من له حق التكفير؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإنَّ من المظاهر السيئة التي انتشرت عند البعض ((ظاهرة التكفير))!!؛ حيث يزعم البعض أنَّ كل مسلم له حق التكفير، وليس هو من حقوق أهل العلم، الخاصة بهم!!، مما أدى إلى تساهل الكثير من أولئك في تكفير المسلم والحكم عليه بالردة عن الإسلام!!؛ ونبينا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول:((أيُّما امرئٍ قال لأخيه: يا كافرُ؛ فقد باء بها أحدُهما؛ إن كان كما قال وإلا رجعت عليه!!)) رواه مسلم.
وممن تصدى لبيان هذه المسألة فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء حفظه الله تعالى:
سؤال: يُلاحظ على من يطلق لفظ " الجاهلية " على المجتمعات الإسلامية أنَّه يريد به: تكفير تلك المجتمعات، وبالتالي الخروج - أي على الحكام والمحكومين!! - ؟.
جواب فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: ((ليس من حق كل أحد أن يطلق التكفير أو أن يتكلم بالتكفير على الجماعات أو على الأفراد!!، التكفير له ضوابط فمن يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام فإنَّه يحكم بكفره ...،
فالتكفير خطير، ولا يجوز لكل أحد أن يتفوه به في حق غيره!!، إنَّما هذا من صلاحيات الحاكم الشرعي، ومن صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم: الذين يعرفون الإسلام، ويعرفون نواقض الإسلام، ويعرفون الأحوال، ويدرسون واقع الناس والمجتمعات؛ فهم أهل الحكم بالتكفير وغيره، أما الجهال وأما أفراد الناس وأنصاف المتعلمين فهؤلاء ليس من حقهم إطلاق التكفير على الأشخاص أو على الجماعات أو على الدول؛ لأنهم غير مؤهلين لهذا الحكم!!)) [مراجعات في الفقه السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة ص 50- 51؛ إعداد وحوار: د. عبدالله بن محمد الرفاعي] .
وقال قبل ذلك في ص49: ((والتكفير له ضوابط شرعية؛ فمن ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام التي ذكرها علماء أهل السنة والجماعة حكم بكفره بعد إقامة الحجة عليه!!، ومن لم يرتكب شيئاً من هذه النواقض فليس بكافر وإن ارتكب بعض الكبائر التي هي دون الشرك)).
وقال في ص58: ((الحكم بالردة والخروج من الدين من صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم!!؛ وهم القضاة في المحاكم الشرعية والمفتون المعتبرون، وهي كغيرها من القضايا، وليس من حق كل أحد أو من حق أنصاف المتعلمين أو المنتسبين إلى العلم الذين ينقصهم الفقه في الدين؛ ليس من صلاحياتهم أن يحكموا بالردة!!؛ لأنَّ هذا يلزم منه الفساد!!، وقد يحكمون على المسلم بالردة وهو ليس كذلك، وتكفيرالمسلم الذي لم يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام فيه خطورة عظيمة، ومن قال لأخيه يا كافر أو فاسق وهو ليس كذلك؛ فإنَّ هذا الكلام يعود على قائله، فالذين يحكمون بالردة: هم القضاة الشرعيون والمفتون المعتبرون، والذين ينفذون هذا الحكم: هم ولاة أمر المسلمين، وما عدا هذا فهو فوضى!!!)).