[size=5]نبرة جديدة لـ ( سلمان العودة ) نحو الغرب الكافر في منتدى أسرة آل زامل !
( 1 )
الإسلام اليوم
متابعات اعلامية
ماذا قال الشيخ سلمان العوده ؟
صحيفة اليوم / محمد عبد الله المنصور
26 / 2 / 1429 ــ 4 / 3 / 2008
لا يكاد يخلو حديث هذه الأيام من التطرق لمعاناة الناس مع الغلاء ومشاكل التعليم والصحة والمرور والجرائم المنتشرة ونلتفت فنرى المآسي في العراق وغزة ولبنان وحملة الرسوم المسيئة للرسول . يستولي علينا شعور بالتشاؤم كاف لأن يصيب كل فرد بإحباط يدفع أصحاب النفوس الضعيفة للوقوع في المخالفات .
ـــ في الأربعاء الماضي استضاف منتدى أسرة آل زامل فضيلة الشيخ سلمان العودة في لقاء مفتوح حرص منظموه على أن يتناول الحديث اكثر من محور تهم المجتمع فكان حديث الشيخ سلمان الذي سأذكر بعض ما ورد فيه مفعما بالتفاؤل رغم واقعيته ومحفزا لكل منا للعمل رغم ما يرى من ضآلة دوره ، وقد أجاد في انتشال نفسياتنا من الواقع المحبط إلى المستقبل المشرق ووجدتني ملزما بأن أشرككم نشوة الشعور بالتفاؤل التي أيقظتها كلمات الشيخ سلمان ، كما أن تكرار عرض الأفكار يثبتها في الذهن لأننا نسمع ونقرأ الكثير لكنه سريع التطاير ! بالطبع لم يتعرض الحوار لكل المشاكل التي نعيشها . فاللقاء لم يدم سوى ساعة ونيف ، ولكني أحسب أن في ما قاله إضاءات يمكننا أن نحملها على كثير من أمورنا وسأسرد معناها دون تعليق كي يتسع المقال لأكبر عدد.
ـ الأسرة من أهم أسباب السعادة في الحياة وهي توجد حتى في الجنة ، لذا علينا أن نقدرها ونحترمها وبعض مشاكل الأسر متوارثة ، فقد أثبتت دراسة أن 75بالمائة من الأزواج الذين يضربون زوجاتهم قد شاهدوا آباءهم يقومون بذلك !
من أكبر مشاكلنا سرعة الغضب وقلة الهدوء وهو ما يؤدي إلى عدم قبول آراء الآخر وعندما يتحدث أفراد الأسرة مع بعضهم أو حتى أحدنا مع شخص آخر فهو كالكأس المليء ينتظر أدنى قطرة ليسكب ما فيه .
أين نحن من نبي يضربه قومه ويسيل الدم من رأسه وهو يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ؟! والغاضب قد يرد الحق ، لذا قال الإمام أحمد : قلما أقنعت أحدا غضب علي .
نحن بحاجة إلى أن ينتصر أحدنا على نفسه قبل أن ينتصر على غيره . وباختصار نحن نفتقر إلى أدب الحوار .
ـ ليس للغرب حكم واحد . ففي الغرب ملايين المسلمين وهناك دول ذات غالبية مسلمة كالبوسنة وألبانيا . والغرب فيه مجال كبير للدعوة وغير صحيح أننا أقمنا عليهم الحجة ، فلا يمكن مقارنتهم بالذين يدخلون الإسلام من محاضرة واحدة أو كتاب لأنهم شعوب تعتمد على البحث والدراسة قبل أن تتخذ القرار .
وقد نشر تقرير سري عن ازدياد نسبة من اعتنقوا الإسلام من الاكاديميين في الغرب ، وهناك الكثير من غير المسلمين ممن يتعاطفون مع قضايانا ويدعمونها فأفضل كتاب كتب عن الرسول في الغرب كتبه غربي غير مسلم وأسقف بريطانيا دعا إلى تطبيق بعض أحكام الشريعة والله تعالى يقول عنهم ( ليسوا سواء ) ، لذا فنحن بحاجة إلى أن ننظر إليهم على انهم مسلمون جدد قادمون في الطريق إلينا ، لكننا نحتاج أولا إلى أن نغير الصورة النمطية التي كونها الغرب عنا بسبب الإعلام المتحيز وتصرفات البعض ممن يشوهون صورة الإسلام .
ومع ذلك لا نغفل أن في أمريكا 80 مليون أصولي يقفون ضد الإسلام ، وكما أننا لا نستطيع أن نعطي حكما واحدا على كل من يعيش في السعودية ، فلا يمكننا أن نعطي حكما واحدا عمن يعيش في الغرب .
لماذا نصنع من هؤلاء الناس أعداء بدلا من أن تتميز علاقتنا معهم بالود والصبر . فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحسن معاملة ابن سلول مع علمه بأنه رأس المنافقين ! لا داعي للخوف والشعور المفرط . إن الآخرين يمكنهم أن يسيطروا علينا بسهولة، وهذه لم تكن روح الإسلام الذي نشأ في بيئة فيها اليهود وغير المسلمين تعلمنا منها كيف نتعايش مع المخالف في العقيدة، فكيف بالمسلم المقصر؟
ــ الإسلام دين الرحمة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وقد آن للإسلام أن يخرج للعالمية بهذه الرحمة ، وقبل ذلك أن نطبقها على أنفسنا ومجتمعنا ومع من أخطأ علينا . فهذا رسولنا عليه افضل الصلاة والتسليم ينهى عن لعن صحابي جلد للمرة الثالثة لشربه الخمر متعذرا له بأنه يحب الله ورسوله ! ما أحوجنا إلى الإنصاف مع من نختلف معه أو من يخطيء علينا بذكر الجوانب الإيجابية فيه .
وقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام ( إن أبعد القلوب من الله القلب القاسي ). ومن الخطأ تصنيف إنسان لمجرد أن لديه فكرة أو رأيا لا يعجبني فقد تكون لديه فضيلة من بر أو صلاة ترفعه عند الله .
وقد ذكر لي أكاديمي كان لي موقف منه أنه مرض ذات مرة فزاره الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ ودعا له ونفث عليه ! علينا أن نبدأ بالجانب الإنساني لكل شخص وان لا ننظر إلى أخطائه فقط فلكل منا أخطاء والإسلام ينتشر في الغرب برعاية هذا الجانب ، ولنتذكر أن أخلاق التجار المسلمين وأمانتهم هي التي نشرت الإسلام في أصقاع الأرض .
ومع ذلك فعلينا ألا ننهزم نفسيا حين نسافر للغرب فنحرج من أداء الصلاة في وقتها أو أن تضع المرأة حجابها.
ـــ وحتى حملة الرسوم التي تستهزيء برسولنا وقدوتنا علينا أن ننظر إلى الجانب الإيجابي فيها فهي أولا لا تضر الرسول ثم أن اكثر وقت انتشر فيه القرآن الكريم في الدانمرك كان في وقت هذه الحملة البغيضة ، وإعادة الحملة جعلتنا نحضر لمؤتمر نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي سيعقد في الكويت بعد شهرين ليتحول من مجرد لقاءات وكلمات إلى مشاريع عملية تتبناها مجموعات ويتابعها المؤتمر مثل إنشاء قناة فضائية بالإنجليزية وإقامة مهرجانات واستضافة إعلاميين وزيارات للجهات المؤثرة في الغرب وغيرها .
انتهى كلام الشيخ وأضيف : ما أجمل أن ننظر إلى المصائب كفرص ! .
التعليق :
عجباً ممن يريد أن يقود الأمة الإسلامية وهو يجهل كثيراً مما يستدل به من المعلومات ويقدم تلك المعلومات الخاطئة بل الفاسدة جداً على أنها حق ، أو على أن من وراء تلك المعلومة رقي وتقدم للأمة .
وتأتي بعد ذلك الأجيال من الشيب والناشئة ويعتمدون على تلك المعلومات الفاسدة على أنها من مسلمات المسائل ، فإلى الله المشتكى .
بل إن الكلمات تأتي مغلفة بالوهن والضعف والانهزامية أمام الغرب الكافر مع إدعاءات سمجة وخيالات وأوهام وأنه بدعوته تلك سيفتح واشنطن أو الفاتيكان .
وأمام النبرة الجديدة لـ " سلمان العودة " ومن سار على منواله ، والمغلفة بتبنيهم لدعوة جديدة نحو الغرب الكافر سمتها الوهن والخوار .
أترك للقراء الكرام المجال لإتحافنا ببعض تعليقاتهم النيرة .
ولنا وقفتان مع ما ذكره " سلمان العودة " .. ..
الوقفة الأولى : ذكر " سلمان العودة " أن ( أفضل كتاب كتب عن الرسول في الغرب كتبه غربي غير مسلم ) .
ونقول :
قال الشيخ / محمود بن رضا صالح المراد .. .. في كتابه " ثوابت الدعوة من الكتاب والسنة ونقد كتاب الإختيار لأحمد ديدات " .
دفع إلي أحد الأخوة كتاباً بعنوان " الإختيار " لأحمد ديدات ، بغية مراجعته لمعرفة مدى صلاحيته للنشر ، ولكن انشغالي بإعداد كتاب حول فقه المرأة ، وترجمة واختصار تفسير ابن كثير حال بيني وبين انجاز المطلوب ولم يتسن لي حينئذٍ الاطلاع على كتاب ديدات ذاك ، ثم لم ألبث إلا أن دفع إلي أخ آخر كتيباً بعنوان :
" المائة " للمؤلف نفسه ، وذكر لي أن فيه كفر صريح ، ولا يجوز السكوت عنه ، فجمعت على إثر ذلك كتيبات أخرى للمؤلف وشرعت في مراجعتها ، فتبين لي بالفعل أنها تحوي أخطاءً خطيرة ، فقرأتها واحداً واحداً حتى انتهيت إلى كتاب للمؤلف بعنوان " الإختيار " الذي وصفه ديدات أنه آخر كتبه ، ثم تبين لي أنه عبارة عن أربعة كتيبات سبق أن نشرها فرادى ، ثم جمعها بعد ذلك في مجلد واحد سماه " الإختيار " الجزء الأول .
وهذا يعني أنه سيجمع كتيبات أخرى له في مجلد ثان وهكذا دواليك ، فكفاني مغبة مــراجعة " الإختيار " .
كتيب ( الـ 100 ) أو ( أعظم مائة شخصية في التاريخ ) ـ 1 ـ
هذا كتاب ألفه رجل نصراني أمريكي إسمه مايكل هارت ضمنه بمائة شخصية عالمية برز كل واحد منها في مجال من مجالات الدين والسياسة والموسيقى وغير ذلك ، وذكر المؤلف سبب اختيار كل واحد منهم ، وجعل على رأس القائمة محمداً صلى الله عليه وسلم .
رويدك أخي القارئ ! .
لا تدع اختيار مايكل هارت للنبي صلى الله عليه وسلم ، ليكون على رأس قائمة أعظم مائة شخصية في العالم يدغدغ عواطفك ، فما أن تعرف السبب حتى يتلاشى العجب .
ويجدر هنا طرح أسئلة منها :
لماذا اختار هذا النصراني محمداً صلى الله عليه وسلم كأعظم شخصية في العالم بدلاً من نبيـــه عيسى عليه السلام ؟ ولماذا لم يثر رجال الكنيسة ، وقساوستها في أنحاء العالم أكثر من " زوبعة في فنجان " على كتابه ؟ ولِمَ لـم يحتج الفاتيكان على هذا الإختيار ؟ .
هذه الأسئلة وغيرها لها أجوبة واضحة وجلية في النص الذي دون فيه هارت سبب اختياره محمداً صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة .
وسيتبين لك أن كل ما حوى هذا النص هو شتم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس فيه كلمة مديح له إلا في معرض الذم أو العكس .
أعاد أحمد ديدات ـ هداه الله ـ بدوره طباعة الفصل الذي كتبه مايكل هارت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي ذكر فيه سبب اختياره على رأس القائمة دونما أي اعتراض أو تعليق منه وصنفه في كتيب قال ديدات في مقدمته :
" من هذا البحث الذي شمل شخصيات لامعة مثل عيسى المسيح ، موسى ، قيصر ، الاخوان رايت ، نابليون شكسبير ، كولمبس ، ومايكل انجلو ، صنف هارت محمداً عليه السلام ، رقم واحد ، ثم ختم مايكل هارت الفصل عن حياته بالكلمات التالية :
( إن هذا المزيج الفذ من التأثير العلماني والديني ليؤهل ـ بنظري ـ محمداً أن يعتبر شخصية ذات أقوى نفوذ في تاريخ الانسانية ) .
ثم تابع ديدات قائلاً : " وبترتيب خاص ، حظينا بتقديم الفصل الكامل عن محمد عليه السلام ، من كتاب ( الـ 100 ) لمايكل هارت .
فلنتحرى في هذا الفصل السبب الذي يشرف مسلماً أن ينقله برمته للمسلمين لكي يشاركوه حظوته .
يقول مايكل هارت مؤلف الكتاب مبيناً سبب اختياره النبي صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة :
( أسس محمد ، الذي جاء من أصول مغمورة ، واحدة من أعظم الديانات في العالم وأشاعها ثم صار بعد ذلك قائداً سياسياً ذا أثر عظيم ) .
( كان معظم العرب إنئذٍ مشركين آمنوا بألهة كثيرة ، الا أنه في مكة عدد قليل من اليهود والنصارى الذين عرف محمد منهم ـ بلا شك ـ أول ما عرف عن الاله الواحد القادر الذي يدير الكون بأجمعه ، ولما بلغ الأربعين إقتنع بأن هذا الاله الفرد الحقيقي " الله " كلمه واختاره لنشر الدين الحقيقي ) .
( وفي عام 622 م فر محمد الى المدينة ، خوفاً على حياته ، حيث عرض عليه فيها منصب ذو قوة سياسية معتبرة وعلى أثر ذلك حصل على نفوذ جعله دكتاتورياً فعلياً ) .
أولاً وقبل المضي في التعليق ، ليكن معلوماً أن قائمة المائة شخصية حوت إلى جانب أنبياء الله ، طواغيت ورموزاً في السياسة والعلم والموسيقى ، وقد لا يلام مايكل هارت على تصنيفه هذا ، فهو كافر ولا يقدر أنبياء الله حق قدرهم ، ولهذا فقد صنفهم مع رموز الكفر .
ولكن المأساة أن يتشرف مسلم بكتابة مقدمة لكتاب ذاك الكافر يضفي فيها على المؤلف صفة التكريم .
قال ديدات عنه : ( لم يطلب منا الموافقة معه ، ولكننا لا نملك الا أن نعجب ببحث الرجل وأمانـته ) .
وأمانة هذا الرجل في نظر ديدات هي التي جعلته يختار محمداً في رأس القائمة ، لأنه أسس الإسلام وألف القرآن ـ كما سنرى ـ
ثم يتابع ديدات معبراً عن فرحته : ( وإن أعجب ما في نخبته أنه وضع نبينا الكريم ، النبي المقدس ، محمدا صلى الله عليه وسلم ، عليه السلام في المرتبة الأولى في قائمته ) .
ثم يصل ديدات إلى استنتاج غريب عجيب فيقول : ( وبهذا يكون هارت قد أكد دون ان يدري " !!! " شهادة الله نفسه في آخر كتبه للعالم " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .
ثم يذكر ديدات ، دونما تعقيب أو تعليق ، أن عيسى عليه السلام ، صنف في المركز الثالث ، بينما صنف موسى عليه السلام في المركز الواحد والأربعين ، علماً بان محمداً وعيسى وموسى عليهم الصلاة والسلام هم من أولى العزم من الرسل .
أما عن وصف مايكل هارت لنبينا صلى الله عليه وسلم أنه جاء من أصول متواضعة أو مغمورة ، فقد كذب عدو الله ، إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو من أشرف بيوت العرب قاطبة كما ذكر ابن كثير : " هو صفوة الله منهم كما رواه مسلم في صحيحه " في كتاب الفضائل " عن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رســــول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اختار كنانة من ولد إسماعيل ثم اختار من كنانة قريشاً ، ثم اختار من قريش بني هاشم ، ثم اختارني من بني هاشم " .
ولكي ينـزع عن النبي عليه السلام صفة النبوة ، وعن رســالته صفة الألوهية ، وصفه بأنه " قائد سياسي عظيم " وقد يظن جاهل أن هذا مدح للنبي صلى الله عليه وسلم ، بينما هو في الواقع ذم في معرض المدح ، فبإظهار النبي صلى الله عليه وسلم بمظهر القائد السياسي ، يعطي القارئ انطباعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما حقق ما حققه ـ كأيٍ من قادة السياسة والحرب ـ بمعزل عن الوحي الإلهي .
وهذا هو الغرض الذي يرمي إليه هذا النصراني مايكل هارت ، ولقد قال الله جل وعلا في نبينا صلى الله عليه وسلم " إن هو إلا وحي يوحى " .
وأما الفقرة الثانية التي كتبها عدو الله فهي تساوي افتراء المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم أنه " معلم " فهؤلاء قاتلهم الله ، زعموا أن أحد أهل الكتاب كان يعلم النبي صلى الله عليه وسلم فرد الله عليهم " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ، إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم ، إنما يفتري الكذب الذيـن لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكـاذبون " سـورة النحل الآية 103 ـ 105
لقد أعلمنا الله تعالى في كتابه العزيز أن المشركين رموا النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب ، ورموه بالسحر وزعموا أنه معلم ، وأنه اختلق القرآن .
وهذا مايكل هارت يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أسس الإسلام .
ثم لاحظ أخي القارئ الكلمة التي استعملها هارت في الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي " اقتنع " في قوله : " ولما بلغ الأربعين اقتنع بأن الله يكلمه " .
ولم يشأ عدو الله أن يترك فرصة دون أن يستغلها في النيل من شخص النبي صلى الله عليه وسلم .
فأهل اللغة الإنجليزية والحاذقون في قواعدها واستعمالاتها ومدلولاتها ، يدركون أن مدلول هذا الفعل بالطريقة التي استعمله وفي هذا السياق بالذات ، إنما هو لعب بالألفاظ يسمى " Euphemism " .
وهو استعمال تعبير لطيف مكان آخر بغيض ، فبدلاً من قول " مات فلان " ـ على سبيل المثال ـ يقال " ذهب بلا عودة " ، والفعل الذي استعمله هارت هنا هو " اقتنع " إنما جاء به أولا : ليشكك من طرف خفي بقوى النبي صلى الله عليه وسلم العقلية ، فهناك فرق كبير بين من يقتنع الناس انه وحي يوحى وبين من هو نفسه يقتنع انه يوحى إليه فالأول صادق مصدوق وأما الآخر فهو إما دعي أو مخفوق وفي هذا غمز ولمز في صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والتي لا يقر بها مايكل هارت أصلاً .
ثم يتابع عدو الله مسبته للنبي صلى الله عليه وسلم زاعماً : " وفي عام 622 م فر محمد إلى المدينة خوفاً على حياته " .
لا ريب أن القناعة بهذه الكلمات والسكوت عنها إثم عظيم ، أضف إلى هذا أنها تنبي عن سوء ظن بالله تعالى ، إذ كيف يخاف النبي صلى الله عليه وسلم على حياته وقد آمنه ربه جل وعلا بقوله : " والله يعصمك من الناس " ، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : " وفـــي قوله : " والله يعصمك من الناس " أي بلغ أنت رسالتي ، وأنا حافظك ، وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم ، فلا تخف ولا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية يحرس .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فاخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة وقال : " يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل " فكيف يحل بعد هذا السكوت على كاذب يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فر إلى المدينة خوفاً على حياته ؟ .
ويزعم عدو الله أن النبي صلى الله عليه وسلم اختلق القرآن ، وانه مُعَلّم ، أي انه تعلم التوحيد من أهل الكتاب في مكة ، وزاد مايكل هارت مسبته للنبي صلى الله عليه وسلم إذ زعم انه كان قائداً علمانياً وسياسياً ودكتاتوراً فعلياً ، فما الفرق بين مشركي الأمس وهذا المشرك اليوم ؟ " كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا " .
ولا يحل لمسلم أن يعجب بخيانة عدو الله ويصفها بأنها " أمانة " ويتشرف بكتابة هذا الذي يحط فيه من قدر نبينا عليه افضل الصلاة والسلام ، لمجرد أن مؤلفه أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المرتبة الأولى في قائمة تحوى عبدة النار والطواغيت وسائر رموز الكفر .
وكيف يفرح مسلم حين يرى نبي الله عيسى عليه السلام يعطى منزلة دون منزلة رموز الكفر ، وموسى عليه السلام دون ذلك بكثير ؟
أليسوا هم أنبياء الله وأولو العزم من الرسل ؟
أليسوا هم صفوة الخلق ؟
وهل يجهل هذه الحقيقة رجل من عوام المسلمين فضلاً عن داعية ؟
وهل يبرر تصنيف محمد صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة غض الطرف عن شتيمة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يجهل مسلم شرف ومقام نبيه صلى الله عليه وسلم في كتاب الله ؟ .
ألا يكفي المسلم قناعة وفخراً تصنيف رب العالمين لنبيه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد ولد آدم ، واحب خلق الله إلى الله ، وصفيه من خلقه ؟ فان من المعلوم من الدين بالضرورة انه لايكتمل إيمان المؤمن حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم احب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين ، كما ورد في الحديث ، فلا ينبغي بعد هذا أن يتشرف مسلم بكلام رجل خبيث مثل مايكل هارت ، فهو وان صنف النبي صلى الله عليه وسلم كأعظم رجل في التاريخ إلا انه قال قالة السوء دون أي اعتراض ممن نقل أو ترجم ما كتبه هذا الرجل عن المصطفى صلى الله عليه وسلم .
لم يدخر مايكل هارت وسعاً في تذكير قرائه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أسس مبادئ الدين لينفي دور الوحي الإلهي في رسالة الإسلام .
قال : " لقد كان محمد ، من جهة أخرى ، مسؤولاً عن المبادئ الدينية والمبادئ الأخلاقية والعرفية ، أضف إلى هذا انه لعب دوراً رئيساً في إشاعة الدين الجديد وتأسيس طقوس العبادة في الإسلام " .
ثم يستمر هارت هذا في شتيمته للنبي صلى الله عليه وسلم بلهجة المؤكد حيث انتقى كلماته انتقاء المحترف ، لا ليدندن حول الفرية التي افتراها المشركون ورددها من بعدهم المستشرقون بنفي الوحي عن القرآن ، أو ليلمح إليها ، بل ليصرح مؤكداً أن القرآن ليس كلام الله .
قال : " زد على هذا ، فهو مؤلف كتب المسلمين المقدسة ، القرآن ، وهو مجموعة معينة من أفكار محمد التي إعتقد أنها أوحيت إليه مباشرة من الله " .
واستعماله تعبير " زد على هذا " إنما جاء به للربط الذهني أي ليربط في ذهن القارئ بين وصف النبي صلى الله عليه وسلم " مؤسس الإسلام " وبين فريته في الجملة الأخيرة أنه صلى الله عليه وسلم " مؤلف القرآن " بحيث يشعر القارئ عن طريق الربط الذهني بأن التسلسل الفكري يجعل الجملة الأخيرة أمراً مسلماً به .
فطالما أن محمداً صلى الله عليه وسلم مسؤول عن تأسيس مبادئ الإسلام ، فمن الطبيعي أن يكون هو مؤلف القرآن ، ثم انظر إلى عدو الله كيف استعمل لفظة " اعتقد " لينفي علاقة القرآن بالله ، وعزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما نفى علاقة نبوته بالله .
وحرصاً من المؤلف على ألا يغيب عن ذهن القارئ تجريد رسالة الإسلام عن الوحي وإثباته لعيسى عليه السلام ، قال : " أضف إلى هذا أن محمداً ـ خلافاً لعيسى ـ كان قائداً علمانياً ودينياً ، والواقع أنه يعتبر القوة الدافعة وراء الفتوحات العربية ، فيمكن أن يصنف كأقوى قائد سياسي في كل الأزمان " .
يدرك القارئ ـ بلا شك ـ من كلام هارت ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ بنظره كان مجرد قائد دنيوي وديني وعسكري ، ولم يشر إليه قط بصفة النبوة أو الرسالة ، بل إن هارت بين أن سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للمرتبة الأولى ليست نبوته ولا قيادته الدينية ، بل قيادته السياسية التي وحدت العرب ، بحد زعمه .
ومن جهة أخرى أراد هذا النصراني الحاقد أن يثبت أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان القوة الدافعة للفتوحات الإسلامية وليس نشر الدين لتكون كلمة الله هي العليا .
كان من الممكن الوقوف عند كل جملة أو عبارة في الفصل الذي كتبه مايكل هارت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن لم يكن هذا الهدف وراء هذا البحث .
ولكني أردت أن ألفت انتباه أحمد ديدات ومن ينشرون ويوزعون كتيباته ، إلى انه " ليس كل ما يلمع ذهباً " فلو تريث ديدات ، أو استشار أهل العلم في بلده على الأقل وأقصد مجلس علماء جنوب أفريقيا ، فيما عسى أن يكون الرد على مفتريات مايكل هارت لكان خيراً له وأقوم قيلا .
كنا نتمنى لو أن أحمد ديدات كتب إلى مايكل هارت ليصحح معلوماته عن حقيقة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأن القرآن هو كلام الله وأن الإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده أو على الأقل إن لم يشأ ذلك لو أن بديدات كتب كتيباً يفند فيه أقوال مايكل هارت وأراجيفه لكانت له معذرة عند ربه ، بدلاً من مدح ذلك الرجل الخبيث ، والإعجاب بأمانته .
والعجيب أن قام بترجمة هذا الكتاب إلى العربية بعنوان " الـ 100 الأوائل " كل من خالد أسعد عيسى وأحمد غسان سبانو
بعد أن حذفا منه كل ما يسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول ، ونشرته دار قتيبة في دمشق .
فلا بد هنا من وقفة أستعرض فيها الدوافع التي حدت بترجمان كتاب مايكل هارت إلى العربية حتى وصل إلى أيدي القراء العرب ، فقد لاحظت بعد مراجعة الترجمة أن من ترجمه أغفل ترجمة شتيمة المؤلف مايكل هارت للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتعرض لها بتعليق أو تلميح أو تصريح ، بل على العكس من ذلك تماماً ، مدح المؤلف على إنصافه وتجرده .
ليس هذا فحسب ، بل إن الترجمان حرف النص الأصلي في ترجمته ، وأضاف تعبيرات من عنده لم يذكرها مايكل هارت في كتابه ، فعلى سبيل المثال قال هارت
:
Most Arabs at that time were pagans, who believed
In many gods. There were, however, in Makkah,
A small number of Jews and Christians, it was from them no doubt that Muhammad first learned of a single, omnipotent god who ruled the entire universe.
وترجمة هذا النص كالتالي :
( كان معظم العرب آنئذ عبدة أصنام آمنوا بآلهة كثيرة إلا انه كان في مكة عدد قليل من اليهود والنصارى ، ومنهم بلا ريب تعلم محمد أولاً عن الإله الواحد القادر الذي يحكم الكون كله ) .
فأغفل الترجمان الكلمات المضللة ، وكذا كل قول أساء المؤلف فيه الأدب مع مقام النبوة كفريته أن النبي صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن ، وقد حاول الترجمان إظهار المؤلف بمظهر المنصف المتجرد .
فمن باب حسن الظن بالترجمان ، يمكن القول بأنه ثمة احتمالات ثلاثة وراء ترجمة هذا الكتاب : أولها أن يكون حب النبي صلى الله عليه وسلم هو الدافع للترجمة ، أو الرغبة في إشهار المؤلف كاحتمال ثان ، والاحتمال الثالث أن تكون الروح التجارية والربح المادي هي الدافع وراء ذلك .
أما بالنسبة للاحتمال الأول أن يكون حب النبي صلى الله عليه وسلم هو الدافع لترجمة هذا الكتاب فهو ابعد الاحتمالات لما في هذا الكتاب من شتيمة للنبي صلى الله عليه وسلم ، إذ أن في هذا الكتاب من الشتائم ما ينفي ورود هذا الاحتمال ، ولست اشك في أن الترجمان قد قرأ فرية المؤلف أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ألف القرآن ، وأسس الإسلام فكيف يجرؤ بعدها على ترجمة هذا الكتاب ان كان الدافع حبه لنبيه صلى الله عليه وسلم ؟
وأما الاحتمال الثاني فهو الرغبة في إشهار المؤلف ، وإظهاره بمظهر المنصف المتجرد لكننا وان افترضنا جدلاً وجود مثل هذا الاحتمال فكيف يستسيغ ترجمان مسلم أن يشهر رجلاً نال من نبيه صلى الله عليه وسلم ما نال ؟ .
إن حسن ضننا بالترجمان يحول بيننا وبين احتمال كهذا ، فلم يبق إذا إلا احتمال ثالث وهو أن الروح التجارية والربح الزهيد ، كانا وراء ترجمة هذا الكتاب ، فهو وان كان أخف وطأة من سابقيه ، إلا انه لا عذر له فيه حين يجادل فيه عن نفسه يوم القيامة .[/size
( 1 )
الإسلام اليوم
متابعات اعلامية
ماذا قال الشيخ سلمان العوده ؟
صحيفة اليوم / محمد عبد الله المنصور
26 / 2 / 1429 ــ 4 / 3 / 2008
لا يكاد يخلو حديث هذه الأيام من التطرق لمعاناة الناس مع الغلاء ومشاكل التعليم والصحة والمرور والجرائم المنتشرة ونلتفت فنرى المآسي في العراق وغزة ولبنان وحملة الرسوم المسيئة للرسول . يستولي علينا شعور بالتشاؤم كاف لأن يصيب كل فرد بإحباط يدفع أصحاب النفوس الضعيفة للوقوع في المخالفات .
ـــ في الأربعاء الماضي استضاف منتدى أسرة آل زامل فضيلة الشيخ سلمان العودة في لقاء مفتوح حرص منظموه على أن يتناول الحديث اكثر من محور تهم المجتمع فكان حديث الشيخ سلمان الذي سأذكر بعض ما ورد فيه مفعما بالتفاؤل رغم واقعيته ومحفزا لكل منا للعمل رغم ما يرى من ضآلة دوره ، وقد أجاد في انتشال نفسياتنا من الواقع المحبط إلى المستقبل المشرق ووجدتني ملزما بأن أشرككم نشوة الشعور بالتفاؤل التي أيقظتها كلمات الشيخ سلمان ، كما أن تكرار عرض الأفكار يثبتها في الذهن لأننا نسمع ونقرأ الكثير لكنه سريع التطاير ! بالطبع لم يتعرض الحوار لكل المشاكل التي نعيشها . فاللقاء لم يدم سوى ساعة ونيف ، ولكني أحسب أن في ما قاله إضاءات يمكننا أن نحملها على كثير من أمورنا وسأسرد معناها دون تعليق كي يتسع المقال لأكبر عدد.
ـ الأسرة من أهم أسباب السعادة في الحياة وهي توجد حتى في الجنة ، لذا علينا أن نقدرها ونحترمها وبعض مشاكل الأسر متوارثة ، فقد أثبتت دراسة أن 75بالمائة من الأزواج الذين يضربون زوجاتهم قد شاهدوا آباءهم يقومون بذلك !
من أكبر مشاكلنا سرعة الغضب وقلة الهدوء وهو ما يؤدي إلى عدم قبول آراء الآخر وعندما يتحدث أفراد الأسرة مع بعضهم أو حتى أحدنا مع شخص آخر فهو كالكأس المليء ينتظر أدنى قطرة ليسكب ما فيه .
أين نحن من نبي يضربه قومه ويسيل الدم من رأسه وهو يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ؟! والغاضب قد يرد الحق ، لذا قال الإمام أحمد : قلما أقنعت أحدا غضب علي .
نحن بحاجة إلى أن ينتصر أحدنا على نفسه قبل أن ينتصر على غيره . وباختصار نحن نفتقر إلى أدب الحوار .
ـ ليس للغرب حكم واحد . ففي الغرب ملايين المسلمين وهناك دول ذات غالبية مسلمة كالبوسنة وألبانيا . والغرب فيه مجال كبير للدعوة وغير صحيح أننا أقمنا عليهم الحجة ، فلا يمكن مقارنتهم بالذين يدخلون الإسلام من محاضرة واحدة أو كتاب لأنهم شعوب تعتمد على البحث والدراسة قبل أن تتخذ القرار .
وقد نشر تقرير سري عن ازدياد نسبة من اعتنقوا الإسلام من الاكاديميين في الغرب ، وهناك الكثير من غير المسلمين ممن يتعاطفون مع قضايانا ويدعمونها فأفضل كتاب كتب عن الرسول في الغرب كتبه غربي غير مسلم وأسقف بريطانيا دعا إلى تطبيق بعض أحكام الشريعة والله تعالى يقول عنهم ( ليسوا سواء ) ، لذا فنحن بحاجة إلى أن ننظر إليهم على انهم مسلمون جدد قادمون في الطريق إلينا ، لكننا نحتاج أولا إلى أن نغير الصورة النمطية التي كونها الغرب عنا بسبب الإعلام المتحيز وتصرفات البعض ممن يشوهون صورة الإسلام .
ومع ذلك لا نغفل أن في أمريكا 80 مليون أصولي يقفون ضد الإسلام ، وكما أننا لا نستطيع أن نعطي حكما واحدا على كل من يعيش في السعودية ، فلا يمكننا أن نعطي حكما واحدا عمن يعيش في الغرب .
لماذا نصنع من هؤلاء الناس أعداء بدلا من أن تتميز علاقتنا معهم بالود والصبر . فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحسن معاملة ابن سلول مع علمه بأنه رأس المنافقين ! لا داعي للخوف والشعور المفرط . إن الآخرين يمكنهم أن يسيطروا علينا بسهولة، وهذه لم تكن روح الإسلام الذي نشأ في بيئة فيها اليهود وغير المسلمين تعلمنا منها كيف نتعايش مع المخالف في العقيدة، فكيف بالمسلم المقصر؟
ــ الإسلام دين الرحمة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وقد آن للإسلام أن يخرج للعالمية بهذه الرحمة ، وقبل ذلك أن نطبقها على أنفسنا ومجتمعنا ومع من أخطأ علينا . فهذا رسولنا عليه افضل الصلاة والتسليم ينهى عن لعن صحابي جلد للمرة الثالثة لشربه الخمر متعذرا له بأنه يحب الله ورسوله ! ما أحوجنا إلى الإنصاف مع من نختلف معه أو من يخطيء علينا بذكر الجوانب الإيجابية فيه .
وقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام ( إن أبعد القلوب من الله القلب القاسي ). ومن الخطأ تصنيف إنسان لمجرد أن لديه فكرة أو رأيا لا يعجبني فقد تكون لديه فضيلة من بر أو صلاة ترفعه عند الله .
وقد ذكر لي أكاديمي كان لي موقف منه أنه مرض ذات مرة فزاره الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ ودعا له ونفث عليه ! علينا أن نبدأ بالجانب الإنساني لكل شخص وان لا ننظر إلى أخطائه فقط فلكل منا أخطاء والإسلام ينتشر في الغرب برعاية هذا الجانب ، ولنتذكر أن أخلاق التجار المسلمين وأمانتهم هي التي نشرت الإسلام في أصقاع الأرض .
ومع ذلك فعلينا ألا ننهزم نفسيا حين نسافر للغرب فنحرج من أداء الصلاة في وقتها أو أن تضع المرأة حجابها.
ـــ وحتى حملة الرسوم التي تستهزيء برسولنا وقدوتنا علينا أن ننظر إلى الجانب الإيجابي فيها فهي أولا لا تضر الرسول ثم أن اكثر وقت انتشر فيه القرآن الكريم في الدانمرك كان في وقت هذه الحملة البغيضة ، وإعادة الحملة جعلتنا نحضر لمؤتمر نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي سيعقد في الكويت بعد شهرين ليتحول من مجرد لقاءات وكلمات إلى مشاريع عملية تتبناها مجموعات ويتابعها المؤتمر مثل إنشاء قناة فضائية بالإنجليزية وإقامة مهرجانات واستضافة إعلاميين وزيارات للجهات المؤثرة في الغرب وغيرها .
انتهى كلام الشيخ وأضيف : ما أجمل أن ننظر إلى المصائب كفرص ! .
التعليق :
عجباً ممن يريد أن يقود الأمة الإسلامية وهو يجهل كثيراً مما يستدل به من المعلومات ويقدم تلك المعلومات الخاطئة بل الفاسدة جداً على أنها حق ، أو على أن من وراء تلك المعلومة رقي وتقدم للأمة .
وتأتي بعد ذلك الأجيال من الشيب والناشئة ويعتمدون على تلك المعلومات الفاسدة على أنها من مسلمات المسائل ، فإلى الله المشتكى .
بل إن الكلمات تأتي مغلفة بالوهن والضعف والانهزامية أمام الغرب الكافر مع إدعاءات سمجة وخيالات وأوهام وأنه بدعوته تلك سيفتح واشنطن أو الفاتيكان .
وأمام النبرة الجديدة لـ " سلمان العودة " ومن سار على منواله ، والمغلفة بتبنيهم لدعوة جديدة نحو الغرب الكافر سمتها الوهن والخوار .
أترك للقراء الكرام المجال لإتحافنا ببعض تعليقاتهم النيرة .
ولنا وقفتان مع ما ذكره " سلمان العودة " .. ..
الوقفة الأولى : ذكر " سلمان العودة " أن ( أفضل كتاب كتب عن الرسول في الغرب كتبه غربي غير مسلم ) .
ونقول :
قال الشيخ / محمود بن رضا صالح المراد .. .. في كتابه " ثوابت الدعوة من الكتاب والسنة ونقد كتاب الإختيار لأحمد ديدات " .
دفع إلي أحد الأخوة كتاباً بعنوان " الإختيار " لأحمد ديدات ، بغية مراجعته لمعرفة مدى صلاحيته للنشر ، ولكن انشغالي بإعداد كتاب حول فقه المرأة ، وترجمة واختصار تفسير ابن كثير حال بيني وبين انجاز المطلوب ولم يتسن لي حينئذٍ الاطلاع على كتاب ديدات ذاك ، ثم لم ألبث إلا أن دفع إلي أخ آخر كتيباً بعنوان :
" المائة " للمؤلف نفسه ، وذكر لي أن فيه كفر صريح ، ولا يجوز السكوت عنه ، فجمعت على إثر ذلك كتيبات أخرى للمؤلف وشرعت في مراجعتها ، فتبين لي بالفعل أنها تحوي أخطاءً خطيرة ، فقرأتها واحداً واحداً حتى انتهيت إلى كتاب للمؤلف بعنوان " الإختيار " الذي وصفه ديدات أنه آخر كتبه ، ثم تبين لي أنه عبارة عن أربعة كتيبات سبق أن نشرها فرادى ، ثم جمعها بعد ذلك في مجلد واحد سماه " الإختيار " الجزء الأول .
وهذا يعني أنه سيجمع كتيبات أخرى له في مجلد ثان وهكذا دواليك ، فكفاني مغبة مــراجعة " الإختيار " .
كتيب ( الـ 100 ) أو ( أعظم مائة شخصية في التاريخ ) ـ 1 ـ
هذا كتاب ألفه رجل نصراني أمريكي إسمه مايكل هارت ضمنه بمائة شخصية عالمية برز كل واحد منها في مجال من مجالات الدين والسياسة والموسيقى وغير ذلك ، وذكر المؤلف سبب اختيار كل واحد منهم ، وجعل على رأس القائمة محمداً صلى الله عليه وسلم .
رويدك أخي القارئ ! .
لا تدع اختيار مايكل هارت للنبي صلى الله عليه وسلم ، ليكون على رأس قائمة أعظم مائة شخصية في العالم يدغدغ عواطفك ، فما أن تعرف السبب حتى يتلاشى العجب .
ويجدر هنا طرح أسئلة منها :
لماذا اختار هذا النصراني محمداً صلى الله عليه وسلم كأعظم شخصية في العالم بدلاً من نبيـــه عيسى عليه السلام ؟ ولماذا لم يثر رجال الكنيسة ، وقساوستها في أنحاء العالم أكثر من " زوبعة في فنجان " على كتابه ؟ ولِمَ لـم يحتج الفاتيكان على هذا الإختيار ؟ .
هذه الأسئلة وغيرها لها أجوبة واضحة وجلية في النص الذي دون فيه هارت سبب اختياره محمداً صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة .
وسيتبين لك أن كل ما حوى هذا النص هو شتم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس فيه كلمة مديح له إلا في معرض الذم أو العكس .
أعاد أحمد ديدات ـ هداه الله ـ بدوره طباعة الفصل الذي كتبه مايكل هارت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي ذكر فيه سبب اختياره على رأس القائمة دونما أي اعتراض أو تعليق منه وصنفه في كتيب قال ديدات في مقدمته :
" من هذا البحث الذي شمل شخصيات لامعة مثل عيسى المسيح ، موسى ، قيصر ، الاخوان رايت ، نابليون شكسبير ، كولمبس ، ومايكل انجلو ، صنف هارت محمداً عليه السلام ، رقم واحد ، ثم ختم مايكل هارت الفصل عن حياته بالكلمات التالية :
( إن هذا المزيج الفذ من التأثير العلماني والديني ليؤهل ـ بنظري ـ محمداً أن يعتبر شخصية ذات أقوى نفوذ في تاريخ الانسانية ) .
ثم تابع ديدات قائلاً : " وبترتيب خاص ، حظينا بتقديم الفصل الكامل عن محمد عليه السلام ، من كتاب ( الـ 100 ) لمايكل هارت .
فلنتحرى في هذا الفصل السبب الذي يشرف مسلماً أن ينقله برمته للمسلمين لكي يشاركوه حظوته .
يقول مايكل هارت مؤلف الكتاب مبيناً سبب اختياره النبي صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة :
( أسس محمد ، الذي جاء من أصول مغمورة ، واحدة من أعظم الديانات في العالم وأشاعها ثم صار بعد ذلك قائداً سياسياً ذا أثر عظيم ) .
( كان معظم العرب إنئذٍ مشركين آمنوا بألهة كثيرة ، الا أنه في مكة عدد قليل من اليهود والنصارى الذين عرف محمد منهم ـ بلا شك ـ أول ما عرف عن الاله الواحد القادر الذي يدير الكون بأجمعه ، ولما بلغ الأربعين إقتنع بأن هذا الاله الفرد الحقيقي " الله " كلمه واختاره لنشر الدين الحقيقي ) .
( وفي عام 622 م فر محمد الى المدينة ، خوفاً على حياته ، حيث عرض عليه فيها منصب ذو قوة سياسية معتبرة وعلى أثر ذلك حصل على نفوذ جعله دكتاتورياً فعلياً ) .
أولاً وقبل المضي في التعليق ، ليكن معلوماً أن قائمة المائة شخصية حوت إلى جانب أنبياء الله ، طواغيت ورموزاً في السياسة والعلم والموسيقى ، وقد لا يلام مايكل هارت على تصنيفه هذا ، فهو كافر ولا يقدر أنبياء الله حق قدرهم ، ولهذا فقد صنفهم مع رموز الكفر .
ولكن المأساة أن يتشرف مسلم بكتابة مقدمة لكتاب ذاك الكافر يضفي فيها على المؤلف صفة التكريم .
قال ديدات عنه : ( لم يطلب منا الموافقة معه ، ولكننا لا نملك الا أن نعجب ببحث الرجل وأمانـته ) .
وأمانة هذا الرجل في نظر ديدات هي التي جعلته يختار محمداً في رأس القائمة ، لأنه أسس الإسلام وألف القرآن ـ كما سنرى ـ
ثم يتابع ديدات معبراً عن فرحته : ( وإن أعجب ما في نخبته أنه وضع نبينا الكريم ، النبي المقدس ، محمدا صلى الله عليه وسلم ، عليه السلام في المرتبة الأولى في قائمته ) .
ثم يصل ديدات إلى استنتاج غريب عجيب فيقول : ( وبهذا يكون هارت قد أكد دون ان يدري " !!! " شهادة الله نفسه في آخر كتبه للعالم " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .
ثم يذكر ديدات ، دونما تعقيب أو تعليق ، أن عيسى عليه السلام ، صنف في المركز الثالث ، بينما صنف موسى عليه السلام في المركز الواحد والأربعين ، علماً بان محمداً وعيسى وموسى عليهم الصلاة والسلام هم من أولى العزم من الرسل .
أما عن وصف مايكل هارت لنبينا صلى الله عليه وسلم أنه جاء من أصول متواضعة أو مغمورة ، فقد كذب عدو الله ، إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو من أشرف بيوت العرب قاطبة كما ذكر ابن كثير : " هو صفوة الله منهم كما رواه مسلم في صحيحه " في كتاب الفضائل " عن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رســــول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اختار كنانة من ولد إسماعيل ثم اختار من كنانة قريشاً ، ثم اختار من قريش بني هاشم ، ثم اختارني من بني هاشم " .
ولكي ينـزع عن النبي عليه السلام صفة النبوة ، وعن رســالته صفة الألوهية ، وصفه بأنه " قائد سياسي عظيم " وقد يظن جاهل أن هذا مدح للنبي صلى الله عليه وسلم ، بينما هو في الواقع ذم في معرض المدح ، فبإظهار النبي صلى الله عليه وسلم بمظهر القائد السياسي ، يعطي القارئ انطباعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما حقق ما حققه ـ كأيٍ من قادة السياسة والحرب ـ بمعزل عن الوحي الإلهي .
وهذا هو الغرض الذي يرمي إليه هذا النصراني مايكل هارت ، ولقد قال الله جل وعلا في نبينا صلى الله عليه وسلم " إن هو إلا وحي يوحى " .
وأما الفقرة الثانية التي كتبها عدو الله فهي تساوي افتراء المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم أنه " معلم " فهؤلاء قاتلهم الله ، زعموا أن أحد أهل الكتاب كان يعلم النبي صلى الله عليه وسلم فرد الله عليهم " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ، إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم ، إنما يفتري الكذب الذيـن لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكـاذبون " سـورة النحل الآية 103 ـ 105
لقد أعلمنا الله تعالى في كتابه العزيز أن المشركين رموا النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب ، ورموه بالسحر وزعموا أنه معلم ، وأنه اختلق القرآن .
وهذا مايكل هارت يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أسس الإسلام .
ثم لاحظ أخي القارئ الكلمة التي استعملها هارت في الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي " اقتنع " في قوله : " ولما بلغ الأربعين اقتنع بأن الله يكلمه " .
ولم يشأ عدو الله أن يترك فرصة دون أن يستغلها في النيل من شخص النبي صلى الله عليه وسلم .
فأهل اللغة الإنجليزية والحاذقون في قواعدها واستعمالاتها ومدلولاتها ، يدركون أن مدلول هذا الفعل بالطريقة التي استعمله وفي هذا السياق بالذات ، إنما هو لعب بالألفاظ يسمى " Euphemism " .
وهو استعمال تعبير لطيف مكان آخر بغيض ، فبدلاً من قول " مات فلان " ـ على سبيل المثال ـ يقال " ذهب بلا عودة " ، والفعل الذي استعمله هارت هنا هو " اقتنع " إنما جاء به أولا : ليشكك من طرف خفي بقوى النبي صلى الله عليه وسلم العقلية ، فهناك فرق كبير بين من يقتنع الناس انه وحي يوحى وبين من هو نفسه يقتنع انه يوحى إليه فالأول صادق مصدوق وأما الآخر فهو إما دعي أو مخفوق وفي هذا غمز ولمز في صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والتي لا يقر بها مايكل هارت أصلاً .
ثم يتابع عدو الله مسبته للنبي صلى الله عليه وسلم زاعماً : " وفي عام 622 م فر محمد إلى المدينة خوفاً على حياته " .
لا ريب أن القناعة بهذه الكلمات والسكوت عنها إثم عظيم ، أضف إلى هذا أنها تنبي عن سوء ظن بالله تعالى ، إذ كيف يخاف النبي صلى الله عليه وسلم على حياته وقد آمنه ربه جل وعلا بقوله : " والله يعصمك من الناس " ، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : " وفـــي قوله : " والله يعصمك من الناس " أي بلغ أنت رسالتي ، وأنا حافظك ، وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم ، فلا تخف ولا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية يحرس .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فاخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة وقال : " يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل " فكيف يحل بعد هذا السكوت على كاذب يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فر إلى المدينة خوفاً على حياته ؟ .
ويزعم عدو الله أن النبي صلى الله عليه وسلم اختلق القرآن ، وانه مُعَلّم ، أي انه تعلم التوحيد من أهل الكتاب في مكة ، وزاد مايكل هارت مسبته للنبي صلى الله عليه وسلم إذ زعم انه كان قائداً علمانياً وسياسياً ودكتاتوراً فعلياً ، فما الفرق بين مشركي الأمس وهذا المشرك اليوم ؟ " كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا " .
ولا يحل لمسلم أن يعجب بخيانة عدو الله ويصفها بأنها " أمانة " ويتشرف بكتابة هذا الذي يحط فيه من قدر نبينا عليه افضل الصلاة والسلام ، لمجرد أن مؤلفه أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المرتبة الأولى في قائمة تحوى عبدة النار والطواغيت وسائر رموز الكفر .
وكيف يفرح مسلم حين يرى نبي الله عيسى عليه السلام يعطى منزلة دون منزلة رموز الكفر ، وموسى عليه السلام دون ذلك بكثير ؟
أليسوا هم أنبياء الله وأولو العزم من الرسل ؟
أليسوا هم صفوة الخلق ؟
وهل يجهل هذه الحقيقة رجل من عوام المسلمين فضلاً عن داعية ؟
وهل يبرر تصنيف محمد صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة غض الطرف عن شتيمة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يجهل مسلم شرف ومقام نبيه صلى الله عليه وسلم في كتاب الله ؟ .
ألا يكفي المسلم قناعة وفخراً تصنيف رب العالمين لنبيه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد ولد آدم ، واحب خلق الله إلى الله ، وصفيه من خلقه ؟ فان من المعلوم من الدين بالضرورة انه لايكتمل إيمان المؤمن حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم احب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين ، كما ورد في الحديث ، فلا ينبغي بعد هذا أن يتشرف مسلم بكلام رجل خبيث مثل مايكل هارت ، فهو وان صنف النبي صلى الله عليه وسلم كأعظم رجل في التاريخ إلا انه قال قالة السوء دون أي اعتراض ممن نقل أو ترجم ما كتبه هذا الرجل عن المصطفى صلى الله عليه وسلم .
لم يدخر مايكل هارت وسعاً في تذكير قرائه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أسس مبادئ الدين لينفي دور الوحي الإلهي في رسالة الإسلام .
قال : " لقد كان محمد ، من جهة أخرى ، مسؤولاً عن المبادئ الدينية والمبادئ الأخلاقية والعرفية ، أضف إلى هذا انه لعب دوراً رئيساً في إشاعة الدين الجديد وتأسيس طقوس العبادة في الإسلام " .
ثم يستمر هارت هذا في شتيمته للنبي صلى الله عليه وسلم بلهجة المؤكد حيث انتقى كلماته انتقاء المحترف ، لا ليدندن حول الفرية التي افتراها المشركون ورددها من بعدهم المستشرقون بنفي الوحي عن القرآن ، أو ليلمح إليها ، بل ليصرح مؤكداً أن القرآن ليس كلام الله .
قال : " زد على هذا ، فهو مؤلف كتب المسلمين المقدسة ، القرآن ، وهو مجموعة معينة من أفكار محمد التي إعتقد أنها أوحيت إليه مباشرة من الله " .
واستعماله تعبير " زد على هذا " إنما جاء به للربط الذهني أي ليربط في ذهن القارئ بين وصف النبي صلى الله عليه وسلم " مؤسس الإسلام " وبين فريته في الجملة الأخيرة أنه صلى الله عليه وسلم " مؤلف القرآن " بحيث يشعر القارئ عن طريق الربط الذهني بأن التسلسل الفكري يجعل الجملة الأخيرة أمراً مسلماً به .
فطالما أن محمداً صلى الله عليه وسلم مسؤول عن تأسيس مبادئ الإسلام ، فمن الطبيعي أن يكون هو مؤلف القرآن ، ثم انظر إلى عدو الله كيف استعمل لفظة " اعتقد " لينفي علاقة القرآن بالله ، وعزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما نفى علاقة نبوته بالله .
وحرصاً من المؤلف على ألا يغيب عن ذهن القارئ تجريد رسالة الإسلام عن الوحي وإثباته لعيسى عليه السلام ، قال : " أضف إلى هذا أن محمداً ـ خلافاً لعيسى ـ كان قائداً علمانياً ودينياً ، والواقع أنه يعتبر القوة الدافعة وراء الفتوحات العربية ، فيمكن أن يصنف كأقوى قائد سياسي في كل الأزمان " .
يدرك القارئ ـ بلا شك ـ من كلام هارت ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ بنظره كان مجرد قائد دنيوي وديني وعسكري ، ولم يشر إليه قط بصفة النبوة أو الرسالة ، بل إن هارت بين أن سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للمرتبة الأولى ليست نبوته ولا قيادته الدينية ، بل قيادته السياسية التي وحدت العرب ، بحد زعمه .
ومن جهة أخرى أراد هذا النصراني الحاقد أن يثبت أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان القوة الدافعة للفتوحات الإسلامية وليس نشر الدين لتكون كلمة الله هي العليا .
كان من الممكن الوقوف عند كل جملة أو عبارة في الفصل الذي كتبه مايكل هارت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن لم يكن هذا الهدف وراء هذا البحث .
ولكني أردت أن ألفت انتباه أحمد ديدات ومن ينشرون ويوزعون كتيباته ، إلى انه " ليس كل ما يلمع ذهباً " فلو تريث ديدات ، أو استشار أهل العلم في بلده على الأقل وأقصد مجلس علماء جنوب أفريقيا ، فيما عسى أن يكون الرد على مفتريات مايكل هارت لكان خيراً له وأقوم قيلا .
كنا نتمنى لو أن أحمد ديدات كتب إلى مايكل هارت ليصحح معلوماته عن حقيقة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأن القرآن هو كلام الله وأن الإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده أو على الأقل إن لم يشأ ذلك لو أن بديدات كتب كتيباً يفند فيه أقوال مايكل هارت وأراجيفه لكانت له معذرة عند ربه ، بدلاً من مدح ذلك الرجل الخبيث ، والإعجاب بأمانته .
والعجيب أن قام بترجمة هذا الكتاب إلى العربية بعنوان " الـ 100 الأوائل " كل من خالد أسعد عيسى وأحمد غسان سبانو
بعد أن حذفا منه كل ما يسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول ، ونشرته دار قتيبة في دمشق .
فلا بد هنا من وقفة أستعرض فيها الدوافع التي حدت بترجمان كتاب مايكل هارت إلى العربية حتى وصل إلى أيدي القراء العرب ، فقد لاحظت بعد مراجعة الترجمة أن من ترجمه أغفل ترجمة شتيمة المؤلف مايكل هارت للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتعرض لها بتعليق أو تلميح أو تصريح ، بل على العكس من ذلك تماماً ، مدح المؤلف على إنصافه وتجرده .
ليس هذا فحسب ، بل إن الترجمان حرف النص الأصلي في ترجمته ، وأضاف تعبيرات من عنده لم يذكرها مايكل هارت في كتابه ، فعلى سبيل المثال قال هارت
:
Most Arabs at that time were pagans, who believed
In many gods. There were, however, in Makkah,
A small number of Jews and Christians, it was from them no doubt that Muhammad first learned of a single, omnipotent god who ruled the entire universe.
وترجمة هذا النص كالتالي :
( كان معظم العرب آنئذ عبدة أصنام آمنوا بآلهة كثيرة إلا انه كان في مكة عدد قليل من اليهود والنصارى ، ومنهم بلا ريب تعلم محمد أولاً عن الإله الواحد القادر الذي يحكم الكون كله ) .
فأغفل الترجمان الكلمات المضللة ، وكذا كل قول أساء المؤلف فيه الأدب مع مقام النبوة كفريته أن النبي صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن ، وقد حاول الترجمان إظهار المؤلف بمظهر المنصف المتجرد .
فمن باب حسن الظن بالترجمان ، يمكن القول بأنه ثمة احتمالات ثلاثة وراء ترجمة هذا الكتاب : أولها أن يكون حب النبي صلى الله عليه وسلم هو الدافع للترجمة ، أو الرغبة في إشهار المؤلف كاحتمال ثان ، والاحتمال الثالث أن تكون الروح التجارية والربح المادي هي الدافع وراء ذلك .
أما بالنسبة للاحتمال الأول أن يكون حب النبي صلى الله عليه وسلم هو الدافع لترجمة هذا الكتاب فهو ابعد الاحتمالات لما في هذا الكتاب من شتيمة للنبي صلى الله عليه وسلم ، إذ أن في هذا الكتاب من الشتائم ما ينفي ورود هذا الاحتمال ، ولست اشك في أن الترجمان قد قرأ فرية المؤلف أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ألف القرآن ، وأسس الإسلام فكيف يجرؤ بعدها على ترجمة هذا الكتاب ان كان الدافع حبه لنبيه صلى الله عليه وسلم ؟
وأما الاحتمال الثاني فهو الرغبة في إشهار المؤلف ، وإظهاره بمظهر المنصف المتجرد لكننا وان افترضنا جدلاً وجود مثل هذا الاحتمال فكيف يستسيغ ترجمان مسلم أن يشهر رجلاً نال من نبيه صلى الله عليه وسلم ما نال ؟ .
إن حسن ضننا بالترجمان يحول بيننا وبين احتمال كهذا ، فلم يبق إذا إلا احتمال ثالث وهو أن الروح التجارية والربح الزهيد ، كانا وراء ترجمة هذا الكتاب ، فهو وان كان أخف وطأة من سابقيه ، إلا انه لا عذر له فيه حين يجادل فيه عن نفسه يوم القيامة .[/size
تعليق