بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد أخرج مسلم في ((صحيحه)) عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)).
قلنا: لمن يا رسول الله؟
قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
هذا الحديث أصل عظيم في النصيحة.
قال محمد بن أسلم رحمه الله: (هذا الحديث أحد أرباع الدين).
ومن صور النصيحة لولاة الأمور الدعاء لهم بالصلاح والهداية والتوفيق لخدمة الإسلام والمسلمين.
قال الإمام ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((أما النصيحة لأئمة المسلمين فبالدعاء لهم والسمع والطاعة لهم في المعروف والتعاون معهم على الخير وترك الشر وعدم الخروج عليهم)) اهـ.
وقال رحمه الله أيضا كما في ((مجموع الفتاوى)): ((من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة; لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له : أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير، ويذكره إذا نسي، ويعينه إذا ذكر، هذه من أسباب توفيق الله له)) اهـ.
وقال العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في ((شرح الأربعين النووية)): ((أما النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم فالولاة يكون النصح لهم بالسمع والطاعة لهم بالمعروف، ويكون بدلالتهم على الخير والتعاون معهم على البر والتقوى، وإرشادهم إلى ما ينبغي إرشادهم إليه مما يحصل تنبيههم عليه ولفت أنظارهم إليه، وكذلك الدعاء لهم وترك الخروج عليهم)) اهـ.
فمن دعا للسلطان فقد نصحه ومن دعا عليه فلم يكون من الناصحين.
والناس في هذا الأمر على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الذين يدعون للسلطان، وهم: أهل السنة والجماعة السلفيون الذين ساروا على ما كان عليه الرعيل الأول من هذه الأمة.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله كما في (( شرح السنة(( للبريهاري: (لو أن لي دعوة مستجابة، ما صيرتها إلا في الإمام(.
والمعنى المراد من هذه الكلمة: ((إذا جعلتُها في نفسي لم تَعْدُني، وإذا جعلتُها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد ((
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (وأني لأدعو له بالتسديد والتوفيق – أي: الإمام - في الليل والنهار - والتأييد، وأرى ذلك واجباً علي).
وقال الطّحاوي رحمه الله في ((عقيدته)): ((وَلَا نَرَى الْخُرُوجَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَوُلَاةِ أُمُورِنَا وَإِنْ جَارُوا، وَلَا نَدْعُو عَلَيْهِمْ)).
وقال أيضا: ((وَنَدْعُو لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالْمُعَافَاةِ)).
وقال الإمام البربهاري رحمه الله في ((شرح السنَّة)): ((وإذا رأيتَ الرَّجلَ يدعو للسلطان بالصّلاح فاعلم أنَّه صاحبُ سنَّةٍ إن شاء الله)) ثم نقل كلام الفضيل بن عياض.
القسم الثاني: الذين يدعون على السلطان، وهم: أهل البدع والأهواء.
وقال الإمام البربهاري رحمه الله في ((شرح السنَّة)): ((وإذا رأيتَ الرَّجلَ يدعو على السلطان فاعلم أنَّه صاحبُ هوى)).
القسم الثالث: الواقفة، وهم: الذين توقفوا كتوقف المبتدعة في مسالة خلق القرآن، وامتنعوا عن الدعاء لولي الأمر، وهؤلاء أصحاب هوى، ليسوا من الناصحين للسلطان.
سئل العلامة ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله -؟
فأجاب: هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، ((والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له : إن دوسا عصت وهم كفار قال : اللهم اهد دوسا وائت بهم)). فهداهم الله وأتوه مسلمين .
فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له; لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح : أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال : ( لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان )، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله)) اهـ.
فسلك سبيل الناصحين تكون من الفائزين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين ووفقهم لما فيه صلاح الدين والدنيا، وهيئ لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الحق وتدلهم عليه يا رب العالمين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 26 ربيع الأخر سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 24 يناير سنة 2017 ف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد أخرج مسلم في ((صحيحه)) عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)).
قلنا: لمن يا رسول الله؟
قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
هذا الحديث أصل عظيم في النصيحة.
قال محمد بن أسلم رحمه الله: (هذا الحديث أحد أرباع الدين).
ومن صور النصيحة لولاة الأمور الدعاء لهم بالصلاح والهداية والتوفيق لخدمة الإسلام والمسلمين.
قال الإمام ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((أما النصيحة لأئمة المسلمين فبالدعاء لهم والسمع والطاعة لهم في المعروف والتعاون معهم على الخير وترك الشر وعدم الخروج عليهم)) اهـ.
وقال رحمه الله أيضا كما في ((مجموع الفتاوى)): ((من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة; لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له : أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير، ويذكره إذا نسي، ويعينه إذا ذكر، هذه من أسباب توفيق الله له)) اهـ.
وقال العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في ((شرح الأربعين النووية)): ((أما النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم فالولاة يكون النصح لهم بالسمع والطاعة لهم بالمعروف، ويكون بدلالتهم على الخير والتعاون معهم على البر والتقوى، وإرشادهم إلى ما ينبغي إرشادهم إليه مما يحصل تنبيههم عليه ولفت أنظارهم إليه، وكذلك الدعاء لهم وترك الخروج عليهم)) اهـ.
فمن دعا للسلطان فقد نصحه ومن دعا عليه فلم يكون من الناصحين.
والناس في هذا الأمر على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الذين يدعون للسلطان، وهم: أهل السنة والجماعة السلفيون الذين ساروا على ما كان عليه الرعيل الأول من هذه الأمة.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله كما في (( شرح السنة(( للبريهاري: (لو أن لي دعوة مستجابة، ما صيرتها إلا في الإمام(.
والمعنى المراد من هذه الكلمة: ((إذا جعلتُها في نفسي لم تَعْدُني، وإذا جعلتُها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد ((
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (وأني لأدعو له بالتسديد والتوفيق – أي: الإمام - في الليل والنهار - والتأييد، وأرى ذلك واجباً علي).
وقال الطّحاوي رحمه الله في ((عقيدته)): ((وَلَا نَرَى الْخُرُوجَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَوُلَاةِ أُمُورِنَا وَإِنْ جَارُوا، وَلَا نَدْعُو عَلَيْهِمْ)).
وقال أيضا: ((وَنَدْعُو لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالْمُعَافَاةِ)).
وقال الإمام البربهاري رحمه الله في ((شرح السنَّة)): ((وإذا رأيتَ الرَّجلَ يدعو للسلطان بالصّلاح فاعلم أنَّه صاحبُ سنَّةٍ إن شاء الله)) ثم نقل كلام الفضيل بن عياض.
القسم الثاني: الذين يدعون على السلطان، وهم: أهل البدع والأهواء.
وقال الإمام البربهاري رحمه الله في ((شرح السنَّة)): ((وإذا رأيتَ الرَّجلَ يدعو على السلطان فاعلم أنَّه صاحبُ هوى)).
القسم الثالث: الواقفة، وهم: الذين توقفوا كتوقف المبتدعة في مسالة خلق القرآن، وامتنعوا عن الدعاء لولي الأمر، وهؤلاء أصحاب هوى، ليسوا من الناصحين للسلطان.
سئل العلامة ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله -؟
فأجاب: هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، ((والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له : إن دوسا عصت وهم كفار قال : اللهم اهد دوسا وائت بهم)). فهداهم الله وأتوه مسلمين .
فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له; لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح : أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال : ( لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان )، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله)) اهـ.
فسلك سبيل الناصحين تكون من الفائزين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين ووفقهم لما فيه صلاح الدين والدنيا، وهيئ لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الحق وتدلهم عليه يا رب العالمين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 26 ربيع الأخر سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 24 يناير سنة 2017 ف