الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نَبًيّ بعده أما بعد :
إًنَّ الخراب والدّمار لا ينشده ذَوُو العقول والألباب فلا أحد يقبل بًهدم بيتهً، وخراب داره، ولا يسعى فًي ذهاب مصالًحه وفساد شأنه، ولكنها الفًتَنُ إذا حلت بأرض جعلت من النساءً أَيامَى، والأبناءً يتامَى، والديار خرابا، والسواد بياضا، واعلموا عباد الله! أَنَّ دعاةَ الفًتَن وموقدوها، ورؤوس الفوضى، وأقطاب الفساد زينوا للدّهْماء وعامة الناس أَنَّهم دعاة إصلاح ، وهم دعاة فساد فًي البلاد ، ونار شر تُحرق العباد، قال الله تعالَى فًي هؤلاء وأمثالًهم : ( وَإًذَا قًيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسًدُوا فًي الأَرْضً قَالُوا إًنَّمَا نَحْنُ مُصْلًحُونَ أَلاَ إًنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسًدُونَ وَلَكًنْ لاَ يَشْعُرُونَ وَإًذَا قًيلَ لَهُمْ آَمًنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمًنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاَ إًنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكًنْ لاَ يَعْلَمُونَ ) ( البقرة 13ـ 11) أَي: ارجعوا عن سبل الغواية والضلال، قالوا: نَحن أهل الرأي السديد والقول الرشيد، وهم عند التحقيق عبيدي للشهوات والشبهات ( وَلَكًنْ لاَ يَعْلَمُونَ )، فكيف نأمن أولئك على الدين والأنفس والأعراض والأموال؟! بل كيف وُسًّدوا الْمناصب ، ووضعت تَحت أيديهم مصالح العباد ؟! ودعوتُهم قائمة علَى الإفساد فًي كلًّ واد !
ولله در القائل:
ومن ذا الذي يرجو اللئيم سجية
ويأمــل ريــًّـا مـــنه وهــو سراب
ويــعــقد كــفيـه على وُدًّ غَــادر
ألا إن عــمــران الـعــدو خــــراب
التّعوذُ من جَهْدً البَلاءً ..
لن ندع أحدا يهدم بيتا وَيُخرب مسجدا، ولن نترك الداء يسري فًي الْمجتمع يسمم الناس بأفكار هدامة، نًهايتها الحسرة والندامة، ولًماذا تُهمل هذه الأفكار والأحزاب تعيث فًي الأرض الفساد، فكلما ظهرت فًي مكان أو زمان نشرت البلاء والوباء، وأحيت الفتن وانتشر الْهرج، وشاعت الفوضى، وعمَّ الفساد في الأرض، وعندنا تصبح الفوضى سائدة فلا تسأل عن الْهلكة، وعذاب الفرقة والاضطراب والخلاف الذي يًحل فًي الأوطان، ويضعف البلدان، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على سلامة الْمجتمع من البلاء والفتن وشقاء العيش وصعوبة الحياة فكان يرشد أصحابه إلَى أفضل الدعاء، كما روى البخاري (6616) ، و مسلم (2707) فًي صحيحيهما من حديث أبًي هريرة رضي الله عنه، عن النّبًي صلى الله عليه وسلم قال : " تعوذوا بالله من جَهْدً البلاء، ودَرَكً الشقاء، وسوء القضاء ، وَشَماتة الأعداء " .
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا ..
لقد تنوع التوجيه والبيان والإرشاد فًي كتاب الله وسُنّة نَبيًّه ومن ذلك ضرب الأمثال لتدرك العقول وتعي القلوب مراد الله، ليكون قريبا إلَى الأذهان قال تعالَى : ( وَيَضْربُ اللَّهُ الأَمْثَالَ للنَّاس لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( سورة إبراهيم: الآية 25 )، وقال تعالَى : ( وَ تلْكَ الأَمْثَالُ نَضْربُهَا للنَّاس لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (سورة الحشر: الآية 21 ) وسنذكر مثلين من السنة من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم تبين أن الفتن تبدو صغيرة فإذا بها تصبح في قوتها وفتكها بركانا هائجا .
ومعظمُ النارً من مُستصغرً الشرر ..
أولا : الاستهانة بصغائر الذنوب :
روى أحمد فًي الْمسند (331/5) بسند صحيح من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إيَّاكُم ومُحقرات الذنوب ، كقوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حَتَّى أَنْضَجوا خبزتَهم ، وإن مُحقرات الذنوب مَتَى يؤخذ بًها صاحبها تُهلكه " وله شاهد رواه أَحْمدُ في الْمُسند (402/1) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إيَّاكم ومُحقرات الذنوب فَإًنَّهن يَجتمعن على الرجل حتَّى يهلكنه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لَهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يَجيء بالعود حتّى جَمعوا سوادا، فَأَجَّجُوا نارا، وأَنْضَجوا ما قذفوا فيها ".
ـ 1 ضرب النبي صلى الله عليه مثلا الذنوب الصغيرة والاستهانة بأمرها بالأعواد الصغيرة التي إذا اجتمعت أوقدت نارا وأنضجت طعاما.
ـ 2 ويستفاد من الحديث أن بعض الفتن تبدو صغيرة ولكنها سبيل إلَى القضاء على الْمَمالك والدول، وضياع لمصالح الأمم والشعوب ، فلا بد من حسم مادّتها ، وَوَأْدها في مهدها.
نَجاةُ السفينة نَجاةُ الْمُجتمع ..
ثانيا : الأخذ على أيدي المخالفين والمنحرفين نجاة للأمم
روى البخاري في صحيحه ( 2493، 2686) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النَّبًي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء يَمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به ، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولَم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نَجوا ونَجوا جَميعا " وفي رواية له: " فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا : ما لك؟ قال: تأذيتم بي ، ولا بد لي من الْماء فَإن أَخَذوا على يَديه أَنْجَوه ونَجَّوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم " وفي روايةي لابن حبان في صحيحه (533/1) : " فقال من ناوأه من السفهاء : افعل ، فأهوى إلَى فأس ليضرب بها أرض السفينة ، فأشرف عليه رجل رشيد فقال : ما تصنع ؟ فقال : نحن أقربكم من المرفق وأبعدكم منه أَخرقُ دف السفينة فإذا استغنينا عنه سددناه ، فقال: لا تفعل فإنك إن فعلت تَهلك ونَهلك".
ـ 1 ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا المجتمع فيه قوم صالحون وآخرون مفسدون وقعوا في المخالفة والانحراف عن الصراط المستقيم ، بجماعة في سفينة همَّ بعضهم بفعلي ظاهره مصلحة وهو خطر على السفينة وأهلها ، فلا بد أن يأخذ العقلاء على أيدي السفهاء ، ولا يتركوهم وما أرادوا ، وَيَمنعوا الأقوال والأفعال الْمُنحرفة ففي ذلك النجاة والسلامة للجميع .
ـ 2 قال الله تعالَى : ( وَاتَّقُوا فتْنَةً لاَ تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَمُوا منْكُمْ خَاصَّةً ) ( الأنفال: 25 ) أَيْ : لا تَختصُّ إصابتها برؤوس الضلالة، ومن يباشر الظلم منكم بل يعمه وغيره، كإقرار الْمنكرات، والْمُداهنة فًي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وافتراق الكلمة، وظهور البدع ، والسكوت عن سادات الفوضى فأعمالُهم تعقبها فتن لا تبقي ولا تذر.
ـ 3 ويستفاد من قول الله سبحانه وتعالَى وحديث نَبيًّه أنه إذا لَم يأخذ العقلاء على أيدي السفهاء من العابثين بالأمن ، ودعاة الشر ، وباعثي الفتن ضاعت البلاد وهلك العباد ، ولا يخفى أن استمرار الحضارات وحياة الشعوب وصلاح المجتمعات فًي حاجة لعلاجي ناجع ومواقف حازمة ، فشرارة الفتنة تطفأ فًي حينها ، وأفكار السوء والْمعتقدات الْمنحرفة توأد في مهدها ، والأفاعي تقتل في جحورها .
القضاءُ على مادَّة الفساد ..
فلا يستهان بمادة الفساد التي تتسلل إلَى الجسد فيتآكل شيئا فشيئا حتى تفتك به، فصغائر الذنوب تؤذي، والْمُداومة عليها سَيجرُّ يوما إلَى الوقوع في الكبائر، فحذار من كل زلة وانْحراف، وتَنبَّه من الوقوع فًي الفتن، ولا تستصغر أَمْرَ قَذاةي وقعت فًي العين فكم من الدمع أسالت علَى الْخدّين. وكذلك شأن الذنوب والمعاصي والبدع في الناس ، والخطوب والأخطار عندما تستهين بها الدول والأمم ...
مثلُ القذاة بعين المرء يَحقرُها
ودمـعُـها أبداً من وَخْزها يكـفُ
تاريخ النشر: الاثنين 3/3/2008
جريدة الوطن الكويتية - الإبانة
مــــــنــــــقـــو للـــفــــــــــائـــــدة ..
مــــع بــــعــــض الــــتــــعــــديــل ..
إًنَّ الخراب والدّمار لا ينشده ذَوُو العقول والألباب فلا أحد يقبل بًهدم بيتهً، وخراب داره، ولا يسعى فًي ذهاب مصالًحه وفساد شأنه، ولكنها الفًتَنُ إذا حلت بأرض جعلت من النساءً أَيامَى، والأبناءً يتامَى، والديار خرابا، والسواد بياضا، واعلموا عباد الله! أَنَّ دعاةَ الفًتَن وموقدوها، ورؤوس الفوضى، وأقطاب الفساد زينوا للدّهْماء وعامة الناس أَنَّهم دعاة إصلاح ، وهم دعاة فساد فًي البلاد ، ونار شر تُحرق العباد، قال الله تعالَى فًي هؤلاء وأمثالًهم : ( وَإًذَا قًيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسًدُوا فًي الأَرْضً قَالُوا إًنَّمَا نَحْنُ مُصْلًحُونَ أَلاَ إًنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسًدُونَ وَلَكًنْ لاَ يَشْعُرُونَ وَإًذَا قًيلَ لَهُمْ آَمًنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمًنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاَ إًنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكًنْ لاَ يَعْلَمُونَ ) ( البقرة 13ـ 11) أَي: ارجعوا عن سبل الغواية والضلال، قالوا: نَحن أهل الرأي السديد والقول الرشيد، وهم عند التحقيق عبيدي للشهوات والشبهات ( وَلَكًنْ لاَ يَعْلَمُونَ )، فكيف نأمن أولئك على الدين والأنفس والأعراض والأموال؟! بل كيف وُسًّدوا الْمناصب ، ووضعت تَحت أيديهم مصالح العباد ؟! ودعوتُهم قائمة علَى الإفساد فًي كلًّ واد !
ولله در القائل:
ومن ذا الذي يرجو اللئيم سجية
ويأمــل ريــًّـا مـــنه وهــو سراب
ويــعــقد كــفيـه على وُدًّ غَــادر
ألا إن عــمــران الـعــدو خــــراب
التّعوذُ من جَهْدً البَلاءً ..
لن ندع أحدا يهدم بيتا وَيُخرب مسجدا، ولن نترك الداء يسري فًي الْمجتمع يسمم الناس بأفكار هدامة، نًهايتها الحسرة والندامة، ولًماذا تُهمل هذه الأفكار والأحزاب تعيث فًي الأرض الفساد، فكلما ظهرت فًي مكان أو زمان نشرت البلاء والوباء، وأحيت الفتن وانتشر الْهرج، وشاعت الفوضى، وعمَّ الفساد في الأرض، وعندنا تصبح الفوضى سائدة فلا تسأل عن الْهلكة، وعذاب الفرقة والاضطراب والخلاف الذي يًحل فًي الأوطان، ويضعف البلدان، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على سلامة الْمجتمع من البلاء والفتن وشقاء العيش وصعوبة الحياة فكان يرشد أصحابه إلَى أفضل الدعاء، كما روى البخاري (6616) ، و مسلم (2707) فًي صحيحيهما من حديث أبًي هريرة رضي الله عنه، عن النّبًي صلى الله عليه وسلم قال : " تعوذوا بالله من جَهْدً البلاء، ودَرَكً الشقاء، وسوء القضاء ، وَشَماتة الأعداء " .
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا ..
لقد تنوع التوجيه والبيان والإرشاد فًي كتاب الله وسُنّة نَبيًّه ومن ذلك ضرب الأمثال لتدرك العقول وتعي القلوب مراد الله، ليكون قريبا إلَى الأذهان قال تعالَى : ( وَيَضْربُ اللَّهُ الأَمْثَالَ للنَّاس لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( سورة إبراهيم: الآية 25 )، وقال تعالَى : ( وَ تلْكَ الأَمْثَالُ نَضْربُهَا للنَّاس لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (سورة الحشر: الآية 21 ) وسنذكر مثلين من السنة من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم تبين أن الفتن تبدو صغيرة فإذا بها تصبح في قوتها وفتكها بركانا هائجا .
ومعظمُ النارً من مُستصغرً الشرر ..
أولا : الاستهانة بصغائر الذنوب :
روى أحمد فًي الْمسند (331/5) بسند صحيح من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إيَّاكُم ومُحقرات الذنوب ، كقوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حَتَّى أَنْضَجوا خبزتَهم ، وإن مُحقرات الذنوب مَتَى يؤخذ بًها صاحبها تُهلكه " وله شاهد رواه أَحْمدُ في الْمُسند (402/1) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إيَّاكم ومُحقرات الذنوب فَإًنَّهن يَجتمعن على الرجل حتَّى يهلكنه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لَهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يَجيء بالعود حتّى جَمعوا سوادا، فَأَجَّجُوا نارا، وأَنْضَجوا ما قذفوا فيها ".
ـ 1 ضرب النبي صلى الله عليه مثلا الذنوب الصغيرة والاستهانة بأمرها بالأعواد الصغيرة التي إذا اجتمعت أوقدت نارا وأنضجت طعاما.
ـ 2 ويستفاد من الحديث أن بعض الفتن تبدو صغيرة ولكنها سبيل إلَى القضاء على الْمَمالك والدول، وضياع لمصالح الأمم والشعوب ، فلا بد من حسم مادّتها ، وَوَأْدها في مهدها.
نَجاةُ السفينة نَجاةُ الْمُجتمع ..
ثانيا : الأخذ على أيدي المخالفين والمنحرفين نجاة للأمم
روى البخاري في صحيحه ( 2493، 2686) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النَّبًي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء يَمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به ، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولَم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نَجوا ونَجوا جَميعا " وفي رواية له: " فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا : ما لك؟ قال: تأذيتم بي ، ولا بد لي من الْماء فَإن أَخَذوا على يَديه أَنْجَوه ونَجَّوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم " وفي روايةي لابن حبان في صحيحه (533/1) : " فقال من ناوأه من السفهاء : افعل ، فأهوى إلَى فأس ليضرب بها أرض السفينة ، فأشرف عليه رجل رشيد فقال : ما تصنع ؟ فقال : نحن أقربكم من المرفق وأبعدكم منه أَخرقُ دف السفينة فإذا استغنينا عنه سددناه ، فقال: لا تفعل فإنك إن فعلت تَهلك ونَهلك".
ـ 1 ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا المجتمع فيه قوم صالحون وآخرون مفسدون وقعوا في المخالفة والانحراف عن الصراط المستقيم ، بجماعة في سفينة همَّ بعضهم بفعلي ظاهره مصلحة وهو خطر على السفينة وأهلها ، فلا بد أن يأخذ العقلاء على أيدي السفهاء ، ولا يتركوهم وما أرادوا ، وَيَمنعوا الأقوال والأفعال الْمُنحرفة ففي ذلك النجاة والسلامة للجميع .
ـ 2 قال الله تعالَى : ( وَاتَّقُوا فتْنَةً لاَ تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَمُوا منْكُمْ خَاصَّةً ) ( الأنفال: 25 ) أَيْ : لا تَختصُّ إصابتها برؤوس الضلالة، ومن يباشر الظلم منكم بل يعمه وغيره، كإقرار الْمنكرات، والْمُداهنة فًي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وافتراق الكلمة، وظهور البدع ، والسكوت عن سادات الفوضى فأعمالُهم تعقبها فتن لا تبقي ولا تذر.
ـ 3 ويستفاد من قول الله سبحانه وتعالَى وحديث نَبيًّه أنه إذا لَم يأخذ العقلاء على أيدي السفهاء من العابثين بالأمن ، ودعاة الشر ، وباعثي الفتن ضاعت البلاد وهلك العباد ، ولا يخفى أن استمرار الحضارات وحياة الشعوب وصلاح المجتمعات فًي حاجة لعلاجي ناجع ومواقف حازمة ، فشرارة الفتنة تطفأ فًي حينها ، وأفكار السوء والْمعتقدات الْمنحرفة توأد في مهدها ، والأفاعي تقتل في جحورها .
القضاءُ على مادَّة الفساد ..
فلا يستهان بمادة الفساد التي تتسلل إلَى الجسد فيتآكل شيئا فشيئا حتى تفتك به، فصغائر الذنوب تؤذي، والْمُداومة عليها سَيجرُّ يوما إلَى الوقوع في الكبائر، فحذار من كل زلة وانْحراف، وتَنبَّه من الوقوع فًي الفتن، ولا تستصغر أَمْرَ قَذاةي وقعت فًي العين فكم من الدمع أسالت علَى الْخدّين. وكذلك شأن الذنوب والمعاصي والبدع في الناس ، والخطوب والأخطار عندما تستهين بها الدول والأمم ...
مثلُ القذاة بعين المرء يَحقرُها
ودمـعُـها أبداً من وَخْزها يكـفُ
تاريخ النشر: الاثنين 3/3/2008
جريدة الوطن الكويتية - الإبانة
مــــــنــــــقـــو للـــفــــــــــائـــــدة ..
مــــع بــــعــــض الــــتــــعــــديــل ..
تعليق