ماذا تعرف عن حزب الله؟!
(أَلَا إًنَّ حًزْبَ اللَّهً هُمُ الْمُفْلًحُونَ)
ماذا تعرف عن حزب الله؟!
الشيخ سالم بن سعد الطويل
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن اصدق الحديث كلام الله تعالى وهو القائل (لَا تَجًدُ قَوْمًا يُؤْمًنُونَ بًاللَّهً وَالْيَوْمً الْآخًرً يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إًخْوَانَهُمْ أَوْ عَشًيرَتَهُمْ أُوْلَئًكَ كَتَبَ فًي قُلُوبًهًمُ الْإًيمَانَ وَأَيَّدَهُم بًرُوح مًّنْهُ وَيُدْخًلُهُمْ جَنَّات تَجْرًي مًن تَحْتًهَا الْأَنْهَارُ خَالًدًينَ فًيهَا رَضًيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئًكَ حًزْبُ اللَّهً أَلَا إًنَّ حًزْبَ اللَّهً هُمُ الْمُفْلًحُونَ) (المجادلةـ 14)، فليس بعد بيان الله بيان، وليس بعد جواب الله تعالى جواب، فحزب الله هم الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر ولا يوادون: أي ليس بينهم وبين من حاد الله ورسوله مودة ومحبة وولاء ولو كانوا أقرب قريب، فهم لا يوادون آباءهم ولا أبناءهم ولا إخوانهم ولا عشيرتهم إذا كانوا ممن يحاد الله ورسوله أي هم على حدي والله ورسوله على حدي، بل يتبرأون منهم براءة كما قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة فًي إًبْرَاهًيمَ وَالَّذًينَ مَعَهُ إًذْ قَالُوا لًقَوْمًهًمْ إًنَّا بُرَاء مًنكُمْ وَمًمَّا تَعْبُدُونَ مًن دُونً اللَّهً كَفَرْنَا بًكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمًنُوا بًاللَّهً وَحْدَهُ إًلَّا قَوْلَ إًبْرَاهًيمَ لًأَبًيهً لَأَسْتَغْفًرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلًكُ لَكَ مًنَ اللَّهً مًن شَيْء رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإًلَيْكَ أَنَبْنَا وَإًلَيْكَ الْمَصًيرُ) (الممتحنةـ 4)، فهذه أبرز صفات حزب الله الإيمان بالله واليوم الآخر والبراءة التامة وعدم الموالاة لمن حاد الله ورسوله، وهؤلاء هم الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان وهؤلاء هم الذين إذا انتصروا على عدوهم فانتصارهم إنما هو تأييد من الله تعالى، كما قال عز وجل (...إًن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبًّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمدـ 7)، وإليهم أشار الله تعالى بقوله (أُوْلَئًكَ حًزْبُ اللَّهً أَلَا إًنَّ حًزْبَ اللَّهً هُمُ الْمُفْلًحُونَ) (المجادلةـ 22).
أخي القارئ الكريم وفقني الله وإياك إلى الحق المبين اعلم أن أول من يدخل في حزب الله تعالى دخولا أوليا لا ريب فيه ولا نزاع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بنص القرآن الكريم الذين (رضي الله عنهم ورضوا عنه) (الممتحنةـ 22)، قال تعالى (مُّحَمَّد رَّسُولُ اللَّهً وَالَّذًينَ مَعَهُ أَشًدَّاء عَلَى الْكُفَّارً رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فضلا مًّنَ اللَّهً وَرًضْوَانًا سًيمَاهُمْ فًي وُجُوهًهًم مًّنْ أَثَرً السُّجُودً ذَلًكَ مَثَلُهُمْ فًي التَّوْرَاةً وَمَثَلُهُمْ فًي الْإًنجًيلً كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقًهً يُعْجًبُ الزُّرَّاعَ لًيَغًيظَ بًهًمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذًينَ آمَنُوا وَعَمًلُوا الصَّالًحَاتً مًنْهُم مَّغْفًرَةً وَأَجْرًا عَظًيمًا) (الفتحـ 29) فهل بعد هذه الشهادة شهادة؟!
أخي المسلم حفظك الله لا تعجب من خفاء الحق على أهل الزيغ والضلال فالأعمى لا يرى الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب لا لخفائها ولكن لأنه أعمى وهكذا من أعمى بصائرهم فلا يعقلون آيات الله ولو كانت أكثر من الشمس وضوحاً.
لذا قال غير واحد من المفسرين من إغاظة ظهور الصحابة فهو كافر لأن الله تعالى قال (ليغيظ بهم الكفار)!! ثم إن أولى الناس بالصحابة بحزب الله هم الذين يحبونهم فالمرء من أحب وإذا قرأنا كتاب الله تعالى وجدنا أن الله تعالى صنف الناس ثلاثة أصناف وهم: المهاجرون والأنصار ومن تبعهم بإحسان وهذا ظاهر كما في سياق الآيات (10ـ من سورة الحشر، يقول الله تعالى (لًلْفُقَرَاء الْمُهَاجًرًينَ الَّذًينَ أُخْرًجُوا مًن دًيارًهًمْ وَأَمْوَالًهًمْ يَبْتَغُونَ فضلا مًّنَ اللَّهً وَرًضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئًكَ هُمُ الصَّادًقُونَ وَالَّذًينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإًيمَانَ مًن قَبْلًهًمْ يُحًبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إًلَيْهًمْ وَلَا يَجًدُونَ فًي صُدُورًهًمْ حَاجَةً مًّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثًرُونَ عَلَى أَنفُسًهًمْ وَلَوْ كَانَ بًهًمْ خَصَاصَة وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسًهً فَأُوْلَئًكَ هُمُ الْمُفْلًحُونَ وَالَّذًينَ جَاؤُوا مًن بَعْدًهًمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفًرْ لَنَا وَلًإًخْوَانًنَا الَّذًينَ سَبَقُونَا بًالْإًيمَانً وَلَا تَجْعَلْ فًي قُلُوبًنَا غلا لًّلَّذًينَ آمَنُوا رَبَّنَا إًنَّكَ رَؤُوف رَّحًيم) فهؤلاء حزب الله مهاجرون وأنصار والذين جاءوا من بعدهم الذين يستغفرون للمهاجرين والأنصار والذين يدعون الله ألا يجعل في قلوبهم غلاً وحقداً وبغضاً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار فأنى لهم أن يكونوا حزب الله بل (...أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) (المجادلةـ 19).
لا للطائفية
شعار يرفعه بين الحين والآخر فئتان من الناس، الفئة الأولى: أولئك الذين يريدون نشر عقائدهم الباطلة ومناهجهم المنحرفة ولا يريدون أن ينكر عليهم أحد، فإذا بادر العلماء وطلبة العلم في بيان الحق وتقريره وفي رد الباطل ودحضه قاموا في وجوههم وقالوا (لا للطائفية) (لعن الله من أيقظ الفتنة).
فسبحان من فضحهم بشرً أعمالهم!! فهؤلاء شأنهم كشأن امرأة العزيز التي راودت نبي الله يوسف عليه السلام عن نفسه ثم اتهمته بأنه هو الذي حاول الاعتداء عليها فقالت (.. قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بًأَهْلًكَ سُوَءًا إًلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابي أَلًيم) (يوسفـ 25).
وهؤلاء أكثر الناس طائفية وأكثر الناس إثارة للفتنة واعتداء على الأبرياء بسفك الدماء وإشاعة الفوضى والفتن ثم يقولون (لا للطائفية) (لعن الله من أيقظ الفتنة) فهم كما قيل (رمتني بدائها وانسلت).
أما الفئة الثانية ممن يرفع شعار (لا للطائفية) فهم كثير من العامة وبعض المثقفين الذين عندهم (ثقافة) وليس عندهم علم فخلطوا بين الفتنة وبين وجوب بيان الحق وتحقيق العقيدة إذا ليس من اللازم أن من دعا إلى التوحيد ونبذ الشرك ودعا إلى السنة والتمسك بها وحذَر من البدع أنه دعا إلى إقامة الحرب والقتال، كلا.
فهذا ليس بالضرورة أن يكون فبإمكاننا أن نتعايش مع من لا نجتمع معه في دين أو عقيدة بل ونتعامل بالبيع والشراء وتبادل المصالح من غير ولاء وتوافق بالعقائد والأديان فالمدينة المنورة كان فيها يهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهكذا مضت عصور كثيرة في بلاد المسلمين وبينهم طوائف كثيرة من غير المسلمين فلا يلزم إذا بينا الحق ودعونا إليه وإلى التمسك به أن نكون قد أثرنا الفتن واشعلنا الحروب وأحيينا الطائفية.
ثم هل إذا سكتنا سيسكتون؟ وهل إذا لم نبين الحق ولم ندع إليه توقفوا هم عن نشر عقائدهم وتوقفوا عن تصدير دعوتهم؟
الجواب بشهادة الواقع معلوم لا يخفى على من عنده أدنى بصيرة!!
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.