بسم الله الرحمن الرحيم
لُزُومُ غُرز العُلماء
مِن سبلِ النَّجاةِ
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . مِن سبلِ النَّجاةِ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
ثم أما بعد :
" فإن الله جلَ ثناؤه وتقدست أسماؤه قد جعل في كل زمان فترة من الرسل ودروسا للأثر بم هو تعالى بلطفه ورفقه بأهل عنايته ومن سبقت له الرحمة في كتابه لا يخلي كل زمان من بقايا من أهل العلم وحملة الحجة يدعون من ضل إلى الهدى ويذودونهم عن الردى يصبرون منهم على الأذى ويحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بعون الله أهل العمى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجهالة والغبا .اهـ (الإبانة 1/197)
لذا حرص السلف _ رحمهم الله تعالى _ على ملازمة العلماء فجعلوه منهجا ثابتا لهم , لا يحيدون عنه قيد أنملة وقد قيل :" حيثما كنت فكن قرب فقيه " و روى بن عبد البر ـ رحمه الله ـ في " جامع بيان العلم وفضله " (1/127) بسنده إلى أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال :" من فقه الرجل ممشاه و مدخله ومخرجه مع أهل العلم "اهـ وأيضا لما في ملازمتهم من الخير روى اللالكائي ـ رحمه الله ـ بسنده عن أيوب ـ رحمه الله ـ قال:" إن من سعادة الحدث ( أي الصغير في السن ) والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة "اهـ "شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة" (1/66) وروى أيضا عن سعيد بن شبيب ـ رحمه الله ـ قال :سمعت يوسف بن أسباط يقول :"كان أبي قدريا وأخوالي روافض فأنقذني الله بسفيان " اهـ (نفس المصدر 1/67)
لكن هنا سؤال يطرح نفسه ـ كما يقولون ـ من هم الأئمة العلماء الذين يعض عليهم بالنواجذ ؟
مما هو معلوم أن الإمامة على ضربين : _ أئمة حق ممدوحون قال الله تعالى 'وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ '(السجدة :24) _ وأئمة ضلال مذمومون قال الله تعالى:' وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ ' (القصص:41) فكان "الواجب على كل مسلم يحب الخلاص أن لا يركن إلى كل أحد ولا يعتمد على كل كتاب ولا يسلم عنانه إلى من أظهر له الموافقة . فمن الناس من يظهر الرد على الأشعرية وهو منهم , ومن الناس من يتظاهر بمخالفة الأشعرية ليدلس قولهم فيما يقولونه, فيقبل منه ,أو يحسن قبيحهم فيتابع عليه ظنا أنه مخالف لهم , وكثيرا ما يتم على أهل السنة مثل هذا . فمن رام النجاة من هؤلاء والسلامة من الأهواء: فليكن ميزانه الكتاب و الأثر في كل ما يسمع ويرى ولا يقبل من أحد قولا إلا وطالبه على صحته بآية محكمة أو سنة ثابتة أو قول صحابي من طريق صحيح. وليكثر النظر في كتب السنن لمن تقدم :مثل أبي داود السجستاني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وأبي بكر الأثرم و الدارمي وغيرهم .وليحذر تصانيف من تغير حاله فإن فيها العقارب وربما تعذر الترياقي "اهـ ( قاله الإمام السجزي ت444هـ في رسالته إلى أهل زبيد إستفدته من "المنتقى من شرح اعتقاد أهل السنة و الجماعة"لمحمود بن إمام ص431-432)
فلزوم العلماء والصدور عن رأيهم والرجوع إليهم, صمام وحصن وبلسم, ومن نظر في واقع الأمة علم حقيقة ذلك.
ثم اعلم – رحمني الله و إياك – أن العلم رحم بين أهله قال الشافعي – رحمه الله –: " الحر من راعى وداد لحظة , أو انتمى لمن أفاده لفظة " اهـ وصدق رحمه الله , وقد تجلى هذا الولاء في الدعاء لبعضهم بعضا اعترافا بجميلهم ومكافأة على صنيعهم حتى قال الإمام أحمد – رحمه الله - :" ما بِتُّ منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي واستغفر له " والنقل في هذا عن السلف كثير, ولكن فيما ذكرت غنية لمن أراد بغية .
ولعل من تمام ما أردت , الإشادة بما مَنَّ الله - عزَّ وجلَّ- به علينا في بلدنا الجزائر الحبيبة – حرسها الله من كل سوء ـ بعلماء منهم سماحة الوالد الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس ـ حفظه الله تعالى ـ؛ فالله نسأل لشيخنا ولجميع مشايخنا في بلدنا وسائر بلاد المسلمين ممن هم على الجادة أن يطيل في أعمارهم ويبارك في أوقاتهم ويحفظهم في أهلهم وأموالهم ويرزقهم العافية , وأن ينفعنا بعلمهم , اللهم آمين .
أنشد الأزدي :
وقِّر مشائِخَ أهلَ العٍلمِ قاطبةً *** حتّى تُوقَّرَ إنْ أفضى بِكَ الكِبَرُ
وَاخدُمْ أكابِرَهمْ حتى تنال به *** مِثْلاً بمِثْلٍ إذا مَا شارفَ العُمُرُ
" أدب الإملاء و الإستملاء "لللسمعاني ص136
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.وَاخدُمْ أكابِرَهمْ حتى تنال به *** مِثْلاً بمِثْلٍ إذا مَا شارفَ العُمُرُ
" أدب الإملاء و الإستملاء "لللسمعاني ص136
وكتبه ببنانه أبو عبد الكريم محمد نبيل - سلمه الله من كل سوء –
بمدينة بلعباس – حرسها الله – 6شوال1434 /2أوت2014
بمدينة بلعباس – حرسها الله – 6شوال1434 /2أوت2014
لطيفة : " ليس العجب من مملوك يتذلل لله و يتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوك بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه "اهـ (الفوئد ص46)