصل الهولندي السكن المكي الإقامة ، فرحمه الله رحمه واسعة ، ونسأل الله أن يعوض زوجته وبناته الأربع وأن يدخله الفردوس الأعلى ، فإِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ ، وَلَهُ مَا أَعْطَى ، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلْيصْبِرْ وَلْيَحْتَسِب أهله ومحبيه ، وقد كان سلفنا الصالح يتألمون ويتوجعون إذا سمعوا بموت أحد من أهل السنة والجماعة ؛ لأن المنهج السلفي رحم بين أهله .
❒ قال أيوب السختياني - رحمه الله تعالى -
" إني أُخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي " اﻫـ .
• انظر : (اللالكائي) (٦٠/١) (والحلية) (٩/٣) .
❒ وقال حماد بن زيد - رحمه الله تعالى -
" كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيرى ذلك فيه ويبلغه موت الرجل يذكر بعبادة فما يرى ذلك فيه " اﻫـ .
• انظر : (اللالكائي) (٦١/١) .
☜ قَدَرٌ عليَّ بأن أكون الناعيا .. وبأن يفتَّ الحزنُ في أحشائيا ..
- أنا لستُ أدري هل ألمَّ بساحتي .. خطبٌ جسيمٌ أم أناخ بواديا؟! ..
- يمضي الأحبَّةُ فالديارُ بلاقعٌ .. وأظل وحدي باكياً أحبابيا؟! ..
- متجرعاً غصصَ الوداعِ مريرةً .. مستغفراً للراحلين إلهيا؟ ..
- حتى إذا اندملت جراحٌ أوجَعتْ .. جدَّت جراحٌ في الفؤادِ عواتيا ..
- واليومَ ثار الجرحُ فيَّ مبرِّحاً .. وتحرَّك الزلزالُ في أنحائيا ..
- قالوا لنا بأن عيدا جاءهُ .. أمرُ السماءِ وكان أمراً ماضيا ..
- وكأنّه سئم الإقامةَ بعدهم .. فدعا الإلهَ بأن يكون التاليا ..
- سلفي فاضل فارق أرضَنا .. ليصير في كَنَفِ المهيمنِ راضيا ..
- رحل العزيز تاركاً في إِثرِهِ .. للسُّنةِ الغرّاءِ حباً ساريا ..
☜ وإني أذكر أهله في مصابهم بأعظم مصاب وهو موت رسول الله ﷺ ، فإن كل مصيبةٍ تهون بموته ﷺ ، فبموته انقطع الوحي من السماء ، وقد علمنا ﷺ أن نتذكر عند مصيبتنا ، موته ﷺ وفراقه وبذلك تهون علينا مصائبنا فقال : " إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب " ، وأبشرهم بما كان يسر به سلفنا الصالح - رحمهم الله - وهو موت الرجل على السنة والمنهج السلفي .
❒ عن معتمر بن سليمان - رحمه الله تعالى -
قال : " دخلتُ على أبي وأنا منكسرٌ فقال : مالك ؟ قلت : مات صديقٌ لي ، قال : مات على السنة ؟ قلت : نعم ، قال : فلا تحزن عليه " اﻫـ .
• انظر : (اللالكائي) (٧٥/١) .
--------------------
❒ وقال العلاّمة القرطبي - رحمه الله تعالى -
" أخوة الدين أثبت من أخوة النسب ، فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين ، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب " اﻫـ .
• انظر : (التفسير له) (٣٢٢/١٦) .
- وما المال والأهلون إلا ودائع .. ولا بُّد من يومٍ تُردُّ الودائِعُ ..
- قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت .. ويبتلي الله بعض القوم بالنعم ..
☜ أسأل الله الذي ليس لقضائه دافع ، ولا لعطائه مانِعٌ ، ولاتخفى عليه الطلائع ، ولاتضيع عنده الودائع وهو للدعوات سامعٌ ، وللكربات دافع ، وللدرجات رافع ، أن يغفر لأخينا عيد ريحان وجميع اخواننا في الله وأن يدخلنا وإياهم الفردوس الأعلى ..
____________
✍ كتبه المكي :
○ ليلة الأحد :
○ الخميس : ٢٧ - جمادى الآخر - ١٤٣٨ﻫـ .
..
الحمد لله الذي تفرد بالبقاء والقهر ، وهو الواحد الأحد ذي العزة والجبروت والكبرياء والعظمة ، فقد كتب الفناء على أهل هذه الدار ، وجعل الجنة عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ، قدر مقادير الخلائق كلها ، وخلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا ، فحمداً له - سبحانه وتعالى - على حلو القضاء ومرّه ، ونعوذ به من عقابه وسخطه ، ونشكره على نعمه الكثيرة ، فهو الكريم الشكور ، الرحيم الغفور ، الذي قال في محكم كتابه :﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ، وقال :﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۞ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۞ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
- أما بعد -
فقد بلغنا خبر وفاة أخينا الشيخ السلفي الفاضل الخلوق العيد ريحان الجزائري إثر حادث صدم سيارة له بمكة المكرمة - حرسها الله - وللأسف فإن الذي صدمه وسبب في وفاته فر هارباً والله حسيبه ، فأخي العزيز الشيخ عيد - رحمه الله - كان نعم الشيخ ، فهو طالب علم قوي جداً ، وصاحب سمت ودماثة في الخلق ، فلم أر مثله من أترابنا في اخلاصه لله وغمط نفسه ، حتى إن المرء ليخجل منه ومن خلقه ، وقد كان سلفياً جلداً - ولله الحمد - ولم يبدل ولم يغير منهجه وعقيدته حتى توفاه الله ، مع شدة فقره وفاقته وعفته - رحمه الله - لكن من نعم الله عليه أن وفقه الله جل وعلا بتفرغه للتأليف والتصنيف والتحقيق ، وفراره من داء الشهرة والتصدر والرياسة ، وكانت بيني وبيه رابطة قوية جداً ، وهو ممن درس على شيخنا مقبل الوادعي - رحمه الله - ولازم جل العلماء الكبار ملازمة طويلة في مكة المكرمة ، وله مؤلفات نافعة للغاية ومن آخر مؤلفاته كتاب جوهرة التوحيد وأظنها شرحاً لمقدمة ابن أبي زيد القيرواني بكلام أئمة المالكية السلفيين ، وباشتراكه مع أخينا الشيخ الفاضل أبي الفضل محمد الصغداوي المغربي الأصل الهولندي السكن المكي الإقامة ، فرحمه الله رحمه واسعة ، ونسأل الله أن يعوض زوجته وبناته الأربع وأن يدخله الفردوس الأعلى ، فإِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ ، وَلَهُ مَا أَعْطَى ، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلْيصْبِرْ وَلْيَحْتَسِب أهله ومحبيه ، وقد كان سلفنا الصالح يتألمون ويتوجعون إذا سمعوا بموت أحد من أهل السنة والجماعة ؛ لأن المنهج السلفي رحم بين أهله .
❒ قال أيوب السختياني - رحمه الله تعالى -
" إني أُخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي " اﻫـ .
• انظر : (اللالكائي) (٦٠/١) (والحلية) (٩/٣) .
❒ وقال حماد بن زيد - رحمه الله تعالى -
" كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيرى ذلك فيه ويبلغه موت الرجل يذكر بعبادة فما يرى ذلك فيه " اﻫـ .
• انظر : (اللالكائي) (٦١/١) .
☜ قَدَرٌ عليَّ بأن أكون الناعيا .. وبأن يفتَّ الحزنُ في أحشائيا ..
- أنا لستُ أدري هل ألمَّ بساحتي .. خطبٌ جسيمٌ أم أناخ بواديا؟! ..
- يمضي الأحبَّةُ فالديارُ بلاقعٌ .. وأظل وحدي باكياً أحبابيا؟! ..
- متجرعاً غصصَ الوداعِ مريرةً .. مستغفراً للراحلين إلهيا؟ ..
- حتى إذا اندملت جراحٌ أوجَعتْ .. جدَّت جراحٌ في الفؤادِ عواتيا ..
- واليومَ ثار الجرحُ فيَّ مبرِّحاً .. وتحرَّك الزلزالُ في أنحائيا ..
- قالوا لنا بأن عيدا جاءهُ .. أمرُ السماءِ وكان أمراً ماضيا ..
- وكأنّه سئم الإقامةَ بعدهم .. فدعا الإلهَ بأن يكون التاليا ..
- سلفي فاضل فارق أرضَنا .. ليصير في كَنَفِ المهيمنِ راضيا ..
- رحل العزيز تاركاً في إِثرِهِ .. للسُّنةِ الغرّاءِ حباً ساريا ..
☜ وإني أذكر أهله في مصابهم بأعظم مصاب وهو موت رسول الله ﷺ ، فإن كل مصيبةٍ تهون بموته ﷺ ، فبموته انقطع الوحي من السماء ، وقد علمنا ﷺ أن نتذكر عند مصيبتنا ، موته ﷺ وفراقه وبذلك تهون علينا مصائبنا فقال : " إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب " ، وأبشرهم بما كان يسر به سلفنا الصالح - رحمهم الله - وهو موت الرجل على السنة والمنهج السلفي .
❒ عن معتمر بن سليمان - رحمه الله تعالى -
قال : " دخلتُ على أبي وأنا منكسرٌ فقال : مالك ؟ قلت : مات صديقٌ لي ، قال : مات على السنة ؟ قلت : نعم ، قال : فلا تحزن عليه " اﻫـ .
• انظر : (اللالكائي) (٧٥/١) .
--------------------
❒ وقال العلاّمة القرطبي - رحمه الله تعالى -
" أخوة الدين أثبت من أخوة النسب ، فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين ، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب " اﻫـ .
• انظر : (التفسير له) (٣٢٢/١٦) .
- وما المال والأهلون إلا ودائع .. ولا بُّد من يومٍ تُردُّ الودائِعُ ..
- قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت .. ويبتلي الله بعض القوم بالنعم ..
☜ أسأل الله الذي ليس لقضائه دافع ، ولا لعطائه مانِعٌ ، ولاتخفى عليه الطلائع ، ولاتضيع عنده الودائع وهو للدعوات سامعٌ ، وللكربات دافع ، وللدرجات رافع ، أن يغفر لأخينا عيد ريحان وجميع اخواننا في الله وأن يدخلنا وإياهم الفردوس الأعلى ..
____________
✍ كتبه المكي :
○ ليلة الأحد :
○ الخميس : ٢٧ - جمادى الآخر - ١٤٣٨ﻫـ .
..