الكذب والافتراء والبهتان في تصريحات
الشيخ بوعمران
الحمد لله الحمد لله القائل في كتابه ((وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (7) آل عمران.
والصلاة والسلام على رسوله القائل في صحيح سنّته واصفا ما نحنُ عليه اليوم: ((فتنة عمياء صماء , عليها دعاة على أبواب جهنم, من أجابهم إليها قذفوه فيها)) رواه البخاري.
وعلى من اتّبع سنّته واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد:
فقد قرأتُ ما نشرتهُ جريدة الخبر الجزائرية العدد 5236 بتاريخ 5/2/2008م الموافق لـ 28/1/1429 هـ في زاوية ((فطور الصباح !!)) من تصريح المدعو ((بوعمران الشيخ)) رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر (!) حول التفجيرات الإنتحارية.
حيث جاء في الصفحة الأولى من الجريدة وتحت عنوان: ((التفجيرات الإنتحارية تنهل من التيّار الوهّابي)) (!!) ما نصّه: ((يرى الدكتور (!) بوعمران الشيخ "أنّ الفكر الإنتحاري امتداد للتيار السلفي الوهّابي المُتشدّد في الجزئيات (!؟) وتسبب في نشر المصائب في كلّ مكان استشرى فيه" )) اهـ
وفي الصفحة الخامسة من الجريدة (المرحاض) التي أتاحت الفرصة لبوعمران هذا وأمثاله لقضاء حاجتهم فيها يقول بوعمران الشيخ: (("إنّ الفكر الإنتحاري امتداد للتيار السلفي الوهّابي المُتشدّد في الجزئيات (!؟) وتسبب في نشر المصائب في كلّ مكان استشرى فيه". مُشيرا إلى أنّه شارك في ندوة فكرية (!) دينية في عاصمة عربية، ولاحظ أنّ التجار يتعرّضون للضرب على أيدي رجال الشرطة لإجبارهم على غلق محلاتهم ودكاكينهم من أجل الصلاة في المسجد، واعتبر ذلك مثالا على ممارسات الفكر (!) الوهّابي المتطرّف الذي قال عنه: ((ليس من الإسلام في شيء)).
وأوضح المُتحدّث بأنّ حرّية المعتقد (!) المُتاحة في الجزائر "كانت حصان طروادة الذي ركبه هذا التيّار"، وقال إنّ السلطة "لم تتخذ الإجراءات اللازمة ضدّه في بداية الأمر" داعيا إلى التعمّق في التحقيقات بالولايات التي تظهر بها مؤشّرات التيّار السلفي المُتطرّف" )) انتهى بنصّه.
((من بني جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا))... ((سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين , في جثمان إنس)) ... هكذا وصفهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا وهكذا نراهم اليوم ونُشاهدُهم بأبصارنا فاللهمّ صلّي على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.
إنّها والله لإحدى الكُبر أن يقف رجلٌ مثل المدعو بوعمران الشيخ أمام الملئ ليفتري الفري الأعظم والبهتان الأكبر فينسب التطرّف والإرهاب للسلفيين الذين يُسمّيهم هو وأمثاله من أهل الزيغ والضلال بالوهّابية !!
وأنا أعجب والله من شدّة غربة الدّين في هذا العصر والأعجب منه أن يجهل رجلٌ يحمل على ظهره بردعة الدكتوراة ويرأس المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر و يجهلُ أنّ اشتقاق الأسماء من أسماء الله تعالى محرّمٌ ولا يجوز !!
فإذا كان رئيس المجلس الإسلامي الأعلى (!) يجهلُ هذا فمن ذا الذي يعلمُه ؟!
يقول هذا الشيبة –الصوفي الأشعري- المسكين أنّ التطرّف والإرهاب مصدرُه الفكر (!) الوهّابي !!
ولا يعلمُ هذا الشيبة المسكين أنّ كلمة ((وهابي)) مشتقّة من اسم الله ((الوهّاب)) !!
فهل يا تُرى يجوز لنا تسمية من سار على منهج محمّد بن عبد الوهّاب بالوهابية ؟!
الجواب في دين الإسلام: لا، بل هذا إلحاد في أسماءه تعالى.
أمّا الجواب في دين الصوفية فنعم، ألا ترى أنّ من الصوفية من هو ((قادري)) نسبة إلى عبد القادر الجيلاني ومنهم من هو ((رحماني)) نسبة إلى عبد الرحمن فلان .. وهكذا.
وبما أنّنا مسلمون فالواجب علينا أن لا نقع فيما وقع فيه غيرنا من تحريف أسماء الله تعالى والإلحاد فيها. هذا أوّلا.
أمّا ثانيا فأنا أسأل رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وأطلب من فضيحته أن يتكرّم علينا فيذكر لنا جزئيّة من الجُزئيات التي تشدّد فيها السلفيون ؟!
أيعني هذا الدكتور بقوله ((جزئيات)) العقيدة وما يتبعها من الولاء والبراء والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وإنّ أعرف المعروف التوحيد بأقسامه الثلاثة التي لا يغني قسم منها عن الآخر وإنّ أنكر المنكر الشرك بأنواعه الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة ؟!
أو لعلّه يقصد التزام هيئات معينّة في العبادات البدنية كالصلاة والحجّ ؟!
أو لعلّه يعني بـ ((التشدّد في الجزئيات)) التزام مظهر معيّن كإعفاء اللحية وتقصير الثوب للرجال والجلباب للنّساء ؟!
فإن كانت الأولى فليعلم هذا الدكتور أنّ السلفيين يُشدّدون ولا يُهوّنون في أمور العقيدة وما يتبعها.
فهم على اعتقاد السلف الصالح لا يخرجون عنه قيد أُنمُلة ولا يرغبون عنه ولا يبغون عنه حولا.
ولأجل ذاك هم يُوالون فيه ويُعادون فيه، كلّ بقدر ما فيه من الاتّباع والابتداع.
وهم يرون أنّ الأمّة لن تقوم لها قائمة ولن يرجع إليها عزّها إلا إذا تجرّعت الدواء الذي وصفه لها نبيّها عليه الصلاة والسلام في قوله: ((حتى ترجعوا إلى دينكم)).
وقال في الحديث الآخر ((هذا جبريل جاء يعلّمكم دينكم)).
فمن لم يرجع إلى الدّين الذي جاء يعلّمنا إياه جبريل ثمّ زعم أنّه يريد النّهوض بالمسلمين كان من الكذّابين الدجّالين الممقوتين المطرودين.
و((لن يصلح آخر هذه الأمّة إلا بما صلح بها أوّلها)) ومن المعلوم أنّه لم يكن في أوّلها تصوّف ولا تشيّع ورفض ولا اعتزال ولا أشعرية ولا ماتريدية ولا إباضية ولا إخوانية ولا حزبية والقائمة طويلة.
بل كان هناك قال الله قال الرسول صلى الله عليه وسلّم قال الصحابة... وإلى هذا يدعوا من تُسمّيهم أنت وشيعتك بالوهّابية.
فإن وافقت من كانت هذه حالهم رشدتَ وهُديتَ ووُقيتَ وكُفيتَ وإن تولّيتَ وخالفتهم وشاققتهم ففي مثلك نزل قوله تعالى: ((فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا، وإن تولّوا فإنّما هم في شقاق فسيكفيكهم الله...)) وقوله تعالى: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيرا)).
وإن كُنت تعني بالجزئيات الصغيرة صفة الصلاة التي يُصلّيها السلفيون الذين تُسمّيهم أنت وشيعتك بالوهّابية أو صفة أداء مناسك الحجّ كما يفعله السلفيون وغيرها من العبادات البدنية فأُبشّرُك أنّ السلفيين لا يعتمدون في عباداتهم القلبية والبدنية على قيل وقال وآراء الرجال. وإنّما يعتمدون على ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) و((صلّوا كما رأيتموني أصلّي)) و ((خذوا عنّي مناسككم)).
ففرق بين من اعتمد على هذا وبين من اعتمد على ((صلّوا كما صلى مالك)) و((صوموا كما صام مالك)) و((زكّوا كما زكّى مالك)) و((حجّوا كما حجّ مالك)) و ((لا تعتقدوا اعتقاد مالك )) !!
فالأوّل يصدق عليه قول الله تعالى: ((ومن يطع الله والرسول فأولئك ع الذين أنعم الله عليهم من النّبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا))
والثاني يصدق عليه قول الله تعالى ((وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون)).
وأمّا إن كنت تقصد بالجزئيات الصغيرة إعفاء اللحية التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((اعفوا اللحى)) و((أوفروا اللحى))
أو كُنت تقصد بالجزئيات الصغيرة تقصير الثوب الذي قال فيه عليه السلام: ((ما زاد عن الكعب من الثوب ففي النّار))
أو كُنت تقصد بالجزئيات الصغيرة جلباب المرأة السلفية الذي قال فيه تعالى: ((وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ)) وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تخرج المرأة إلا في درع وخمار))
أو كُنت تقصد بالجزئيات الصغيرة تحريم السلفيين للتصوير الذي قال فيه النبيُّ عليه السلام: ((إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون)) أو الغناء والموسيقى التي قال فيها عليه السلام: ((سيكون من أمّتي أقوام يستحلّون الحر والحرير والخمر والمعازف)) أو الدراسة المختلطة التي قال فيها النبي عليه السلام: ((ما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما))
أو سفر المرأة بلا محرم الذي قال فيه عليه لسلام ((من كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تسافر إلا مع ذي محرم))
أو الانتخابات والمظاهرات والتحزّبات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
فإن كانت هذه الأمور العظيمة عندك من الجزئيات الصغيرة فبالله عليك عرّفنا بالكلّيات الكبيرة !!
ولا لوم عليك فأنت تتبع خطى من سبقك ممّن يُسمّون سنّة المُصطفى عليه الصلاة والسلام ''ركاما وقشورا''.
أمّا أنّ هذا التيار الذي تسمّيه بالوهابي قد تسبب في نشر المصائب في كلّ مكان استشرى فيه (!!) فدعوى بلا برهان وقديما قيل:
والدعاوى مالم تقيموا عليها****بينات أصحابها أدعيـاءُ
اللهمّ إلا إن كانت الحقائق قد اختلطت عليك وجهلتَ أو تجاهلتَ أنّ جماعة القاعدة في بلاد المغرب والجماعة السلفية للدعوة والقتال ليستا من هذا التّيار الذي تسُبّه في ركن ((فطور الصباح)) من الجريدة المرحاض – وكل الجرائد كذلك إلا من رحم ربي-
فهل لم يبقى لك إلا أن تنسب الخوارج المارقين إلى أهل السنّة السلفيين كي تتيح لنفسك ولغيرك الفرصة للطعن في السلفيين الذين عبّرت عنهم بالوهّابيين ؟!
ألا تخشى الله ؟!
ألا تتق الله وأنت في هذه السنّ ؟!
أيُعقلُ أن تجهل وأنت في هذا المنصب (!) أنّ السلفيين هم ألدُّ أعداء الخوارج التكفيريين ؟!
أيُعقل أنّك لم تسمع ذات يوم بكتاب اسمه ((مدارك النّظر في السياسة)) ؟! أو بكتاب اسمه ((فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر)) ؟!
وبكتاب اسمه ((تخليص العباد من وحشية أبي القتاد الداعي إلى تقتيل النّساء وفلذّات الأكباد)) ؟!
وهذه ثلاثة كتب لـ ((سلفي)) و ((وهابي)) و((ولد بلادك)) يا شيخ !
ألم تسمع ولو لمرّة في حياتك بشريط أو رسالة بعنوان ((فتنة التكفير)) للإمام الألباني رحمه الله ؟!
ألم تقرأ أو تسمع أنّ علماء السلفية يُحرّمون العمليات الإنتحارية ؟!
أيُعقلُ أن يخفى على من في منصبك الخلاف بين علماء السلفية ((الوهابية !)) وبين جهلاء الأزارقة الخوارج التكفيريين من سيّد قطب مرورا بشكري مصطفى وجماعته فالظواهري وبن لادن وصولا إلى الزرقاوي والبرقاوي ودروكدال صاحب الراس الخاوي.
إنّ هذه الأشياء لا تخفى على من يحرس عند باب مُديرية الشؤون الدّينية أو باب مُديريتكم أو مجلسكم فضلا عن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى للجزائر !!
هذا المنصب أذكر أنّ رجلا عالما فاضلا -ينتمي إلى التيار الذي حكمت عليه بالكفر وأنّه ليس من الإسلام في شيء- كان يشغله قبلك بسنين فهل يا تُرى سيرضى الشيخ أحمد حمّاني عليه رحمة الله أن يحلّ محلّه من بعده رجل يقول مثل قولك ؟! أستبعدُ هذا عن رجل من تلاميذ ابن باديس وما أدراك ما ابن باديس !
وكُنتُ أرجو من مثلك أن لا يسكُت على ما سمّيته بـ ((حرّية المُعتقد)) ولستُ أدري هل ذكرته في سياق المدح أو في سياق الذمّ ؟!
فإن كانت الأولى فأنصحك أن تعرض إيمانك على باقي المجلس الإسلامي الأعلى لينظروا فيه ويحكموا عليه.
وإن كانت الثانية فلم لم تستنكرها ولو بنصف كلمة ؟!
وسواء كان الأمر هذا أم ذاك فحسابك على الله.
وكنت آمل أن تذكر لنا اسم تلك العاصمة العربية التي لاحظت فيها أنّ التجار يتعرّضون للضرب على أيدي رجال الشرطة لإجبارهم على غلق محلاتهم ودكاكينهم من أجل الصلاة في المسجد !!
ولا إخال هذه العاصمة إلا في مخيّلتك وذهنك لا غير.
هذا ما أحببتُ التعليق عليه من كلام بوعمران الشيخ الذي أسأل الله له الهداية ولجميع المسلمين.
وفي الأخير أعتذر إن صدر منّي خطأ في سرد حديث ما فأنا بعيد عن بيتي وكتبي وإنّما سردتها من حفظي والله تعالى أسأل لي ولجميع إخواني السلفيين التوفيق والسداد في القول والعمل. والسلام عليكم ورحمة الله.
أخوكم: أبو عبد الله غريب بن عبد الله الأثري.