بسم الله الرحمان الرحيم
الضابط الشرعي في الصبر على الأخطاء المنهجية التي لا يسوغ الخلاف فيها و التي تصدر من السلفي
للشيخ الدكتور : عبد الله بن عبد الرحيم البخاري - حفظه الله تعالى -
السؤال:
ما هو الضابط الشرعي و الحدّ الشرعي في الصبر على الأخطاء المنهجية التي لا يسوغ الخلاف فيها، و التي تصدر من السلفي، حتى لا أقع في المحذور كالتسرع، فبعض إخواني يقول لي: " الشيخ فلان صبر على الداعية فلان عشر سنين أو سبع سنين " فأرشدونا إلى الصواب ؟
الجواب :
بارك الله فيك
الذي عليه أهل الحق منذ الرعيل الأول إلى الآن، أن الحق أحق بالاتباع، هذا واحد.
اثنين:
أن الخطأ يُردُّ سواء كان قائله من الأقربين أم من الأبعدين عنك، قريبا كان أم بعيدا، معاصر لك أم متقدم عليك، الخطأ يُردُّ على صاحبه بعلم و عدل.
ثالثا:
أن الذين يُخْطئون و يقعون في الخطأ، هم ليسوا على درجة واحدة، فمنهم العالم السُنيُّ الذي بذل الوقت و النفس و النفيس في التعلم و التعليم و الانتصار للسنة و الذبِّ عنها، و هو كغيره من البشر يخطئ و يصيب، فإذا ما أخطأ رُدّ الخطأ " بعلم و عدل"، إن بُيِّن له فرجع عنه هو، ذلك ما كنا نبغي، إن لم تستطع الوصول و لم يُتَمكّن من الوصول [اليه]، أو مات و لا يُعرف أنه رجع، فيُبيّن الخطأ مع احترام مقامه -رحمه الله - .
احترام المقام لا يعني السكوت عن الخطإ لمن كان أهلا، من غير اعتداء و لا ظُلم و لا جهل.
قد يكون في مرتبة دون ذلك، هو من أهل السنة، و لكنه يغلط أو غَلِطَ، كذلك الحال فيه، تُحفَظ له هذه الكرامة، و يُبَيّن الخطأ و يُحذَّر من الخطإ، لأن دين الله حق لا خطأ فيه.
و مما يجب أن يُراعى في هذا المقام، أن أهل السنة و علماء الحق، إذا ما وقع الواحد منهم في غلط، فالذي يجب أن يُتعامل معه فيه " الظن به أنه لا يتعمد الوقوع في الخطأ "، يعني هو لم يعلم أن هذا خطأ محض أو خطأ فتعمّد الوقوع فيه، و لو فعل ذلك لأسقط نفسه بنفسه، أليس كذلك؟ لأن المكابرة و المعاندة سبب رئيس في الإسقاط.
الإمام الليث بن سعد - رحمه الله - يقول: " أدركت على مالك سبعين مسألة خالف فيها نص حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ".
كيف تعامل أئمة السنة مع أخطاء مالك؟ هذه واحدة.
كيف تعامل أئمة السنة مع مالك؟
رُدّ الخطأ و حُفظت مكانة الإمام مالك و مقام الإمام مالك، لعلمهم الجازم أن الإمام مالك - رحمه الله - لم يتعمّد الوقوع في الخطإ، كذلك أحمد، كذلك الشافعيّ، كذلك البخاري.
" بيان خطأ البخاري في تاريخه "[1] ، " الموضح لأوهام الجمع و التفريق" [2]، إلى غير ذلك، هل تعمّد الخطأ؟ لم يتعمّد الغلط و لا الخطأ، الخطأ و الغلط يُبَيّن بعلم و عدل لمن كان أهلا، يُحفظ المقام، و تُحفظ المكانة لهؤلاء العلماء.
موضوع الأخطاء التي يقع فيها البعض، و أن الشيخ فلان صبر على فلان :
ليست القضية بالصبر، يعني: هل من الوجوب أنه لا بد من الصبر، و لا نقول هذا خطأ و لا هذا صواب، لا بد أن أصبر؟ هذا يجب؟
ليس بواجب، لا يجوز القول بوجوب الصبر بالسنوات حتى يُرَد على الباطل أو على الخطأ، هذا لا يقول به أحد، هذا فعل فاضل، و ليس من العدل و لا من السنة أن يُنفى أن الصبر على فلان من المخطئين، أن يُقال: هذا ليس من منهج السلف [كمان]، لا هذا و لا ذاك.
فإن الصبر أيضا من منهج أهل السنة، كما فعله غير واحد من الأئمة، كابن عون و غيره مع [بعضهم] ممن قال بالقدر، وهذا ذكرناه في غير مرة.
إذا: الصبر مسلك عند الأئمة، و الرد على الخطإ من غير صبر، كذلك مسلك صحيح، هذا مسلك و هذا مسلك.
لكن الأتمّ و الأكمل و الأفضل و الأصلح -بإذن الله - أن يصبر الإنسان إذا ما ظهرت بوادر القبول و الإقبال و الرغبة، فلا شك، المحافظة على الصف مهمة، إذا ما أدركنا في مثل هذه الأزمنة التي كثُر فيها الغلط و الخلل و الإخلال.
إذا ما رددت على فلان فهِمت الناس أنه مبتدع، ماهذا الفهم السقيم ؟
و إذا ما سكت عن باطله، قالوا : إذا هو من أهل السنة .
هذه أفهام تحتاج إلى إعادة صقل، وتعريف.
فليس كل من رُدّ عليه يعتبر مبتدعا.
و ليس كل من حُذّر منه يكون مبتدعا.
كما أنه ليس كل من لم يُرد عليه يكون سُنيا.
و ليس كل من مُسِك عن التحذير منه يكون سُنيا .
فقد يكون المردود عليه سُنيا، و قد يكون مبتدعا.
و قد يكون المُحذّرُ منه مبتدعا، و قد يكون سُنيا، عنده سَفَه، و عنده طيش، و عنده تهور، لا يصلح، غير مؤهل، فتحذّر لسوء خلقه، لطيشه، لسفهه، لعدم أهليته، فهمت ؟ و نحو ذلك.
فليس التحذير دليلا على الابتداع، و ليس السكوت دليلا على السُنية، فهمت؟ بارك الله فيك.
إذا نقول:
الصبر و النصح ، يعني أنه إذا صبر على فلان أو فلان ، كما قلت الصبر هنا لنصحه، ما هو ["ما" نافية] الصبر السكوت عن الأخطاء.
فلان و فلان من العلماء الذين صبروا على أخطاء البعض، ليس صبرا مع سكوت عن الخطإ، هو صبر عن الإفصاح للغير، مع استمرار النصح له.
أنتم تعلمون أن البعض يتلوّن و يتلاعب، و يروغ منك كما يروغ الثعلب، إذا ماجاء أظهر الخضوع و الاستماع و الإنصات و القبول، فإذا ما أدبر ولـّى و له ضُراط، يبحث عن الفتن، يُؤجّجها، و من فتنته أنه يُظهر للعالم أو للشيخ القبول و الخضوع، صحيح؟ لكنه يُضمر شرّا، فإذا خرج: جئته، و جلستُ معه، و قال لي، و قلتُ له، و كَتَب و كُتِب، إلى غير ذلك
هل يرعوي عما هو فيه؟ لا
هل أصلح ما فعل ؟ لا
هل عدل عما كان عليه ؟ لا
طيب: ما الفائدة من هذا؟ ثم هكذا مرة في مرة، فهو صبر مع نصح.
لكن، هل الصبر عليه و النصح له واجب قبل الرد؟
ليس كذلك، لا أحد يقول بوجوب -انتبه- النصيحة قبل الرد لمن كان أهلا.
نعم إن نصح فهذا الأتم و الأفضل، لكن لا يجوز أن يقال هذا واجب، و ليس في المقابل لا يصح القول أن الصبر على مخالفة فلان، الصبر على المخالف فلان، و على كذا، ليس من منهج السلف، فهذا غلط و هذا غلط، و الحق - كما قلنا - أن الحق أحق بالاتباع، و أن الخطأ يجب أن يُردّ، وأن يُعامل العلماء و أهل العلم المخطئين، معاملة غير معاملة أهل الأهواء و البدع و المخالفين، نعم، و أنّ هذا - أعني الصبر على المخالف و نصحه - هذا أفضل، و لا يعني ذلك أنه واجب، و القول: بأن الصبر مع النصح ليس من منهج السلف، هذا باطل، إلى غير ذلك.
فإيّاك ثم إيّاك ان تخالف سبيل المؤمنين فتزِلَّ، و تقع فيما خاف منه السائل ( ألا أقع في المحذور)، و ما أكثر المحاذير، هو ذكر " التسرع " مثالا، قال: كالتسرع، نعم، و ليس محذورا واحدا، هي جملة من المحاذير :
- أن تتكلم فيما لا تعلم، هذا محذور، أليس كذلك؟
- أن تتكلم مع كل أحد، في كل شيء، في كل وقت، هذا من المحاذير أيضا .
فليس كل ما يُعلم يُقال، و لكل مقام مقال، و لكل ميدان رجال، " " مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ ؛ إِلا كَانَ عَلَى بَعْضِهِمْ فِتْنَةٌ "، و ما أكثر الفتن التي أحدثها من لم تبلغ عقوله الكلام الذي يُقال له، صحيح ؟ شرِّق غرِّب، و انظر إلى هذه المشاكل التي تحدُث هنا و هناك، انظر أنت إلى الانترنت، هذا الذي ورّث الناس كثير و كثير من المشاكل، صحيح؟
تقول الكلمة من غير خطام و لا زمام، تنتشر هنا و هناك، شيء في المجالس الخاصة، ليس مأذونا بالنشر فيه، كلام لا ينبغي نشره، لا لأنه باطل يا أحمق، ليس لأنه باطل، لكن لأن في نشره جملة من المفاسد، فالمصلحة " الآن الآن" تقتضي عدم النشر، و قد تقتضي المصلحة فيما بعد النشر، فهذا ليس إليك، كم هؤلاء الحمقى و المغفلين الذي جرُّوا على الدعوة السلفية الويلات و شمّتُوا بنا الاعداء، و جعلوا دعاة السنة و طلاب العلم - يعني - شماتة و سخرية من كثيرين، صحيح؟
فإلى الله المشتكى، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
------------------------------------------------------
[1] لابن أبي حاتم الرازي - رحمه الله-
[2] للخطيب البغدادي - رحمه الله -
الضابط الشرعي في الصبر على الأخطاء المنهجية التي لا يسوغ الخلاف فيها و التي تصدر من السلفي
للشيخ الدكتور : عبد الله بن عبد الرحيم البخاري - حفظه الله تعالى -
السؤال:
ما هو الضابط الشرعي و الحدّ الشرعي في الصبر على الأخطاء المنهجية التي لا يسوغ الخلاف فيها، و التي تصدر من السلفي، حتى لا أقع في المحذور كالتسرع، فبعض إخواني يقول لي: " الشيخ فلان صبر على الداعية فلان عشر سنين أو سبع سنين " فأرشدونا إلى الصواب ؟
الجواب :
بارك الله فيك
الذي عليه أهل الحق منذ الرعيل الأول إلى الآن، أن الحق أحق بالاتباع، هذا واحد.
اثنين:
أن الخطأ يُردُّ سواء كان قائله من الأقربين أم من الأبعدين عنك، قريبا كان أم بعيدا، معاصر لك أم متقدم عليك، الخطأ يُردُّ على صاحبه بعلم و عدل.
ثالثا:
أن الذين يُخْطئون و يقعون في الخطأ، هم ليسوا على درجة واحدة، فمنهم العالم السُنيُّ الذي بذل الوقت و النفس و النفيس في التعلم و التعليم و الانتصار للسنة و الذبِّ عنها، و هو كغيره من البشر يخطئ و يصيب، فإذا ما أخطأ رُدّ الخطأ " بعلم و عدل"، إن بُيِّن له فرجع عنه هو، ذلك ما كنا نبغي، إن لم تستطع الوصول و لم يُتَمكّن من الوصول [اليه]، أو مات و لا يُعرف أنه رجع، فيُبيّن الخطأ مع احترام مقامه -رحمه الله - .
احترام المقام لا يعني السكوت عن الخطإ لمن كان أهلا، من غير اعتداء و لا ظُلم و لا جهل.
قد يكون في مرتبة دون ذلك، هو من أهل السنة، و لكنه يغلط أو غَلِطَ، كذلك الحال فيه، تُحفَظ له هذه الكرامة، و يُبَيّن الخطأ و يُحذَّر من الخطإ، لأن دين الله حق لا خطأ فيه.
و مما يجب أن يُراعى في هذا المقام، أن أهل السنة و علماء الحق، إذا ما وقع الواحد منهم في غلط، فالذي يجب أن يُتعامل معه فيه " الظن به أنه لا يتعمد الوقوع في الخطأ "، يعني هو لم يعلم أن هذا خطأ محض أو خطأ فتعمّد الوقوع فيه، و لو فعل ذلك لأسقط نفسه بنفسه، أليس كذلك؟ لأن المكابرة و المعاندة سبب رئيس في الإسقاط.
الإمام الليث بن سعد - رحمه الله - يقول: " أدركت على مالك سبعين مسألة خالف فيها نص حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ".
كيف تعامل أئمة السنة مع أخطاء مالك؟ هذه واحدة.
كيف تعامل أئمة السنة مع مالك؟
رُدّ الخطأ و حُفظت مكانة الإمام مالك و مقام الإمام مالك، لعلمهم الجازم أن الإمام مالك - رحمه الله - لم يتعمّد الوقوع في الخطإ، كذلك أحمد، كذلك الشافعيّ، كذلك البخاري.
" بيان خطأ البخاري في تاريخه "[1] ، " الموضح لأوهام الجمع و التفريق" [2]، إلى غير ذلك، هل تعمّد الخطأ؟ لم يتعمّد الغلط و لا الخطأ، الخطأ و الغلط يُبَيّن بعلم و عدل لمن كان أهلا، يُحفظ المقام، و تُحفظ المكانة لهؤلاء العلماء.
موضوع الأخطاء التي يقع فيها البعض، و أن الشيخ فلان صبر على فلان :
ليست القضية بالصبر، يعني: هل من الوجوب أنه لا بد من الصبر، و لا نقول هذا خطأ و لا هذا صواب، لا بد أن أصبر؟ هذا يجب؟
ليس بواجب، لا يجوز القول بوجوب الصبر بالسنوات حتى يُرَد على الباطل أو على الخطأ، هذا لا يقول به أحد، هذا فعل فاضل، و ليس من العدل و لا من السنة أن يُنفى أن الصبر على فلان من المخطئين، أن يُقال: هذا ليس من منهج السلف [كمان]، لا هذا و لا ذاك.
فإن الصبر أيضا من منهج أهل السنة، كما فعله غير واحد من الأئمة، كابن عون و غيره مع [بعضهم] ممن قال بالقدر، وهذا ذكرناه في غير مرة.
إذا: الصبر مسلك عند الأئمة، و الرد على الخطإ من غير صبر، كذلك مسلك صحيح، هذا مسلك و هذا مسلك.
لكن الأتمّ و الأكمل و الأفضل و الأصلح -بإذن الله - أن يصبر الإنسان إذا ما ظهرت بوادر القبول و الإقبال و الرغبة، فلا شك، المحافظة على الصف مهمة، إذا ما أدركنا في مثل هذه الأزمنة التي كثُر فيها الغلط و الخلل و الإخلال.
إذا ما رددت على فلان فهِمت الناس أنه مبتدع، ماهذا الفهم السقيم ؟
و إذا ما سكت عن باطله، قالوا : إذا هو من أهل السنة .
هذه أفهام تحتاج إلى إعادة صقل، وتعريف.
فليس كل من رُدّ عليه يعتبر مبتدعا.
و ليس كل من حُذّر منه يكون مبتدعا.
كما أنه ليس كل من لم يُرد عليه يكون سُنيا.
و ليس كل من مُسِك عن التحذير منه يكون سُنيا .
فقد يكون المردود عليه سُنيا، و قد يكون مبتدعا.
و قد يكون المُحذّرُ منه مبتدعا، و قد يكون سُنيا، عنده سَفَه، و عنده طيش، و عنده تهور، لا يصلح، غير مؤهل، فتحذّر لسوء خلقه، لطيشه، لسفهه، لعدم أهليته، فهمت ؟ و نحو ذلك.
فليس التحذير دليلا على الابتداع، و ليس السكوت دليلا على السُنية، فهمت؟ بارك الله فيك.
إذا نقول:
الصبر و النصح ، يعني أنه إذا صبر على فلان أو فلان ، كما قلت الصبر هنا لنصحه، ما هو ["ما" نافية] الصبر السكوت عن الأخطاء.
فلان و فلان من العلماء الذين صبروا على أخطاء البعض، ليس صبرا مع سكوت عن الخطإ، هو صبر عن الإفصاح للغير، مع استمرار النصح له.
أنتم تعلمون أن البعض يتلوّن و يتلاعب، و يروغ منك كما يروغ الثعلب، إذا ماجاء أظهر الخضوع و الاستماع و الإنصات و القبول، فإذا ما أدبر ولـّى و له ضُراط، يبحث عن الفتن، يُؤجّجها، و من فتنته أنه يُظهر للعالم أو للشيخ القبول و الخضوع، صحيح؟ لكنه يُضمر شرّا، فإذا خرج: جئته، و جلستُ معه، و قال لي، و قلتُ له، و كَتَب و كُتِب، إلى غير ذلك
هل يرعوي عما هو فيه؟ لا
هل أصلح ما فعل ؟ لا
هل عدل عما كان عليه ؟ لا
طيب: ما الفائدة من هذا؟ ثم هكذا مرة في مرة، فهو صبر مع نصح.
لكن، هل الصبر عليه و النصح له واجب قبل الرد؟
ليس كذلك، لا أحد يقول بوجوب -انتبه- النصيحة قبل الرد لمن كان أهلا.
نعم إن نصح فهذا الأتم و الأفضل، لكن لا يجوز أن يقال هذا واجب، و ليس في المقابل لا يصح القول أن الصبر على مخالفة فلان، الصبر على المخالف فلان، و على كذا، ليس من منهج السلف، فهذا غلط و هذا غلط، و الحق - كما قلنا - أن الحق أحق بالاتباع، و أن الخطأ يجب أن يُردّ، وأن يُعامل العلماء و أهل العلم المخطئين، معاملة غير معاملة أهل الأهواء و البدع و المخالفين، نعم، و أنّ هذا - أعني الصبر على المخالف و نصحه - هذا أفضل، و لا يعني ذلك أنه واجب، و القول: بأن الصبر مع النصح ليس من منهج السلف، هذا باطل، إلى غير ذلك.
فإيّاك ثم إيّاك ان تخالف سبيل المؤمنين فتزِلَّ، و تقع فيما خاف منه السائل ( ألا أقع في المحذور)، و ما أكثر المحاذير، هو ذكر " التسرع " مثالا، قال: كالتسرع، نعم، و ليس محذورا واحدا، هي جملة من المحاذير :
- أن تتكلم فيما لا تعلم، هذا محذور، أليس كذلك؟
- أن تتكلم مع كل أحد، في كل شيء، في كل وقت، هذا من المحاذير أيضا .
فليس كل ما يُعلم يُقال، و لكل مقام مقال، و لكل ميدان رجال، " " مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ ؛ إِلا كَانَ عَلَى بَعْضِهِمْ فِتْنَةٌ "، و ما أكثر الفتن التي أحدثها من لم تبلغ عقوله الكلام الذي يُقال له، صحيح ؟ شرِّق غرِّب، و انظر إلى هذه المشاكل التي تحدُث هنا و هناك، انظر أنت إلى الانترنت، هذا الذي ورّث الناس كثير و كثير من المشاكل، صحيح؟
تقول الكلمة من غير خطام و لا زمام، تنتشر هنا و هناك، شيء في المجالس الخاصة، ليس مأذونا بالنشر فيه، كلام لا ينبغي نشره، لا لأنه باطل يا أحمق، ليس لأنه باطل، لكن لأن في نشره جملة من المفاسد، فالمصلحة " الآن الآن" تقتضي عدم النشر، و قد تقتضي المصلحة فيما بعد النشر، فهذا ليس إليك، كم هؤلاء الحمقى و المغفلين الذي جرُّوا على الدعوة السلفية الويلات و شمّتُوا بنا الاعداء، و جعلوا دعاة السنة و طلاب العلم - يعني - شماتة و سخرية من كثيرين، صحيح؟
فإلى الله المشتكى، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
------------------------------------------------------
[1] لابن أبي حاتم الرازي - رحمه الله-
[2] للخطيب البغدادي - رحمه الله -