بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام السَّلف في كتب أهل البدع مهما تغيَّر الزَّمان أو المكان.
أحكام السَّلف في كتب أهل البدع مهما تغيَّر الزَّمان أو المكان.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد :
لا تختلف أحكام السَّلف في كتب أهل البدع مهما تغَّير الزَّمان أو المكان ، فهم يحذرون من هذه الكتب لما حوته من شبه و منكرات وبدع وربما تصل إلى حد الزندقة والكفر ، فأحببت بمناسبة المعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة أن أجمع فتاوى وأقوال تحذر من هته الكتب، وخاصة قسم الكتب الإسلامية فهي مليئة ولكن فيها الغث والسمين وفيها ما فيها من دعاة منحرفين منهجيا وعقديا ، فلابد للسلفي معرفة الصحيح من السقيم ليسلم دينه .
حذّر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من قراءة كتب أهل الكتاب مع أنها لا تخلو من حق.
فعـن جابـر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب، وقال: ( أمتهوكون يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده؛ لقد جئتكم بها بيضاء نقيّة، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده؛ لو أنّ موسى عليه السلام كان حياً ما وسعه إلا أن يتّبعني ). [حديث حسن، الإرواء ( 6/338-340 )] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( وعمر انتفع بهذا حتى إنه لما فتحت الإسكندرية وجد فيها كتب كثيرة من كتب الروم فكتبوا فيها إلى عمر فأمر بها أن تحرق، وقال: حسبنا كتاب الله) [ مجموع الفتاوى 17/ 41 ]
البلاء يأتي من كتب أهل الأهواء والبدع :
قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - عن الكرابيسي وما أظهره؟ فكلح وجهه ثم قال : (( إنما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأقبلوا على هذه الكتب )). [المعرفة والتاريخ للفسوي ( 3/494 )].
وقد أمر السلف بحرق كتب أهل البدع و إتلافها :
قال المروذي : قلت لأبي عبد الله: استعرت كتاباً فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم. قال المروذي: قال أبو عبد الله: يضعون البدع في كتبهم، إنما أحذر منها أشد التحذير. [ هداية الأريب ( ص : 38 )].
حكم قراءة كتب الذين كانوا على المنهج السلفي ثم زاغوا:
سئل العلامة الشيخ مقببل بن هادي الوادعي رحمه الله السؤال التالي :((الذين كانوا يعتبرون على المنهج الصحيح ثم زاغوا عنه هل يجوز لنا الاستماع إلى أشرطتهم أو قراءة كتبهم المؤلفة قديماً وكذا محاضراتهم ؟
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله :
أنا لا أنصح بقراءة كتبهم ولا سماع أشرطتهم، وتعجبني كلمة عظيمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول فيها : لو أن الله ما أوجد البخاري ومسلماً ما ضَيَّع دينه .
فالله سبحانه وتعالى قد حفظ الدين، يقول الله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) فأنصح بالبعد عن كتبهم وأشرطتهم وحضور محاضراتهم وهم محتاجون إلى دعوة، وإلى الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى من الذي حصل منهم في قضية الخليج وفي غيرها)) [ تحفة المجيب ص 209].
كيف يتعامل السلفي مع الكتب المحققة من أصحاب المناهج الحزبية:
سؤل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى ما رأيكم في كتب السنة التي يقوم على تحقيقها أصحاب المناهج الحزبية ؟
فأجاب :
راينا الكتب التي تناولها الحزبيون : أنهم أساءوا إلى تحقيق هذه الكتب , و نهجوا فيها نهج التمييع , فيكون مقصود المؤلف أمرا معينا و قضية معينة يعالجها و يريد أن يقنع المسلمين في ضوء الكتاب و السنة و منهج السلف , و يأتي هذا المتحزب فيؤول كلام المؤلف و يميعه و يبعد النجعة عن قصد المؤلف .
على كل حال , كتب التراث تحتاج إلى أيد أمينة و أيد نظيفة , و أفكار سليمة , تخدمها و تحافظ على نصوصها و على معانيها و مقاصدها و مراميها .
الأشاعرة في الزمن الماضي و الصوفية تناولوا كتب الحديث و كتب تفسير القرآن و حرفوها على ما يهوون , و هكذا المحققون المتأخرون .
هذا الكوثري يغير غاية الكتاب إلى وجهته الأخرى , و هذا حزبي يوجه الكتاب و ما تضمن من نصوص إلى وجهات تنسجم مع منهجه , و هكذا , هذا خيانة للعلم .
فيجب على أهل السنة أن يشمروا عن ساعد الجد لخدمة التراث السلفي حتى لو سبق هؤلاء إلى خدمته و عبثوا به فعلى هؤلاء أن يصححوا , أن يتناولوا المخطوطات من جديد و يصححوها و يحققوها تحقيقا صحيحا , و يبينوا مضامينها في ضوء منهج السلف . [فتاوى الشيخ ربيع ج2 ص178].
ما هو المنهج الصحيح في التعامل مع كتب أهل البدع :
قال الشيخ العلاَّمة عُبيد بن عبد الله الجابري: «إنَّ النَّظر في كتب الانحراف له ثلاثة أحكام:
1- ما كان بدعةً خالصاً ليس فيه شيءٌ من السُنَّة، ومثال ذلك: “أصول الكافي” للكُلَيْنيّ وغيره من كُتُب الرافضة، فهذا يحرم النظر فيه ومطالعته إلاَّ لعالمٍ متمكن يريد الردَّ على القوم من كتبهم.سمعتم ؟ شرطان: 1- عالم متمكن. 2- يريد الرَّد على القوم من كتبهم.
2- ما كان خليطاً فيه سُنَّةٌ وبدعة؛ فهذا لا يحل النظرُ فيه إلاَّ لعالمٍ مُتمكن قادرٌ على التمييز بين الصحيح والسقيم والغث والسمين والسنة والبدعة؛ ومن أمثلة ذلك: “الكشَّاف” للزمخشري تفسير الكشَّاف للزمخشري، فإنَّ الزمخشري معتزلي جلد، ماكرٌ داهيةٌ، يدُسُّ اعتزالياته؛ فالمُتمكِّنُ من أهل العلم يستفيدُ مما فيه من المعاني والبلاغة والبديع واللغة والنحو وغير ذلك ما دامت عنده القدرةُ على التمييز.
3- الثالثُ ما كان خالياً من البدعة، صاحبهُ مبتدع مُؤلفه مبتدع ولكنَّ الكتاب ليس فيه بدعة، يؤلفُ مثلاً في الفقه، في الطهارة، في البيوع، ولا يدسُّ، يقول ليس لي شأن، أنا أؤلف أطلب المعيشة، أطلب الرزق من هذا التأليف، أو يأخذ مثلاً كتاباً من كُتُب الحديث ويرتبه وينظمُ أبوابهُ ويُرقمه فقط، ولا يدخل شيئاً من بدعته، فهذا إذا أرشدك إليه عالمٌ متمكنٌ أرشدك إلى هذا الكتاب، وقال لك: إن كتاب فُلان ليس فيه بدعة، طالعتهُ وخبَرتهُ، الكتاب الفلاني ليس فيه شيءٌ من بِدَعِِهِ، فلا مانع من قراءته» اهـ.
ومن هذا نستخلص :
1 - السلف حذروا من كتب أهل البدع قديما وحديثا.
2 - حذر النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة كتب أهل الكتاب .
3 - كذلك الصحابة رضي الله عنهم حذروا من كتب أهل الضلال.
4 - البلاء يأتي من كتب أهل الأهواء والبدع .
5 - أمر السلف بحرق كتب اهل البدع وإتلافها و حذروا منها أشد التحذير.
6 - النصح بالبعد عن كتب و أشرطة من كانوا على المنهج السلفي ثم زاغوا والتحذير من حضور محاضراتهم.
7 - التحذير من الكتب التي حققها أهل البدع و الأهواء والتحزب لأنهم يميعون ما فيها ويؤلونها إلى ما يصبون إليه.
8 - النظر في كتب أهل البدع له ثلاث أحكام:
أ - ما كان بدعةً خالصاً ليس فيه شيءٌ من السُنَّة يحرم النظر فيها إلا لعالم متمكن.
ب - ما كان خليطاً فيه سُنَّةٌ وبدعة؛ فهذا لا يحل النظرُ فيه إلاَّ لعالمٍ مُتمكن قادرٌ على التمييز بين الصحيح والسقيم .
ج - ما كان خالياً من البدعة، صاحبهُ مبتدع مُؤلفه مبتدع ولكنَّ الكتاب ليس فيه بدعة ، ودلك إليه عالما فلا مانع من قرائته.
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وَ زِدْنا علما.
وصلى الله وسلَّم على نبينا مُحمَّد وآله وصحبه إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
كتبه وجمعه : أبو عبد السلام جابر البسكري .
يوم الأحد 19 المحرم 1437 هجري.
يوم الأحد 19 المحرم 1437 هجري.