« الاتِّباع » و « الابتداع »
سُئِلَ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمة الله عليه: ما هو الفرق بين الاتِّباع والابتداع ؟
فأجابَ بقوله:
• الاتِّباع هو: اتِّباع الشَّرع ، اتِّباع ما جاء به الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من الأوامر والنَّواهي، يقال له: اتِّباع، لأنَّ الله قالَ :
﴿ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء ﴾
( الأعراف : 3 ) .
وقالَ جَلَّ وَعَلا : ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ ( الأعراف : 158 ) .
فنحن مأمورون باتباع النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وباتِّباع القُرآن . فالتَّمسُّك بالقُرآن بما قال الله ، والتَّمسُّك بما قالَ الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو فعل ، هٰذا هو الاتِّباع، السِّير علىٰ منهاج النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وطريقه في الأوامر و النَّواهي هٰذا يُسمَّىٰ الاتِّباع، وهو واجب في الواجبات ومستحب في المستحبات.
• وأما الابتداع فهو: إحداث شيء في الدِّين لم يأذن به الله .
يعني: إحداث عبادة ما شرعها الله، هٰذا يقال له : ابتداع . لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ أَحْدَث فِي أَمْرِنَا هٰذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُو رَدٌّ » (1) ، ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « شَرِّ الأُمُورِ مُحْدثَاتُها وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالةٌ » (2) .
فلو أن الإنسان صلَّىٰ صلاة زائدة علىٰ الخمس، قال بأنَّه يُصلِّي ست يحطها ست، يعني يزود الخير يحط ست، إذا جاء السَّاعة أربع من النَّهار أو خمس من النَّهار بعد طلوع الشَّمس من الظُّهر يُصلِّي سادسة ؛ هذه بدعة، وباطلة ! ولا يجوز له أن يفعلها ولا يدعو النَّاس إليها بنية أنَّها فريضة ، يعني يدعو النَّاس إليها .أمَّا بنية أنها صلاة الضُّحىٰ يصلِّي الضُّحىٰ فلا بأس مستحبة . أمَّا يجعل سادسة
يؤذن لها ويقيم لها ويدعو النَّاس إليها هٰذا منكر ، بدعة .
أو يقول: السَّجدتين ما تكفي نحط سجدة ثالثة، في الركعة، نزيد سجدة ثالثة ؛ هٰذه بدعة ، إذا تعمدها تبطل الصلاة، أو قال: نحط ركوع ثاني، كل ركعة فيها ركوعين؛ هٰذا بدعة ، إلَّا في صلاة الكسوف فيها ركوعان، - صلاة الكسوف - .
وهٰكذا لو قال: نجعل ليلة من اللَّيالي محل عبادة نُصلِّي فيها عشر ركعات، عشرين ركعة، ليلة الجمعة أو ليلة الخميس من كل أسبوع،
هٰذه بدعة ! لا يخص ليلة من اللَّيالي بشيء ما شرعه الله .
أو قال: ليالي المولد، مولد النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو مولد فاطمة أو الحسين أو البدوي أو الصِّديق أو عمر، نجعله احتفال، يُصلِّي فيه ويتحدث فيه ويذكر فيه، هٰذه بدعة، لأنَّه ما شرعها الله ورسوله !
فالابتداع هو: إحداث عبادة ما شرعها الله قولية أو فعلية، يقال لها بدعة . لأنَّ الله ما شرعها، سبحانه وتعالىٰ .
ومن ذٰلك: ما فعله النَّاس في البناء علىٰ القُبور، اتخاذ المساجد عليها والقِباب، يدعون أنها قربة ودين ؛ هذه بدعة ! الرَّسول نهىٰ عن البناء علىٰ القُبور، فالبناء عليها بدعة من وسائل الشِّرك، كذا التَّجصيص بدعة . إذا جصصت لتتقرَّب إلىٰ الله بذٰلك هٰذا بدعة ؛ لأنَّ الرَّسول نهىٰ عن
التَّجصيص، عليه الصَّلاة والسَّلام، لأنَّه وسيلة إلىٰ الشِّرك . وهٰكذا كونه يتوسَّل بأصحاب القُبور يقول : أسألك بأصحاب القُبور، أو أسألك بجاه النَّبِيّ أو بحقِّ النَّبِيّ ؛ بدعة ! أو أسألك بجاه الصَّالحين بدعة ؛ أمَّا لو قال : أسألك بحبي لك، أو بإيماني بك، أو بإيماني برسولك، أو بأسمائك الحُسنىٰ هٰذا طيب، فالأسماء هٰذه وسيلة شرعية، فالبدع: ما أحدثه النَّاس في الدِّين وهو ما شرعه الله؛ ولا رسوله ؛ هٰذا يقال له: بدعة . والاتباع: هو السير علىٰ المنهج الَّذي شرعه الله لعباده ، وجاء به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هٰذا يقال له: اتباع. اهـ.
......................
(1) متفقٌ عليه ، من حديث عائشة رضي الله عنها . البخاري كتاب " الصلح " ، باب (5) ، رقم ( 2697 ) ، ( 5 / 370 ) .
مسلم : كتاب " الأقضية " ، باب ( ، رقم ( 4468 ) ، ( 6 / 242 ) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب " الجمعة " من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالىٰ عنه ( 1435 ).
وأخرجه أحمد في مسنده ( 14455)
"فتاوى نورٌ على الدَّرب"
سُئِلَ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمة الله عليه: ما هو الفرق بين الاتِّباع والابتداع ؟
فأجابَ بقوله:
• الاتِّباع هو: اتِّباع الشَّرع ، اتِّباع ما جاء به الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من الأوامر والنَّواهي، يقال له: اتِّباع، لأنَّ الله قالَ :
﴿ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء ﴾
( الأعراف : 3 ) .
وقالَ جَلَّ وَعَلا : ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ ( الأعراف : 158 ) .
فنحن مأمورون باتباع النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وباتِّباع القُرآن . فالتَّمسُّك بالقُرآن بما قال الله ، والتَّمسُّك بما قالَ الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو فعل ، هٰذا هو الاتِّباع، السِّير علىٰ منهاج النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وطريقه في الأوامر و النَّواهي هٰذا يُسمَّىٰ الاتِّباع، وهو واجب في الواجبات ومستحب في المستحبات.
• وأما الابتداع فهو: إحداث شيء في الدِّين لم يأذن به الله .
يعني: إحداث عبادة ما شرعها الله، هٰذا يقال له : ابتداع . لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ أَحْدَث فِي أَمْرِنَا هٰذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُو رَدٌّ » (1) ، ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « شَرِّ الأُمُورِ مُحْدثَاتُها وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالةٌ » (2) .
فلو أن الإنسان صلَّىٰ صلاة زائدة علىٰ الخمس، قال بأنَّه يُصلِّي ست يحطها ست، يعني يزود الخير يحط ست، إذا جاء السَّاعة أربع من النَّهار أو خمس من النَّهار بعد طلوع الشَّمس من الظُّهر يُصلِّي سادسة ؛ هذه بدعة، وباطلة ! ولا يجوز له أن يفعلها ولا يدعو النَّاس إليها بنية أنَّها فريضة ، يعني يدعو النَّاس إليها .أمَّا بنية أنها صلاة الضُّحىٰ يصلِّي الضُّحىٰ فلا بأس مستحبة . أمَّا يجعل سادسة
يؤذن لها ويقيم لها ويدعو النَّاس إليها هٰذا منكر ، بدعة .
أو يقول: السَّجدتين ما تكفي نحط سجدة ثالثة، في الركعة، نزيد سجدة ثالثة ؛ هٰذه بدعة ، إذا تعمدها تبطل الصلاة، أو قال: نحط ركوع ثاني، كل ركعة فيها ركوعين؛ هٰذا بدعة ، إلَّا في صلاة الكسوف فيها ركوعان، - صلاة الكسوف - .
وهٰكذا لو قال: نجعل ليلة من اللَّيالي محل عبادة نُصلِّي فيها عشر ركعات، عشرين ركعة، ليلة الجمعة أو ليلة الخميس من كل أسبوع،
هٰذه بدعة ! لا يخص ليلة من اللَّيالي بشيء ما شرعه الله .
أو قال: ليالي المولد، مولد النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو مولد فاطمة أو الحسين أو البدوي أو الصِّديق أو عمر، نجعله احتفال، يُصلِّي فيه ويتحدث فيه ويذكر فيه، هٰذه بدعة، لأنَّه ما شرعها الله ورسوله !
فالابتداع هو: إحداث عبادة ما شرعها الله قولية أو فعلية، يقال لها بدعة . لأنَّ الله ما شرعها، سبحانه وتعالىٰ .
ومن ذٰلك: ما فعله النَّاس في البناء علىٰ القُبور، اتخاذ المساجد عليها والقِباب، يدعون أنها قربة ودين ؛ هذه بدعة ! الرَّسول نهىٰ عن البناء علىٰ القُبور، فالبناء عليها بدعة من وسائل الشِّرك، كذا التَّجصيص بدعة . إذا جصصت لتتقرَّب إلىٰ الله بذٰلك هٰذا بدعة ؛ لأنَّ الرَّسول نهىٰ عن
التَّجصيص، عليه الصَّلاة والسَّلام، لأنَّه وسيلة إلىٰ الشِّرك . وهٰكذا كونه يتوسَّل بأصحاب القُبور يقول : أسألك بأصحاب القُبور، أو أسألك بجاه النَّبِيّ أو بحقِّ النَّبِيّ ؛ بدعة ! أو أسألك بجاه الصَّالحين بدعة ؛ أمَّا لو قال : أسألك بحبي لك، أو بإيماني بك، أو بإيماني برسولك، أو بأسمائك الحُسنىٰ هٰذا طيب، فالأسماء هٰذه وسيلة شرعية، فالبدع: ما أحدثه النَّاس في الدِّين وهو ما شرعه الله؛ ولا رسوله ؛ هٰذا يقال له: بدعة . والاتباع: هو السير علىٰ المنهج الَّذي شرعه الله لعباده ، وجاء به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هٰذا يقال له: اتباع. اهـ.
......................
(1) متفقٌ عليه ، من حديث عائشة رضي الله عنها . البخاري كتاب " الصلح " ، باب (5) ، رقم ( 2697 ) ، ( 5 / 370 ) .
مسلم : كتاب " الأقضية " ، باب ( ، رقم ( 4468 ) ، ( 6 / 242 ) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب " الجمعة " من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالىٰ عنه ( 1435 ).
وأخرجه أحمد في مسنده ( 14455)
"فتاوى نورٌ على الدَّرب"