موقف العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-من الإختلاف الحاصل حول ألفاظ تارك جنس العمل وتارك العمل بالكلية وما تفرع منها من مسائل بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.أما بعد : فقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله- عند كلامه على (الفرقة الناجية أهل الحديث) كما في [مجموع الفتاوى (3 /347 )]: ((الذين يردون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب، والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة ،فيما جاء به الرسول، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف، فما كان من معانيها موافقا للكتاب، والسنة أثبتوه وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه..)).وقد وصف أهل البدع بعض علماء أهل السنة والأثر بأعيانهم بالإرجاء أو بالوقوع في الإرجاء بسبب لفظة (جنس العمل) وما تفرع من هذه اللفظة من أسماء مشابهة لها، وقد تنبه الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لخطورة هذا المسلك الغالي المفرق لأهل السنة، وحذر منه الشيخ في عدة مجالس وفي أكثر من مناسبة، لأن الشيخ-رحمه الله- قد عَرَفَ بذكائه وفطنته أن هذا المسلك هو مسلكٌ لإسقاط علماء أهل السنة وتنفير العوام من علمهم، وقد قمت بجمع كلام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في هذا الموضوع لقطع دابر فتنة أهل الغلو والتنطع وإليك كلام هذا الإمام:...المجلس الأول:الأسئلة القطرية وهي أسئلة مقدمة من بعض طلبة العلم المنتدبين من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-.السائل: هل تارك جنس العمل كافر، تارك آحاد العمل ليس بكافر، ما رأيكم في ذلك؟جواب الشيخ -رحمه الله-: ((من قال هذه القاعدة ؟! من قائلها ؟! هل قالها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! كلام لا معنى له .نقول : من كفره الله ورسوله فهو كافر.ومن لم يكفره الله ورسوله فليس بكافر هذا هو الصواب .أما جنس العمل ! أو نوع العمل ! أو آحاد العمل ! فهذا كله طنطنة لا فائدة منها)).وسئل الشيخ -رحمه الله-:هل أعمال الجوارح شرط في أصل الإيمان وصحته أم أنها شرط في كمال الإيمان الواجب ؟جواب الشيخ -رحمه الله-: ((تختلف ، فتارك الصلاة مثلاً كافر إذن: فعل الصلاة من لوازم الإيمان.وإني أنصح إخواني أن يتركوا هذه الأشياء والبحث فيها وأن يرجعوا إلى ما كان عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- والسلف الصالح لم يكونوا يعرفون مثل هذه الأمور .المؤمن من جعله الله ورسوله مؤمناً والكافر من جعله الله ورسوله كافراً. وانتهى)).https://app.box.com/shared/vnjpnjys26المصدر: http://www.sahab.net...showtopic=45752...المجلس الثاني:كلام العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في شرحه للحديث رقم (34) في الأربعين النووية:"مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ".قال الشيخ -رحمه الله-: ((8- أن الإيمان عمل ونية،لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه المراتب من الإيمان، والتغيير باليد عمل،وباللسان عمل، وبالقلب نية، وهو كذلك، فالإيمان يشمل جميع الأعمال،وليس خاصاً بالعقيدة فقط،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَة، أو قال: وَستونَ شُعبَة، أَعلاهَا: قَولُ لاَ إِلهَ إِلا الله، وَأَدناهَا إِماطَةُ الأَذَى عَنِ الطَريقِ" فقول: لا إله إلا الله قول لسان، وإماطة الأذى عن الطريق فعل الجوارح والحياء وهذا عمل قلب مِنَ الإيمَانِ ولا حاجة أن نقول ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم :هل الأعمال من كمال الإيمان أو من صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له،أي إنسان يسألك ويقول: هل الأعمال شرط لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير،ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال، إذاً يسعك ما يسعهم.إذا دلّ الدليل على أن هذا العمل يخرج به الإنسان من الإسلام صار شرطاً لصحة الإيمان، وإذا دلّ دليل على أنه لا يخرج صار شرطاً لكمال الإيمان وانتهى الموضوع،أما أن تحاول الأخذ والرد والنزاع، ثم مَنْ خالفك قلت:هذا مرجىء. ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد قلت،هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح.فلذلك مشورتي للشباب ولطلاب العلم أن يدعوا البحث في هذا الموضوع، وأن نقول: ما جعله الله تعالى ورسوله شرطاً لصحة الإيمان وبقائه فهو شرط، وما لا فلا ونحسم الموضوع)).المصدر: http://www.ibnothaim...cle_17793.shtml...المجلس الثالث: سئل الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في التعليق على [اقتضاء الصراط المستقيم - شريط رقم (29)الوجه(ب)].السائل : البعض يقول أنَّ ترك العمل مع الخلاف في مسألة ترك الصلاة يقولون أن ترك العمل مع الإعتقاد أنه [العمل] داخل في مسمى الإيمان ،أنه من يقول هذا فهو عين الإرجاء ولكن بمفهوم عصري؟الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – : ((والله يا محب والكلام لكم جميعاً، نحن لا نتعدى ما جاء في القرآن و السنة، فما ورد أنه كفر فهو كفر، وما لم يرد أنه كفر فليس بكفر، وكما جاء في حديث عبد الله بن شقيق - رحمه الله - قال : "كان أصحابُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لا يَرَوْنَ شيئا من الأعمال تركُهُ كفر غير الصلاة"، هذا نص صريح في إجماع الصحابة على أن الصلاة كفر ، وغيره ليس بكفر)).السائل : بارك الله فيكم،يقولون على بعض من يقول هذا على مسألة ترك العمل ككل مع الإيمان بأنه داخل في مسمى الإيمان يقولون[ هذا عين الإرجاء بمفهوم عصري]؟الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – مقاطعاً : ((هذا غلط يقوله بعض الناس الذين عندهم إندفاع ، كما إنهم يضعوا العالم المشهود له بالخير ؛ وخالف أهل السنة في مسألة من مسائل الصفات قالوا هذا أشعري ، كما ينسب بعض الناس يقول ابن حجر أشعري وفتح الباري يجب إحراقه وما أشبه ذلك . أعوذ بالله ، هذا من الغلط والواجب الوزن بالقسط)).السائل : بارك الله فيكم .ملاحظة : الكلام الذي بين القوسين الحاصرتين للتوضيح .حمل المقطع الصوتي من هناالمصدر: http://www.sahab.net...howtopic=119119...المجلس الرابع:في شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – [للعقيدة السفارينية (1/ 402-403)]قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- :((الطائفة الثانية: قالوا: إن الأقوال والأعمال من الإيمان، لكنها شرطٌ في وجوده، بمعنى أنه إذا فقد منها شيء فقد الإيمان كله.فقالوا: من لم يزك فهو كافر، ومن لم يصل فهو كافر، ومن لم يصم فهو كافر، ومن لم يحج فهو كافر، ومن عق والديه فهو كافر، وبعضهم قال: لا نسميه كافراً، ولا نسميه مؤمناً، ولكن نقول: هو في منزلة بين منزلتين. وهذا الأخير هو مذهب من يرون أنفسهم أذكياء العالم، وهم المعتزلة، والذي قبله هو مذهب الخوارجولذلك كان موقف الخوارج أشجع من المعتزلة؛ لأن الخوارج قالوا: كافر ولم يبالوا، والمعتزلة قالوا: لا نقول كافر ولا مسلم، بل هو في منزلة بين منزلتين؛ فأحدثوا مرتبةً لم ينزل الله بها سلطاناً؛ وهي المنزلة بين منزلتين.فإن قال قائل: - على مذهب أهل السنة - هل الأعمال شرط في وجود الإيمان؟فالجواب: أن منها ما هو شرط ومنها ما ليس بشرط، فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله شرط في وجود الإيمان، ومن لم يقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر. وإن آمن بالله، ولم يصل - والصلاة عمل - فهو كافر، وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإن آمن بالله، لكن لم يزك - والزكاة من الأعمال - فليس بكافر.وخلاصة ذلك أنه إن فقد الاعتقاد في القلب كفر الإنسان، وإن وجد لكن تخلفت الأقوال أو الأعمال ففيه تفصيل.فإن دلت النصوص على أنه يكفر كفر، وإلا فلا، فمن آمن بالله تعالى، ولم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقد ترك قولاً، ولكنه يكفر بذلك، ومن قال: آمنت بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن لم يصل فقد كفر - على القول الراجح - ومن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وآمن بالله وصلى ولكنه لم يزك فليس بكافر، وعند الخوارج كافر، وعند المعتزلة في منزلة بين منزلتين - إلا إن كانوا يرون كفر مانع الزكاة))....المجلس الخامس:سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في [لقاء الباب المفتوح الشريط رقم(127) الوجه(أ) السؤال رقم(]السائل: سمعت من أحد العلماء قولا: أن الكفر إعتقادي وعملي ،وأن العمل يكون كفرا أصغر فقط فلا يدخل فيه الكفر الأكفر،سواء ترك الصلاة أو فعل أي فعل آخر.جواب الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-: ((إن هذه القاعدة عند بعض العلماء أن الكفر لا يكون إلا عن إعتقاد، وأما كفر العمل فلا، ولكن الصحيح خلاف ذلك ،الصحيح أنه قد يكون كفر عمليا، كترك الصلاة مثلا، لأن القرآن والسنة وأقوال الصحابة تدل على أن تارك الصلاة كافرا كفرا مخرجا من الملة مع اعتقاده الوجوب وهذا هو القول الراجح.ولكن بهذه المناسبة أنا اود من إخواننا وشبابنا أن لا يكون أكبر همهم أن يبحثوا عن كفر الحكام أو غير الحكام، كأنهم لم يخلقوا إلا للبحث عن هذا كافر أوغير كافر،عليهم أن يبحثوا في بيان حدود ما أنزل الله على رسوله من العبادات وغير العبادات...)). انتهى المراد.... ثبتني الله وإياكم على السنة ورزقنا الإخلاص في القول والعمل،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.