العلامة بن از رحمه الله-
في يوم من الأيام حدث سوء تفاهم بيني وبين قريبة لي مما جعل هذه القريبة تخاصمني، وهذه هي السنة الثالثة من تخاصمنا، وإنني لم أخطئ ولا أريد أن أخاصمها، هي التي بدأت، وهي التي خاصمتني، والله خير شاهد على ما أقول، فأنا فتاة متدينة ومتحجبة وأعرف أصول ديني الإسلا
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كان الواقع هو ما ذكرت فإن الإثم عليها، أما أنتِ فليس عليك إثم لأنك قد أديت ما عليك، وقد حرصت على رضاها وإزالة الهجر، فلم تفعل هي، فالإثم عليها وليس عليك شيء، وقد أديت ما عليك من طلب المسامحة والمصايحة، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، وجاء في بعض الأحاديث أن الرجل إذا بدأ أخاه وسلم عليه فلم يرد فالإثم على من ترك الرد، والذي بدأ بالسلام قد سلم من التبعة؛ لأنه أدى ما عليه من الحق، فأنت قد أديت ما عليك إذا كان الواقع هو ما ذكرتِ، والإثم عليها، والحمد لله الذي جعلك تجاهدين نفسك وتجتهدين في أداء الحق، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (تعرض الأعمال على الله -سبحانه- في كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله: دعوا هاذين حتى يصطلحا) وهكذا المرأة إذا كانت بينها وبين أختها شحناء مثل الرجل، الحكم واحد، فينبغي للمؤمن والمؤمنة الحرص على عدم الشحناء، والحرص على التحاب في الله، والتناصح والتعاون على الخير، حتى لا يجد الشيطان طريقاً إلى إبعاد كلٍ منهما على الآخر بأسباب طاعة الهوى والشيطان، والمؤمن دائماً يتحرى ما يرضي الله ويقرب لديه، وما يوافق شرعه في كل حال ولو خالف هواه، فإذا وقعت بينه وبين أخيه شحناء أو تهاجر فالواجب عليه أن يصر على الباطل، وأن يحرص على موافقة الشرع، فلا يزيد على ثلاثة أيام، فيما يتعلق بالشحناء التي بينه وبين أخيه في أمور الدنيا، من المخاصمات التي تقع بين الناس، وهكذا النساء فيما بينهن، أما إذا كان الهجر لحق الله من أجل إظهار المعاصي أو من أجل إظهار البدع فهذا ليس له حد في الأيام، وإنما حده التوبة، فمتى تاب المعلن من المعاصي والبدع ترك هجره، ومتى بقي على حاله فإنه يهجر، وقد هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة من الصحابة تخلفوا عن الغزو بغير عذر شرعي، بعدما استنفرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهجرهم وهجرهم المسلمون خمسون ليلة، حتى تاب الله عليهم، فأذن بكلامهم -عليه الصلاة والسلام-. فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن لا يتبع هواه، وأن لا يحكم رأيه، بل يجعل رأيه وهواه تابعين لحكم الله ورسوله، والواجب على المؤمن والمؤمنة أن يخاف الله. قوله: (أخاف الله ورسوله) هذا فيه نظر، فالخوف لله -جل وعلا-: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[آل عمران: 175]، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يطاع ويتبع ولا يخاف بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وإنما يخاف الله -عز وجل- هو الذي بيده الحل والعقد، وبيده تدبير الأمور، وإليه الرغبة كما قال -جل وعلا-: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ[الشرح: 7-8] وقال: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[البقرة: 40] والرهبة إليه والرغبة إليه -سبحانه وتعالى- هو الذي يخاف ويرجى ويرهب إليه، ويرهب منه، فيقول المؤمن: إني أخاف الله إني أخشى الله -سبحانه-، كما قال تعالى: وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ[التوبة: 81] فالمؤمن يخشى ربه، ويحاسب نفسه، ويطيع الله ورسوله، فيقول أطيع الله ورسوله، اتبع أمر الله ورسوله، ويقول: أخاف الله وأخشى الله؛ لأنه هو الذي بيده تصريف الأمور، وهو المانع المعطي، وهو النافع الضار، وهو الذي بيده النجاة والسعادة وضد ذلك. أما المخلوق فليس بيده شيء من ذلك، لكن إذا كان حياً فلا بأس أن يخاف الخوف الطبيعي، الخوف المعروف العادي، الذي يقتضي أداء الحق، والأخذ بالأسباب، فيخاف السلطان فلا يتعرض لأسباب عقوبة السلطان، يخاف أهل البيت فلا يتعرض لسرقة متاعهم وإيذائهم؛ لئلا يؤذوه ويضروه، أو يرفعوا أمره إلى السلطان، فيعاقب بالقطع في السرقة ونحو ذلك، هذا خوف عادي خوف طبيعي لا يضر الإنسان إذا لم يحمله على معصية الله -عز وجل-، وكما يخاف من السراق فيغلق بابه ويحفظ متاعه، ويخاف من قطاع الطريق فيحمل سلاحه، ويخاف من السباع فيحذر شرها، ويأخذ سلاحه، ويخاف مما يضره من بعض الأطعمة أو بعض الأشربة، فيتركها ونحو ذلك، فهذا خوف طبعي معروف، يقدر عليه المخلوق، فيخاف ...... ذلك، مع ثبات الخوف من الله في كل شيء واستقراره في القلب، ولكن يخاف من المخلوق الحي الحاضر على قدر ما لديه من العقوبات والخطر، كما يخاف الإنسان أيضاً من السباع كما تقدم، والحيات والعقارب فيتقي شرها بالطرق التي يتقى بها شرها، ولا حرج في ذلك. أما خوف السر فهذا يتعلق بالله وحده، الإنسان يخاف الله بسر قلبه، ويعلم أن الله هو الذي بيده التصريف الأمور، فيخافه -سبحانه- ويخشاه لأنه قادر على كل شيء، لأنه العالم بما في القلب، لأنه العالم بكل شيء، هذا هو الواجب، فمن شرك غير الله في هذا الخوف صار شركاً بالله، ومن اعتقد أن الأولياء يعرفون بما في القلب، أو النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف ما في قلبه وأنه يجب عليه بأن يخافه بعد وفاته، وأنه إذا ما خافه يضره هذا جهل وشرك، نسأل الله العافية.
في يوم من الأيام حدث سوء تفاهم بيني وبين قريبة لي مما جعل هذه القريبة تخاصمني، وهذه هي السنة الثالثة من تخاصمنا، وإنني لم أخطئ ولا أريد أن أخاصمها، هي التي بدأت، وهي التي خاصمتني، والله خير شاهد على ما أقول، فأنا فتاة متدينة ومتحجبة وأعرف أصول ديني الإسلا
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كان الواقع هو ما ذكرت فإن الإثم عليها، أما أنتِ فليس عليك إثم لأنك قد أديت ما عليك، وقد حرصت على رضاها وإزالة الهجر، فلم تفعل هي، فالإثم عليها وليس عليك شيء، وقد أديت ما عليك من طلب المسامحة والمصايحة، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، وجاء في بعض الأحاديث أن الرجل إذا بدأ أخاه وسلم عليه فلم يرد فالإثم على من ترك الرد، والذي بدأ بالسلام قد سلم من التبعة؛ لأنه أدى ما عليه من الحق، فأنت قد أديت ما عليك إذا كان الواقع هو ما ذكرتِ، والإثم عليها، والحمد لله الذي جعلك تجاهدين نفسك وتجتهدين في أداء الحق، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (تعرض الأعمال على الله -سبحانه- في كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله: دعوا هاذين حتى يصطلحا) وهكذا المرأة إذا كانت بينها وبين أختها شحناء مثل الرجل، الحكم واحد، فينبغي للمؤمن والمؤمنة الحرص على عدم الشحناء، والحرص على التحاب في الله، والتناصح والتعاون على الخير، حتى لا يجد الشيطان طريقاً إلى إبعاد كلٍ منهما على الآخر بأسباب طاعة الهوى والشيطان، والمؤمن دائماً يتحرى ما يرضي الله ويقرب لديه، وما يوافق شرعه في كل حال ولو خالف هواه، فإذا وقعت بينه وبين أخيه شحناء أو تهاجر فالواجب عليه أن يصر على الباطل، وأن يحرص على موافقة الشرع، فلا يزيد على ثلاثة أيام، فيما يتعلق بالشحناء التي بينه وبين أخيه في أمور الدنيا، من المخاصمات التي تقع بين الناس، وهكذا النساء فيما بينهن، أما إذا كان الهجر لحق الله من أجل إظهار المعاصي أو من أجل إظهار البدع فهذا ليس له حد في الأيام، وإنما حده التوبة، فمتى تاب المعلن من المعاصي والبدع ترك هجره، ومتى بقي على حاله فإنه يهجر، وقد هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة من الصحابة تخلفوا عن الغزو بغير عذر شرعي، بعدما استنفرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهجرهم وهجرهم المسلمون خمسون ليلة، حتى تاب الله عليهم، فأذن بكلامهم -عليه الصلاة والسلام-. فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن لا يتبع هواه، وأن لا يحكم رأيه، بل يجعل رأيه وهواه تابعين لحكم الله ورسوله، والواجب على المؤمن والمؤمنة أن يخاف الله. قوله: (أخاف الله ورسوله) هذا فيه نظر، فالخوف لله -جل وعلا-: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[آل عمران: 175]، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يطاع ويتبع ولا يخاف بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وإنما يخاف الله -عز وجل- هو الذي بيده الحل والعقد، وبيده تدبير الأمور، وإليه الرغبة كما قال -جل وعلا-: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ[الشرح: 7-8] وقال: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[البقرة: 40] والرهبة إليه والرغبة إليه -سبحانه وتعالى- هو الذي يخاف ويرجى ويرهب إليه، ويرهب منه، فيقول المؤمن: إني أخاف الله إني أخشى الله -سبحانه-، كما قال تعالى: وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ[التوبة: 81] فالمؤمن يخشى ربه، ويحاسب نفسه، ويطيع الله ورسوله، فيقول أطيع الله ورسوله، اتبع أمر الله ورسوله، ويقول: أخاف الله وأخشى الله؛ لأنه هو الذي بيده تصريف الأمور، وهو المانع المعطي، وهو النافع الضار، وهو الذي بيده النجاة والسعادة وضد ذلك. أما المخلوق فليس بيده شيء من ذلك، لكن إذا كان حياً فلا بأس أن يخاف الخوف الطبيعي، الخوف المعروف العادي، الذي يقتضي أداء الحق، والأخذ بالأسباب، فيخاف السلطان فلا يتعرض لأسباب عقوبة السلطان، يخاف أهل البيت فلا يتعرض لسرقة متاعهم وإيذائهم؛ لئلا يؤذوه ويضروه، أو يرفعوا أمره إلى السلطان، فيعاقب بالقطع في السرقة ونحو ذلك، هذا خوف عادي خوف طبيعي لا يضر الإنسان إذا لم يحمله على معصية الله -عز وجل-، وكما يخاف من السراق فيغلق بابه ويحفظ متاعه، ويخاف من قطاع الطريق فيحمل سلاحه، ويخاف من السباع فيحذر شرها، ويأخذ سلاحه، ويخاف مما يضره من بعض الأطعمة أو بعض الأشربة، فيتركها ونحو ذلك، فهذا خوف طبعي معروف، يقدر عليه المخلوق، فيخاف ...... ذلك، مع ثبات الخوف من الله في كل شيء واستقراره في القلب، ولكن يخاف من المخلوق الحي الحاضر على قدر ما لديه من العقوبات والخطر، كما يخاف الإنسان أيضاً من السباع كما تقدم، والحيات والعقارب فيتقي شرها بالطرق التي يتقى بها شرها، ولا حرج في ذلك. أما خوف السر فهذا يتعلق بالله وحده، الإنسان يخاف الله بسر قلبه، ويعلم أن الله هو الذي بيده التصريف الأمور، فيخافه -سبحانه- ويخشاه لأنه قادر على كل شيء، لأنه العالم بما في القلب، لأنه العالم بكل شيء، هذا هو الواجب، فمن شرك غير الله في هذا الخوف صار شركاً بالله، ومن اعتقد أن الأولياء يعرفون بما في القلب، أو النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف ما في قلبه وأنه يجب عليه بأن يخافه بعد وفاته، وأنه إذا ما خافه يضره هذا جهل وشرك، نسأل الله العافية.