ما حكم الجلسات السرية التي يقوم بها بعض الناس في أوقات مخصصة لأشخاص مخصوصين بحيث تكون هذه الجلسات دورية منتظمة ولو كانت لتعلم الكتاب والسنة ؟ وهل يجوز إذا كان إمام المسلمين ظالما مضطهداً للعلماء أن تعقد مثل هذه الجلسات.
الجواب : اعلم أن دعوة أهل السنة ظاهرها كباطنها ليست دعوة سرية للبعض من الناس دون البعض وإنما احتاج الحزبيون للسرية لأن لديهم مبادئ تشمئز منها قلوب المؤمنين فلذلك احتاجوا إلى السرية وهل يستر الناس إلا العورة ؟! وما دعوة أهل السنة بعورة . بل هي دعوة خير وبركة يتشرف الداعي ببيانها وذكرها في المنابر والمجالس ،وأما تلك الجلسات السرية فقد أنكرناها من أول ما عرفناها والحمد لله وقد أماتت تلك الخلايا في قلوب أصحابها حب المنهج السلفي الذي كانوا يتمتعون به. بل وأماتوا العلم الذي كان لديهم والواقع خير شاهد . وكما قيل: " في كل خلية بلية ".وخلاصة الأمر أن الذي أدين الله به أنها طريقة مبتدعة .
وأما إن كان الحاكم ظالما فهل ظلمه مبرر لتلك الجلسات ؟ : لا ، ليس مبرراً لها فإن الذين يقيمون تلك الجلسات السرية إنما يقصدون التسلق للوصول إلى الحكم لا أنهم لا يستطيعون الدعوة إلى دين الإسلام فقد صوروا الوضع على غير حقيقته نعم إن كان الوضع في بلد يختلف عما عليه في اليمن فلكل حادثة حديث ، فمثلا لو تسلط التشيع في بلد وضيقوا على أهل السنة فلا يستطيعون القراءة في أي باب من أبواب العلم إلا في ما يوافق مراد الشيعة فعند ذلك يدرس أهل السنة وضعهم حسب ظروفهم مستعينين على ذلك بمشاورة أهل العلم .
ثم سئل ما يلي:
هل يصح الاستدلال بقوله تعالى على لسان رسوله نوح عليه السلام ( ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً ) وبحديث معاذ في كتم العلم وبحديث ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ) وبحديث اجتماع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أصحابه في دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة على جواز مثل هذه الجلسات السرية ؟
الجواب: اعلم أن الاستدلال بهذه الأدلة على الجلسات السرية باطل وتحميل للنصوص مالا تحتمل فقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بيت الأرقم بن أبي الأرقم هو وأصحابه يتعلمون من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمور دينهم سراً عن المشركين لا للتخطيطات العسكرية فلم يكونوا يفكرون فيها آنذاك هكذا كان وضعهم بينما كان المشركون يتجمعون في دار الندوة يكيدون للإسلام وأهله فهل يصح أن يقاس ذلك بمجتمعنا الذي تقام فيه الجمع والجماعات والدعوة إلى دين الله جملة وتفصيلا ؟ هذا قياس من أبعد الأقيسة !
ومن التناقض أن أصحاب الجلسات السرية يستدلون بوضع الصحابة في دار الأرقم وهم يعيشون في دار الندوة ( البرلمان ) فما هي المخاوف التي تكتنفهم حتى إلى السرية ما داموا قد تنازلوا إلى هذا الحد ونحن نريد منهم أن يضربوا لنا أمثلة للمسائل الدينية التي احتاجوا إلى السرية فيها ، مع أنهم عن الالتزام بالدين في منأى وحالهم قريب من مستوى العوام غير أن العوام لديهم حسن نية وهم بالضد – غالباً - ثم ما هو الذي يخيفهم من العلمانيين
والحكام وهم قد انخرطوا في عامة المبادئ التي يسير عليها العلمانيون ؟ !
وأما الاستدلال بقصة نبي الله نوح فليس فيها دليل لهم ، فنوح – عليه السلام – كان يدعوا قومه جهرة ولكنه قد يحتاج إلى نصح بعض الناس سراً لا ليلقنهم مبادئ سرية يخصهم بها من دون الناس بل هي نفس التعاليم التي كان يدعوا إليها جهرة وإنما احتاج إلى السرية لأن أولئك الناس الذين يسر لهم إسراراً قد يكون في نصحهم أمام قومهم ضرر عليهم وربما كان الإسرارأنفع لهم في معرفة الحق وأسرع في إقناعهم قال ابن كثير عند هذه الآية : أي بيني وبينهم ، نوَّع عليهم الدعوة ليكون أنجع فيهم .أهـ ولكن الأمر المهم هو أن الأشياء التي دعا بها علنا هي نفسها التي دعا بها سراً بينما الذين استدلوا بهذا الدليل جعلوا الأشياء التي يدعون بها سرا غير الأشياء التي يدعون بها علانية بل إنما يظهرون من خطب ومحاضرات ودروس إنما هي موطئات وممهدات لنقل المدعوين إلى الحلقات السرية فهل كان نبي الله نوح كذلك ؟ فلهذا كان قياسهم على سرية نبي الله نوح قياساً مع الفارق الكبير ، ومما يوضح عظم الفارق في هذا القياس أنهم قاسوا مجتمعا إسلامياً بمجتمع كفري .
والحكام وهم قد انخرطوا في عامة المبادئ التي يسير عليها العلمانيون ؟ !
وأما الاستدلال بقصة نبي الله نوح فليس فيها دليل لهم ، فنوح – عليه السلام – كان يدعوا قومه جهرة ولكنه قد يحتاج إلى نصح بعض الناس سراً لا ليلقنهم مبادئ سرية يخصهم بها من دون الناس بل هي نفس التعاليم التي كان يدعوا إليها جهرة وإنما احتاج إلى السرية لأن أولئك الناس الذين يسر لهم إسراراً قد يكون في نصحهم أمام قومهم ضرر عليهم وربما كان الإسرارأنفع لهم في معرفة الحق وأسرع في إقناعهم قال ابن كثير عند هذه الآية : أي بيني وبينهم ، نوَّع عليهم الدعوة ليكون أنجع فيهم .أهـ ولكن الأمر المهم هو أن الأشياء التي دعا بها علنا هي نفسها التي دعا بها سراً بينما الذين استدلوا بهذا الدليل جعلوا الأشياء التي يدعون بها سرا غير الأشياء التي يدعون بها علانية بل إنما يظهرون من خطب ومحاضرات ودروس إنما هي موطئات وممهدات لنقل المدعوين إلى الحلقات السرية فهل كان نبي الله نوح كذلك ؟ فلهذا كان قياسهم على سرية نبي الله نوح قياساً مع الفارق الكبير ، ومما يوضح عظم الفارق في هذا القياس أنهم قاسوا مجتمعا إسلامياً بمجتمع كفري .
وأما حديث " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود " - مع قطع النظر عن الاختلاف في صحته - فليس لهم فيه دليل لأنه في أمور دنيوية كزواج أو بيع أو شراء أو غير ذلك فإن قيل : من أين لك التخصيص بهذه الأشياء وما شابهها ؟ قلت لا أخصص الحديث بذلك ولكنني لا أذكر الآن أمرا دينيا يحتاج إلى أن يكتم خوف الحسد، وبناءاً على ذلك نقول اذكروا لنا الأمور التي نحتاج إلى أن نسرها عن مجتمعاتنا و حكوماتنا – خوف الحسد - وهي من الشعائر الدينية التي ندعوا الناس إليها . ثم بعد ذلك كله لو وجدوا شيئاً من هذا القبيل ما صلح للاستدلال به لأنهم لا يسرون بدعوتهم خوف الحسد إنما يسرون لمآرب أخرى .
زد على ذلك أن الأمر كما تقدم أنكم ليس عندكم ما يستدعي أن تسروه عن الناس فقد وافقتموهم في كل ما يريدون وما بقي مما يستدعي السرية سوى التسلق إلى المناصب أما شعائر الدين فبإمكانكم أن تدعوا الناس إليها بملء أفواهكم ,
وزيادة في التناقض أنكم تدَّعون أنكم في حاجة إلى السرية وأنتم تفخرون بأنكم تتكلمون على الحكام بأسمائهم .
وزيادة في التناقض أنكم تدَّعون أنكم في حاجة إلى السرية وأنتم تفخرون بأنكم تتكلمون على الحكام بأسمائهم .
وأما حديث معاذ بن جبل " لا تبشرهم فيتكلوا " ففيه أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم خشي أن يتكلوا على توحيدهم ويقصروا في العمل فكيف يستدل به قوم يسمون العملقشوراً والتوحيد ليس ذا أهمية بل هو من جملة القشور وليسموا لنا الأمور التي يريدون أن يسروا بها حتى نقارن بين الأصل والفرع ليتم القياس .
أسئلة وأجوبة في فقه الدعوة للشيخ عبد العزيز البرعي